أججت تسريبات رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي نيران صراع قديم بينه وبين زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، بعد اطلاع الأخير وجمهوره على سلسلة متتابعة من هذه التسريبات التي وصفت بالخطيرة، الأمر الذي دفع الصدر إلى مطالبة المالكي بالاعتكاف واعتزال العمل السياسي واللجوء إلى الاستغفار أو تسليم نفسه ومن يلوذ به من الفاسدين إلى الجهات القضائية.
"صولة الفرسان" تعود إلى الأذهان
وفي تغريدة لافتة أبدى الصدر تعجبه من التهديد الذي جاء على لسان المالكي زعيم "حزب الدعوة" المحسوب تاريخاً على آل الصدر، وطالب الصدر باطفاء ما وصفه بالفتنة من خلال استنكار مشترك من قبل قيادات الكتل السياسية المتحالفة مع المالكي من جهة، ومن قبل كبار عشيرة بني مالك من جهة أخرى، وأكد الصدر أنه لطالما كان وراء حقن دماء العراقيين بمن فيهم المالكي نفسه، لا سيما بعد صدام سابق كان فيه الأخير الآمر والناهي، وذلك في تذكير بحملة عسكرية تُعرف باسم "صولة الفرسان" شنها المالكي ضد أتباع التيار الصدري في محافظة البصرة وراح ضحيتها المئات من الطرفين.
اتهامات تثير الغضب
واستنكر الصدر قيام المالكي عبر هذه التسجيلات لما اعتبره تعدياً على القوات الأمنية العراقية واتهام "الحشد الشعبي" بالجبن محرضاً على "الفتنة والاقتتال الشيعي" على حد وصفه، منوهاً بأن المقاطع المسربة "فيها تعدٍ على المراجع الشيعية في العراق". وخلص إلى أن "هذه الأفكار الهدامة لا يحق للمالكي بعدها قيادة العراق بأي صورة من الصور لأن في ذلك خراب ودمار العراق وأهله".
منصب رئيس الوزراءعقدة الحكم
وتأتي هذه المناكفات بين المتخاصمين إثر ترشيح المالكي نفسه أو أحد اتباعه لرئاسة الوزراء من ضمن "الإطار التنسيقي" الذي يقوده، باعتباره الكتلة الأكبر في البرلمان بعد سحب الصدر لنوابه الثلاثة والسبعين، ميسراً للمالكي فرصة تسيد المشهد السياسي مجدداً.
وتُعد هذه الخطوة من أغرب القرارات السياسية التي واجهها المشهد السياسي في العراق فيما يسعى "الإطار التنسيقي" الذي يضم 5 تحالفات سياسية شيعية تتنافس في ما بينها للدفع بمرشحها لرئاسة الحكومة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الصِدام خيار مرجح بين الطرفين
ويرجح الباحثون والمتابعون للأزمة العراقية أن يغلق التصعيد بين الصدر والمالكي الأبواب على فرص اختيار رئيس الحكومة المقبلة ويعرض البلاد إلى احتمالية الصدام كون جمهور التيار الصدري يزداد غضباً وريبة من خصومهم من الطائفة نفسها.
الجدير بالذكر أن العراق يمر بأزمة انسداد سياسي جديد يتعدى الشروط العشرة التي أعلنها الصدر في خطبة الجمعة الماضية والتي أورد فيها عدم القبول بمرشح "فاسد ومجرب.
إيران بين السياسة وفرض التوافق
من جهتها اكتفت إيران بسياسة التهدئة بين الأطراف الشيعية ومطالبتها بمرشح توافقي من المكون الشيعي ليكون له القول الفصل في الحكومة المقبلة كما درجت العادة. لكن الصدر طالب بتشكيل حكومة أغلبية من المكونات العراقية كافة، بينما طهران تدعم "العناصر الولائية" التي تقلد مرشدها علي خامنئي بخلاف مرجعية الصدر، وشيعة العراق الذين يقلدون عموماً مرجعية النجف والسيد علي السيستاني.
الناطق باسم الصدر يحذر
وفي مراجعة التغريدات التي أطلقها الصدر أخيراً حول تسريبات المالكي، يبرز قوله إنه لا يقيم للأخير وزناً. لكن التغيير الذي أثار حفيظة الصدر ناجم عن التسريب الرابع للمالكي الذي أوضح فيه علانية نيته باقتحام النجف والتخلص من الصدر.
وقال الناطق باسم الصدر الشيخ حسن الزرقاني، إن "الشارع الشيعي لا يحركه إلا عناد الإطاريين وتحديهم لرغبات الشيعة وإرادتهم الشعبية"، مؤكداً أن "التصعيد من قبل جماعة الإطار التنسيقي سيواجه بتصعيد مقابل من الشارع الشيعي"، داعياً تحالف الإطار التنسيقي إلى الحؤول دون وصول مَن أسماهم "الفاسدين" إلى السلطة.
الفوضى لم تعد مقبولة دولياً
ولم يعد الشارع العراقي متقبلاً فكرة إعادة تدوير الفاسدين في السلطة وهو يتطلع إلى وجوه جديدة غير متهَمة بملفات الفساد بعيداً من قوى اللادولة التي أعاقت طوال عقدين من الزمن التنمية وهدرت أموالاً طائلة، أكثر من تريليون ونصف تريليون دولار دون حل لأزمات المجتمع.
ولم يعد الواقع العراقي محكوماً برموزه التي برزت بعد عام 2003 لأن المجتمع الدولي أرسل رسائل واضحة تشدد على ضرورة أن يكون العراق مستقراً ومسهماً فعالاً وضامناً لتدفق الطاقة أسوةً بمحيطه الخليجي والعربي .