أكثر من تسعة أحياء محاصرة في جنوب العاصمة الليبية طرابلس، داخل عين زارة وطريق المطار وقصر بن غشير ووادي الربيع، علاوة على الساعدية التي منعت قوات حكومة الوفاق أهلها من زيارة منازلهم بعد تهجيرهم منها.
وفيما تشير إحصاءات المنظمة العالمية للصحة إلى أن نازحي مناطق التوتر يتجاوز عددهم 100 ألف شخص، أعلنت لجنة الأزمة التابعة للحكومة، الأحد، أن النازحين تجاوز عددهم 112 ألف نازح، فيما بقيت 21 ألف أسرة نازحة خارج مراكز الإيواء التي أقامتها السلطات لاستقبالهم.
وفي وقت يشكو عمداء البلديات من سوء الخدمات التي تقدمها الحكومة للنازحين في مراكز الإيواء، تشير بعض تصريحات مسؤولي الأمم المتحدة، ومن بينها "يونيسيف"، إلى "وجود أطفال ونساء عالقين في مناطق الاشتباكات".
خلال يومي السبت والأحد الماضيين، دارت اشتباكات عنيفة بين قوات الحكومة وقوات الجيش الوطني في أحياء الكازيرما والخلاطات وكوبري المطار، وهي أحياء آهلة بالسكان. لكن مشاهدات مراسل "اندبندنت عربية"، وهو في طريقه لرصد مشاهد القتال في الخطوط الأولى لا تظهر أن في تلك الأحياء، الممنوع تصويرها، مدنيين، مقابل تأكيد سعد. ن، النازح من منطقة عين زارة، بأن "شابين من أسرته لا يزالان داخل منزل الأسرة، خوفاً من سرقته". وهو السبب الذي حدا بأكثر الأسر إلى إبقاء بعض أفرادها في منازلها، وفق سعد.
تظهر عشرات المشاهد التي وثقتها كاميرات هواتف مقاتلي قوات الحكومة استخدامهم المنازل كنقاط لإطلاق النار وتصيد خصومهم على الطرف الآخر. ففي إحداها يظهر اللواء أحمد بوشحمة، رئيس الغرفة المركزية لعملية بركان الغضب التابعة لقوات الحكومة، وهو يخرج من خلال خرق في جدار منزل، تم حفره كممر للمقاتلين.
وفي فيديو آخر، يظهر مجموعة من مقاتلي مدينة مصراته وهم يعتلون سطح منزل اتخذوه مركزاً للقنص قبل أن تسقط عليهم قذيفة يبدو أنها ألحقت أضراراً بكامل المنزل.
كما وثق نشطاء على صفحاتهم صور قصف جوي نفذه طيران حكومة الوفاق على حي مدني بمنطقة قصر بن غشير.
ويعلق سعد، الذي نزح إلى تاجوراء داخل طرابلس منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بالقول إن "إحصاء وتتبع تلك الصور والفيديوات غير ممكن ولدينا من هو أخطر"، معبراً عن تحفظه عن الإعلان عن اسمه لأنه يسكن في مناطق سيطرة حكومة الوفاق، ولا يمكنه مشاركة فيديوات يملكها ووصفها بـ"الأخطر"، كونها صُورت في الحي الذي يسكنه، خوفاً من الملاحقة.
ويقر الهادي الطاهري، أحد القادة الميدانيين في قوات الحكومة، بأن غالبية المنازل في حي الاستراحة الحمراء وعين زارة والخلاطات وغيرها لم تعد صالحة للسكن، مضيفاً "المنطقة مسرح لكر وفر منذ شهرين، وقد تهدمت غالبية المنازل... ربي يعوضهم".
وجددت البعثة الأممية للدعم في ليبيا، مطلع يونيو (حزيران) الحالي، مطالبتها بهدنة إنسانية عاجلة ووقف إطلاق النار لتمكين العالقين من الوصول إلى مراكز الإيواء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعرب أنس الطرابلسي، المسعف في مركز الطب الميداني التابع للحكومة، عن تفاؤله بانحصار مسرح المعركة في مناطق معنية "فقد كانت المخاوف كبيرة من إمكانية توسعه ووصوله إلى مناطق أخرى داخل المدينة".
وحذر أنس الطرابلسي السكان من البقاء داخل منازلهم في مناطق الاشتباكات، موضحاً أن "فرق الحكومة استنفدت كل الوسائل لإخراج العالقين وإقناع من بقى بضرورة الخروج".
وقال "نعمل في ظروف صعبة، وقد استهدفت فرقنا وسياراتنا. وما صعّب الموقف انقطاع الاتصالات، فكنا نُسيّر الدوريات داخل خطوط الاشتباكات ونحاول إيصال ندائنا عبر مكبرات الصوت"، مؤكداً بقاء مدنيين داخل مناطق الاشتباكات، وبعضهم "أصبح مرغماً ولا مخرج أمامه وبعضهم بقي بذريعة حماية بيته من السرقة".
ووثقت سرية التحري والاستطلاع التابعة للجيش الوطني، نهاية مايو (أيار) الماضي، مشاهد لبيت تعرض لقصف صاروخي وسكانه في داخله، ما تسبب بإصابة امرأة مسنة وأضرار مادية بليغة بالمنزل.
وسبق أن أكد اللواء فوزي المنصوري، آمر محور عين زارة في قوات الجيش الوطني، أن ميليشيات حكومة الوفاق تسعى إلى جر قوات الجيش إلى حرب شوارع داخل الأحياء المدنية، مشيراً إلى أن الجيش لا يرغب في التقدم داخل الأحياء ويخوض حرب استنزاف في المناطق المفتوحة، جنوب العاصمة، بعيداً من الأحياء المأهولة بالسكان.