سمحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس 28 يوليو (تموز) الحالي، بإكمال تشييد الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك الذي كان قد موّله سلفه الرئيس دونالد ترمب، وذلك في منطقة مفتوحة بجنوب ولاية أريزونا بالقرب من مدينة يوما، حيث توجد أربع فجوات واسعة تجعله من أكثر الممرات ازدحاماً للعبور غير القانوني.
وأكد بيان صادر عن "وزارة الأمن الداخلي" الأميركية Department of Homeland Security، أن العمل على استكمال المشروع بالقرب من "سد موريلوس" سيؤمّن حماية أفضل للمهاجرين الذين يمكن أن يعرضوا أنفسهم للأذى خلال الانزلاق على أحد المنحدرات، أو مواجهة خطر الغرق جراء اضطرارهم إلى السير في جزء منخفض من نهر كولورادو.
ويعد قطاع يوما بالنسبة إلى دوريات الحدود الأميركية ثالث أكثر القطاعات ازدحاماً بالمهاجرين (من بين 9 قطاعات) على طول الحدود، وهناك يمكن لهؤلاء المرور بسهولة عبر النهر إلى الأراضي الأميركية، حيث يستسلمون في نهاية المطاف لعناصر حرس الحدود.
جدير بالذكر أن الانتهاء من بناء الجدار كان في صدارة جدول أعمال الرئيس السابق دونالد ترمب، وما زال أمن الحدود بين الدولتين يمثل مشكلة جدية لمرشحي الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) الذين سيخوضون الانتخابات النصفية هذه السنة. وكان الرئيس جو بايدن قد أوقف بناء الجدار الجديد بعد أن تولى مهام منصبه، لكنه أعطى منذ ذلك الحين أولوية لسد الثغرات القائمة فيه بجنوب مدينة يوما.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
السيناتور الديمقراطي مارك كيلي عن ولاية أريزونا الذي يسعى إلى الحصول على ترشيح حزبه الأسبوع المقبل والدفاع عن مقعده في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ضغط على إدارة الرئيس بايدن لسد الفجوات، منبهاً إلى أنها تشكل تحدياً للمسؤولين في المنطقة الذين يحاولون حراسة الحدود، لكن أحد الناشطين في مجال حماية البيئة بولاية أريزونا مايلز ترابهاغن، الذي كان يقوم بمسح للأضرار البيئية التي خلفها بناء الجدار الحدودي في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، رأى أن سد الفجوات القائمة لن يشكل رادعاً كبيراً لعمليات التسلل.
وأوضح ترابهاغن أن منطقة يوما "أصبحت بمثابة (جزيرة إليس) Ellis Island الجديدة في ولاية أريزونا ("إليس" جزيرة في ميناء نيويورك، كانت تعد بوابة عبور ملايين المهاجرين إلى الولايات المتحدة)، إذ يصل الناس إليها من دول مختلفة مثل إثيوبيا وكوبا وروسيا وأوكرانيا والهند وكولومبيا ونيكاراغوا.
وأضاف، "لقد قطع كثيرون نصف أشواط السفر من حول العالم على متن طائرات وقطارات وسيارات للوصول إلى هذه المنطقة. لذا، فإن أي توقع بأن يسهم سد أربع فجوات صغيرة في ردعهم وجعلهم يحجزون رحلات على متن خطوط طيران مثل "طيران إثيوبيا" [يعودون أدراجهم]، ما هو إلا مجرد وهم مطلق".
البيان الذي أعلن عن موافقة وزير الأمن الداخلي الأميركي أليخاندرو نيكولاس مايوركاس على العمل الذي يتعين أن تقوم به وحدات الجمارك وقوة حماية الحدود، أكد "مخاطر السلامة العامة ومخاطر الحياة في المنطقة بالنسبة إلى المهاجرين الذين يحاولون العبور إلى أراضي الولايات المتحدة".
وكانت فتاة مهاجرة تبلغ من العمر خمسة أعوام قد غرقت في السادس من يونيو (حزيران) الماضي قرب السد خلال عبورها المياه مع إحدى مجموعات المهاجرين، وذلك عندما انفصلت عن والدتها. وعُثر في وقت لاحق على جثة الطفلة في النهر.
المسؤولون الأميركيون تحفظوا عن الكشف عن هوية الفتاة أو جنسيتها، لكن صحفاً جامايكية قالت إنه يعتقد أنها من جامايكا.
في المقابل، لم يتضح بعد متى سيبدأ البناء (لسد الفجوات)، إلا أن البيان أشار إلى أن المسؤولين سيتحركون "بأسرع ما يمكن مع الحفاظ على الإشراف البيئي"، من خلال استشارة الأطراف المتضررة.
يشار إلى الثغرات تقع ضمن مشروع الحاجز الجداري الذي كان قد تلقى تمويله سابقاً من وزارة الدفاع الأميركية، لكن التكاليف الجديدة ستتم الآن تغطيتها من موازنة وزارة الأمن الداخلي للسنة المالية 2021.
من ناحية أخرى، دعا دُعاة حماية البيئة، ومنهم مايلز تراباهاغن، إلى إزالة أجزاء أخرى من الحاجز الجداري لاعتبارهم أنها تلحق الأذى بالحياة البرية المحلية، كالقطط الكبيرة، والأسود الجبلية، والخنازير البيكارية (خنازير برية) وحيوانات غزال البغل (ذات الذيل الأبيض).
"شبكة حماية الأراضي البرية" Wildlands Network، ومقرها توسون (ثاني أكبر مدن ولاية أريزونا الأميركية بعد فينيكس)، نشرت هذا الأسبوع تقريراً جديداً عن المناطق الواقعة على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، التي تعتبر أنها في أمس الحاجة إلى إعادة ترميم بيئتها.
وكان تراباهاغن قد جاب هذه السنة والعام الماضي الحدود الدولية عبر ولايات نيو مكسيكو وأريزونا وكاليفورنيا، لتحديد ممرات الحياة البرية المتضررة هناك، وغيرها من الأضرار البيئية الأخرى.
وفي هذا الإطار، دعت المجموعة البيئية إلى إعادة زراعة الشجر والنباتات المحلية في المناطق التي أزيل فيها الغطاء النباتي بالكامل خلال فترة بناء الجدار، وإلى توسيع المساحات بين الحدود الفولاذية، التي تفصل بينها الآن 4 بوصات (10 سنتيمترات)، للسماح لمزيد من الحيوانات البرية بالمرور عبرها.
وطالبت أخيراً بإزالة 180 ميلاً (290 كيلومتراً) من الأسلاك الشائكة التي جرى تركيزها على طول سور المشاة، لتسييج المعابر الحدودية بين جميع الولايات خلال عامي 2019 و2020، كي تشكل حاجزاً رادعاً ومنذراً بالخطر، سواء للجمهور أو للحيوانات البرية.