قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الخميس، الـ15 من سبتمبر (أيلول)، إن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع القوى العالمية "في غرفة الإنعاش"، وليس من المرجح إحياؤه قريباً إذا حدث ذلك الأساس.
جاءت تصريحات غانتس بعد أن عبر قادة أوروبيون عن شكوكهم بشأن استعداد طهران لإحياء الاتفاق النووي.
وأيدت إسرائيل، عدو إيران اللدود، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي اعتبره محدوداً للغاية، وتنادي بعدم الانضمام مجدداً إلى الاتفاق الذي تسعى إليه إدارة الرئيس جو بايدن.
وتنفي إيران التي تعتبر إسرائيل طموحاتها النووية تهديداً وجودياً، أنها تسعى لامتلاك قنابل ذرية، ومنذ انسحاب ترمب انتهكت إيران اتفاق عام 2015 من خلال تكثيف عمليات تخصيب اليورانيوم التي يمكن أن تنتج وقوداً للقنابل في مراحل لاحقة.
وقال غانتس في مؤتمر عن مكافحة الإرهاب بجامعة رايشمان "يبدو الاتفاق النووي الإيراني وكأنه في غرفة الإنعاش".
وأضاف في إشارة واضحة إلى انتخابات التجديد النصفي الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) "سنرى كيف ستسير الأمور (في فترة لاحقة) ربما بعد الانتخابات".
وإسرائيل ليست طرفاً في المحادثات التي تنعقد في فيينا بشأن معاودة العمل باتفاق 2015، لكن تهديداتها باتخاذ إجراء عسكري ضد إيران إذا رأت أن السبل الدبلوماسية تواجه طريقاً مسدوداً تجعل العواصم الغربية في حال ترقب.
تلاشي الآمال
تتلاشى الآمال الأوروبية في إحياء الاتفاق الدولي حول النووي الإيراني، في ظل اتهامات للنظام في طهران بمواصلة "التصعيد" في برنامجه.
وعكس المستشار الألماني أولاف شولتز تشاؤم الأوروبيين، الإثنين، بإعرابه عن "الأسف لعدم تقديم إيران رداً إيجابياً على مقترحات المنسقين الأوروبيين".
وقال شولتز في مؤتمر صحافي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد "لا يوجد سبب يمنع إيران من الموافقة على هذه المقترحات، لكن ينبغي القول إن هذه هي الحال وإنه (التفاهم) لن يحدث بالتأكيد في المستقبل القريب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بعد عام ونصف على المناقشات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي أبدت برلين ولندن وباريس، السبت الماضي، "شكوكاً جدية" حيال نية طهران في إحياء الاتفاق.
واتهمت الدول الأوروبية الثلاث طهران في بيان بـ"مواصلة التصعيد في برنامجها النووي بشكل يتجاوز أي مبرر مدني معقول".
من جهتها، اعتبرت إيران التي تؤكد أن برنامجها النووي مدني بحت، أن هذا الإعلان "غير بناء" في الوقت الذي رحب فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي المعارض لإحياء الاتفاق.
برلين تتأسف
وقال شولتز إنه لا يوجد سبب لرفض إيران مقترحات الدول الأوروبية بشأن إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، ومن المؤسف أن طهران لم تستجب بعد بصورة إيجابية.
بينما دعا رئيس الوزراء إلى تحرك جماعي لمنع إيران من أن تصبح دولة نووية، وقال إن الوقت قد حان لتجاوز المفاوضات السابقة الفاشلة.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي أرسلت إيران ردها الأخير على نص الاتحاد الأوروبي المقترح لإحياء اتفاق 2015 الذي وضعت طهران بموجبه قيوداً على برنامجها النووي في مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
حملة إسرائيلية ناجحة
توعدت إسرائيل التي يعتقد على نطاق واسع أنها القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط بعدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة ذرية، قائلة إن طهران تدعو إلى تدميرها.
وكان لبيد قال إن "إسرائيل تقوم بحملة دبلوماسية ناجحة لوقف الاتفاق النووي ومنع رفع العقوبات عن إيران"، مضيفاً أن "الأمر لم ينته بعد".
انتخابات التجديد النصفي
وقال مسؤول إسرائيلي، الأحد، إن تل أبيب لا تتوقع إحياء الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الكبرى قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي التي تنعقد في نوفمبر.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي للصحافيين مشترطاً عدم الكشف عن هويته "يبدو في هذه المرحلة أنه لن يوقع اتفاق نووي مع إيران إلا بعد انتخابات التجديد النصفي (الأميركية) في أقرب تقدير".
واعتبر معلقون إسرائيليون هذا التصريح توقعاً إسرائيلياً لممانعة الرئيس الأميركي جو بايدن في الدخول باتفاق مع اقتراب الاقتراع، الأمر الذي يتيح لمنافسيه الجمهوريين استخدامه للهجوم على حزبه الديمقراطي في حملاتهم الانتخابية.
وينتقد الغربيون طلب إيران قبل أن يعاد تفعيل الاتفاق إغلاق ملف الوكالة الدولية للطاقة الذرية في شأن العثور على آثار لمواد نووية في ثلاثة مواقع، لم تصرح إيران سابقاً أنها شهدت أنشطة من هذا النوع.
وفي حين تحض الدول الغربية إيران على التعاون مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة لحل المسألة تعتبر طهران أن هذا الملف "مسيس".
لا ضمان
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت أنها "لا تستطيع ضمان أن البرنامج النووي الإيراني سلمي حصراً"، بسبب عدم رد طهران على مسألة المواقع غير المعلنة والمشتبه في أنها شهدت أنشطة غير مصرح عنها.
وقال المدير العام للوكالة رافاييل غروسي إنه يشعر "بقلق متزايد في وقت لم يحرز فيه أي تقدم" في ملف آثار اليورانيوم المخصب التي عثر عليها في الماضي عبر أماكن مختلفة، داعياً طهران إلى الالتزام "بواجباتها القانونية والتعاون في أسرع وقت ممكن".
وتعد هذه إحدى النقاط الرئيسة التي تتسبب في تعثر المفاوضات التي استؤنفت خلال أبريل (نيسان) 2021 في فيينا لإحياء الاتفاق الدولي حول النووي الإيراني المبرم عام 2015 بين الدول الكبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا) مع إيران الذي انسحبت منه واشنطن بعد ثلاث سنوات في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
ودانت الوكالة أيضاً قراراً أعلنته إيران خلال يونيو (حزيران) الماضي يقضي بوقف عمل عدد من كاميرات المراقبة، متحدثة عن "عواقب تؤثر في القدرة على التحقق من الطابع المدني للبرنامج النووي".
تجاوز الحدود
ووفق تقديرات في مستند منفصل فإن إيران إضافة إلى الحد من وصول الوكالة الأممية واصلت خلال الأشهر الأخيرة إنتاج اليورانيوم المخصب.
وجاء في تقرير الوكالة أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بات الآن يتجاوز بأكثر من 19 مرة الحد المسموح به بموجب الاتفاق. وأوضح التقرير أن المخزون حتى الـ21 من أغسطس (آب) الماضي يقدر بـ3940.9 كيلو غرام من اليورانيوم المخصب في مقابل 3809.3 كيلو غرام منتصف مايو (أيار) السابق، علماً بأن الحد المسموح به هو 202.8 كيلو غرام.
وزادت إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة إلى 331.9 كيلو غرام في مقابل 238.4 كيلو غرام في السابق، متجاوزة نسبة التخصيب المنصوص عليها في الاتفاق وهي 3.67 في المئة.
وباتت إيران تملك 55.6 كيلو غرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة مقابل 43.1 في المئة سابقاً، وهذه النسبة تقترب أكثر من عتبة 90 في المئة اللازمة لتصنيع القنبلة الذرية.
إحياء الاتفاق يتضاءل
وكان منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قال إنه أصبح أقل تفاؤلاً حيال التوصل إلى اتفاق سريع على أحياء الاتفاق النووي الإيراني، وذلك عما كان عليه قبل وقت قصير. أضاف "يؤسفني أن أقول إنني أقل ثقة اليوم مما كنت عليه قبل 28 ساعة، إزاء احتمالات إبرام الاتفاق الآن".
وأتاح اتفاق 2015 المبرم بين طهران وست قوى دولية (واشنطن وباريس ولندن وموسكو وبكين وبرلين) رفع عقوبات عن إيران لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي ومشاركة الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، مباحثات لإحيائه في أبريل 2021، علقت بداية في يونيو، وبعد استئنافها في نوفمبر من العام ذاته علقت مجدداً منتصف مارس (آذار) 2022، مع بقاء نقاط تباين بين واشنطن وطهران، على الرغم من تحقيق تقدم كبير.
ومطلع أغسطس استؤنفت المباحثات في فيينا مجدداً، وأعلن الاتحاد الأوروبي في الثامن منه أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية "نهائية"، وقدمت طهران للاتحاد الأوروبي مقترحاتها على النص، وردت عليها واشنطن في الـ24 من الشهر.
وفي الأول من سبتمبر أكدت الولايات المتحدة تلقيها رداً إيرانياً جديداً، معتبرة على لسان متحدث باسم وزارة خارجيتها أنه "غير بناء".