أبقى الجيش الإسرائيلي أبحاث مؤتمره حول التجديد العسكري الدولي بمشاركة 200 مندوب عن جيوش 25 دولة من رؤساء أركان جيش وجنرالات بعيداً من عدسات الكاميرا، كما منع إجراء لقاءات تلفزيونية مع أي من المشاركين، بينهم المفتش العام للقوات المسلحة المغربية بلخير الفاروق والوفد العسكري المرافق له الذي وصل إلى إسرائيل في ذروة التحقيقات ضد إسرائيليين عملوا في السفارة الإسرائيلية في المغرب بتهم الملاحقات الجنسية هناك.
واستحوذت مشاركة قائد الجيش المغربي اهتماماً إعلامياً في إسرائيل خلال هذا التوقيت بالذات، ومدى التعاون والتنسيق بين المغرب وإسرائيل في كل ما يتعلق بالمجالات الأمنية والاستراتيجية التي ناقشها المؤتمر.
"التجديد العسكري الدولي" هو العنوان الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي على المؤتمر، وفي يومه الثالث، الخميس الـ 15 من سبتمبر (أيلول)، استعرض الجيش أمام ضيوفه مناورة خاصة عرض خلالها مختلف الوسائل القتالية، ثم أطلع قادة الجيش الإسرائيلي ضيوفهم على مختلف وسائل الدفاع متعددة الأبعاد.
إظهار دعم دولي
توقيت هذا المؤتمر، وهو الأول من نوعه مع هذه المشاركة الواسعة لمختلف الدول، ليس صدفة، إذ يأتي بالتزامن مع أبحاث تقوم بها الأجهزة الأمنية في سبل التعامل مع الملف الإيراني، ومع ما وصفه رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي أمام الضباط بالتهديدات المتصاعدة من مختلف الجبهات.
ومن بعض استخلاصات الأبحاث الأمنية وكذلك التوصيات التي قدمت لمتخذي القرار في إسرائيل عدم الانتظار وسط محاولة عرقلة التوصل إلى اتفاق مع إيران، واتخاذ خطوات حاسمة تمنع وصول إيران إلى قنبلة نووية أو حتى توجيه ضربة استباقية تحد من تعزيز قدراتها النووية.
ومن هذا المؤتمر تسعى إسرائيل إلى إظهار دعم دولي واسع لها من الناحية الأمنية والبحثية خلافاً لمؤتمرات سابقة وبعيداً من عدسات الكاميرات وفي معظمها بعيداً من الصحافيين، كما يندرج المؤتمر أيضاً ضمن السياسة التي تتبعها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في إظهار دعم دولي لها، ومن ناحية ثانية تنسيق غير معلن لمختلف الخطوات بما في ذلك تعاون عسكري مستقبلي.
وعلى مدى أسبوع ركز الجيش في استعراض ما سماه "القدرات الجديدة على أساليب قتال تستخدم فيها معدات متطورة تظهر التفوق الجوي والدفاعي والقدرات المستقبلية"، وفق الجيش الإسرائيلي، الذي اعتبر هذا المؤتمر محطة "لتعزيز الشرعية الدولية في مجال توسيع حرية العمل، وخلق عمق استراتيجي مع إبراز دور إسرائيل كقوة إقليمية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التكيف مع التطورات الأمنية
ولم يخف رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي أن هذا المؤتمر لا يقتصر على استعراض عضلات الجيش الإسرائيلي وقدراته الهجومية والدفاعية، وإنما الهدف منه أيضاً "التنسيق مع دول أخرى في خطوات مستقبلية قد تتخذها تل أبيب في ظل التطورات الحاصلة في المنطقة"، وفق كوخافي.
وأفصح كوخافي أن جيشه "يمر بعملية تغيير تتناسب والتطورات الميدانية الحالية والتوقعات المستقبلية"، مضيفاً أن "هناك رؤية شاملة تتمحور حول مبدأ شل قدرات العدو مع زيادة القدرة على كشفه وسحقه"، وبهذه الكلمات توجه كوخافي إلى ضيوفه معلناً أن "الجيش أحرز تقدماً كبيراً في الأذرع كافة".
حديث كوخافي جاء بالتزامن مع تحذيرات عسكريين وأمنيين من خطورة استمرار الوضع الحالي للجيش وعدم إدخال تحسينات نوعية لمواجهة التحديات والأخطار الأمنية.
وتحدثت تقارير عن عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على خوض حرب على مختلف الجبهات، ولا حتى على جبهة الشمال لوحدها.
وفي محاولة لإظهار إنجازات له قبل نهاية ولايته، قال كوخافي في حديث أمام ضيوف المؤتمر، وهو ما اعتبره بعضهم رداً على التقارير التي تنتقد وضعية الجيش، "لقد تم إدخال قدرات فريدة ومهمة في مجال الاستخبارات والنيران والتوغل البري في مختلف وحدات الجيش، كما تم تطوير القدرات التكتيكية والقيادية وتكييفها مع الوحدات العملياتية على مستوى الكتيبة واللواء"، وفق كوخافي الذي حاول طمأنة الإسرائيليين الذين أثارت التقارير الأخيرة لقدرات الجيش حالاً من القلق وعدم اليقين. وبحسب كوخافي فإن "هذه الرؤية وتنفيذها يجسدان مبدأ أساساً يقوم على التدمير الدقيق من خلال آلية عمل مشتركة وواحدة تدمج بين الاقتحام البري وفتح النار، مما يجعل الجيش أكثر تكيفاً مع ساحة المعركة".
الضربة العسكرية على الطاولة
وفي مقابل الرسائل التي بعثها كوخافي عبر 200 جنرال وضابط من مختلف أرجاء العالم، اختار وزير الدفاع بيني غانتس موعد توجهه إلى الأمم المتحدة للقاء سفراء مجلس الأمن في الأمم المتحدة، الخميس، ليعلن أن إيران كانت وستبقى على رأس أولوياته، قائلاً إنه "سواء تم التوقيع على الاتفاق أو لم يتم، ستبقى إيران تشكل الخطر الاستراتيجي الأكبر على إسرائيل، وإزاء ذلك على إيران أن تدرك أن الضربة العسكرية ستبقى على الطاولة".
وكان غانتس أعلن قبل سفره أن المعلومات الاستخباراتية التي في حوزة إسرائيل ستعرض أمام مسؤولين دوليين، وتفيد بأن طهران تمتلك القدرة على الحصول على مواد كافية لإنتاج ثلاث قنابل نووية في غضون فترة قصيرة. وأكد غانتس أن إيران بدأت في بناء صناعات متطورة في اليمن ولبنان وسوريا، قائلاً إن "تبني إيران منشأة تحت الأرض في مصياف السورية لتصنيع صواريخ دقيقة يشكل تهديداً محتملاً كبيراً على إسرائيل والمنطقة برمتها"، وهو أمر "يحتم على العالم اتخاذ خطوات لكبح العدوان الإيراني وتقديم الخيار العسكري".