أبقى البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية من دون تغيير في اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك، مساء الخميس 22 سبتمبر (أيلول)، لتظل عند مستوى 11.25 في المئة و12.25 في المئة و11.75 في المئة على الترتيب.
وأرجعت لجنة السياسة النقدية في المركزي المصري قرارها إلى تراجع توقعات النشاط الاقتصادي نتيجة آثار الأزمة الروسية – الأوكرانية وفي الوقت ذاته استمرار البنوك المركزية في الخارج بتقييد السياسات النقدية عن طريق رفع أسعار العائد.
وأضافت اللجنة، في بيان رسمي، "على الصعيد المحلي تشير البيانات المبدئية إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سجل معدل نمو قدره 2.3 في المئة خلال الربع الثاني من عام 2022، مسجلاً معدل نمو بلغ 6.6 في المئة خلال العام المالي 2021 - 2022 مقارنة بـ3.3 في المئة للبيانات التفصيلية للتسعة أشهر خلال العام المالي السابق له".
مساهمة القطاع الخاص
وأشارت اللجنة إلى أن "النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي جاء مدفوعاً بمساهمة القطاع الخاص بشكل أساسي، تحديداً مساهمة قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية، السياحة والتجارة، وفي الوقت ذاته جاء النمو في القطاع العام مدفوعاً بمساهمة كل من قطاع استخراجات الغاز الطبيعي وقناة السويس والحكومة العامة".
وأكدت أنه "علاوة على ذلك ما زالت بعض المؤشرات الأولية تسجل معدلات نمو موجبة خلال الربع الثالث من عام 2022". مرجحة أن "ينمو النشاط الاقتصادي مما كان متوقعاً إلى حال عدم اليقين والتداعيات السلبية على الصعيد العالمي".
وفي ما يتعلق بسوق العمل قالت لجنة السياسة النقدية، في البيان، إن "معدل البطالة استقر عند 2.7 في المئة خلال الربع الثاني من 2022، ويرجع ذلك إلى ارتفاع أعداد المشتغلين وقوة العمل بالقدر ذاته لتحد مساهمة كل منهما الآخر، كما ارتفع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر إلى 6.14 في المئة في أغسطس (آب) 2022 من معدل بلغ 6.13 في المئة في يوليو (تموز) الماضي".
صدمات عالمية
وأرجعت اللجنة صعود معدل التضخم إلى صدمات عالمية، خصوصاً زيادة الأسعار العالمية للسلع، مؤكدة أنه "رغم ارتفاع المعدلات السنوية للتضخم، لكن المعدلات الشهرية سجلت نسباً أقل مقارنة بأعلى مستوياتها المسجلة خلال مارس (آذار) وأبريل (نيسان) 2022".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واختتمت لجة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بيانها بأنه "في ضوء ما تقدم، ترى لجنة السياسة النقدية أن أسعار العائد الأساسية الحالية مع زيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك الاحتفاظ بها لدى البنك المركزي المصري تتسق مع تحقيق هدف استقرار الأسعار على المدى المتوسط خلال الربع الرابع من العام الحالي".
قرار المركزي المصري جاء عقب قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، أمس الأربعاء، بعدما رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في زيادة جديدة خلال العام الحالي ضمن جهوده لكبح جماح التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ عقود، ورفع بنك إنجلترا المركزي أسعار الفائدة 50 نقطة أساس لتصل إلى 2.25 في المئة، الخميس، في المقابل خالف المركزي التركي اليوم التيار العالمي ليقرر خفض أسعار الفائدة إلى 12 في المئة بهبوط 100 نقطة أساس.
على المستوى العربي قرر البنك المركزي السعودي رفع معدل اتفاقات إعادة الشراء "الريبو" بمقدار 75 نقطة أساس إلى 3.75 في المئة، كما أعلن مصرف الإمارات المركزي رفع سعر فائدة الإقراض 75 نقطة، وكذلك زاد مصرف قطر المركزي سعر فائدة الإقراض 75 نقطة أساس بداية من اليوم الخميس.
الخيار الأفضل
في غضون ذلك سجل مؤشر الدولار الذي يرصد أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسة، الخميس، ارتفاعاً بنسبة 1.05 في المئة عند 111.372 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2002 بدعم من قرار الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، مع اتخاذه نبرة متشددة بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة.
مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية عبد المنعم السيد يرى أن "قرار تثبيت سعر الفائدة هو الخيار الأفضل في الوقت الحالي، خصوصاً في ظل السياسات الانفتاحية التي تتبعها إدارة البنك المركزي المصري وتخفيف القيود على الاستيراد وزيادة القيود على الإيداع ورفع سقف السحب ومحاولة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادتها".
وقال السيد لـ"اندبندنت عربية" إن "زيادة الفائدة تعني زيادة الأعباء المالية على الدولة، بسبب ارتفاع خدمة وأعباء الدين المحلي وتحميل الموازنة العامة أعباء جديدة، علاوة على أن زيادة الفائدة تعني إحداث حال من الانكماش في الأسواق، وهذا غير مطلوب حالياً".
قرار متحفظ
من جانبه وصف المحاضر في الجامعة الأميركية، هاني جنينة، قرار المركزي المصري بتثبيت أسعار الفائدة بـ"المتحفظ". وأوضح لـ"اندبندنت عربية" أن "المركزي فضّل التأني موقتاً لالتقاط الأنفاس قبل استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والحفاظ على الخفض التدريجي للجنيه مقابل الدولار الأميركي بشكل متريث".
وقبل اجتماع اليوم، عقدت لجنة السياسة النقدية منذ يناير (كانون الثاني) خمسة اجتماعات، إذ بدأ أولها في فبراير (شباط) بتثبيت أسعار الفائدة، ثم عقدت اجتماعاً استثنائياً في 21 مارس أسفر عن رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، مما يعادل الواحد في المئة قبل أن ترفع الأسعار بواقع اثنين في المئة في اجتماع 19 مايو (أيار) الماضي، ثم ثبتت تلك المستويات في اجتماعين متتاليين الأول في 23 يونيو (حزيران) الماضي، بينما اتخذت القرار ذاته في اجتماع الخميس 18 أغسطس الماضي.
وتخطت مستويات الفائدة الحدود التي يستهدفها المركزي المصري التي تتراوح بين خمسة وتسعة في المئة، بعدما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في أغسطس الماضي وصول مستويات التضخم في إجمالي الجمهورية إلى 14.6 في المئة، بينما بلغت المعدلات في المدن المصرية نحو 13.6 في المئة، مما يعني أنها تخطت حدود "المركزي" بأكثر من 6 في المئة.