حذر صندوق النقد الدولي من معاناة 860 مليون شخص حول العالم من الجوع في الوقت الحالي بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية وأزمات تغير المناخ.
وأشار الصندوق في تقرير حديث إلى أن دول العالم تواجه في الوقت الحالي أزمة غذائية شبيهة بأزمة 2007-2008 عندما تعرضت عديد من الدول إلى نقص إمدادات الغذاء.
وذكر أن جميع دول العالم تواجه أزمة غذائية متنامية منذ عام 2018 أدت إلى ارتفاع أسعار السلع، وتفاقم إنتاج وتوزيع الغذاء، فيما ساء الوضع خلال عام 2022 مع ارتفاع الأسعار بشكل أكبر، بعد أن أدت الأزمة الروسية - الأوكرانية إلى تفاقم الضغوط على الأسعار الدولية للمواد الغذائية الأساسية والأسمدة. وتكبدت البلاد التي تعتمد بشكل أساسي على واردات المواد الغذائية من أوكرانيا أكبر الخسائر.
وأشار الصندوق إلى أن 48 دولة منخفضة الدخل هي الأكثر تضرراً من الأزمة، إذ شكلت منطقة الساحل وأفريقيا جنوب الصحراء معظمها، إما لأنها كانت تعاني ضغوطاً كبيرة في ميزان المدفوعات بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأسمدة، أو بسبب تصنيف برنامج الأغذية العالمي لها على أنها تعاني انعدام الأمن الغذائي.
واقترح الصندوق أربعة حلول للتخفيف من أزمة الغذاء التي تجتاح العالم حالياً، تبدأ بتعزيز المساعدة الإنسانية للأسر الضعيفة، والسماح بتدفق الغذاء من البلدان ذات الفائض إلى البلدان المحتاجة من خلال التجارة المفتوحة والإزالة الفورية لحظر تصدير المواد الغذائية من قبل كبار المنتجين، وتحسين الإنتاج الغذائي وأخيراً التوزيع والاستثمار في الزراعة المقاومة للمناخ.
وشجع صندوق النقد الدولي المجتمع الدولي على تكثيف وتقديم المساعدة المتعددة الأوجه، بما في ذلك المشورة في شأن السياسات وبناء القدرات ودعم أكثر البلدان المتضررة، وتقديم إعفاء من الديون لمساعدة أفقر البلدان على تخصيص موارد مالية للإنفاق المرتبط بالغذاء.
23.9 في المئة ارتفاعاً بدول أفريقيا
ولفت الصندوق إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية في أفريقيا جنوب الصحراء بمتوسط 23.9 في المئة في 2020-2022، وهي أعلى نسبة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، وهذا يتناسب مع زيادة بنسبة 8.5 في المئة في كلفة سلة الاستهلاك الغذائي النموذجية (بما يتجاوز الزيادات العامة في الأسعار).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقع اللوم جزئياً على العوامل العالمية، ونظراً إلى أن المنطقة تستورد معظم أغذيتها الأساسية، القمح وزيت النخيل والأرز، فإن العبور من أسعار الغذاء العالمية إلى أسعار الغذاء المحلية كبير تقريباً في بعض البلدان.
كما ارتفعت أسعار السلع الأساسية المحلية في بعض البلدان على خلفية اضطرابات الإمدادات المحلية، وانخفاض قيمة العملة المحلية، وارتفاع كلفة الأسمدة والمدخلات.
في نيجيريا على سبيل المثال ارتفعت أسعار كل من الكسافا والذرة بأكثر من الضعف، على رغم أنها تنتج محلياً بشكل أساسي، وفي غانا ارتفعت أسعار الكسافا بنسبة 78 في المئة في 2020-2021، مما يعكس ارتفاع تكاليف الإنتاج وقيود النقل، من بين عوامل أخرى.
وباستخدام بيانات الأسعار من 15 دولة حول أكثر خمسة أغذية أساسية استهلاكاً في المنطقة (الكسافا والذرة وزيت النخيل والأرز والقمح)، تبين أنه إضافة إلى أسعار المواد الغذائية العالمية والاعتماد على الواردات الصافية وحصة المواد الأساسية في الغذاء، يؤدي الاستهلاك وأسعار الصرف الفعلية الحقيقية إلى حدوث تغييرات في أسعار المواد الغذائية الأساسية المحلية.
من بين هؤلاء، يكون لحصة الاستهلاك لكل عنصر أساسي أكبر تأثير سعري، وهذا يرجع جزئياً إلى الدخل، يمكن للأسر الميسورة شراء مجموعة واسعة من الأطعمة، لكن بالنسبة إلى الفقراء هناك عدد قليل جداً من بدائل المواد الغذائية الأساسية التي تشكل ما يقرب من ثلثي نظامهم الغذائي اليومي.
انخفاض العملات مقابل الدولار
قدر صندوق النقد الدولي أن زيادة بنسبة واحد في المئة بحصة استهلاك المواد الغذائية الأساسية ترفع السعر المحلي بمعدل 0.7 في المئة، ويكون التأثير أكبر عندما يتم استيراد سلعة أساسية في الغالب، مما يرفع السعر بنحو 1.2 في المئة عندما يزداد الاعتماد على الواردات الصافية لبلد ما بنسبة واحد في المئة، من المتوقع أن تزداد الكلفة الحقيقية المحلية للسلع الأساسية المستوردة بنسبة 0.2 في المئة إضافية.
وأوضح أن القوة النسبية لعملة بلد ما هي محرك آخر، لأنها تؤثر في تكاليف المواد الغذائية المستوردة، وتبين أن انخفاض سعر الصرف الفعلي الحقيقي بنسبة واحد في المئة يزيد من سعر السلع الأساسية المستوردة بنسبة 0.3 في المئة بالمتوسط، كما تتأثر أسعار المواد الغذائية الأساسية في المنطقة أيضاً بالكوارث الطبيعية والحروب، إذ ارتفعت بمعدل أربعة في المئة في أعقاب الحروب و1.8 في المئة بعد الكوارث الطبيعية، اعتماداً على حجم الأحداث وتواترها ومدتها وموقعها.
وأضاف "لقد نظرنا من كثب إلى التباين في الأسعار بين البلدان، وقررنا أن تلك التي لديها أطر أقوى للسياسة النقدية أفضل في كبح جماح ضغوط تضخم أسعار الغذاء في الجولة الثانية، بالتالي السيطرة على التضخم الكلي، في المقابل تميل أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع بالبلدان ذات الإدارة المالية الأضعف والدين العام المرتفع".
وتشير هذه النتائج إلى أن مزيجاً من الإصلاحات المالية والنقدية والهيكلية يمكن أن يساعد في خفض تضخم أسعار الغذاء، على سبيل المثال يمكن أن يساعد تحسين الإدارة المالية العامة في تحرير الموارد للاستثمار في برامج المساعدة الاجتماعية جيدة التوجيه أو في البنية التحتية المقاومة للمناخ، وهذا يمكن أن يساعد في استقرار الأسعار.
ويمكن لواضعي السياسات أيضاً المساعدة في جعل المدخلات الزراعية مثل البذور والأسمدة أرخص من خلال إدخال إصلاحات هيكلية وتنظيمية تعزز المنافسة العادلة، وكذلك من خلال تبسيط الإجراءات التجارية والاستفادة بشكل أفضل من البحث والتطوير لتعزيز الابتكار الزراعي.