بينت أرقام رسمية أن معدل البطالة في المملكة المتحدة انخفض إلى أدنى مستوياته منذ نصف عقد تقريباً إذ ترك عدد متزايد من البريطانيين سوق العمل بالكامل بسبب المرض.
وأفاد مكتب الإحصاءات الوطنية بأن معدل البطالة انخفض إلى 3.5 في المئة على مدى الأشهر الثلاثة المنتهية في أغسطس (آب) – وهو أدنى معدل منذ فبراير (شباط) 1974.
وقد توقّع خبراء اقتصاديون أن يظل معدل البطالة ثابتاً عند مستوى 3.6 في المئة، وهو المعدل المسجل أثناء الربع السابق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
جاءت هذه التوقعات إثر ارتفاع غير مسبوق في عدد الأشخاص المصنفين "غير نشطين اقتصادياً" – أي أنهم لا يعملون ولا يبحثون عن عمل – بسبب المرض الذي طال أجله.
ذلك أن الأرقام أظهرت أن 377 ألفاً و681 شخصاً إضافياً من البالغين أصبحوا غير نشطين اقتصادياً بسبب المرض البعيد الأجل منذ بدأت جائحة كورونا.
وقال ديفيد باي، المدير لدى "برودستون" الاستشارية: "تعاني الشركات من أضرار مالية وإنتاجية هائلة مع كفاح الموظفين من أجل الحصول على الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها للعودة إلى وظائفهم بعد إصابتهم بمرض ما".
كذلك ارتفع النشاط الاقتصادي بنحو 0.6 نقطة مئوية إلى 21.7 في المئة بفضل أشخاص تتراوح أعمارهم بين 50 و64 سنة.
وهذا يعني أن معدلي البطالة والعمالة انخفضا خلال هذه الفترة.
فقد انخفض معدل العمالة بمقدار 0.3 نقطة مئوية إلى 75.5 في المئة خلال الفصل نفسه.
من ناحية أخرى، ارتفع عدد العاملين البريطانيين المأجورين بواقع 69 ألف عامل في الفترة بين أغسطس وسبتمبر (أيلول) إلى 29.7 مليون عامل، وفق مكتب الإحصاءات الوطنية.
وقال رئيس سوق العمل وإحصاءات الأسر لدى المكتب ديفيد فريمان: "لا يزال معدل البطالة مستمراً في الهبوط، وهو الآن عند أدنى مستوياته منذ نحو 50 سنة.
لكن عدد الناس الذين لا يعملون ولا يبحثون عن عمل لا يزال في ارتفاع، فهؤلاء الذين يقولون هذا لأنهم مرضى في الأجل البعيد يسجلون مستوى غير مسبوق.
"وفي حين يظل عدد الوظائف الشاغرة مرتفعاً بعد فترة طويلة شهد فيها نمواً سريعاً، انخفض الآن قليلاً، إذ يخبرنا عدد من أصحاب العمل أنهم خفضوا معدلات التنسيب بسبب مجموعة متنوعة من الضغوط الاقتصادية.
"لكن لأن معدلات البطالة انخفضت أيضاً، لا يزال عدد الوظائف الشاغرة أكبر من عدد العاطلين من العمل".
وأكد مكتب الإحصاءات الوطنية أن العدد المقدر للوظائف الشاغرة انخفض بين يوليو (تموز) وسبتمبر 2022 بنسبة 46 ألف وظيفة مقارنة بالفصل السابق إلى مليون و246 ألف وظيفة، وسط تباطؤ في استثمارات الشركات.
كذلك أظهرت البيانات الجديدة تحسناً طفيفاً آخر في الأجور لكن وتيرته لا تزال متخلفة كثيراً عن وتيرة ازدياد معدل التضخم.
ذلك أن متوسط الأجور، باستثناء المكافآت، سجل نمواً بلغ 5.4 في المئة على مدى الأشهر الثلاثة من يونيو (حزيران) إلى أغسطس.
لكن هذا يأتي بعدما بلغ تضخم مؤشر الأسعار الخاصة بالمستهلكين 9.9 في المئة في أغسطس، وهذا يسلط الضوء على الفجوة التي لا تزال كبيرة بين حزم الأجور التي يتلقاها البريطانيون وتكاليف البضائع والخدمات.
ووفق مكتب الإحصاءات الوطنية، بلغ متوسط نمو الأجور العادية 6.2 في المئة للقطاع الخاص و2.2 في المئة للقطاع العام، ما يعكس أكبر فجوة في هذا الصدد بين العاملين في القطاع الخاص والقطاع العام منذ انتشار الجائحة.
ورداً على ذلك، قال وزير المالية كواسي كوارتنغ: "تواجه البلدان في مختلف أنحاء العالم تحديات اقتصادية لكن إحصاءات اليوم (الثلاثاء) تذكرنا بأن أساسيات اقتصاد المملكة المتحدة تظل مرنة، إذ بلغت البطالة أدنى مستوياتها منذ نحو 50 سنة.
"وستدفع خطتنا الطموحة لتحقيق النمو نمواً مستداماً في الأجل البعيد، وهذا يعني ارتفاع الأجور وتحسين مستويات المعيشة للجميع، ونحن الآن نخفض الضرائب حتى يتمكن الناس من الحفاظ على جزء أكبر مما يكسبونه".
وقالت كيتي أوسشر، كبيرة الاقتصاديين في "معهد المديرين": "تظل سوق العمل ضيقة إلى حد غير عادي، حيث الوظائف الشاغرة في الاقتصاد، للمرة الأولى على الإطلاق، تفوق عدد الأشخاص الذين يبحثون عن عمل، ولم يحصل تراجع في التوظيف في سبتمبر.
"وعلى رغم أن مستوى الشواغر يبدو الآن وكأنه بلغ ذروته، هو يظل أعلى كثيراً مما كان عليه قبل الجائحة، إذ يبلغ 1.2 مليون وظيفة.
"وإذا اقترن هذا المستوى بمعدل منخفض للبطالة كهذا وارتفاع تدريجي للأجور، لن نجد أي سبب قد يجعل بنك إنجلترا يوقف مسيرته الصاعدة نحو رفع معدلات الفائدة حين يجتمع في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)".