كان "ثانوية هارتبريك" (ثانوية القلوب المحطمة) Heartbreak High الأصلي مسلسلاً تلفزيونياً للمراهقين محبوباً جداً، مفعماً بكل مظاهر مرحلة التسعينيات: الشعر الطويل الأشعث، الكنزات القطنية المنقوشة والمصنوعة من أقمشة متنوعة، كافيه رثة للمراهقين يديرها شخص محب غريب الأطوار. كان تصوير المسلسل للحياة في سيدني شجاعاً، هذا العمل الذي يشبه أعمالاً أسترالية أخرى استمر عرضها لفترات أطول، مثل "جيران" Neighbours (وصل إلى نهايته مع الموسم الأخير في صيف هذه السنة)، و"ذهاباً وإياباً" Home and Away (الذي ما زال صامداً بطريقة ما ويعرض)، وصل بكل ثقة إلى المملكة المتحدة وحصل على فترة عرض مسائية مهمة. مجرد ذكر العنوان "ثانوية هارتبريك" أمام شخص نشأ عندما كان المسلسل في ذروته، يمكن أن يحرضه على نسج قصائد مطولة للتغزل بطالب مدرسة هارتلي الثانوية الذي كان محبوباً جداً (بوغدان درازيك الذي جسده الممثل كالان مالفي).
إنه عمل يجسد الحنين بأنقى صوره، لدرجة أنني لا أصدق مقدار الوقت الذي استغرقته نتفليكس حتى أعادت إطلاقه. يحافظ الإصدار الجديد على الشعر الأشعث والكنزات المنقوشة، لكنه يضيف الجنس والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي. لقد حقق نجاحاً على مستوى العالم، وتمت مشاهدته أكثر من 33 مليون ساعة حتى الخامس من أكتوبر (تشرين الأول). ليست هناك محاكاة دقيقة للشكل الأصلي لـ"ثانوية هارتبريك"، حيث استبدلت بالحوارات ذات الإيقاع السريع ولمسة "نتفليكس" المبهرجة المميزة، لكن ماذا عن الحبكة المركزية؟ حسناً، ما زالت آسرة بشكل غير منطقي.
تبدأ النسخة الجديدة من "ثانوية هارتبريك" باكتشاف خريطة معلقة على الحائط تربط طلاب مدرسة هارتلي الثانوية ببعضهم بعضاً وفقاً لرموز جنسية محددة بدقة. يشير وجود خط متموج بين الأسماء إلى الجنس الفموي، بينما يشير الخط المزدوج غير المنقطع إلى المداعبات اليدوية فقط. وفي جهد عبقري مدروس، تتم إحاطة أسماء الثنائيات المغرمة بدوائر مفتوحة، يقوم صانع الخريطة بإقفالها عند انفصال الأشخاص عن بعضهم. لو لم تكن هذه الخريطة تدخلاً مثيراً للاشمئزاز في حياة الناس، فإن أستاذ مادة الجغرافيا المسؤول عن تدريس الطالب الذي رسمها يستحق الثناء. ليس علم الخرائط فناً منسياً بعد.
طليت الخريطة بعجالة، لكن بقية المسلسل المكون من ثماني حلقات مخصص لتوثيق التداعيات بأسلوب رشيق. تقبل أميري تحمل كل اللوم بخصوص إنشاء الخريطة - في تصرف يدل على نكران الذات، صحيح لكن الممثلة عائشة مادون تمكنت من منح الشخصية طابعاً مزعجاً من الشفقة على الذات. رغم ذلك، توزع العقوبة بشكل شنيع بالتساوي على كل من ظهر اسمه على الخريطة. يتم تجميع المراهقين أصحاب النشاط الجنسي في مكان للعقوبات خاص بالأولاد الذين لم يخالفوا أي قواعد مدرسية من الناحية النظرية. يصف مدير المدرسة الجلسات بأنها "دروس محو الأمية الجنسية"، أو كما يسميها الأولاد "جلسات الفسق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مشاهد العقوبة مألوفة للغاية. في فيلم "نادي الإفطار" The Breakfast Club الكلاسيكي الذي أخرجه جون هيوز في منتصف الثمانينيات، تجتمع مجموعة من الطلاب غير الأسوياء - منفذ المقالب، العبقري، الفتاة شديدة الاهتمام بمظهرها وغيرهم - لتنفيذ عقوبة حجز تستمر يوم السبت بأكمله وينشأ بينهم تناغم غريب. قامت مسلسلات المراهقين الأميركية مثل "داوسونز كريك" Dawson’s Creek و"ريفرديل" Riverdale و"أنا لا أوافق على هذا" I Am Not Okay with This باستعارة حبكة فيلم "نادي الإفطار" في بعض حلقاتها لتغذية عنصر الدراما فيها، لكن ما يحدث في "السجن الجنسي" في "ثانوية هارتبريك" لا يقوم بوضع مجموعة متفرقة من المشاغبين المتفقين فيما بينهم. في الواقع، إنهم يقضون معظم الجلسات وهم يسخرون من بعضهم البعض بلغة عامية "أنتيبودية" [توصيف لسكان أستراليا ونيوزيلندا من قبل سكان النصف الشمالي من كوكب الأرض] (سأعترف أن هذه دردشة تبدو أميركية، والتي يقول قاموس أوربان Urban Dictionary أنها توليفة من كلمات دارجة في سيدني وتشمل أي شيء بغيض) ويطلقون على أميري "عاهرة الخريطة" (اعترف أن الاسم أضحكني من شدة صراحته).
ما تحققه عقوبة الحجز، بشكل مثير للضحك، هو تصوير الهوة بين الطلاب والمعلمين. تقول جوجو (الممثلة تشيكا إيكوغوي)، معلمة اللغة الإنجليزية التي تتمتع بروح امرأة تصر على أنها "ليست أماً عادية، بل أم رائعة": "اسمعوا يا شباب، نحن لسنا أغبياء... نحن نعلم أن كثيراً منكم يمارسون الجنس". على مدار حلقات الموسم، ابتكرت هي ومدير المدرسة مجموعة متنوعة من الأنشطة الداعمة التي لا تعلم الأطفال أي شيء على الإطلاق عن احترام بعضهم البعض. على سبيل المثال، يؤدي درس حول مخاطر تبادل الرسائل المحتوية على صور فاضحة إلى اعتراض أحد الطلاب على منهاج يشجع على "السخرية من الجسد". في محاولة للوصول إلى حل يرضي الطرفين، ينتهي الأمر بالمعلمة جوجو بتعليم الفصل كيفية التقاط صور عارية بطريقة أكثر أماناً ومبتكرة تجعل تتبع مرسلها صعباً. تقول: "يمكنكم حتى أخذ الصور بأساليب مرحة. ضعوا مكياجاً يخفي ملامحكم، أو ارتدوا قناعاً أو زياً تنكرياً".
في حلقة أخرى، تحضر جوجو رجال شرطة للتحدث مع الطلاب عن الجنس والمسؤولية، متبعة مبدأ "إذا لم تتمكن من التغلب عليهم، قم بإخافتهم"، لكن هؤلاء الأولاد لا يخافون: إنهم لا يعترفون حتى بضباط الشرطة كمصدر للسلطة. عندما يكشف أحد الضباط أن إصابة تعرض لها أجبرته على التقاعد من عمله في الأمن والتحول إلى هذا النوع من المشاركة التعليمية بدلاً من ذلك، يرفع أحد الطلاب يده ليقول "هل جرحت نفسك من الإفراط في مراقبة الأحياء المهمشة؟"، في حوار لا بد أن كاتبه شخص من دعاة حركة الوعي woke.
على رغم كل التنوع في أحاديث الأولاد عن الجندر والعرق والجنس، فإنهم جميعاً يتحدثون بطلاقة لغة المراهقة نفسها، حيث يتعاملون بجدية مع كل الأمور، مطلقين اسماً معيناً على كل فعل جنسي، مهما كان مجهولاً، وآخذين علم التنجيم على محمل الجد، ومعطين التقدير الذاتي أهمية حقيقية. عندما تحاول أميري الدفاع عن نفسها، تخبرها صديقة غاضبة بشدة: "أعتقد أنك بحاجة إلى القيام ببعض الجهد لتطوير نفسك". لا أظن أنها صياغة سطحية للشخصيات. فهذا هو الحوار الذي سيدور بين جيل الأطفال الذين نشأوا على التواصل المستمر فيما بينهم، إذا أضيفت إليه لمسة كتابة إبداعية.
الآن، تحقق العودة المعاصرة للعمل الذي يتحدث لغة "تيك توك" انتشاراً مبهراً. شوهدت مقاطع الفيديو المنشورة على "تيك توك" المرفقة بهاشتاغ المسلسل أكثر من 200 مليون مرة. في أول مقطع اخترت مشاهدته بشكل عشوائي - مشهد يقال فيه لفتاة مراهقة شبه حليقة الرأس "توقفي عن ذلك يا إيليفن [في إشارة إلى شخصية إيليفن الحليقة من مسلسل "أشياء غريبة" Stranger Things" - قال أحد المعلقين "لقد قرأ مؤلفو العمل التعليقات على (تيك توك) عندما كتبوا الحوار في هذا المشهد".
في الحقيقة، إنه من خلال حصص محو الأمية الجنسية الإلزامية، يتواجه عالم الطلاب "التيك توكي" مع العالم الخارجي، ويبدأ المعلمون خلالها باستكشاف حياتهم. تخبر المعلمة جوجو، عاهرة الخريطة، أنها عندما كانت في الصف التاسع أطلق عليها الطلاب الآخرون لقب "الصدع" Le Crak - وهي نتيجة مؤسفة لضبطها وهي تخبئ علبة بسكويت بين ردفيها. قد يكون "تيك توك" حديثاً، لكن بعض الأمور مثل القسوة المرافقة لمرحلة المراهقة لا تتغير أبداً.
© The Independent