Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملفات شائكة على طاولة الحكومة العراقية الجديدة

إعمار المدن والقضاء على الفساد والسلاح وإنهاء الأطماع السياسية وبناء علاقات خارجية جيدة أبرز التحديات

يأمل العراقيون أن تنهي الحكومة الجديدة أزماتهم المعيشية  (أ ف ب)

شهدت العملية السياسية في العراق انفراجة بعد عام كامل من الانسداد السياسي، حيث انتخب مجلس النواب عبداللطيف رشيد رئيساً للجمهورية، الذي كلف بدوره مرشح "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة الجديدة التي ستجد نفسها أمام تحديات وعقبات وملفات كبيرة أبرزها السلاح المنفلت والتوازن الخارجي ومحاربة الفساد وتقليل البطالة وتقديم الخدمات.

وأعلن رئيس الحكومة المكلف محمد شياع السوداني، الخميس الماضي، عزمه تشكيل حكومة قوية. وأشار إلى سعيه لإجراء انتخابات محلية ونيابية.

وقال السوداني في كلمة متلفزة، "تسلمنا تكليفنا بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة من رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد"، معلناً استعداده التام "للتعاون مع جميع القوى السياسية والمكونات المجتمعية، سواء الممثلة في مجلس النواب أو الماثلة في الفضاء الوطني، فالمسؤولية تضامنية يتحملها الجميع، من قوى سياسية ومنظمات مهنية وقطاعية ونخب وكفاءات وقادة رأي".

وقال السوداني "لن نسمح بالإقصاء والتهميش في سياساتنا، فالخلافات صدعت مؤسسات الدولة وضيعت كثيراً من الفرص على العراقيين في التنمية والبناء والإعمار"، مضيفاً "هنا أعلن الرغبة الجادة في فتح باب الحوار الحقيقي والهادف، لبدء صفحة جديدة في العمل لخدمة أبناء شعبنا وتخفيف معاناته بتعزيز الوحدة الوطنية، ونبذ الفرقة، وشطب خطاب الكراهية". 

وأكمل "سأبذل قصارى جهدي في تأليف حكومة قوية وعازمة على تنفيذ أهدافها وبرنامجها من خلال تآزر القوى السياسية بترشيح شخصيات كفؤة ومهنية ونزيهة قادرة على إنجاز مسؤولياتها"، مؤكداً أن "انتظار شعبنا لهذه اللحظة المهمة قد طال كثيراً، وأثقل كاهله وزاد من معاناته، خصوصاً أبناء الطبقتين الوسطى والفقيرة اللتين كانتا الأكثر تضرراً خلال السنوات الماضية".

وزاد أن "عملنا سيبدأ من ساعات التكليف الأولى وفق برنامج حكومي واقعي يتبنى إصلاحات اقتصادية تستهدف تنشيط قطاعات الصناعة والزراعة ودعم القطاع الخاص وتنويع مصادر الدخل ومعالجة الآثار البيئية والتصحر والتغير المناخي وحماية الموارد المائية".

غلق منافذ الفساد

وتعهد السوداني أن "حكومة الخدمة عازمة على غلق منافذ الفساد عبر القوانين والتشريعات الصارمة، بالتعاون مع السلطتين التشريعية والقضائية"، مشيراً إلى أن "محاربة الفساد ستكون في مقدمة أولويات الحكومة، وندعو الجميع إلى تحمل المسؤولية والمشاركة في حملة وطنية شاملة في مكافحة الفساد".

وبين أن "رؤيتنا واضحة وبرنامجنا داعم للحكومات المحلية لتمكينها من تقديم أفضل الخدمات لمواطنينا وتنفيذ واجباتها وتلبية المطالب المشروعة لأبنائنا إلى جانب التزامنا بالعمل على وفق الدستور في تمتين العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان وفك الخلافات والمسائل العالقة منذ أمد بعيد، فنحن العراقيين جميعاً نأمل بحياة تليق بنا وبحضارتنا، في ظل عراق موحد ومستقر".

وأكد أنه حكومته ستسعى إلى إجراء انتخابات محلية ونيابية، في أجواء حرة ونزيهة وفي ظل نظام انتخابي شفاف يطمئن كل المتنافسين، مضيفاً "لقد آن الأوان لاسترداد هيبة الدولة، وفرض احترام القانون، وإيقاف نزيف التدهور والانفلات بجميع تسمياته وأشكاله، والانتصار لقيم المجتمع العراقي الأصيلة، فالدولة هي صاحبة الحق الشرعي في نشر الأمن وبسط القانون والذود عن السيادة الوطنية عبر مؤسساتها العسكرية والأمنية الرسمية وسنعمل بشكل جاد لخلق بيئة آمنة للشركات الاستثمارية والبعثات الدبلوماسية". 

تحديات

من جهته، يرى الباحث السياسي نبيل جبار التميمي، أن التحدي الأبرز للمكلفين تشكيل الحكومات في مرحلة ما قبل منح الثقة هو إجراء توازن بين رغبات الكتل السياسية في ترشيح شخصيات وبين مدى قبول تلك الشخصيات للرأي العام، والذي بدوره قد يعطي انطباعاً أولياً عن شكل الحكومة ومدى قدرتها على تحقيق أهدافها.

أما ما بعد منح الثقة، بحسب التميمي، فالتحدي الذي يواجهه رئيس الوزراء قد يكون من نوع ثان، متمثلاً بصراع دائم بين الطموحات الشعبية من جهة والرغبات السياسية من جهة أخرى في ملفات عدة تعمل عليها الحكومة، خصوصاً مع استمرار فقدان الثقة بين الطرفين.

وتابع "قد تشهد المرحلة المقبلة نوعاً من تقديم التساهلات من جانب القوى السياسية على حساب مصالحهم، نظراً إلى ما شهدته الفترة الماضية من احتجاجات واسعة وصراعات عميقة، ولم تتمكن الأطراف من دفع عجلة العملية السياسية إلا بشق الأنفس بعد مخاض عسير وخطر شهدته الأشهر الماضية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما الباحث السياسي صالح لفتة فيرى أنه يحسب محمد شياع السوداني أنه سيكون أول رئيس وزراء من عراقيي الداخل، إذ لم يغادر العراق قبل 2003 ولا توجد عليه ملفات فساد سابقة ويعرف معاناة العراقيين جيداً وما يحتاجون إليه وما مر بهم من جوع وفقر وحروب.

يقول لفتة إن "هناك أملاً لدى فئة قليلة جداً من الشعب العراقي بأنه سيكون قادراً على مداواة جراحات الوطن ومدركاً لحجم المسؤولية التي أوكلت إليه لمعالجة كل خلل، وعدم البقاء بعيداً من الشعب وقضاء مدة الحكم بالتصريحات والوعود التي شبع منها الناس، والتوجه نحو العمل الحقيقي".

ويضيف أن "هذه الحكومة تمتلك دعماً برلمانياً واسعاً وتساعدها خزانة ممتلئة من عائدات النفط الكبيرة، وإذا ما أرادت البدء بشكل صحيح، فعليها بإعمار المدن والقضاء على مظاهر التسلح من ميليشيات أو عشائر، والاستمرار بالعلاقات الخارجية الجيدة التي استطاعت الحكومة السابقة بناءها وتقويتها"، مستدركاً "كل ما ذكر لا يمثل تحدياً كبيراً إن أراد رئيس الوزراء القيام به، فلن يواجه وقتها اعتراضات من الأحزاب أو الكتل إن كانت هناك عدالة مع الجميع".

ويتابع "التحدي الأكبر أمام رئاسة الوزراء هو القضاء على الفساد وعدم السماح بنهب المال العام وتقديم الفاسدين للمحاكمة ورفع الغطاء عنهم، وعندها سيفتح باب الهجوم على شخص رئيس الوزراء وستتحرك الجيوش الإلكترونية والقنوات الفضائية المتحزبة ضده، وتكثر التصريحات السلبية بحقه، وسيكون أمام خيارين، إما القبول بالوضع الراهن وكسب رضا الزعماء السياسيين ومن يتبعهم أو كسب محبة عامة الشعب بإرجاع حقوقهم، وعليه الانحياز للشعب إن كان صادقاً بوعوده".

أما رئيس الجمهورية، وفقاً للفتة، فإن أكبر ما يواجهه هو الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، والتوقيع على القوانين التي تمثل مصالح العراق العليا دون النظر لمصالح فئة أو جهة، والمحافظة على تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف وبين البرلمان والحكومة.

الإصلاح

لكن الباحث السياسي علي البيدر يعتقد أن "أبرز عقبة تواجه حكومة السوداني ستكون موقف الكتل النيابية والسياسية من الإصلاح، وإذا أفسحت تلك الكتل التي قد يتضرر بعضها من مفهوم الإصلاح، المجال للسوداني فقد يحقق نجاحات كبيرة في مجال الإصلاح الذي يمثل مفهوماً متكاملاً يحقق القضاء على السلاح المنفلت ومحاربة الفساد والفقر وتوفير فرص عمل".

ويضيف، "إذا استطاع تجاوز عقبة الأحزاب ووقوفها أمام عملية الإصلاح فستفتح أمامه آفاق عديدة لقبوله من قبل الشارع العراقي المتعطش للإصلاح، وقد يحظى بتأييد المجتمع الدولي والإقليمي".

المزيد من العالم العربي