Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إشارات من اسلاميي الجزائر في العودة إلى الحكومة رغم الخلافات

بعد إخفاق تيار الإسلام السياسي في الانتخابات الرئاسية يخطط رموزه للعودة إلى ما قبل 2013

رئيس حركة "مجتمع السلم" عبدالعالي حساني (مواقع التواصل)

ملخص

دخلت حركة مجتمع السلم "حمس" في سجال في شأن نتائج الانتخابات الرئاسية وتداعياتها على موقع الإسلاميين في الخريطة السياسية الجزائرية بعدما حصل عبدالعالي حساني على 9.5 في المئة فقط من الأصوات.

أعادت النتائج الهزيلة في انتخابات الرئاسة بالجزائر التي حصل عليها الحزب الإسلامي "حركة مجتمع السلم" (حمس) حدة النقاش الداخلي في صفوف الحركة في شأن أهداف المشاركة بالاقتراع بعد مقاطعة طويلة، اعتبرها عدد من أبناء تيار ورثة الشيخ محفوظ نحناح تمهد للعودة إلى الوجود داخل الحكومة.

وأسفر تصحيح المحكمة الدستورية في الجزائر لنتائج الانتخابات الرئاسية بناءً على طعون قدمها المرشحان عن حركة "مجتمع السلم" عبدالعالي حساني وجبهة "القوى الاشتراكية" يوسف أوشيش ضد الأرقام الأولية التي أعلنتها سلطة الانتخابات عن ارتفاع في عدد أصوات الناخبين.

وحسب المحكمة الدستورية حصل عبدالعالي حساني على نسبة 9.5 في المئة بمجموع 904 آلاف صوت بزيادة أكثر من 720 ألف صوت بعدما كانت 178 ألف صوت المعلنة من طرف السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات مقابل حصول يوسف أوشيش على نسبة 6.14 في المئة بمجموع 580 ألف صوت وبزيادة أكثر من 450 ألف صوت، والرئيس عبدالمجيد تبون على نسبة تصويت 84.3 في المئة وبمجموع 7.9 مليون صوت بزيادة تقدر بـ2.3 مليون صوت عن النتائج الأولية.

وأبدى المرشح الإسلامي رضاه عن إعادة صياغة النتائج وإنصافه، واعتبر أن "ما قامت به السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات جريمة انتخابية مكتملة الأركان تقتضي حلها ومتابعة الذين أجرموا في حق الوطن وأساءوا إلى المترشحين والعملية الانتخابية قضائياً وقانونياً".

وعلى رغم وعائها الانتخابي الكبير خالفت الحصيلة الهزيلة لـ"حمس" التوقعات بتراجع ملحوظ، إذا ما قورنت بانتخابات الرئاسة عام 2019، حين حصل مرشح التيار الإسلامي عبدالقادر بن قرينة الموالي للسلطة على نسبة تصويت مقبولة تجاوزت مليون صوت من الناخبين.

ودخل "بيت" الحزب في سجال في شأن مخلفات ما وصف بـ"زلزال السابع من سبتمبر (أيلول)" وتداعياته على موقع الإسلاميين في الخريطة السياسية الجزائرية، مخلفاً انقسامات على المكشوف بين فريق مدافع وآخر منتقد لخيارات "حمس".

وفي رأي المحلل السياسي الجزائري عبدالحفيظ سجال فإن الخلاف داخل التيار الإسلامي ليس جديداً، فهذه مشكلة لم يستطع تجاوزها على رغم مرور أكثر من 30 سنة على التجربة الديمقراطية في الجزائر، وهي الحال التي عاد ليظهر خلال الانتخابات الرئاسية الحالية، إذ ظهر من خلال دعم جزء منه ممثلاً في حركة "البناء" الرئيس تبون، فيما قدمت حركة مرشحها حساني شريف رغم اعتراض جناح في الحركة يقودها الرئيس السابق عبدالرزاق مقري، وهو الترشيح الذي دعمته حركة "النهضة".

ويوضح سجال في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن النتائج التي أسفرت عنها الرئاسيات زادت من الخلافات، إذ لا تمانع قيادات في "حمس" العودة إلى تحالفها مع الحكومة، لا سيما مع "عودة هذه القيادات إلى الواجهة كالوزراء السابقين أبو جرة سلطاني وعبدالمجيد مناصرة وجعبوب"، بخاصة أن الانتخابات الرئاسية وضعتها كقوة ثانية في البلاد حتى وإن لم يصل عدد الأصوات الحاصلة عليها مليون صوت.

ويرى الطرف الآخر أن أحسن مقعد للإسلاميين هي المعارضة لمواصلة خطابها الناقد لعمل الحكومة، خصوصاً مع احتمال تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية مسبقة، والبقاء في المعارضة قد يصمن أكبر عدد من المقاعد.

وتأسست "حركة مجتمع السلم" القريبة من جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في 1990 لم تقدم مرشحاً للمنصب الرئاسي إلا مرتين، الأولى عام 1995، إذ حصل مؤسسها وزعيمها محفوظ نحناح على نسبة 26.6 في المئة، أما عام 1999، تم استبعاده من السباق الرئاسي لعدم تمكنه من إبراز شهادة رسمية تثبت مشاركته في حرب التحرير الوطني، كما يقتضي القانون الانتخابي وقتها، ليأتي بعدها الانصهار في منظومة دعم ترشيح رئيس الدولة السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وتصبح جزءاً من التحالف الحزبي الذي تشكل حوله، قبل أن تنسحب لاحقاً في 2012 بتقلد الرئيس السابق للحركة عبدالرزاق مقري المنصب، واتخاذ قرار مقاطعة الانتخابات الرئاسية عامي 2014 و2019، احتجاجاً على الولايتين الرابعة والخامسة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي يونيو (حزيران) 2021 اختارت حركة "حمس" بعد أن حلت الثالثة في الانتخابات النيابية بـ65 مقعداً، البقاء في موقع المعارضة وعدم دخول حكومة الرئيس عبدالمجيد تبون، في خطوة قال رئيسها مقري وقتها إنها تأكيد على رفض تكرار تجربة سابقة بالوجود داخل الحكومة دون شراكة حقيقية في الحكم.

بدوره يبدد الباحث السياسي محمد علاقي ما التصق بحركة "حمس" من تهم منذ قبول مشاركتها في الانتخابات، ومفادها أنها كانت شكلية وعينها على المكاسب السياسية، مؤكداً أنه حتى لو انصهرت في الحكومة مجدداً، فإنها لم تشارك في صناعة القرار مستدلاً بما قاله الراحل الأب المؤسس لها محفوظ نحناح في بداية الألفية بأن "الحركة تشارك في الحكومة وليس في الحكم".

وأضاف الباحث في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أنه مهما كانت الخلافات بين الفريقين، فالتجربة أثبتت أن الانتماء إلى تيار الإسلاميين لم يعد مهماً عند كثير من الجزائريين بقدر ما تهم البرامج، لأن قضايا الدين والهوية ومعاداة الاستئصاليين والديمقراطيين جدل تجاوزه الناخب الجزائري منذ مدة، وأصبح الرهان الاقتصادي والاجتماعي هو الأهم بعيداً من المناكفات الأيديولوجية والمذهبية.

ويعد مقري الذي لم يخف طموحه الرئاسي من أشد المعارضين لتوجه حساني شريف، وهو ما أبرزه ليل الخميس الماضي عبر منشور طويل بحسابه بمنصات التواصل الاجتماعي قدمه كتوضيح بخصوص غيابه عن حملة مرشح حزبه في الاستحقاق الذي جرى في السابع من سبتمبر (أيلول) الجاري.

ويهاجم مقري، حساني متهماً إياه بالانقلاب على الرؤية التي كان شريكاً فيها، وهو ما فهم أن الطرفين كانا متفقين على استمرار "حمس" في خندق المعارضة، لكن الرئيس الحالي للحركة فضل المهادنة في انتظار الترتيب لدخول الحكومة مرة أخرى، وقد عبر عن ذلك مقري، بصورة صريحة قائلاً "لا أحد من المتابعين يخفى عليه أن الحركة تجر فعلياً إلى العودة إلى ما قبل 2013".

وخلال الحملة السابقة كان لافتاً الظهور الرمزي لقيادات "الصف الأول" في الحزب الإسلامي الذين يشاطرون حساني التوجه نفسه، فقد سجل النائب بحركة "حمس" أبو جرة سلطاني الذي عينه الرئيس عبدالمجيد تبون في مجلس الأمة في الثلث الرئاسي إلى جانب عبدالعالي حساني شريف في تجمعات شعبية عدة، فيما التحق بالركب لاحقاً رئيس الحركة السابق عبدالمجيد مناصرة وكان منافساً لحساني لرئاسة الحركة في المؤتمر الثامن قبل عام ونصف العام، إلى جانب هؤلاء خرجت قيادات تاريخية من صمتها السياسي وانخرطت في حملة دعم حساني من بينهم الوزيران السابقان هاشمي جعبوب ومصطفى بن بادة، إضافة لأمين عام حركة "النهضة" محمد ذويبي.

وفي مواجهة الانتقادات دافع نائب رئيس "حمس" ناصر حمدادوش، عن خيار المشاركة في هذه الانتخابات الرئاسية، نافياً أن "يكون القرار خياراً حزبياً ضيقاً، ولا طموحاً شخصياً انفراديا"، بل جاء تتويجاً لمسار طويل من المشاورات الداخلية للحركة، بحسب تعبيره.

وقال حمدادوش إن مجلس الشورى الوطني حدد 14 هدفاً للمشاركة في هذه الانتخابات، معتبراً أنها "تحققت جميعها بنسب عالية جداً، مما عدا الهدف الرقمي، وهو تحقيق وعاء مليوني (مليون صوت فما فوق)، لا يزال الجدل حوله بسبب التلاعب بنتائج هذه الانتخابات".

ويرى حمدادوش أن العبث بالعملية الانتخابية والتلاعب المفضوح بالنتائج المعلنة أفسد الصورة الديمقراطية الحقيقية، من أجل تقزيم وتأزيم الجميع، وإدخال البلاد في حالة الشك والحيرة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي