انتقدت الولايات المتحدة سلوك السلطات الايرانية حيال الرياضية إلناز ركابي التي شاركت في مسابقة تسلق في الخارج من دون وضع الحجاب، محذرة من أن الأنظار ستتركز على ما سيؤول إليه مصيرها في إيران.
وقال فيدنت باتيل متحدثاً باسم وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين، إن "أنظار العالم والشعب الإيراني ستتجه إلى كيفية التعامل معها"، معتبراً أنه "لا يمكن تبرير" عودتها القسرية على ما يبدو من كوريا الجنوبية. وأضاف أن "النظام الإيراني وقادته أساؤوا منذ وقت طويل التعامل مع حقوق النساء وانتهكوا حقهن في التعبير، ولجأوا في ذلك إلى التهديدات والترهيب والعنف".
استقبال ودعم
وكانت المتسلقة الإيرانية إلناز ركابي عادت إلى بلادها، الأربعاء 19 أكتوبر (تشرين الأول) وحظيت باستقبال من مناصرين لموقفها، بعد أن أثارت جدلاً بخوضها مسابقة دولية من دون حجاب، مكررة تصريحاتها إلى وسائل إعلام رسمية بأنها لم تتعمد أن تكون من دون الحجاب خلال المسابقة.
وأظهرت لقطات ركابي (33 عاماً) وهي تتسلق جداراً من دون حجابها خلال منافسات في كوريا الجنوبية ممثلة لإيران.
وتجتاح إيران احتجاجات أشعلت شرارتها وفاة الشابة مهسا أميني فيما كانت رهن احتجاز شرطة الأخلاق.
وفي تصريحات أدلت بها للتلفزيون الرسمي لدى وصولها إلى طهران، قالت ركابي إنها تعتذر إلى "الشعب الإيراني لتسببها في توتر" وتحدثت وشعرها مغطى بقبعة رياضية وقلنسوة.
وهلل حشد من الداعمين لموقفها وصفقوا وصوروا المشهد على هواتفهم المحمولة لدى وصولها المطار وخروجها منه واستقلالها سيارة، بحسب ما ظهر في لقطات متداولة عبر "تويتر".
وقالت ركابي في بيان نشرته عبر حسابها على "إنستغرام" أمس الثلاثاء، إن سبب خوضها المنافسة من دون حجاب هو سوء ترتيب للمسابقات، موضحة أنها استدعيت للتسلق في موعد لم تتوقعه.
ووصفت ركابي التي احتلت المركز الرابع في المسابقة عودتها لإيران بـ "الهادئة"، وقالت إنها "في صحة جيدة" وليست لديها نية لترك الفريق الوطني.
وكانت الخدمة الفارسية في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قالت أمس الثلاثاء إن أصدقاء ركابي لم يتمكنوا من التواصل معها، وإن هناك مخاوف على سلامتها.
ونفت سفارة إيران في كوريا الجنوبية عبر حسابها على "تويتر" التقارير التي ترددت حول اختفائها بعد المنافسات.
البداية
كانت ركابي اكتفت في المنافسات النهائية في مسابقة آسيوية أقيمت في كوريا الجنوبية الأحد بوضع عصبة على الرأس، في خطوة فسّرت على أنها تأييد للاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ شهر في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
وشكّلت خطوة ركابي مخالفة لقواعد اللباس التي يجدر بالإيرانيات التزامها لدى مشاركتهم في مسابقات خارجية، ومنها تغطية الرأس بالكامل.
وفي وقت سابق، كانت ركابي ظهرت داخل مبنى المطار وهي ترتدي سترة سوداء اللون ووضعت على رأسها قبعة. وبعدما استقبلها أفراد من عائلتها، تحدثت الى وسائل الاعلام الرسمية وقد أنزلت قناعاً طبياً وضعته على وجهها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت ركابي "بسبب الأجواء في نهائيات المسابقة والدعوة غير المتوقعة لي لكي أبدأ مشاركتي، ارتبكت مع معداتي التقنية. وهذا ما جعلني غير مدركة لمسألة الحجاب الذي كان يجدر بي وضعه".
وأضافت "لقد عدت الى إيران بسلام، بصحة ممتازة ووفق الجدول المقرر مسبقا. اعتذر الى شعب إيران بسبب التوترات التي خلقتها"، مؤكدة أنها "لا تعتزم مغادرة المنتخب الوطني".
وكانت هذه التصريحات مشابهة لما نشر الثلاثاء على صفحة ركابي على "إنستغرام"، حيث اعتذرت في نصّ مكتوب عن "القلق" الذي تسببت به، وأكدت أن ظهورها سافرة كان "غير مقصود".
قلق حقوقي
وكانت منظمات حقوقية خارج إيران أبدت الثلاثاء قلقها على ركابي في أعقاب تقارير عن فقدان الاتصال بها بعد ظهورها في المسابقة الأحد.
غير أن السفارة الإيرانية في سيول نفت "جميع الأخبار الزائفة والمزوّرة والمعلومات المضللة المتعلقة" بركابي، مضيفة أنها غادرت كوريا الجنوبية مع أفراد فريقها الثلاثاء.
وخلال التظاهرات الأخيرة، عبّر العديد من الرياضيين والرياضيات عن تأييدهم لمطالب النساء، وطالت بعضهم إجراءات من السلطات مثل التوقيف الموقت.عبرت منظمات غير حكومية وأفراد عن قلقهم اليوم الثلاثاء، 18 أكتوبر (تشرين الأول)، حيال سلامة المتسلقة الإيرانية بعدما شاركت من دون حجاب
في بطولة آسيا للتسلق التي استضافتها العاصمة الكورية الجنوبية سيول، في خطوة رأى فيها بعضهم رسالة تضامن مع الاحتجاجات التي تقودها النساء في إيران.
من ناحية أخرى، ذكر الموقع الإخباري "إيران واير" أن رئيس الاتحاد الإيراني للتسلق خدعها لدخول السفارة الإيرانية في سيول، وأنه سيتم نقلها مباشرة بعد ذلك إلى المطار.
وقال الموقع إن رئيس الاتحاد وعدها بعبور آمن إلى إيران إذا سلمت هاتفها وجواز سفرها.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة رافينا شمسداني إن الأمم المتحدة "تتابع القضية عن كثب".
وصرحت في جنيف "لا ينبغي أبداً مقاضاة النساء على ما يرتدينه".
اعتراف قسري
واعتبر موقع "إيران واير" أن بيان ركابي عبر "إنستغرام" مشابه للاعترافات "القسرية الشائعة في الجمهورية الإسلامية" التي يتهمها نشطاء بإكراه الناس على الإدلاء بها على التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي.
ونقل البيان على نطاق واسع في وسائل الإعلام داخل إيران بما فيها وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية (إسنا)، ويعتقد أن ركابي هي ثاني رياضية إيرانية شاركت في منافسة من دون حجاب بعد الملاكمة صدف خادم التي ظهرت سافرة في مسابقة بفرنسا عام 2019، ولم تعد خادم إلى إيران وتقيم حالياً في المنفى.
وخلال التظاهرات الأخيرة عبر العديد من الرياضيين والرياضيات في إيران عن تأييدهم لمطالب النساء، ولحق القمع ببعضهم فاعتقل الرياضي الدولي السابق حسين ماهيني، فيما صودر جواز سفر لاعب كرة القدم السابق علي دائي، أحد أبرز الأسماء في تاريخ المنتخب الإيراني. وفي وقت لاحق أعيد لدائي جواز سفره فيما أفرج عن ماهيني بكفالة، وفق تقارير.
ونشرت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية التي تعكس آراء المحافظين، افتتاحية الثلاثاء منتقدة ركابي من دون الإشارة إليها بالاسم، وتساءلت لماذا لم تعر وسائل إعلام "غربية وصهيونية وسعودية" اهتماماً للانتصارات التي حققتها النساء الإيرانيات المحجبات خلال الأيام الأخيرة في مسابقات ألعاب القوى ورفع الأثقال، وبدلاً عن ذلك "سلطت الضوء على أداء فتاة سلوكها مخالف للتقاليد؟".