يحذر تقرير جديد صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أن آثار أزمة المناخ ستغدو أكثر فتكاً من بعض الأمراض المنتشرة كالسرطان مع استمرار ارتفاع حرارة الكوكب.
وتقول الوكالة الدولية إن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى مزيد من الوفيات، ولا سيما في تلك المناطق من العالم التي تشهد أجواء شديدة الحرارة، والذي من شأنه أن يفاقم من أوجه انعدام المساواة العالمية القائمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن البيانات الجديدة تظهر أيضاً أنه من خلال الحد من درجة احترار الكوكب فإن الوقت لا يزال متاحاً للتخفيف من بعض الأضرار المحتملة.
وبحسب ما ورد في التقرير: "يمكن لتضافر الجهود العالمية نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ [للحفاظ على ارتفاع حرارة الأرض ما دون 1.5 درجة مئوية] أن يقلل من الوفيات المتوقعة من الحرارة الشديدة في عام 2100 بأكثر من [80 في المائة]" بالتالي من المحتمل أن ينقذ عشرات الملايين من الأرواح على مدى العقود المقبلة".
ففي بنغلاديش مثلاً، توفي نحو 67 من كل 100000 شخص بسبب السرطان في عام 2019، ولكن هذا العدد من الوفيات يمكن أن يصبح أكبر بكثير إذا استمر العالم في ضخ الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بمعدل مرتفع جداً، بحسب ما تظهر البيانات.
وبحلول نهاية القرن ومع استمرار سيناريو الانبعاثات المرتفعة هذا، سيموت أكثر من 130 شخصاً إضافياً من كل 100000 شخص كل عام في دكا عاصمة البلاد وأكبر مدنها. وفي خولنا، ثالثة أكبر مدن بنغلاديش، قد يرتفع هذا العدد إلى أكثر من 200 حالة وفاة إضافية لكل 100000 نسمة كل عام.
ويقول التقرير إن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوفيات في عديد من المناطق الحارة [الفقيرة] في العالم، ولكن بعض المناطق الأكثر ثراءً يمكن أن تتجنب هذا التأثير. ومع أن متوسط درجة الحرارة السنوية في الرياض بالسعودية يمكن أن يصبح أكثر سخونة من دكا أو خولنا، فإن المدينة قد تشهد زيادة أقل في عدد الوفيات بمعدل 120 وفاة لكل 100000 شخص [نتيجة الحرارة المرتفعة] بحلول نهاية القرن.
وفي المناطق الأكثر برودة في العالم، من المتوقع أن تنخفض معدلات الوفيات، وفقاً لهذا التقرير. ففي موسكو على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي اﻻحترار السريع إلى انخفاض عدد الوفيات بمقدار ١٣٠ وفاة لكل 100000 شخص كل عام بحلول نهاية القرن.
وينطبق الأمر نفسه على الأجزاء الأكثر برودة في الولايات المتحدة، فبينما يرجح انخفاض معدل الوفيات في مينيابوليس إحدى أبرد مناطق الولايات المتحدة، فمن المرجح أن يرتفع ارتفاعاً كبيراً في سان أنطونيو، إحدى أكثر الولايات سخونة.
ولكن في سائر أنحاء العالم بالمجمل، "تشير التقديرات إلى أن الزيادة المتوقعة في معدلات الوفيات الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة أكبر بكثير من الانخفاض المتوقع في الوفيات بسبب انخفاض عدد الأيام الباردة".
وتظهر البيانات أن الحد من ارتفاع درجة الحرارة في المستقبل يمكن أن يقلل من عدد الوفيات. ففي دكا، على سبيل المثال، سيحمي مستقبل يتسم بمستوى أكثر اعتدالاً من انبعاث غازات الاحتباس الحراري نحو 100 شخص من الوفاة لكل 100000 كل عام، مقارنة بالسيناريو المرتفع الانبعاثات. وفي خولنا، يمكن إنقاذ 150 شخصاً لكل 100000 سنوياً.
ويقول بعض الخبراء الآن إن السيناريو المرتفع الانبعاثات الذي جرت دراسته في هذه البيانات يبدو لحسن الحظ أقل ترجيحاً مع ابتعاد البلدان عن الوقود الأحفوري وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة، ولكن هذه التوقعات تفترض أيضاً أن البلدان لن تتراجع عن أي خطط أو إجراءات مناخية في العقود المقبلة.
ومع ذلك، وحتى في ظل السيناريو الأكثر اعتدالاً، لا يزال معدو التقرير مؤمنين بإمكان وقوع الكثير من الوفيات. وناهيك بارتفاع درجات الحرارة، ستجعل أزمة المناخ الطقس المتطرف مثل الجفاف والعواصف وحرائق الغابات والفيضانات أكثر شيوعاً، مما يضيف خطراً إضافياً على حياة البشر.
سيجتمع علماء المناخ والسياسيون وخبراء السياسات من جميع أنحاء العالم الأسبوع المقبل في شرم الشيخ بمصر في مؤتمر الأمم المتحدة السنوي لتغير المناخ [COP27]. وفي حين سيحاول الحاضرون إحراز تقدم في الاتفاقات العالمية للحد من الاحترار، لا تزال عديد من الدول بعيدة عن الوفاء بالتعهدات والأهداف نحو الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.
فالعالم الآن في طريقه إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب بمقدار 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن، وفقاً للمحللين المستقلين في برنامج "متعقب العمل المناخي" Climate Action Tracker، مما يضع الكوكب على طريق التأثيرات المناخية الشديدة على مدى العقود القليلة المقبلة.
© The Independent