وصل الرئيس الأميركي جو بايدن إلى شرم الشيخ في محطة قصيرة للمشاركة في مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب 27" في مصر، الجمعة 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، متسلحاً بإنجازات محلية كبيرة حققها في مكافحة الاحترار المناخي، إلا أنه يتعرض لضغوط لبذل المزيد باتجاه الدول التي ترزح تحت وطأة كوارث طبيعية.
وأشاد بايدن بمصر قائلاً إن القاهرة تحدثت بقوة عن الحرب في أوكرانيا، مضيفاً أيضاً أن مصر وسيط رئيسي في غزة. وجاء ذلك في حديث له أثناء لقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويمضي بايدن ساعات قليلة في المؤتمر المنعقد في منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر، بعد ثلاثة أيام على انتخابات منتصف الولاية في بلاده التي طُرحت أسئلة حول تداعيات نتائجها على السياسة الأميركية في مجال المناخ.
وتعززت خطط الرئيس الأميركي المناخية كثيراً خلال العام الحالي عندما أقر الكونغرس تشريعاً لاستثمار 369 ملياراً في الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة.
وكتب بايدن في تغريدة قبل ساعات على تحليق الطائرة الرئاسية الأميركية فوق موقع المؤتمر على البحر الأحمر، "نعيش عقداً حاسماً تسنح لنا خلاله فرصة أن نثبت أنفسنا ونمضي قدماً في الكفاح من أجل المناخ العالمي". وأضاف، "لنجعل من ذلك محطة نلبي فيها النداء".
وتغيب بايدن عن قمة قادة الدول والحكومات في مطلع الأسبوع لتزامنها مع الانتخابات الأميركية.
وأظهرت أبحاث جديدة الصعوبة القصوى لتحقيق هدف حصر الاحترار المناخي بـ1.5 درجة مئوية مقارنةً بمستويات ما قبل الثورة الصناعية والذي يتطلب خفض الانبعاثات بالنصف تقريباً بحلول 2030. وخلصت الدراسة التي نشرت نتائجها الجمعة في مجلة "إيرث سيستيم ساينس داتا"، إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في طريقها إلى الارتفاع بنسبة 1 في المئة في 2022 لتصل إلى مستوى قياسي.
تشريع أميركي جديد
وتهيمن على المفاوضات في مؤتمر شرم الشيخ الحاجة إلى وقف مماطلة الدول الغنية في مساعدة الدول النامية على جعل اقتصاداتها أكثر مراعاةً للبيئة وتعويض الخسائر والأضرار التي تتكبدها بسبب كوارث ناجمة من تبدل المناخ.
وقالت الناشطة الأوغندية فانيسا نامكاتيه، لوكالة الصحافة الفرنسية، "يحتاج العالم لتكون الأمم المتحدة قائدة في مجال المناخ في نضالنا من أجل العدالة المناخية".
وأضافت سفيرة النوايا الحسنة في منظمة يونيسف، البالغة 25 سنة، "نوجه رسالة إلى الرئيس بايدن للوقوف إلى جانب شعوب العالم والأجيال المقبلة".
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، إن بايدن يتوجه إلى مصر "مع زخم غير مسبوق" بعد إقرار التشريع وهدفه المتمثل بخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 52 في المئة بحلول عام 2030 مقارنةً بمستويات 2005.
وعرض المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري شراكة بين القطاعين الخاص والعام تهدف إلى دعم الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة في الدول النامية بالاستناد إلى نظام أرصدة كربون إلا أن ناشطين انتقدوا هذا البرنامج.
وأكد كيري أن "ما من حكومة في العالم تملك المال الكافي للقيام بما ينبغي علينا القيام به لكسب هذه المعركة"، مشيراً إلى أن إجمالي الحاجات قد يصل إلى أربعة تريليونات.
التعاون مع الصين
ويملك بايدن كذلك فرصة إحياء التعاون مع بكين عندما يلتقي نظيره الصيني شي جينبينغ خلال قمة مجموعة العشرين الأسبوع المقبل. وقال مسؤول أميركي آخر إنه سيسعى إلى مناقشة "كيفية الدفع بعملنا المشترك حول التغير المناخي".
وعلقت بكين المفاوضات المتعلقة بالمناخ مع واشنطن بعدما زارت رئيسة مجلس النواب الأميركية نانسي بيلوسي تايوان في أغسطس (آب).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والتعاون بين أكثر دولتين تلويثاً في العالم حيوي على صعيد الجهود الدولية لحصر الاحترار المناخي بـ1.5 درجة مئوية، وهو هدف تزداد صعوبة تحقيقه.
لكن مع توقع سيطرة الجمهوريين مجدداً على مجلس النواب الأميركي، قد يتأثر جزء من خطة بايدن المناخية، فيما يملك الديمقراطيون فرصة الاحتفاظ بالغالبية في مجلس الشيوخ.
وتعهد بايدن المساهمة بمبلغ 11.4 مليار دولار في آلية سنوية لتقديم 100 مليار دولار من الدول الغنية إلى الدول النامية للانتقال إلى مصادر طاقة متجددة وتعزيز مقاومتها للتغير المناخي.
إلا أن على الديمقراطيين أن يسارعوا إلى إقرار هذا المبلغ في الكونغرس قبل تولي الجمهوريين المتحفظين في قضايا المناخ السيطرة على مجلس النواب.
وقالت البرلمانية كاثي كاستور التي ترأس اللجنة الخاصة بالأزمة المناخية في مجلس النواب الأميركي، "سنبذل قصارى جهدنا لتمرير هذه التشريعات. ونأمل في ألا يعرقل الجمهوريون في الكونغرس ذلك".
وتتجه أنظار الدول النامية إلى الولايات المتحدة لدعم إقامة آلية "الخسائر والأضرار" التي تدفع فيها الدول الغنية تعويضات لتلك النامية على الدمار اللاحق بها من جراء كوارث طبيعية ناجمة عن تغير المناخ. وقاومت واشنطن هذه الفكرة في السابق إلا أنها وافقت على مناقشتها خلال مؤتمر المناخ الراهن.
جدول بايدن
ومع انقضاء الانتخابات انتقل الاهتمام إلى الاقتراع الرئاسي في عام 2024 مع توقع أن يقوم الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب بإعلانٍ الأسبوع المقبل.
وفي حال فوز ترمب بهذه الانتخابات، سيعود إلى البيت الأبيض رئيسٌ جمهوري سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ. وقد سارع بايدن إلى العودة عن هذا القرار عندما تولى السلطة في عام 2020.
وقاومت الولايات المتحدة لسنوات محاولة إقامة آلية "الخسائر والأضرار" التي تدفع فيها الدول الغنية تعويضات لتلك النامية على الدمار اللاحق بها من جراء كوارث طبيعية ناجمة عن تغير المناخ.
ونجحت الدول الناشئة في إدراج هذه المسألة رسمياً على جدول أعمال مؤتمر شرم الشيخ.
وسيستغل بايدن زيارته ولقاء نظيره المصري عبد الفتاح السيسي لإثارة قضية حقوق الإنسان.
وبعد "كوب 27"، يتوجه بايدن إلى قمة رابطة دول جنوب شرقي آسيا في كمبوديا خلال عطلة نهاية الأسبوع ومنها إلى إندونيسيا للمشاركة في قمة مجموعة العشرين.