أعادت السلطات الإيرانية المعارض المضرِب عن الطعام حسين رونقي الى السجن غداة إدخاله المستشفى حيث تم تأكيد "استقرار" وضعه الصحي، وفق ما أفاد الموقع الإخباري للسلطة القضائية.
وأورد موقع "ميزان أونلاين" الإلكتروني أن رونقي "خرج من المستشفى بعدما خضع لمعاينة من قبل الأطباء وعاد الى السجن" ليل الإثنين.
وأتى ذلك بعد ساعات من تأكيد الموقع أن رونقي نقل الى المستشفى الأحد "لتفادي أي تدهور في وضعه الصحي ولكي يتلقى علاجا إضافياً"، مؤكداً أن صحته "مستقرة وسيخرج قريبا من المستشفى".
ونفى "ميزان أونلاين" التقارير عن "إصابته بجروح" أو "معاناته من سكتة قلبية لدى وصوله الى المستشفى".
ووزعت السلطة القضائية الإثنين صورة تظهر رونقي طريح الفراش في المستشفى، ووالدته جالسة الى كرسي بقربه.
وأوقف رونقي في 24 سبتمبر (أيلول) وأودع سجن إوين بشمال طهران، وفق ما أفادت عائلته في وقت سابق، مبدية قلقها على حياته نظراً لمعاناته من مشاكل صحية لاسيما في الكلى.
كما أفادت العائلة أن رونقي تعرّض لكسر في ساقيه أثناء تواجده في السجن، وهو ما نفاه "ميزان" أمس الإثنين.
ووفق شقيقه حسن، قرر رونقي (37 عاماً) المضرب عن الطعام، التوقف عن شرب الماء اعتباراً من السبت احتجاجاً على رفض السلطات الإفراج عنه لتلقي العلاج.
وسبق لحسين رونقي أن نشر في صحف منها "وول ستريت جورنال" الأميركية، مقالات تنتقد سلطات إيران.
ودعا مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان الإثنين الى وقف "التعذيب والمعاملة السيئة للسجناء السياسيين" مثل رونقي في إيران.
كذلك عبرت الولايات المتحدة عن قلقها الإثنين، 14 نوفمبر (تشرين الثاني)، بشأن تقارير عن اعتقالات جماعية ومحاكمات صورية وحكم بالإعدام على متظاهرين في إيران، وقالت إن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة يجب ألا تمر من دون عواقب.
وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، في بيان، "الولايات المتحدة، التي تقف إلى جانب شركائنا وحلفائنا في جميع أنحاء العالم، ستواصل السعي لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات من خلال العقوبات وغيرها من الوسائل".
ورحب بالعقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
عقوبات إضافية
,فرض الاتحاد الأوروبي الإثنين عقوبات إضافية على إيران استهدفت 29 فرداً وثلاث منظمات رداً على ما تراه استخدام طهران للقوة على نطاق واسع ضد محتجين سلميين. ومن بين المشمولين بحظر تأشيرات وتجميد أصول وزير الداخلية أحمد وحيدي، وتلفزيون "برس تي في" الرسمي المتهم ببث "اعترافات قسرية لمعتقلين"، حسبما جاء في بيان للاتحاد الأوروبي.
وقال جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في بيان، "نقف مع الشعب الإيراني وندعم حقه في الاحتجاج السلمي والتعبير عن مطالبه وآرائه بحرية".
وجاء في بيان للاتحاد الأوروبي أن من بين الذين فرضت عليهم عقوبات بحظر السفر وتجميد الأصول أربعة أعضاء من الفرقة التي اعتقلت مهسا أميني التي توفيت لاحقاً في مقر لشرطة الأخلاق، وأعضاء بارزون في الحرس الثوري ووزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي.
بريطانيا تفرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين
وفي السياق، فرضت بريطانيا الإثنين عقوبات على مسؤولين إيرانيين، بينهم وزير بالحكومة، بسبب ما وصفته "بقمع عنيف للاحتجاجات" في البلاد.
وذكرت وزارة الخارجية البريطانية في بيان أن العقوبات تشمل وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عيسى زارع بور ومجموعة من مسؤولي إنفاذ القانون والأمن.
وقال وزير الخارجية جيمس كليفرلي، "تستهدف هذه العقوبات مسؤولي النظام الإيراني الذين يتحملون مسؤولية ارتكاب انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان". وأضاف "بالتعاون مع شركائنا، أرسلنا رسالة واضحة إلى النظام الإيراني مفادها بأن الحملة العنيفة ضد الاحتجاجات يجب أن تتوقف وأن حرية التعبير يجب أن تحترم".
مقتل عنصر أمن إيراني
وتوفي عنصر من قوات التعبئة (الباسيغ) متأثراً بجروح أصيب بها جراء إطلاق نار عليه قبل زهاء شهر، وفق ما أفاد مسؤول إيراني الإثنين.
وتعرض حسن براتي، أحد عناصر قوات التعبئة المرتبطة بالحرس الثوري، إلى إطلاق نار من قبل "مثيري شغب وعناصر مناهضين للثورة أثناء قيامه بالتحقق من وثائقهم الشخصية" في مدينة مشهد (شمال شرقي) في 14 أكتوبر (تشرين الأول)، وفق ما أفاد به مهدي حسن زاده نامقي، المسؤول في مؤسسة الشهيد وشؤون المضحين في محافظة خراسان الرضوية.
وأضاف إن براتي "استشهد متأثراً بجروحه بعد شهر" في المستشفى.
وكانت وسائل إعلام محلية نقلت عن مصادر أمنية في المحافظة، ومركزها مدينة مشهد، تأكيدها أن المعتدين على براتي تم "تحديدهم والقضاء عليهم" غداة إطلاقهم النار عليه في وقت تشهد إيران منذ 16 سبتمبر (أيلول) احتجاجات في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني.
وقضى عشرات، بينهم عناصر من قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات واعتبر مسؤولون جزءاً كبيراً منها "أعمال شغب". ووجه القضاء تهماً لأكثر من ألفي موقوف على خلفية التحركات.
ماكرون يلوح بتغليظ العقوبات
من جانبه وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإثنين، الاحتجاجات في إيران بأنها "ثورة" وقال إن القمع الذي يمارسه القادة الإيرانيون "سيجعل الاتفاق لإحياء الاتفاق النووي أكثر صعوبة".
وأضاف ماكرون خلال مقابلة مع "راديو فرانس إنتر"، وبعد أن التقى مع أربع ناشطات إيرانيات في مطلع الأسبوع، أنه مؤيد لتغليظ العقوبات على المسؤولين الإيرانيين بسبب قمعهم المتظاهرين.
وقال الرئيس الفرنسي خلال المقابلة "يحدث شيء لم يسبق له مثيل". وتابع قائلاً "قام أحفاد الثورة بثورة".
وتدهورت العلاقات بين فرنسا وإيران في الأشهر الماضية، إذ توقفت جهود إحياء المحادثات النووية، التي تمثل فرنسا أحد أطرافها.
وقال ماكرون إنه لا يعتقد أنه ستكون هناك أي مقترحات جديدة يمكن تقديمها لإحياء الاتفاق وإن إطار عمل جديداً سيلزم على الأرجح لمعالجة المسألة.
وأضاف "تغير هذه الثورة أشياء كثيرة". وتابع "لا أعتقد أنه ستكون هناك أي مقترحات جديدة يمكن تقديمها الآن (لإنقاذ الاتفاق النووي)".
وانتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ماكرون السبت بعد أن التقى مع الناشطات. ووصف موقفه بـ"المخزي" وقال إنه مخالفة لمسؤولية فرنسا في الحرب على الإرهاب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا عقوبات على إيران. وقال دبلوماسيون ومسؤولون إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيفرضون عقوبات جديدة على إيران الإثنين.
وترك ماكرون الباب مفتوحاً أمام الاتحاد الأوروبي لتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.
وقال ماكرون "بعضنا يطالب بفرض عقوبات مستهدفة بخاصة على الحرس الثوري الإيراني وأفراد النظام".
وعندما سئل عما إذا كان سيدعم تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية، قال ماكرون إنه يتعين بحث المسألة مع تطور الأمور.
وقال ماكرون إنه سيواصل التحدث مع قادة إيران، وسيضغط من أجل عقد اجتماع إقليمي بحلول نهاية العام، بما يشمل إيران، لمحاولة إحياء الحوار وإيجاد إطار عمل أشمل للمحادثات النووية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي السبت إن مواطنين فرنسيين محتجزان في إيران، مما يجعل إجمالي الفرنسيين المحتجزين هناك سبعة مواطنين.
جلسة أممية
وأعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الإثنين، أنه سيعقد جلسة عاجلة في وقت لاحق من هذا الشهر في شأن الوضع في إيران التي هزتها أسابيع من الاحتجاجات.
وقالت أعلى هيئة حقوقية في الأمم المتحدة إن جلسة خاصة في شأن "تدهور وضع حقوق الإنسان" في إيران ستعقد في 24 نوفمبر.
ويأتي القرار بعد طلب قدمه بهذا الشأن سفيرا ألمانيا وأيسلندا لدى الأمم المتحدة في ساعة متأخرة الجمعة.
ويتعين أن يحصل الطلب على دعم 16 عضواً في المجلس المكون من 47 عضواً، أي أكثر من الثلث، كي تعقد جلسة خاصة خارج الجلسات الثلاث العادية السنوية.
وحتى الآن حصل الطلب على تأييد 44 دولة، من بينها 17 عضواً في المجلس.
"تحقيق مسهب"
من ناحية أخرى، أمر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي بفتح "تحقيق مسهب" في أحداث سيستان بلوشستان جنوب شرقي إيران، وفق ما أفاد رئيس وفد بعث به إلى المحافظة التي شهدت أعمال عنف خلال الأسابيع الماضية.
وعرفت المحافظة، وخصوصاً مركزها مدينة زاهدان، توترات خلال الأسابيع الماضية، أتت في وقت تشهد إيران منذ 16 سبتمبر (أيلول)، احتجاجات على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران، على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
وشهدت زاهدان أحداثاً دامية في 30 سبتمبر راح ضحيتها عشرات بينهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني. ومنذ ذلك التاريخ، تسجل مسيرات وتوترات أسبوعية بعد صلاة الجمعة في المحافظة الحدودية مع باكستان وأفغانستان، التي تقطنها نسبة كبيرة من السنة.
وأفادت وسائل إعلام محلية، الأحد، أن وفداً مرسلاً من مكتب المرشد الأعلى يتقدمه حجة الإسلام محمد جواد حاج علي أكبري، رئيس مجلس أئمة الجمعة في إيران، التقى شخصيات في زاهدان.
ومن أبرز من التقاهم الوفد إمام الجمعة للسنة في زاهدان مولوي عبدالحميد، الذي سبق أن حمل "كل المسؤولين ومن يديرون شؤون البلاد" المسؤولية عما حصل في المدينة.
وأفادت وكالة "إرنا" الرسمية أن حاج علي أكبري أبلغ مولوي عبد الحميد أن خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا للجمهورية الإسلامية، "أمر بفتح تحقيق مسهب في الأحداث الأخيرة التي وقعت في هذه المحافظة والعمل على أساس الحقائق".
وأضاف "لن يتم التسامح مع الذين أساءوا إلى الأمن القومي وارتكبوا جرائم ويجب معاقبتهم ومحاكمتهم، لأن أمن المجتمع هو الخط الأحمر لجميع الأنظمة وتحت أي ظرف من الظروف لن يسمح قائد الثورة بتضييع حق أحد".
وأكد أن خامنئي "يرى أن التحقيق يجب أن يكون مبنياً على معايير العدل والشريعة".
وكان حاج علي أكبري أكد الأحد أن الوفد يزور المحافظة الواقعة في أقصى جنوب شرقي الجمهورية الإسلامية، من أجل "إبلاغ تحيات قائد الثورة الإسلامية" إلى أهلها وشخصياتها، ونقل "حزن سماحته وانزعاجه من الأحداث التي حدثت ونوضح التدابير الممتازة التي اتخذها لحل المشكلات والإجراءات التكميلية".
ونقلت "إرنا" عن حاج علي أكبري قوله إن "الأشخاص الأبرياء الذين تم التعرض إليهم سيعدون بمثابة شهداء".
وكان مسؤولون إيرانيون أفادوا بعيد حصول أحداث زاهدان، أنها كانت نتيجة لهجوم مسلحين على مراكز لقوات الأمن.
من جهتها، أشارت شخصيات محلية إلى توتر سببه أنباء عن تعرض فتاة "للاغتصاب" من قبل مسؤول في شرطة المحافظة، وأن قوات الأمن "أطلقت" النار على متجمعين قرب مسجد في زاهدان.
وأواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أقال مجلس الأمن في المحافظة مسؤولين في الشرطة بينهم قائدها في زاهدان، على خلفية "إهمال" من قبل ضباط أدى إلى "جرح ووفاة عدد من المواطنين الذين كانوا يؤدون الصلاة، ومشاة أبرياء لم يكن لهم أي ضلوع" في الأحداث.
ومنذ ذلك الحين، غالباً ما تشهد المحافظة مسيرات احتجاجية وتوترات أسبوعية في أعقاب صلاة الجمعة.
وفي التاسع من نوفمبر الحالي، أفاد الإعلام الرسمي الإيراني عن تعيين العميد محمد قنبري قائداً لشرطة المحافظة خلفاً للعميد أحمد طاهري الذي كان يتولى المنصب منذ أكتوبر 2020، من دون تقديم تفاصيل في شأن دوافع هذا التغيير.
حقوق الإنسان
وسُجنت الناشطة الحقوقية الألمانية - الإيرانية ناهد تقوي مجدداً بعد أن كان سمح لها في يوليو (تموز) بمغادرة السجن في إيران لتلقي علاج طبي بحسب ما أعلنت ابنتها، الأحد 13 نوفمبر (تشرين الثاني).
وكتبت مريم كلارين على "تويتر"، "على رغم أنها لم تستكمل علاجها الطبي، أجبرت والدتي ناهد تقوي على العودة إلى سجن إيفين، الأحد نوفمبر".
وتقوي (67 سنة) التي تناضل منذ سنوات من أجل حقوق الإنسان في إيران، وبخاصة النساء، اعتقلت في شقتها بطهران، في 16 أكتوبر (تشرين الأول)، 2020 وفقاً لمنظمة الجمعية الدولية لحقوق الإنسان غير الحكومية. والمهندسة المتهمة بـ"تعريض أمن الدولة للخطر" حكم عليها، في أغسطس (آب) 2021، بالسجن 10 سنوات وثمانية أشهر بتهمة الانتماء إلى جماعة غير مشروعة وللدعاية ضد النظام. وتعاني الناشطة انزلاقات غضروفية عدة في الرقبة والظهر ومتلازمة النفق الرسغي في اليد اليسرى، وفق ما تقول ابنتها، وكذلك تعاني مرض السكري من النوع الثاني، وتدهورت صحتها في شكل حاد بعد إصابتها بـ"كوفيد-19" في يوليو 2021.
وسط هذه الأجواء يلتقي، الإثنين، في بروكسل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، إذ من المقرر أن يفرضوا مزيداً من العقوبات على إيران رداً على ما دانه الاتحاد من استخدام طهران القوة على نطاق واسع ضد المحتجين السلميين.
وفي الجولة الأولى من العقوبات في أكتوبر، فرض الاتحاد الأوروبي حظر سفر وتجميد أصول على 15 فرداً ومؤسسة من إيران لهم صلة بوفاة الشابة وتضييق الخناق على الاحتجاجات.
وقال دبلوماسيان، مطلع الأسبوع، إن الحزمة الجديدة ستشهد 31 تصنيفاً لانتهاكات حقوق الإنسان تستهدف الأفراد والكيانات وتشمل فرض حظر على الأصول وتجميد السفر.
في المقابل، أكدت إيران على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها الإثنين، حيازتها "أدلة" على ضلوع موقوفين أجانب في "أعمال شغب" تشهدها البلاد على هامش احتجاجات أعقبت وفاة مهسا أميني.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني "في ما يتعلق بالتدخلات التي أدت إلى إلحاق الضرر بإيران، أو في ما يتعلق بأداء مواطني الدول التي ارتكبت جرائم في إيران، أو لعبت دوراً في أعمال الشغب وتم القبض عليها، سنتخذ الإجراءات اللازمة".
وأضاف في مؤتمر صحافي "تم استدعاء سفراء بعض الدول وتقديم الأدلة اللازمة على صلة مواطنيهم بالاحتجاجات، وتم طلب الحصول على الإجابة من مراكزهم".
وأكد أن "إيران اتخذت الإجراءات اللازمة في إطار الدبلوماسية وواجبات الأجهزة الأمنية في هذا الصدد وستواصل متابعة الإجراءات اللازمة في إطار الآليات الدولية في الوقت المناسب"، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية.
واستدعت الخارجية الإيرانية خلال الأسابيع الماضية سفراء دول أوروبية مثل المملكة المتحدة وألمانيا والدنمارك والنرويج، لإبلاغهم احتجاج طهران على مواقف اتخذتها دولهم.
تجسس على المعارضين
وفي وقت تتواصل فيه الاحتجاجات الغاضبة في أنحاء إيران على رغم تزايد حملات القمع، كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي عن استخدام النظام في إيران لمحققين خاصين للتجسس على المعارضين في الولايات المتحدة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها.
وأكد محققو مكتب التحقيقات وجود محققين خاصين تابعين لإيران بشكل متزايد في عدة ولايات أميركية منها نيويورك وكاليفورنيا.
وأضافوا أن إيران تستعين بالمحققين لمعرفة مكان إقامة الأشخاص وهوياتهم، وكذلك تحديد أرقام هواتف ومقر عمل المعارضين. وأوضح المحققون أن المخابرات الإيرانية حاولت اختطاف الصحفية الإيرانية - الأميركية البارزة، مسيح علي نجاد.
من جانبها، ذكرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أن مئات الصحافيين والنشطاء السياسيين وغيرهم الذين يتحدثون علناً ضد النظام الإيراني من بريطانيا تلقوا رسائل من شرطة مكافحة الإرهاب في الأشهر الأخيرة تحذرهم من استدراجهم للعودة إلى إيران والحكم عليهم بالإعدام.
وكانت صحيفة "ديلي تلغراف" قد أعلنت عن اكتشاف "فريق اغتيال إيراني" قالت إنه هدد حياة صحافيين اثنين يعملان لصالح "إيران إنترناشيونال" في لندن.
ووفقاً للصحيفة البريطانية، بعد أن شوهد "فريق مراقبة إيراني معاد" خارج منزل ومكتب هذين الصحافيين، الأسبوع الماضي، ارتفع مستوى التهديد وأصبح هذان الصحافيان الآن يتمتعان بحماية على مدار 24 ساعة.
ونشر تقرير هذه الصحيفة بعد فترة وجيزة من نشر قناة "إيران إنترناشيونال" التلفزيونية بياناً حول التهديدات الموثوقة التي تلقاها صحافيوها من الحرس الثوري الإيراني.
وكان وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب قد حذر بريطانيا من أنها ستدفع ثمن محاولات "زعزعة الأمن" في إيران، وذلك على خلفية دعمها الاحتجاجات التي تلت وفاة مهسا أميني.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية، الجمعة، إن بريطانيا استدعت القائم بالأعمال الإيراني لديها بسبب ما قيل عن تهديدات وجهتها قوات أمن إيرانية لصحافيين في بريطانيا.
وقضت محكمة إيرانية بإعدام شخص لإدانته بالضلوع في "أعمال شغب" بطهران، وفق ما أفاد موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية، الأحد، في أول عقوبة قصوى تصدر على خلفية الاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني.
وأضاف أن خمسة متهمين آخرين نالوا أحكاماً بالسجن ما بين خمسة وعشرة أعوام، لإدانتهم بـ"التجمع والتآمر بهدف ارتكاب جرائم ضد الأمن الوطني" و"الإخلال بالنظام والممتلكات العامة". وأكد أن كل الأحكام صادرة عن محكمة البداية وقابلة للاستئناف.
وسبق للسلطة القضائية أن أعلنت توجيه الاتهام الى أكثر من ألفي شخص على خلفية الاحتجاجات، يواجه عدد منهم تهماً قد تصل عقوبتها للإعدام.
وفي وقت سابق، الأحد، أفادت وسائل إعلام إيرانية عن توجيه القضاء الاتهام إلى نحو 800 شخص لضلوعهم في "أعمال شغب وقعت أخيراً" في محافظات هرمزكان (جنوب) وأصفهان ومركزي (وسط).
ونقل "ميزان" عن المدعي العام في هرمزكان إعلانه توجيه الاتهام إلى 164 شخصاً "متهمين (بالضلوع) في أعمال الشغب الأخيرة ضد الأمن" في المحافظة. وهم متهمون بـ"التجمع والتآمر ضد أمن البلاد" و"الدعاية ضد النظام" و"الإخلال بالنظام العام" و"الشغب" و"التحريض على القتل" و"إصابة عناصر أمن بجروح" و"إلحاق الضرر بالأملاك العامة".
من جهته، أشار المدعي العام في محافظة أصفهان إلى 316 قضية على صلة بأعمال "الشغب" الأخيرة، بينما أعلن المدعي العام في محافظة مركزي توجيه الاتهام إلى 276 شخصاً، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "إرنا".
ودعا متخصصون في مجال حقوق الإنسان بالأمم المتحدة إيران، الجمعة، إلى وقف توجيه اتهامات تصل عقوباتها للإعدام بحق أشخاص شاركوا في الاحتجاجات، وحضوا السلطات على "الإفراج فوراً" عمن تم توقيفهم على هامش هذه التحركات.
واندلعت في إيران اعتباراً من 16 سبتمبر (أيلول) احتجاجات في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني (22 سنة) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
دعوات إلى التظاهر في ذكرى احتجاجات 2019
دعا ناشطون إيرانيون إلى تظاهرات واسعة في عدة مدن إيرانية، في ذكرى مرور ثلاثة أعوام على حملة قمع دامية لاحتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود.
وتأتي هذه الدعوة لإحياء ذكرى قتلى تظاهرات عام 2019، أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء في وقت تشهد فيه إيران احتجاجات غاضبة في أنحاء البلاد.
ونشرت الناشطة نيجين شيراغاي على حسابها بـ"تويتر" إشعاراً من ناشطين مجهولين جاء فيه "لنجتمع في 15 نوفمبر، ولنحتل أحد الطرق السريعة في طهران. الشوارع لنا".
ووجه ناشطون شباب مجهولون دعوات مشابهة في مدن على غرار الأهواز وبابل وأصفهان ومشهد وتبريز، وغيرها. وقالوا، وفق ما ذكرت محطة "إيران إنترناشيونال" التلفزيونية التي مقرها في لندن، "سنبدأ في المدارس الثانوية والجامعات والأسواق وننتقل إلى التجمعات في الأحياء، ثم إلى الساحات الرئيسة في المدن".
وبدأت سلسلة الاحتجاجات التي هزت إيران في عام 2019 بعد إعلان مفاجئ عن رفع أسعار الوقود بنسبة 200 في المئة.
وشهدت مرحلة الاضطرابات في إيران منذ 15 نوفمبر 2019 مهاجمة مراكز الشرطة ونهب متاجر وإحراق مصارف ومحطات وقود، بينما قطعت السلطات الاتصال بشبكة الإنترنت لمدة أسبوع.
وقالت منظمة العفو الدولية إن 304 أشخاص على الأقل قتلوا خلال التظاهرات عام 2019.
وقالت محكمة في لندن عقدت هذا العام بطلب من مجموعات حقوقية مختلفة إن أدلة المتخصصين تشير إلى أن العدد الفعلي للقتلى ربما يكون أكبر بكثير، وقد يصل إلى 1515 شخصاً.
وفي حملة قمع التظاهرات التي تشهدها إيران منذ سبتمبر 2022، قتل 326 شخصاً على الأقل، بحسب ما أكدت، السبت، منظمة حقوق الإنسان في إيران غير الحكومية التي مقرها في أوسلو.
ولجأت السلطات الإيرانية الى مجموعة من الأساليب في محاولة لقمع هذه الاحتجاجات التي استحالت أكبر تحدٍ للقيادة الدينية منذ عام 1979.