خسرت بريطانيا مكانتها باعتبارها أكبر سوق للأسهم في أوروبا، مع تخطي باريس للندن في هذا الصدد للمرة الأولى منذ بدء السجلات عام 2003.
وفي حين يستعد رئيس الوزراء ريشي سوناك ووزير ماليته جيريمي هانت للإعلان عن عشرات المليارات من الجنيهات الاسترلينية في زيادات ضريبية وتخفيضات في الإنفاق العام في بيان الخريف الذي يصدر الخميس، لاحت مخاوف في شأن النمو في الأفق بعد تراجع بريطانيا عن القمة.
ووفق وكالة "بلومبيرغ"، تجاوزت الاثنين القيمة السوقية المجمعة للإدراجات الأولية في بورصة باريس (2.823 تريليون دولار) تلك المدرجة ببورصة لندن (2.821 تريليون دولار) – إذ أغلقت أخيراً فجوة كانت تبلغ نحو 1.5 تريليون دولار وما انفكت تضيق منذ الاستفتاء على بريكست.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورداً على ذلك، أعرب عضو غادر أخيراً لجنة السياسة النقدية التابعة لبنك إنجلترا [مصرف بريطانيا المركزي] – التي تحذر من أطول ركود قد تشهده المملكة المتحدة منذ عشرينيات القرن العشرين – عن أسفه لأن مغادرة الاتحاد الأوروبي "ألحقت ضرراً دائماً" ليس فقط بالقلب التجاري للندن، بل أيضاً بـ"اقتصاد المملكة المتحدة ككل".
جاء هذا التحول التاريخي الاثنين في وقت تلقت الأسهم الفرنسية دعماً من التفاؤل بالطلب على البضائع الفرنسية الفاخرة استجابة للتخفيف الطفيف للقيود التي فرضتها الصين بسبب "كوفيد-19"، في حين أدى الانخفاض الأكثر حدة أمام الدولار في قيمة الجنيه مقارنة بقيمة اليورو هذا العام دوراً أيضاً، وفق "بلومبيرغ".
وعلى رغم أن مؤشر "فايننشال تايمز 100" FTSE 100 البريطاني للأسهم ظل مستقراً نسبياً هذا العام، لأسباب منها عوائد التصدير التي تعززت بانخفاض الجنيه، انخفضت قيمة مؤشر "فايننشال تايمز 250" FTSE 250 – الذي يضم شركات أصغر حجماً ومتوسطة الحجم – بنسبة 17 في المئة.
وتغذى هذا الهبوط على مخاوف من فواتير الطاقة ومعدلات الفائدة المتزايدة، علماً بأن الأخيرة ارتفعت في أعقاب الميزانية المصغرة المأساوية التي أعدتها ليز تراس، وأفزعت المستثمرين بسبب التخفيضات الضريبية غير الممولة المعلنة بسرعة.
وبحلول الأسبوع الرابع من ولاية السيدة تراس كرئيسة للوزراء، خسرت أسواق الأسهم والسندات البريطانية ما يقرب من 500 مليار دولار من القيمة المجمعة، بحسب "بلومبيرغ".
والآن يسعى خليفتها، السيد سوناك، إلى استعادة مصداقية المملكة المتحدة الاقتصادية من خلال سلسلة من الزيادات الضريبية والتخفيضات في الإنفاق – ما أثار مخاوف من أثر تحرك كهذا في النمو الاقتصادي والخدمات العامة التي تعاني بالفعل من عقد كامل من التقشف.
وفي معرض حديثه عن أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية التي أظهرت أن اقتصاد بريطانيا هو الوحيد بين اقتصادات مجموعة الدول السبع الذي تقلص في غضون الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر (أيلول)، قال وزير المالية الجمعة إنه "يدرك حقيقة الوضع المتمثل في وجود طريق عصيبة أمامنا" تتطلب اتخاذ "قرارات بالغة الصعوبة لاستعادة الثقة والاستقرار الاقتصادي".
وأصر السيد هانت قائلاً، "لكن لتحقيق نمو مستدام بعيد الأجل، نحتاج إلى السيطرة على التضخم، وموازنة الحسابات، وخفض الديون"، مضيفاً "لا توجد وسيلة أخرى".
لكن مايكل سوندرز – الاقتصادي الذي عمل حتى أغسطس (آب) ست سنوات عضواً من الأعضاء التسعة في لجنة بنك إنجلترا المسؤولة عن تحديد معدلات الفائدة – اقترح الاثنين "أننا ربما ما كنا لنتحدث عن ميزانية تقشفية هذا الأسبوع" لولا بريكست.
وفي وصفه فترة "مليئة بالتحديات" التي تشمل التصويت على بريكست، وتراجع قيمة الجنيه الاسترليني، وعدم اليقين السياسي، وجائحة كورونا، اقترح السيد سوندرز أن "الإرث الرئيس المحتمل" لهذا هو أن "الناتج المحتمل للاقتصاد – أي ما يمكنه إنتاجه من دون توليد تضخم – كان ضعيفاً".
واستشهد بتقرير صدر أخيراً عن بنك إنجلترا يشير إلى أن الناتج المحتمل للاقتصاد قد يسجل نمواً أقل من واحد في المئة سنوياً في المستقبل القريب، وأضاف: "هذا يعني ضمناً انخفاض مستويات المعيشة ومعركة مستمرة حول ما إذا كان من الواجب زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق العام".
© The Independent