سجلت تونس ارتفاعاً في قائم الدين العمومي مقابل انخفاض في نسبة المديونية بالنظر إلى الناتج القومي الخام، بينما زادت خدمة الدين الداخلي بحساب الانزلاق السنوي على حساب الدين الخارجي بحكم طبيعة كتلة الدين التي حل سدادها في حين لم يسجل تخلف عن سداد الديون الداخلية والخارجية على رغم الصعوبات المالية التي تواجهها البلاد.
وتراجع عجز الموازنة إلى 3 مليارات دينار (937 مليون دولار) في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022 مقابل 3.3 مليار دينار (1.03 مليار دولار) في الأشهر التسعة الأولى من 2021 وفق وزارة المالية التونسية، علماً أن البلاد لم تتمكن من تعبئة الموارد الخارجية التي تحتاج إليها لإغلاق موازنة عام 2022 وقدرها 9.3 مليار دينار (2.9 مليار دولار).
وتواصل العجز البالغ 6.7 في المئة من الموازنة وحجمها 57.2 مليار دينار (17.87 مليار دولار) وفق التقديرات، في حين انحصرت موارد الاقتراض في السنة الحالية على سندات الخزانة والقرض الوطني داخلياً وسحوبات قروض خارجية لدعم الموازنة من قبل مؤسسات مانحة واتفاقات ثنائية وقروض خارجية موظفة لمشاريع الدولة من دون التمكن من الخروج إلى السوق المالية على رغم أن تقديرات الاقتراض من السوق عام 2022 بحسب وزارة المالية التونسية بلغت 2.75 مليار دينار (859 مليون دولار).
60.2 في المئة من القروض متعددة الأطراف
بلغ حجم الدين العمومي 109.62 مليار دينار (34.25 مليار دولار) في الأشهر التسعة الأولى من السنة الراهنة ما يمثل نسبة 78.5 في المئة من الناتج القومي الخام متجاوزاً قائم الدين لعام 2021 الذي كان في حدود 101.24 (31.63 مليار دولار) في الفترة نفسها، لكن نسبة الدين من الناتج القومي الخام كانت أرفع في السنة المنقضية بنسبة 79.7 في المئة بحساب الانزلاق السنوي.
ويذكر أن السنتين الأخيرتين شهدتا ارتفاعاً في حجم المديونية بالنظر إلى أن قائم الدين بلغ 93 مليار دينار (29.06 مليار دولار) عام 2020 بنسبة 77.8 في المئة من الناتج الإجمالي، و83.4 مليار دينار (26.06 مليار دولار) عام 2019 بنسبة 68 في المئة.
ويتكون قائم الدين المعلن عنه في الأشهر التسعة الأولى لعام 2022 من 43.15 مليار دينار (13.48 مليار دولار) ديوناً داخلية، و66.46 مليار دينار (20.7 مليار دولار) ديوناً خارجية. وتمثل الديون الداخلية 36.1 في المئة من مجمل الدين مقابل 63.9 في المئة للدين الخارجي. ويتأتى مجمل الدين العمومي الخارجي للدولة التونسية من 60.2 في المئة من قروض تعاون متعددة الأطراف و22.1 في المئة من السوق المالية و17.7 في المئة من قروض تعاون ثنائي. وتتوزع على 58.6 في المئة من قروض متحصل عليها بعملة اليورو و25 في المئة بالدولار الأميركي وتسعة في المئة بالين الياباني و7.4 في المئة موزعة بين عملات مختلفة.
تنامي خدمة الدين الداخلي
وسددت تونس ما قدره 10.25 مليار دينار (3.2 مليار دولار) من الديون التي حلت آجالها في الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية، وتتكون من 7.2 مليار دينار (2.25 مليار دولار) أصل الدين و3.04 مليار دينار (950 مليون دولار) فوائد. وهي مجموع 6.36 مليار دينار (1.98 مليار دولار) دين داخلي و3.886 مليار دينار (1.214 مليار دولار) دين خارجي.
وقد عرفت خدمة الدين استقراراً من حيث الحجم بحساب الانزلاق السنوي، إذ بلغت 10.2 مليار دينار (3.18 مليار دولار) عام 2021 لكنها بدت متناقضة من حيث طبيعة الدين فقد زاد حجم تسديد الديون الخارجية عام 2021 وبلغ 6.32 مليار دينار (1.97 مليار دولار) مقابل 3.881 مليار دينار (1.21 مليار دولار) دين داخلي.
ومن المفترض أن تسدد تونس 14.35 مليار دينار (4.48 مليار دولار) مع انتهاء عام 2022، وهي تقديرات خدمة الدين لكامل السنة في حين سددت ما قدره 14.79 مليار دينار (4.62 مليار دولار) في السنة المنقضية.
تعبئة موارد خارجية على رغم تدني التصنيف
وصاحب صعوبات التمويل التي عرفتها تونس العجز عن الخروج إلى السوق المالية العالمية بسبب صعود مستوى الدين وحال عدم اليقين التي أدت إليها وارتفاع كلفة الاقتراض التي قدرت بـ25 في المئة بسبب خفض التصنيف الائتماني وهوcaa1 لدى وكالة "موديز" مع آفاق سلبية وCCC لدى وكالة "فيتش".
وانحصرت موارد الاقتراض عام 2022 في السوق الداخلية وقروض خارجية لدعم الموازنة أو لتمويل مشاريع من دون طرح سندات في السوق العالمية. وتمكنت تونس من تعبئة 5.13 مليار دينار (1.6 مليار دولار) من السوق الداخلية بين سندات خزانة بـ2.7 مليار دينار (843 مليون دولار) و844 مليون دينار (263.7 مليون دولار)، وقرض اكتتاب وطني حجمه 1.19 مليار دينار (371 مليون دولار)، واقتراضات داخلية أخرى قدرها 339.9 مليون دينار (106.2 مليون دولار).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما تمت تعبئة 6.159 مليار دينار (1.92 مليار دولار) من السوق الخارجية تكونت من سحوبات على القروض الخارجية لفائدة الموازنة بلغت 4.87 مليار دينار (1.52 مليار دولار) متأتية من قروض لدعم الموازنة من البنك الدولي وقدرها 605.2 مليون دينار (189.12 مليون دولار) والوكالة الفرنسية للتنمية وتساوي 31.8 مليون دينار (9.93 مليون دولار) وبرنامج الدعم الثنائي مع الجزائر وقدره 861.6 مليون دينار (269.2 مليون دولار) وقرض الاتحاد الأوروبي ويبلغ 966.1 مليون دينار (301.9 مليون دولار) والوكالة الألمانية ويساوي 325.6 مليون دينار (101.75 مليون دولار) والبنك الأفريقي للاستيراد والتصدير ويبلغ 2.08 مليار دينار (650 مليون دولار)، إضافة إلى قروض خارجية موظفة لمشاريع الدولة قدرها 1.08 مليار دينار (337 مليون دولار)، وذلك إلى حدود الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية.
ولاحظ المحلل الاقتصادي جمال بن جميع أن ارتفاع سعر صرف العملات مقابل الدينار التونسي، بخاصة اليورو والظروف التي تحيط بالمالية العمومية، يؤديان حتماً إلى ارتفاع قائم الدين العمومي، ومن المرجح أن تسير تونس إلى تسجيل نسبة المديونية المقدرة بقانون المالية لكامل عام 2022 وهي 82.6 في المئة من الناتج الإجمالي بقائم 114.1 مليار دينار (35.65 مليار دولار) بحسب النسق المسجل حالياً، وهي انعكاسات بديهية للأزمة الاقتصادية الخانقة ونقص السيولة والتمويل وانتظار توقيع اتفاق القرض الجديد مع صندوق النقد الذي طال درسه ونقاشه بحيث من المنتظر التصويت عليه من قبل مجلس إدارة الصندوق في شهر ديسمبر (كانون الأول) في انتظار صرف الدفعة الأولى التي لم تحدد بعد.
وأضاف بن جميع "إذا تمكنت تونس من تعبئة بعض التمويلات عن طريق اتفاقات ثنائية أو متعددة الأطراف فهي لن تتمتع بنسب فوائد معادلة للنسب الميسرة لدى المانحين. وفي انتظار ذلك يواصل ارتفاع سعر الدولار واليورو تأثيره في حجم الدين مقابل انحدار سعر الدينار بالنظر إلى تراجع الاستثمار واضطراب الإنتاج وعجز الصادرات عن تغطية قيمة الواردات، وهي معطيات تؤدي إلى صعوبات متعلقة بخدمة كتلة الدين التي أضحت أكبر، سواء تعلقت بأصول الدين أو الفوائد، مما يثقل كاهل موازنة الدولة".
من جانبه، رأى المدير العام السابق للسياسة النقدية في البنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم أن "التحسن الطفيف في نسبة الدين العمومي وانخفاضه إلى 78.5 في المئة في الفترة المذكورة من عام 2022 مقارنة بـ79.7 في المئة في الفترة نفسها من 2021 منشأه ارتفاع حجم الناتج القومي الخام المقدر لعام 2022 الذي من المنتظر أن يبلغ 140 مليار دينار (43.75 مليار دولار). بينما تختلف مؤشرات خدمة الدين وفق طبيعة القروض السابقة التي يتم تسديدها عند حلول الآجال، وإن ارتفعت في السنة المنقضية القروض المسددة بالعملات فقد انخفضت في السنة الحالية إلى النصف في حين تضاعفت خدمة الدين بالعملة المحلية"، ونبه سويلم إلى خلو قائم الدين العمومي من ديون المؤسسات العمومية والقطاع الخاص.