ينظر مراقبون بإيجابية إلى تزايد حجم انتشار التبرع بالقرنيات بعد الوفاة في الأردن، مما يمنح الأمل لكثيرين ممن حرموا نعمة الإبصار، إذ أوصى قرابة 70 ألف شخص بالتبرع بأعضائهم بعد وفاتهم وفق تقديرات رسمية.
وفي عام 2013 دخل الأردن موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية بجمعه 3540 متبرعاً بالقرنية خلال ثماني ساعات، ضمن حملة للتبرع بالأعضاء.
وفي خضم جائحة كورونا على رغم الظروف الصعبة جرى التبرع بـ22 قرنية، لكن الحاجة تبرز أكثر لذلك مع مواجهة الأردنيين نحو 700 حال موت دماغي بسبب حوادث المرور، وهو ما يمكن أن يشكل مصدراً وفيراً للتبرع بالأعضاء عموماً.
زراعة 5 آلاف قرنية
تتحدث الجمعية الأردنية لتشجيع التبرع بالأعضاء عن قرابة 300 قرنية يتم التبرع بها سنوياً بعد الوفاة، الأمر الذي أدى إلى زراعة نحو خمسة آلاف قرنية بشكل ناجح بعد التبرع بها حتى اليوم، وهو ما يوفر ملايين الدنانير هي كلفة استيراد القرنيات من الخارج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول القائمون على الجمعية إن القرنيات بخلاف باقي الأعضاء البشرية تؤخذ بعد الوفاة مباشرة، مما يجعلها أكثر أنواع التبرع رواجاً، بينما توجد حالات قليلة للتبرع بالكلى، وغالباً ما تكون محصورة بين الأقارب.
وتبرز دائرة الإفتاء من بين الجهات التي تشجع الأردنيين على التبرع بأعضائهم، إذ يقول مفتي المملكة عبدالكريم الخصاونة إن من مقاصد التبرع إحياء النفس البشرية، وهي من باب الصدقات في الدين الإسلامي، مشيراً إلى أن الإنسان يمكنه كتابة وصية للتبرع بأعضاء من جسده، ويحق للورثة التبرع بأعضائه كما يحق لهم التبرع بماله.
وتجيز دائرة الإفتاء عمليات التبرع بأعضاء من متوفين كالقرنيات، لكنها تتحفظ على تبرعات أخرى كالكلى من الأحياء لأنها أخطار غير مضمونة العواقب، وفيها محاذير شرعية، إضافة إلى وجود البديل، وهو عمليات غسل الكلى.
ثقافة إحياء الأمل
ولا تزال ثقافة التبرع بالأعضاء عموماً محدودة على رغم كل حملات التوعية والتثقيف، بسبب وجود محاذير وتحفظات اجتماعية ودينية.
في هذا المضمار يقدم المركز الأردني للتبرع بالأعضاء تسهيلات عدة، فبإمكان أي مواطن أردني التبرع بأعضائه من خلال تعبئة استمارة بسيطة، على رغم ذلك يقول مدير المركز عبدالهادي بريزات، إن ثمة نقصاً شديداً في وتيرة التبرع الحالية، إذ تغطي فقط ما بين 20 و25 في المئة من الحاجة الفعلية في الأردن.
منذ سنوات انطلقت حملة "من بعدي حياة" لتشجيع الأردنيين على التبرع، بهدف التخفيف من معاناة المرضى ومنحهم حق العيش بصحة وتعزيز التكافل الاجتماعي.
ويمكن لهذه الثقافة توفير 1400 كلية وقرنية، و700 قلب وكبد ورئة، كفيلة بإنهاء معاناة الآلاف.
وصدر قانون للانتفاع بأعضاء جسم الإنسان في الأردن عام 1977، لكن قبل ذلك بخمس سنوات أجريت أول عملية لزراعة الأعضاء في البلاد عام 1972، حيث تمت زراعة كلية من متوفى، وبعدها بخمس سنوات أجريت أول عملية لزراعة القلب ثم الرئتين لتتوالى بعدها عمليات زراعة الأعضاء.
بنك العيون
في عام 1979 كانت انطلاقة "بنك العيون" ليعمل كحلقة وصل بين الأشخاص الذين يعانون أمراضاً متعلقة بالقرنية والأطباء والعيادات المتخصصة في علاج مثل هذه الأنواع من الأمراض. ولا يقتصر الأمر على الأشخاص المحرومين كلياً من نعمة البصر، ولكن يندرج تحتهم كل الذين يعانون ضعف الإبصار بأنواعه.
ويسهل هذا البنك إجراءات حصول المرضى الراغبين في إجراء عملية زراعة للقرنية على القرنيات المطلوبة بحسب المواصفات والمعايير الطبية المتعارف عليها عالمياً وبسعر مناسب، حيث اعتمد البنك منذ افتتاحه وحتى نهاية عام 1991 على استيراد القرنيات من الخارج، لكن ثمة مرضى غير مقتدرين مالياً يلجأون إلى متبرعين كالطفل عبدالله حواجرة الذي تبرع ذووه بقرنيتيه بعد وفاته في حادثة دهس، محتسبين إياهما صدقة جارية على روحه.