في تصاعد جديد لأزمة قديمة ظلت قائمة على مدار الفترة الماضية والسنوات السابقة، نظم سكان حي الزمالك العريق بالعاصمة المصرية القاهرة وقفة احتجاجية، اعتراضاً على أعمال تتم بكورنيش النيل في منطقة شارع سرايا الجزيرة.
وتتردد أنباء حول وجود نية لإقامة كراج كبير أمام النيل مباشرة في المكان الذي يعد من الأكثر هدوءاً بالزمالك، ولا يتطلب مثل هذه الإنشاءات التي يترتب عليها تدمير الطابع التاريخي وإزالة أشجار معمرة تميزه عن أي منطقة أخرى في القاهرة.
احتجاج "رفيع المستوى"
من أبرز المشاركين في الوقفة الاحتجاجية الأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق عمرو موسى، ووزير التجارة والصناعة السابق منير فخري عبد النور، ووزير الخارجية السباق نبيل فهمي، ورئيس الهيئة العامة للاستثمار السابق زياد بهاء الدين، ووزيرة البيئة السابقة ليلى إسكندر، إضافة إلى حشد كبير من سكان الزمالك الرافضين للمشروع المزمع إقامته.
تقدم عدد من سكان حي الزمالك بشكاوى إلى مجلس الوزراء من أجل المطالبة بوقف تنفيذ المشروع، بينما دشن آخرون صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "الزمالك تنتفض" وأطلقوا عدة "هاشتغات" لدعم مطالبهم.
8 عمارات قديمة
شارع سرايا الجزيرة، الذي يشهد الأزمة الحالية، يضم ثماني عمارات قديمة فقط، وعلى شاطئ النيل يوجد أكثر من باخرة سياحية لكل منها كراجها الخاص، وبنهايته يوجد فندق الماريوت، الذي يعد من أشهر فنادق القاهرة وأكثرها عراقة وله أيضاً كراجه الخاص.
ويتساءل سكان الزمالك عن الحاجة أو الضرورة التي بناء عليها سيتم إضافة كراج جديد، خصوصاً في حال أنه سيؤدي إلى قطع أشجار وتغيير طابع المنطقة التي تعد من الأكثر هدوءاً من دون سبب ملح.
حامد محمود، من سكان الزمالك المشاركين في الوقفة الاحتجاجية، قال إن "القصة بدأت منذ عام 2020 مع الحديث عن إنشاء ممشى على النيل بشكل قيل إنه سيتوافق مع طابع المنطقة، وبعدها بعام عرضت علينا الشركة المنفذة خطة للمشروع وكان يبدو منها أنه سيتم إنشاء حدائق وأكشاك بسيطة ومارينا صغيرة على النيل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "كان لدينا بعض التخوفات من شكل التنفيذ النهائي، لكننا لم نعترض، لنتفاجأ بعدها بإزالة السور الأساسي للكورنيش، وغلق طريق المشاة والبدء في إنشاءات تبدو غير ما شاهدناه سابقاً، ليقال إنه سيتم إنشاء كراج، وبعد مفاوضات وتدخلات من أعضاء مجلس الشعب عن منطقة الزمالك، وجدنا العمل قد تم إيقافه بالفعل ليعود مجدداً منذ نحو أسبوع".
وأشار إلى أن "شارع سرايا الجزيرة من المداخل الرئيسة للزمالك وعرضه لا يتجاوز 10 إلى 12 متراً، وله طابع تاريخي وتراثي وتميزه أشجار قائمة منذ عشرات السنين ولا يحتمل هذا الضغط، لأنه في النهاية سيصب في بقية شوارع الزمالك، التي بدورها ستعاني اختناقات مرورية شديدة.
وأوضح أنه "بشكل عام مطالب السكان هي وقف هذه الإنشاءات، وتقديم رسوم محددة للمشروع المزمع تنفيذه، لخلق حوار مجتمعي مع أهل المنطقة، وإخضاع الأمر للدراسات المرورية والبيئية من أجل تحقيق الصالح العام ومراعاة طبيعتها كمنطقة سكنية بالأساس".
خصوصية الزمالك
لمنطقة الزمالك، التي تعد من أرقي أحياء القاهرة، طابع خاص، فهي إلى جانب بناياتها العريقة، التي كانت محلاً لسكن كثير من الشخصيات المهمة في المجتمع المصري على مدار السنوات مثل السياسيين والفنانين وغيرهم، تضم عدداً كبيراً من السفارات، بالتالي تسكن فيها كثير من الجاليات الأجنبية المقيمة بالقاهرة.
كما تضم عدداً من المؤسسات الثقافية وغاليريهات الفنون التشكيلية، وكثيراً من الكليات الجامعية، مثل كليات الفنون الجميلة والتربية الموسيقية، ويعد كورنيش الزمالك واحداً من أجمل مناطق العاصمة.
ليست الأولى
الأزمة الحالية ليست الأولى التي يشهدها الحي العريق، فقد سبقتها أزمات عدة صاحبت إنشاء محطة لمترو الإنفاق هي الأولى من نوعها بالزمالك.
كما أثيرت أزمة أخرى منذ نحو العامين عندما حدث هبوط لواحدة من العمارات العريقة ذات التاريخ الطويل تعرف بعمارة الشربتلي جراء أعمال حفر في المنطقة استدعى إخلاءها من السكان لحين ترميمها.
دينا ذو الفقار الناشطة البيئية ابنة المخرج الراحل عز الدين ذو الفقار من سكان الزمالك ومن المشاركات في الوقفة الاحتجاجية، قالت "لا نعلم تحديداً ما هو المشروع الذي سيتم إنشاؤه في هذه المنطقة، فهل سيكون كراج أم سيكون ممشى على غرار ممشى أهل مصر، الذي تم تنفيذه على الضفة الأخرى من النيل؟".
وأضافت لـ"اندبندنت عربية"، "لا أحد لديه معلومة مؤكدة، وإن كان كلاهما لا يتوافق تماماً مع الطابع العام لهذه المنطقة، التي لها خصوصية وتميز عن جميع مناطق القاهرة، فالزمالك هي جزيرة بالأساس وشارع سرايا الجزيرة من أقدم شوارعها، وهو منطقة في غاية الهدوء بها عدد محدود من البنايات وبعض السفن السياحية على النيل".
وأشارت إلى أن "مطالب سكان الزمالك، التي تم إعلانها وتم التأكيد عليها خلال الوقفة الاحتجاجية، هي الحفاظ على طابع المنطقة، وعدم قطع الأشجار التي تميز كورنيش النيل في شارع سرايا الجزيرة وتجعله من أجمل شوارع القاهرة، والاستعانة بخبراء لقياس مدى الضرر الذي سينتج من هذا المشروع على جميع المستويات".
