شل إضراب حركة النقل البري في العاصمة تونس، وتوقفت حركة تسيير المترو والحافلات، الإثنين الثاني من يناير (كانون الثاني)، بعد أن بدأ موظفو شركة "نقل تونس" المملوكة للدولة إضراباً للاحتجاج على التأخر في دفع المكافآت والأجور، في أول تحرك مناهض لحكومة الرئيس قيس سعيد هذا العام.
ويلقي الإضراب الضوء على المشكلات المالية الصعبة التي تواجهها الشركات العامة التي توشك على الإفلاس، بينما تعاني الحكومة أسوأ أزمة مالية.
وقالت المتحدثة باسم شركة "نقل تونس" حياة الشمتوري، إن "النقابة تحتج على التأخير في دفع الأجور والمكافآت". وأضافت، "الوضع في الشركة صعب".
وإضراب النقل هو استعراض قوة من الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يتمتع بتأثير قوي، وتعهد تنظيم سلسلة احتجاجات.
وفي ساحة القصبة، قرب مكتب رئيسة الوزراء، تجمع مئات من موظفي شركة "نقل تونس" للمطالبة بصرف مستحقاتهم، ورفعوا شعار "نريد حقوقنا. لا نطلب مزية".
وقال وجيه الزيدي الكاتب العام لجامعة النقل التابعة لاتحاد الشغل، إن "الإضراب سيكون مفتوحاً حتى تتحقق مطالب موظفي الشركة. الموظفون لديهم التزامات، وبعضهم يجد نفسه غير قادر على سداد قروضه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأقر الاتحاد، الذي يضم أكثر من مليون عضو، الأسبوع الماضي، إضراباً ليومين لعمال النقل الجوي والبري والبحري في 25 و26 يناير احتجاجاً على ما وصفه بـ"تهميش الحكومة للشركات العامة".
وفجر إضراب النقل، الإثنين، غضباً عارماً بين آلاف الأشخاص الذين لم يجدوا وسائل للتنقل في العاصمة.
وقالت امرأة اسمها نجيبة وهي تنتظر في محطة الحافلات، "اليوم لا نجد حليباً، ولا زيتاً ولا سكراً ولا قهوة. اليوم لا نجد حافلات تقلنا إلى العمل. أصبحنا نعيش جحيماً لا يطاق".
وفي حي الانطلاقة في العاصمة قطع محتجون الطريق تعبيراً عن الغضب من الإضراب.
تأخر المنح لا الرواتب
من جانبها، أعربت وزارة النقل في بيان عن أسفها لهذا "الإضراب الذي شل شبكة الحافلات وقطارات الترام والقطارات في ضواحي تونس الكبرى، مما عرقل حسن سير الخدمات العامة وأضر بمصالح المواطنين".
وأكدت أن الرواتب صرفت في 29 ديسمبر (كانون الأول)، وأن "الأسباب الحقيقية لتوقف العمل اليوم هي مطالب مالية مختلفة على شكل منحة سنوية تقدر بنحو 16 مليون دينار (4.8 مليون يورو) لفائدة 7073 موظفاً".
وأشارت إلى أن هذه المنحة كانت على وشك السداد، مؤكدة أن "ترانستو"، "بالتنسيق مع الجهات المعنية المختلفة، ستعمل على منع أي تعطيل" للخدمة إذا استمرت النقابات في حراكها الاحتجاجي.
احتجاجات سابقة
وكان العاملون في الشركة قد نظموا إضراباً أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي خلال العطلة المدرسية التي تتنقل فيها عديد من العائلات ضمن العاصمة.
وتدير "ترانستو" حالياً 250 حافلة و15 تراماً وقطاراً لربط العاصمة بمنطقة تونس الكبرى التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليوني نسمة.
وترزح تونس تحت عبء ديون تتجاوز 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتمكنت في منتصف أكتوبر من الحصول على موافقة مبدئية من صندوق النقد الدولي لصرف قرض جديد لها بنحو ملياري دولار، لكنها ما زالت تنتظر الموافقة النهائية.
في المقابل، التزمت الحكومة إصلاحات أهمها التخلي التدريجي عن دعم المنتجات الأساسية، وخصوصاً المحروقات والكهرباء، وإعادة هيكلة المؤسسات العامة التي تحتكر قطاعات النقل والمياه والطاقة والحبوب والأدوية.
وقال وزير الاقتصاد سمير سعيد، الشهر الماضي، إن تونس ستواجه عاماً صعباً مع معدل تضخم سيتجاوز 10 في المئة، وأضاف أن الحكومة لا بديل لها عن اتفاق مع صندوق النقد.
وسيشكل الإضراب ضغطاً على حكومة الرئيس قيس سعيد، الذي يواجه معارضة متنامية بعد 17 شهراً من سيطرته على سلطات تنفيذية في خطوة وصفها خصومه بأنها انقلاب.