في الوقت الذي واصل فيه البنك المركزي الأميركي رفع أسعار الفائدة لاحتواء موجة التضخم التي تطارد أكبر اقتصاد في العالم، تحول شراء المنازل إلى أزمة خانقة، أو مهمة "شبه مستحيلة"، إذ تشير البيانات إلى أن معدلات الرهن العقاري لقرض معدل ثابت لمدة 30 عاماً تحوم الآن فوق سبعة في المئة، وهي أعلى بأكثر من أربع نقاط مئوية مما كانت عليه قبل عام. وقد أدى ذلك إلى خفض القوة الشرائية للمشتري العادي بنسبة 14 في المئة، وفق ما ذكرته شركة "بلاك نايت" لبيانات الرهن العقاري.
ومع وجود عدد أقل من الأشخاص القادرين أو المهتمين بالشراء الآن، فقد انخفضت مبيعات المنازل. ويقول 16 في المئة فقط من المستهلكين إن الوقت الحالي هو الوقت المناسب لشراء منزل، وهو مستوى منخفض قياسي، وفقاً لمسح شهري أجرته شركة "فاني ماي" في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ومع ذلك، بالكاد أثر ذلك في أسعار المساكن التي ارتفعت خلال الوباء وتتراجع الآن عن أعلى مستوياتها على الإطلاق.
يقول جاكي لافرتي وكيل عقارات في شركة "بيرد أند وارنر ريال ستيت" بشيكاغو، إن الشيء الآخر الذي يخفف من المبيعات هو انخفاض مخزون المنازل المتاحة للبيع. وأضاف، "إنه شيء لم أره من قبل. مزيج من هذا النقص في المخزون وارتفاع أسعار الفائدة. لا يوجد دافع للناس للتحرك ما لم يضطروا إلى ذلك".
الحصول على قرض وتمويله لاحقاً
ولكن، سواء كان الناس في حاجة إلى الانتقال بسبب وظيفة جديدة أو طلاق، أو إضافة إلى الأسرة، أو ببساطة لا يريدون الاستسلام بعد سنوات من محاولة شراء منزل، فلا يزال هناك مشترون. يقول لافرتي، "حتى لو تباطأت المبيعات، فإن العقارات لا تتوقف. الناس في حاجة إلى مكان للعيش فيه". أما بالنسبة لأولئك الذين يواجهون ضغوطاً، فهناك بعض الطرق التي يمكنك من خلالها التخلص من عبء شراء منزل، أهمها قاعدة "احصل على قرض الآن، وأعد تمويله لاحقاً"، إذ يقوم المشترون الذين يأخذون رهناً عقارياً الآن بذلك على أمل أنه في غضون عامين قد تنخفض الأسعار بشكل ملموس ويمكنهم إعادة التمويل بسعر أقل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقول ميليسا كوهن نائب الرئيس الإقليمي في شركة "ويليام ريفيز مورتاجيج"، "نعم، لقد ارتفعت معدلات الفائدة كثيراً وأسرع مما توقعه أي شخص، ولكن إذا كنت تستطيع الشراء اليوم وتريد وتحتاج إلى ذلك، فيجب ألا تدع بيئة الأسعار المرتفعة توقفك، مع العلم أنه في مرحلة ما من العام المقبل، لمدة عامين على الأكثر، من المرجح أن تكون الأسعار أقل بكثير".
أما الجانب السلبي فإنه لا يزال يتعين عليك تحمل المعدل الأعلى في الوقت الحالي. وهناك بعض المخاطر المتمثلة في أن أسعار الفائدة قد لا تنخفض، أو على الأقل ليس كثيراً، إذ يرى ديليس بيري الرئيس التنفيذي والسمسار الرئيس في "آب ستيت داون" بنيويورك أنه إذا لم تنخفض معدلات الرهن العقاري، فقد تظل عالقاً بها لفترة من الوقت. وأضاف، "قد يكون هناك انخفاض في المعدلات في منتصف عام 2023. وإذا حدث ذلك يمكنك إعادة التمويل وتأمين معدل فائدة أقل ودفعات أقل، لكن هذه المعدلات يمكن أن تكون الآن هي الكلفة الجديدة لممارسة الأعمال التجارية". إضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون إعادة التمويل مكلفة للغاية، فعادة ما تتراوح كلفة الإغلاق بين اثنين وخمسة في المئة من المبلغ الأساسي للقرض. وقد تمنعك الأحداث غير المتوقعة من إعادة التمويل، مثل فقدان وظيفتك أو فقدان القيمة في منزلك.
احصل على قرض بسعر قابل للتعديل
يستكشف مزيد من مشتري المنازل خيارات خارج الرهن العقاري القياسي ذي السعر الثابت لمدة 30 عاماً. فعلى سبيل المثال تشكل الرهون العقارية القابلة للتعديل في الوقت الحالي نحو 12 في المئة من طلبات الرهن العقاري، بزيادة من ثلاثة في المئة قبل عام، وفقاً لجمعية بنوك الرهن العقاري، في حين أن متوسط سعر القرض الثابت لمدة 30 عاماً كان 7.08 في المئة خلال الأيام القليلة الماضية، فقد كان معدل الرهن العقاري الهجين القابل للتعديل لمدة خمس سنوات والمفهرس بوزارة الخزانة أدنى نقطة مئوية كاملة عند 6.06 في المئة، وفقاً لشركة "فريدي ماك". وعلى رغم أنها لا تزال قروضاً لمدة 30 عاماً فإن الرهون العقارية القابلة للتعديل تقدم سعراً ثابتاً لفترة محددة - عادة خمس أو سبع أو 10 سنوات - وبعد ذلك تتم إعادة تعيين سعر الفائدة إلى أسعار السوق الحالية.
تقول ميليسا كوهن، "الشراء اليوم يتعلق باكتشاف ما يمكنك القيام به لجسر هذه البيئة عالية السعر حتى تشعر بالراحة مع عملية الاستحواذ الخاصة بك. وعندما تنخفض الأسعار فقد حان الوقت لمعرفة الحل الأكثر ديمومة الخاص بك". وبالنسبة إلى المشترين الذين قد ينتقلون من المنزل في غضون خمس إلى سبع سنوات على أي حال، قد تكون الرهون القابلة للتعديل وسيلة لتعزيز القوة الشرائية. وأضافت، "خلال السنوات الخمس أو السبع الأولى من الرهن العقاري القابل للتعديل تمشي وتتحدث وتتصرف تماماً مثل الرهن العقاري ذي السعر الثابت. لديها معدل أقل ودفع أقل لأن البنك يضمنها فقط لفترة زمنية أقصر". وإذا انخفضت الأسعار يمكن إعادة تعيين الرهون القابلة للتعديل إلى معدل أفضل. أما الجانب السلبي فإنه يجب على المقترضين أيضاً قبول المخاطرة بأن الأسعار قد تكون أعلى عند إعادة تعيين القرض، أو في أي وقت على مدار عمر القرض. وبعد الفترة المحددة يمكن إعادة تعيين القروض القابلة للتعديل كل عام أو كل ستة أشهر. ومع ذلك، فإن معظمهم لديهم حدود قصوى لمقدار ارتفاع أو انخفاض السعر خلال كل فترة إعادة تعيين وعلى مدى عمر القرض، لذلك من المهم أن تفهم كيفية عمل القرض الخاص بك.
قم بشراء سعر الفائدة الخاص بك بالنقاط
يمكن للمقترضين خفض مدفوعاتهم عن طريق دفع مزيد مقدماً لشراء خفض معدل الرهن العقاري، وسيؤدي هذا إلى خفض معدل الفائدة على القرض، إما بشكل دائم، وإما بشكل موقت. وبينما تؤدي عملية الشراء الدائمة إلى تغيير السعر الخاص بك طوال مدة القرض، فإن الشراء الموقت يوفر أسعاراً أقل لفترة من الوقت.
وفي عملية الشراء الموقتة يحصل المقترضون عادة على نقطتين مئويتين من سعر القرض للسنة الأولى، ونقطة مئوية واحدة للسنة الثانية، وبحلول السنة الثالثة يعود القرض إلى سعره الأصلي خلال الفترة المتبقية من مدته. وبحلول ذلك الوقت يتوقع عديد من المقترضين أن تكون هناك أسعار فائدة منخفضة، مما يترك إمكانية إعادة التمويل مفتوحة.
وتقول ميليسا كوهن، "هذا فرق مهم بالنسبة إلى السنة الأولى من القرض، إذ انخفض معدل الفائدة من سبعة إلى خمسة في المئة". أما الجانب السلبي فإنه في حين أن الحصول على سعر فائدة منخفض أمر جذاب للغاية، فإنه يعني صرف مزيد من الأموال مقدماً، وقد لا يكون هذا منطقياً من الناحية المالية إذا كنت لا تخطط للبقاء في المنزل لفترة طويلة. وأضافت، "يستغرق الأمر نحو خمس سنوات لتحقيق نقطة التعادل عند سداد نقطة واحدة، مع العلم أنه من المحتمل أن تكون الأسعار أقل بشكل ملموس بحلول ذلك الوقت، فقد يكون من الأفضل لك أخذ الأموال التي ستستخدمها لدفع ثمن النقاط لإعادة التمويل لاحقاً".
اطلب ائتمان البائع لتخفيض سعرك
في بعض أسواق الإسكان خفت المنافسة بين المشترين، واضطر البائعون إلى أن يكونوا أكثر مرونة في العروض. وإحدى الطرق التي يمكن للمشتري من خلالها تقليل مدفوعاته هي طلب ائتمان البائع أو امتياز البائع كجزء من الصفقة، ويمكن للمشترين بعد ذلك استخدام هذه الأموال لشراء تخفيض سعر الفائدة على الرهن العقاري وتقليل مدفوعاتهم الشهرية.
ويقول ترودي كيلي أحد كبار المتخصصين في قروض الإسكان في شركة "تشرشل مورتغنت" بولاية أوريغون، "البائعون مستعدون للتفاوض الآن أكثر مما كانوا عليه في الماضي". وفي سبتمبر (أيلول) الماضي عندما كانت معدلات الرهن العقاري نحو 5.75 في المئة عمل كيلي مع المقترضين الذين كانوا يشترون منزلاً بقيمة 590 ألف دولار، وبدلاً من تقديم 15000 دولار أو 20000 دولار أقل من السعر المطلوب لتقليل كلفة الدفعات الشهرية، طلب المشترون "امتياز بائع" بقيمة 15000 دولار. وأشار إلى أنه إذا كان المشترون قد قدموا عرضاً أقل، وحصلوا على المنزل مقابل 575 ألف دولار، فإن مدخراتهم الشهرية ستكون 78 دولاراً، ولكن بدفع سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية واحدة انخفضت مدفوعاتهم بمقدار 340 دولاراً في الشهر.
وأضاف، "هذا فرق كبير. في النهاية ما فعله ذلك بالنسبة إليهم هو توسيع ميزانيتهم. انخفضت نسبة الدين إلى الدخل، مما منحهم مزيداً من القوة الشرائية يضعهم في آلة زمنية، ويعيدهم إلى أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) عندما كانت الأسعار أقل". أما الجانب السلبي فيتمثل في أنه في عديد من المجالات قد يكون طلب الائتمان أو الامتياز أقل جاذبية للبائع إذا كانت لديه عروض أخرى.
الشراء نقداً أو زيادة الدفعة الأولى
إذا كان لديك المال لشراء منزل فهذا هو الوقت المناسب للقيام بذلك. لن تتجنب دفع سعر مرتفع على الرهن العقاري فحسب، بل ستتمكن على الأرجح من التفاوض للحصول على سعر أفضل، لكن لا يستطيع كثير من الناس الدفع نقداً، بخاصة أن 97 في المئة من مشتري المنازل خلال العام الماضي احتاجوا إلى تمويل لشراء منازلهم، وفقاً لتقرير حديث صادر عن الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين. وحتى إذا لم يكن لديك ما يكفي لصفقة نقدية بالكامل، فإن دفع مزيد في الدفعة الأولى سيقلل من مبلغ الرهن العقاري ويقلل من دفعاتك الشهرية، ويعني دفع فائدة أقل على مدى عمر القرض. وإذا كنت تمتلك منزلك الحالي فيمكنك الاستفادة من بعض الأموال النقدية من البيع الخاص بك، أو حتى الاستفادة من الأسهم لزيادة الدفعة الأولى. ومن خلال دفع دفعة أولى أكبر لن تقلل رصيد القرض الخاص بك فحسب، بل ستزيد أيضاً من ملكية منزلك والمال الذي يمكنك استرداده عند البيع، بافتراض أن الممتلكات تقدر. أما الجانب السلبي فدائماً ما يكون استخدام النقود في شراء عقار بمثابة مقايضة، إذ سيتعين عليك التخلي عن الاستثمارات المحتملة الأخرى. وبالنسبة إلى معظم المشترين فإن الحصول على مزيد من المال ليس خياراً متاحاً. وكانت الدفعة الأولى النموذجية للمشترين لأول مرة ستة في المئة، بينما كانت 17 في المئة للمشترين المتكررين، وفقاً للجمعية الوطنية للوسطاء العقاريين.