عمد البرلمان المغربي إلى الإقرار رسمياً بتعديل على قانون منح الجنسية المغربية للمواطنين الأجانب يتعلق بإضافة شرط معرفة اللغة الأمازيغية إلى جوار نظيرتها اللغة العربية، إضافة إلى بقية الشروط لنيل جنسية البلاد.
وأثارت إلزامية المعرفة باللغة الأمازيغية لنيل الأجنبي الجنسية المغربية سجالاً بين من يرى أن هذا التعديل يأتي لاستدراك الخطأ المادي في قانون الجنسية وليلائم ما ورد في النص الدستوري وبين من يعتبر هذا الشرط "لا فائدة منه ويعرقل منح الجنسية للأزواج الأجانب".
ويورد الفصل الخامس من دستور 2011 في المغرب أن "العربية تظل اللغة الرسمية للدولة وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها، وتعد الأمازيغية أيضاً لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة من دون استثناء".
وتنص الوثيقة الدستورية في المملكة على أنه "يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية لكي تتمكن من القيام مستقبلاً بوظيفتها بصفتها لغة رسمية".
تنزيل الدستور
وتمت المصادقة بإجماع النواب البرلمانيين على مقترح قانون يتعلق بسن قانون الجنسية المغربية الذي يأتي وفق فريق حزب الاستقلال صاحب مقترح القانون في إطار التنزيل السليم لأحكام الدستور التي جعلت من الأمازيغية لغة رسمية للدولة.
وأفاد تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بأن مقترح القانون الذي تمت المصادقة عليه يجسد ضمان احترام القوانين المعمول بها، كما يروم إعطاء الأمازيغية مدلولها الدستوري الحقيقي وضمان مطابقتها مع التوجه الجديد للوثيقة الدستورية.
ويورد القانون المعدل في خصوص شروط التجنيس بالمغرب أنه "علاوة على الشروط المطلوبة من قبيل الإقامة الاعتيادية وغيرها من نظيرتها القانونية، يتعين على طالب الجنسية المغربية أن يكون على معرفة كافية باللغتين العربية والأمازيغية أو إحداهما".
ومن أبرز شروط التجنيس في المغرب، وفق الظهير الشريف (مرسوم يصدره الملك)، "إقامة المواطن الأجنبي خمس سنوات في البلاد قبل تقديم طلب الجنسية، والتوافر على حسن السيرة والسلوك، وأن يكون سجله العدلي والقضائي خالياً من عقوبات سجنية بسبب ارتكاب جناية أو جنحة مشينة أو جريمة إرهابية، أو مخالفة قوانين الإقامة المشروعة بالمملكة، وأيضاً امتلاك وسائل العيش الكريم".
تحوير النقاش
من جانبه يعقب الباحث والكاتب الأمازيغي لحسن أمقران على هذا التعديل القانوني بإدراج الأمازيغية شرطاً للتجنيس، بأنه عبارة عن "محاولة لتحوير النقاش في مقاربة الحقوق الأمازيغية، في وقت تنتظر الحركة الأمازيغية تفعيل القانون التنظيمي الخاص بالطابع الرسمي على زلاته وعلاته".
أمقران وصف هذه الخطوة لـ"اندبندنت عربية" بأنها "مجانية ومجانبة للصواب إذا أخذنا في الاعتبار حجم التراجعات وتحليل السياسات على المديين القريب والمتوسط، ثم مستوى انحسار اللغة الأمازيغية ليس فقط في هوامش المدن الكبرى وأحوازها، بل حتى في مناطق ذات غالبية أمازيغية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقا للباحث، "يتعين الاهتمام بتعليم المغاربة اللغة الأمازيغية قبل الأجانب الذين يطلبون الجنسية المغربية"، مشدداً على أنه "يجب على الدولة تحقيق الازدواجية اللغوية ترسيخاً للسلم الاجتماعي وتقوية اللحمة المغربية".
واسترسل أمقران، "لا يهم الأمازيغ في المغرب من سيحصل على الجنسية أكثر مما يهمنا أبناء هذا الوطن"، وأردف، "هذه الخطوة هروب إلى الأمام لكسب مزيد من الوقت في أفق اندثار مفترض للغة عمرت لقرون طويلة، بالتالي كان على الدولة أن تتعقل في طرح ومقاربة الأمازيغية مقاربة شمولية وفوق الاعتبارات الأيديولوجية".
خارج السياق
من جانبه يرى مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان عبدالإله الخضري في تصريح خاص أن "مراجعة قانون منح الجنسية ضرورة ملحة، لكن تبدو بعض مقترحات هذا التعديل خارجة عن السياق، كما هو الشأن بالنسبة إلى شرط معرفة الأمازيغية".
يضيف، "هذا الشرط لاكتساب الجنسية المغربية لا فائدة منه ولا معنى له على الإطلاق، فلغة التداول في المغرب بصفة عامة هي اللهجة الدارجة المغربية، حتى داخل القبائل الأمازيغية، عدا بعض المناطق النائية جداً وهي قليلة".
يتابع، "ليس باعتماد هذا الشرط سيتم تطوير اللغة الأمازيغية لأن هناك مطالب ذات أولوية من المفروض إدراجها في التعديلات المقبلة مثل موضوع المغربيات المتزوجات من أجانب، فهذا الشرط الجديد المتعلق باللغة الأمازيغية قد يعرقل منح الجنسية لهؤلاء الأزواج".
قرار في محله
في المقابل يشدد البرلماني عن حزب الاستقلال الذي طرح مقترح القانون الحسين تمصاط على أن "هذا النص القانوني يتماهى مع الرغبة في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وضمان احترام القوانين المرعية الإجراء لأحكام الدستور، لا سيما الحقوق والحريات الأساسية المتعارف عليها دولياً".
ويعتبر الجمعوي الأمازيغي سعد تفوكت أن "الرافضين لإقرار الأمازيغية شرطاً للتجنيس إنما هو رفض من أجل الرفض فقط، لأن مطلب تنزيل الأمازيغية على أرض الواقع لا بد من أن يتم عبر اعتماد مثل هذه الخطوات والمبادرات والقرارات".
وأضاف أن "تشكيك بعض النشطاء الأمازيغ بجدوى وأهمية اعتماد الأمازيغية شرطاً من شروط منح الجنسية للأجانب لا يقوم على أدلة وحجج قوية، بقدر ما هو تخوفات لا معنى لها، كما أن مطلب ’الكمال‘ في ملف الأمازيغية لا يمكن أن يتحقق بين ليلة وضحاها".
وأوضح أن "التدرج أمر مطلوب ومحبذ في ملف شائك وحساس مثل ملف الأمازيغية في المغرب، لهذا المفترض أن تتم الإشادة بهذه الخطوة في انتظار اعتماد قرارات أكثر نفعاً وأهمية للقضية الأمازيغية لأن العدمية والانتقاد من أجل الانتقاد فقط لا يجديان نفعاً".