مع إشارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى 14 مايو (أيار) كموعد للانتخابات، تعززت أيضاً إمكانية إجراء انتخابات مبكرة التي جرى الحديث عنها لفترة طويلة. ولا يزال من غير الواضح ما هو نوع العملية القانونية التي ستعمل على تقديم موعد الانتخابات إلى الأمام.
رسمياً، لا يوجد مرشح للرئاسة سواء من طرف الحكومة أو من طرف المعارضة.
دعونا نؤجل قضايا مثل موعد الانتخابات والقانون الانتخابي وموقف المعارضة وتعيين المرشح وأستبق القول لأقول إن أردوغان وقع في الفخ الذي نصبه لمنافسيه!، لأن الدستور واضح للغاية وينص على أنه إذا تم إجراء الانتخابات في موعدها العادي، فلا يمكن لأردوغان الترشح للرئاسة مرة ثالثة باستثناء حالة واحدة، وهي أن يتخذ البرلمان قراراً في شأن إجراء انتخابات مبكرة.
وإذا قرر الرئيس أردوغان إجراء الانتخابات من خلال حل البرلمان، فسيكون ترشحه مرة ثالثة غير دستوري. بالتالي فإن قراره الفردي لن يحسم الجدل حول دستورية القرار أو لا، بالتالي سيواجه النقد في شأن "مشروعية" ترشحه للرئاسة.
ولاية ثالثة؟
وعلى رغم أن مؤيدي الحزب الحاكم تعودوا على تجاوز القانون كما يحلو لهم، إلا أنهم منزعجون من هذه الصورة، لأنهم إذا فشلوا في الحصول على دعم المعارضة في ما يتعلق بموعد الانتخابات وذهبوا إلى الانتخابات، فإن هذا سيتسبب في فوضى دستورية. وهناك أيضاً جانب التلاعب في هذا العمل، حيث إن أردوغان يريد أن يجلب عواطف الشعب التركي كما هي عادته وأن يخلق لنفسه صورة "المظلومية" من خلال جذب أحزاب المعارضة إلى أرضية النقاش من خلال حيلولتها لترشحه، لأنه استنفد كل أوراقه التي يمكنه أن يلعب بها خلال حكمه الذي دام 21 عاماً. ولربما لم يبق لديه إلا أن يظهر أمام الناخبين وكأنه "مظلوم".
في الواقع، وفقاً للدستور، تنتهي فترة ولاية الرئيس والنواب في 23 يونيو (حزيران) 2023، وهذا يعني أن أي انتخابات قبل هذا التاريخ هي انتخابات "مبكرة".
ومع التعديل الأخير الذي تم إجراؤه في الدستور، انتخب الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان رئيساً لفترتين، الأولى عام 2014 والثانية عام 2018. لذلك لا يمكنه الترشح لولاية ثالثة إلا إذا قرر المجلس تجديد الانتخابات. ولكي يتخذ المجلس قراراً بتجديد الانتخابات، يجب أن يتخذ قراراً بغالبية 3/5 من إجمالي عدد الأعضاء، أي بـ 360 صوتاً، ولا تكفي أصوات الحزب الحاكم للوصول إلى هذا العدد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإذا قرر البرلمان تجديد الانتخابات ووفقاً للمادة 8 من قانون الانتخابات النيابية، بعنوان "تجديد الانتخابات"، فإنه يحدد أيضاً موعد الانتخابات. ولكن هذا النظام القانوني لا يسمح للرئيس تحديد موعد الانتخابات مباشرة، بل يتعين على المجلس أن يحدد الموعد عند اتخاذ قرار التجديد.
والمشكلة بالنسبة إلى الرئيس أردوغان هي أنه يعلم أنه إذا تم إجراء الاستحقاق في موعده الطبيعي، فلن يستطيع الترشح لولاية ثالثة، وليس أمامه إلا قرار المجلس بتعجيل الانتخابات.
ولكن لا يزال من المحتمل أن يحل الرئيس مجلس النواب ليفتح الطريق أمام الانتخابات المبكرة، ثم يرشح نفسه على رغم عدم دستورية ذلك. وهذا ما فعله مراراً خلال الأعوام العشرة الماضية، حين اتخذ قرارات غير قانونية دستورياً من خلال الالتفاف على النصوص القانونية.
ومن الأمور الغامضة أيضاً مسألة من ستكون له الكلمة الأخيرة في حسم الجدل الدائر حول ترشيح أردوغان.
وينص قانون الانتخابات على أن المجلس الأعلى للانتخابات يقوم بفحص المرشحين للرئاسة من حملة الشهادات الجامعية، وينشر في الجريدة الرسمية القائمة الموقتة للمرشحين المؤهلين للانتخاب الذين تنطبق عليهم شروط الترشيح. وبعد يومين تغلق الأبواب أمام النقض ضد هذا القرار. والسلطة الوحيدة في الانتخابات هي المجلس الأعلى للانتخابات YSK وقراراتها نهائية غير قابلة للنقض والاستئناف.
لكن الجدل حول الشهادة الجامعية للرئيس أردوغان لا يزال قائماً ويجب على المجلس الأعلى للانتخابات إيجاد غطاء لهذا الموقف بطريقة ما من خلال الوثائق المقدمة لأنه من المعروف أن جميع أعضاء هذا المجلس من الذين سبق أن كانت لهم صلة بالحزب الحاكم.
موقف المعارضة
وأحزاب المعارضة، تحديداً تحالف الأمة "الطاولة السداسية"، لا تعارض بيان أردوغان في 14 مايو، لكنها أصدرت إعلاناً مشتركاً، الجمعة 20 يناير (كانون الثاني)، أن البرلمان هو صاحب الكلمة الوحيد الذي يمكنه تقديم موعد الانتخابات. بعد هذه الخطوة من "الطاولة السداسية"، بدأ أردوغان يواصل اللعب بدور "المظلوم" ولا نستبعد أن يلعب بهذه الورقة ليشكو المعارضة للشعب، بأنها تضع العقبات أمامه. لكن المعارضة هي أيضاً من جانبها لا تزال تتوخى الحذر حتى في قضية الإعلان عن مرشحها لأنها غير آمنة من العقبات التي سيضعها أردوغان أمامه.
ومع أن مرشح المعارضة غير واضح، إلا أنه بالنظر إلى الوضع الحالي، يبدو أن كمال كليتشدار أوغلو لا يزال المرشح الأوفر حظاً في جبهة المعارضة.
نعم، أستطيع أن أقول إن الانتخابات المقبلة هي بالفعل أهم نقطة تحول في تاريخ تركيا الممتد على مدى 100 عام.