يبدو أن عام 2023 سيكون فارقاً في تحديد مصير الرياضيين الروس والبيلاروس من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في العاصمة الفرنسية باريس عام 2024، وأن الضغوط التي تمارسها أوكرانيا وبعض داعميها من الدول الأوروبية لمنع لاعبي البلدين تواجهها ضغوط روسية بينما تتبنى أميركا رؤية مختلفة، وتنسج كل تلك التوجهات والقوى المتصارعة خيوطها حول اللجنة الأولمبية الدولية التي أصبحت في مأزق لا تحسد عليه.
وشهدت الأيام الماضية دعوة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى منع الرياضيين الروس والبيلاروس من المشاركة في الألعاب الأولمبية المقبلة، وذلك على خلفية استمرار الغزو الروسي لأراضي أوكرانيا واشتعال الحرب بين الطرفين.
ودعت أمس الخميس دول البلطيق وبولندا، الهيئات الرياضية الدولية إلى منع الرياضيين من روسيا وبيلاروس من التنافس في الألعاب الأولمبية وغيرها من الأحداث.
وقال وزير السياحة والرياضة البولندي كميل بورتنيتشوك إن بلاده تعتقد أنه سيكون من الممكن تشكيل تحالف يضم نحو 40 دولة، بما في ذلك أميركا وبريطانيا وكندا، بحلول 10 فبراير (شباط) الحالي لدعم الدعوة إلى منع الرياضيين من البلدين من المشاركة في أولمبياد 2024.
وأضاف الوزير في مقابلة مع وكالة "رويترز"، "أنا مقتنع بأن الاجتماع المقرر عقده في 10 فبراير في ظل مشاركة 30 أو ربما 40 وزيراً للرياضة بمن فيهم وزراء من أميركا وبريطانيا وكندا وأستراليا واليابان سيصل إلى نتيجة مفادها الرفض القاطع لفكرة السماح للرياضيين من روسيا وبيلاروس بالمشاركة في الأولمبياد".
"بالنظر إلى هذا، لا أعتقد أننا سنواجه قرارات صعبة قبل الألعاب الأولمبية وإذا قاطعنا الألعاب، فسيكون التحالف الذي سنكون جزءاً منه موسعاً بما يكفي لجعل إقامة الألعاب بلا جدوى".
وفي اليوم التالي لتصريحات زيلينسكي قالت اللجنة الأولمبية الدولية إن عودة الرياضيين الروس للمشاركة في أولمبياد باريس يجب "استكشافها بشكل أكبر في ظل ظروف صارمة".
وعرض المجلس الأولمبي الآسيوي، الخميس 26 يناير (كانون الثاني) الماضي، منح الرياضيين الروس والبيلاروس فرصة المشاركة في دورة الألعاب الآسيوية.
وقال الكيان الأولمبي القاري الذي يتخذ من الكويت مقراً له عبر موقعه الرسمي "يجب أن يتمكن جميع الرياضيين، بصرف النظر عن جنسياتهم أو جوازات سفرهم، من المشاركة في المسابقات الرياضية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "عرض المجلس الأولمبي الآسيوي منح الرياضيين الروس والبيلاروس المؤهلين فرصة المشاركة في المسابقات الآسيوية، بما في ذلك دورة الألعاب الآسيوية" التي تستضيفها مدينة هانغجو الصينية خريف عام 2023.
وقد تتيح هذه الخطوة للرياضيين الروس المشاركة في مسابقات بمثابة التأهيلية للأولمبياد الصيفي في باريس.
ولم يلق موقف اللجنة الأولمبية الدولية استحسان أوكرانيا، فخرج وزير الرياضة الأوكراني، ليقول إن بلاده لن تستبعد مقاطعة الألعاب الأولمبية إذا سمح لرياضيي روسيا وبيلاروس بالمنافسة في باريس 2024.
وقال وزراء الرياضة الذين يمثلون لاتفيا وليتوانيا وإستونيا وبولندا في بيان، أمس الخميس، "يجب رفض أي جهد من جانب اللجنة الأولمبية الدولية لإعادة رياضيي روسيا وبيلاروس للمنافسة، حتى تحت علم محايد".
"الجهود المبذولة لإعادة رياضيي روسيا وبيلاروس إلى المنافسات الرياضية الدولية تحت غطاء الحياد تضفي الشرعية على القرارات السياسية والدعاية الواسعة لهذه الدول".
لكن يبدو أن جهود أوكرانيا وبولندا ودول البلطيق ستصطدم بوجهة نظر أميركا التي تؤيد مشاركة الرياضيين الروس والبيلاروس في أولمبياد باريس كمحايدين مع معارضتها رفع علمي البلدين وشعاراتهما الوطنية.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار للصحافيين "أميركا أيدت تعليق عضوية الاتحادات الرياضية الروسية والبيلاروسية في الاتحادات الرياضية الدولية، لكن إذا تمت دعوة الرياضيين إلى حدث دولي مثل الألعاب الأولمبية يجب أن يكون واضحاً تماماً أنهم لا يمثلون دولتي روسيا أو بيلاروس".
"يجب أيضاً حظر استخدام الأعلام والشعارات والأناشيد الرسمية للدولتين".
وألقى توني إستانجيه رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد باريس، بالأزمة كاملة أمام اللجنة الأولمبية الدولية، مؤكداً أنها المعنية باتخاذ قرار بشأن مشاركة أو استبعاد الرياضيين الروس والبيلاروس.
وقال إستانجيه البطل الأولمبي ثلاث مرات، "أؤيد الحفاظ على شعار عالمية الألعاب".
وأضاف "لا تتعلق الأولوية بمن سيشارك في 2024 بل بالكيفية ومتى سينتهي هذا النزاع وتنتهي الحرب، هذه هي الأولوية، وهذا خارج عن إرادة أولمبياد باريس".
وانطلاقاً من الأراضي الروسية وأراضي بيلاروس شنت موسكو عملية عسكرية واسعة النطاق ضد أوكرانيا في الـ24 من فبراير، أي بعد ثلاثة أيام فقط من حفل ختام دورة الألعاب الشتوية 2022 في بكين، في انتهاك للهدنة الأولمبية التي تبدأ قبل أسبوع من بدء دورة الألعاب الأولمبية وتنتهي بعد أسبوع من انتهاء دورة الألعاب البارالمبية.
وسارعت اللجنة الأولمبية الدولية يومها إلى معاقبة كل من موسكو ومينسك.
ومنذ ذلك الحين لم يتم تنظيم أي حدث رياضي دولي في روسيا أو في بيلاروس، كما لم يحصل أي حدث رياضي فيهما على أي دعم دولي، ومنع كذلك رفع أي رموز وطنية لهذين البلدين خلال أي حدث رياضي دولي.