أعلن الجيش الاسرائيلي السبت أنه "اعترض طائرة صغيرة فوق قطاع غزة"، حيث قال شهود إنهم سمعوا "انفجارات" قرب الحدود.
وشدد الجيش الإسرائيلي على أنه ليس صاروخاً أو مقذوفاً آخر يشكل خطراً على السكان، في وقت حذر فيه أمنيون وسياسيون إسرائيليون من تشديد سياسة الحكومة في بعض الملفات، خصوصاً في ما يتعلق بالأسرى الأمنيين والاستعداد لاحتمال تنفيذ عملية ضد السجانين.
في المقابل، وصل وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير إلى مدينة الناصرة، أكبر مدن فلسطينيي 48، بعد ساعات من مقتل شابين ليطلق من هناك أكثر من رسالة في مركزها رفضه التنازل عن السياسة الجديدة المتشددة التي كشف عنها بعد زيارة سجن "النفحة" الشهر الماضي، مؤكداً أن كل ما يقترحه ويعلن عنه توافق عليه الحكومة بالإجماع.
خلافاً لأي وزير أو مسؤول أمني، وصل بن غفير خفية إلى مدينة الناصرة من دون تنسيق حتى مع السلطة المحلية المسؤولة، ووقف في أحد شوارعها الجانبية لمدة 10 دقائق ليطلق من هناك رسائله المبطنة بالتهديدات والتحذيرات، ليس فقط لفلسطينيي 48، وإنما أيضاً للسلطة الفلسطينية في شأن كل ما يتعلق بقراراته الأخيرة إزاء الاستيطان و"الأقصى" والأسرى الأمنيين.
تصريحات بن غفير جاءت في سياق الرد على أسئلة الصحافيين حول تقرير أمني يتحدث عن التحديات التي تقف أمام الحكومة الإسرائيلية في أعقاب تشديد سياستها والذي حذر من خطر استيقاظ ما تسميه إسرائيل "الخلايا النائمة" لـ"حزب الله" وحركة "حماس"، في أعقاب الكشف عن تقديم لائحة اتهام ضد شابين من فلسطينيي 48 بتهمة التنسيق مع الأخيرة لتنفيذ عملية ضد جنود إسرائيليين واعتقال شابين آخرين من القدس بتهمة العمل لمصلحة "حزب الله" وتجنيد سكان من القدس الشرقية عبر "تيك توك" لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية.
إحباط مخطط لـ"حزب الله"
في ذروة التحذيرات من خطر تصعيد أمني إلى حد التدهور في أعقاب السياسة المتشددة والمتطرفة للحكومة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، كشف جهاز "شاباك" (الاستخبارات الداخلية) في يوم واحد أول من أمس الجمعة عن اعتقاله أربعة أشخاص بتهمة التعاون مع "حماس" و"حزب الله".
"شاباك" أعلن في بيان أنه "نجح في إحباط مخطط لـحزب الله اللبناني لتجنيد سكان من القدس الشرقية عبر برنامج تيك توك لتنفيذ هجمات إرهابية ضد أهداف إسرائيلية"، مضيفاً "بناء على طلب المجند اللبناني الذي يحمل اسم أبو غسان عبر برنامج تيك توك، قام المشتبه فيهما بتنفيذ مهمات تجسس وجمع صور لمواقع إسرائيلية مختلفة، بخاصة في القدس بهدف تنفيذ عمليات إرهابية".
وبحسب الجهاز الاستخباري، فإن أبو غسان يبدأ بالدردشة حول الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وعند إنشاء اتصال شخصي كان يقترح البدء بالتحدث على تطبيق تيليغرام".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويدعي "شاباك" أن الحساب الشخصي يخص عضواً سابقاً في "حزب الله" يستخدم لقب أبو غسان الذي اقترح أن "يراقب المجندون مواقع إسرائيلية محددة. وبمرور الوقت ومع تقوية الروابط بين الطرفين، يوجه أبو غسان عناصره إلى شن هجمات ضد المواطنين الإسرائيليين".
قبل هذا الإعلان بقليل، كشف الجهاز عن تفاصيل لائحة اتهام قدمت في محكمة حيفا ضد الشابين محمد أمين مصلح (24 سنة)، ومحمد فياض محاميد (28 سنة) من قرية معاوية داخل الخط الأخضر بتهمة التخطيط لتنفيذ عملية تفجير عبوة ناسفة في إسرائيل بتوجيه من حركة "حماس" في قطاع غزة.
وادعى أن ناشطين من "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لـ"حماس"، جندوا مصلح من أجل تنفيذ عملية تفجيرية في الأراضي الإسرائيلية، وأنه جند محاميد، وكان هناك تخطيط لتنفيذ عملية في يوم انتخابات الكنيست، في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني).
وبحسب "شاباك"، وقع خلاف بين الشابين والناشطين من "كتائب القسام" حول هدف العملية، إذ طلب الناشطون تنفيذها ضد مواطنين بينما أراد الشابان من معاوية تنفيذها ضد جنود، مما أدى إلى قطع اتصالهما مع "كتائب القسام".
وتضيف لائحة الاتهام أن الاثنين وبعد قطع اتصالهما مع غزة، خططا لمصادرة أسلحة من جنود فيما كان بحوزتهما سلاح من طراز "كارلو"، فباشرا بجمع معلومات حول محطة حافلات لنقل جنود وفحص محطات حافلات مختلفة على طول شارع وادي عارة (منطقة سكنهما) وقررا تنفيذ العملية بالقرب من مفترق كفر قرع عبر إطلاق النار على الجنود. وتم القبض على الاثنين قبل تنفيذ العملية.
السجون أكبر محرك للتوتر
اعتقال الأربعة من القدس ومعاوية، وفق تقرير أمني إسرائيلي، أشعل المخاوف من احتمال استيقاظ الخلايا التابعة لـ"حزب الله" و"حماس" التي يمكن تجنيد فلسطينيي 48 أو فلسطينيي القدس لها في أعقاب تداعيات سياسة الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً التصريحات التي يطلقها بن غفير تجاه "الأقصى" والقدس والأسرى الأمنيين.
التقرير الأمني حذر من أن الوضع داخل السجون في أعقاب تشديد السياسة التي أعلن عنها بن غفير بعد زيارة سجن "النفحة"، في حال غليان، بحيث أكد أن معلومات استخبارية تنذر باحتمال تنفيذ عملية ضد السجانين والوحدات الخاصة، "سواء عملية طعن بالسكين أو احتجاز سجانين، يليه تصعيد في السجون يؤدي إلى جولة قتالية أخرى في الضفة وقطاع غزة"، وفق التقرير.
في أعقاب هذه التقديرات رفعت سلطة السجون مستوى الحذر والاستنفار إلى أعلى درجة بين السجانين والوحدات الخاصة، مثل وحدة "متسادا" المتخصصة في السيطرة على الأسرى.
وتعتبر إسرائيل أن الأسرى الأمنيين هم أخطر التحديات الداخلية لأن قضيتهم حساسة وتستقطب إجماعاً فلسطينياً في الضفة وغزة حول كل قرار لمساندتهم ودعمهم.
وحمل مسؤولون أمنيون الحكومة، تحديداً بن غفير، مسؤولية أي اشتعال أمني تنطلق شرارته من السجون الأمنية. ووفق التقرير الأمني فإن "التصريح السريع لبن غفير فور إطلاق صاروخ من غزة حول شروط اعتقال السجناء يعزز ويشجع على مواصلة الضغط من داخل السجون، بالتالي إثارة أجواء التوتر والاحتكاكات بين السجانين والأسرى من جهة، والتنسيق والتكاتف بين جميع الأسرى الأمنيين من جميع الفصائل الفلسطينية ضد مصلحة السجون من جهة أخرى".
الرئيس السابق للقسم الفلسطيني في وزارة الشؤون الاستراتيجية كوبي ميخائيل الذي يدعم إجراء تغييرات في ظروف الأسرى الفلسطينيين، لكنه في الوقت نفسه يحذر من عدم استعداد وجاهزية إسرائيل لمواجهة أي تصعيد يبدأ من السجون ويصل إلى ثلاث جبهات فلسطينية خطرة، في الضفة وغزة إلى جانب فلسطينيي 48، خصوصاً في المدن المختلطة، يقول "يحظى الأسرى بإجماع فلسطيني عام وقضيتهم تسهم في توحيد الفصائل الفلسطينية، كما تسهم في جسر الانقسامات وتوحيد الجمهور الواسع في صراع ربما يتحول إلى عنيف".
نحو انتفاضة ثالثة
وينبه كوبي ميخائيل "إذا كان الافتراض إجراء تغيير داخل السجون يؤدي إلى تدهور في ظروف الأسرى، وفق ما عرض بن غفير، فيتوجب الإعداد المسبق لجميع الجهات الإسرائيلية ذات الشأن، السياسية منها والأمنية والعسكرية وحتى تهيئة السكان الإسرائيليين".
ليس هذا فحسب ما يحذر منه كوبي ميخائيل، بل أيضاً من عدم إعداد القيادة السياسية بالشكل الصحيح لأي وضع جديد قد يحصل، وبرأيه فإن "هناك أهمية كبيرة للمستويات المهنية، بحيث يتوجب التغلب على انعدام الثقة بالشرطة ومصلحة السجون، وإشراك هاتين الهيئتين في عملية التغيير. وأولاً وقبل كل شيء سيتعين على المستوى السياسي أن يطلب رأيهما المهني في ما يتعلق بنية تشديد ظروف السجن والاستعدادات لتنفيذ ذلك، وفقاً للأهداف والسياسات التي سيتم وضعها".
كما يحذر ميخائيل أخيراً من تداعيات عزل قضية الأسرى عن المكونات الأخرى للقضية الفلسطينية، ويقول "يجب أن يكون التغيير في سياسة السجن جزءاً من منظور منهجي واسع يتناسب وأهداف الاستراتيجية المحددة في ما يتعلق بالساحة الفلسطينية. كما يجب أن يتم التغيير كجزء من خطة استراتيجية كاملة وشاملة، لكن من غير المؤكد أن الحكومة الإسرائيلية قد حددت بالفعل هدف التغيير الذي يتوق إليه الوزير بن غفير، وبسبب التداعيات الواسعة والخطرة التي يمكن أن تترتب عليه، فإن الأمر يتطلب التفكير في الهدف الاستراتيجي في ما يتعلق بالساحة الفلسطينية، وكذلك بناء مجموعة كاملة من الخطوات والسياسات، مع كون سياسة السجن جزءاً لا يتجزأ منها. ومن دون ذلك فإن تنفيذ نية الوزير بن غفير المعلنة من شأنه أن يولد احتكاكاً على مستوى عال سيتدهور إلى حد اندلاع انتفاضة ثالثة من دون أن ترغب إسرائيل في ذلك ومن دون استعدادات مناسبة ومسبقة".