دفعت استقالة #الحكومة_الكويتية قبل أيام بعد أن اصطدمت مع البرلمان حول مشروع قانون إسقاط القروض عن المواطنين، إلى التساؤل عن السبب الذي يدفع الحكومات إلى إسقاط القروض عن المواطنين، وهل هناك برامج لإسقاط #القروض عن المقترضين في الدول، وكيف تعمل؟
في الواقع، لا يوجد برامج حكومية لإسقاط القروض عن المواطنين المقترضين وكأنها غير موجودة، إنما في الغالب تسقط الفائدة على القروض وتُعاد جدولة أصل القرض لآجال أطول، أو جدولة الأصل مع الفوائد لآجال طويلة بحيث تقلّ الأقساط الشهرية على المتعثر.
في الواقع، لا يوجد برامج حكومية لإسقاط القروض عن المواطنين المقترضين وكأنها غير موجودة، إنما في الغالب يتم إسقاط الفائدة على القروض، وتُعاد جدولة أصل القرض لآجال أطول أو تسويتها وجدولتها لآجال طويلة.
ويحدث ذلك بدافع من عوامل عدة تحاول من خلالها الحكومات توفير المساعدة للأفراد الذين يواجهون صعوبات مالية، لعل أغلب العوامل هي تلك الناتجة عن ظروف خارجة عن إرادة المقترضين، مثل دخول الاقتصاد في ركود دفع المقترضين لعدم قدرتهم على السداد أو كوارث طبيعية وجوائح أو ظروف سياسية كدخول البلاد في نزاعات وحروب أفقدت الأشخاص وظائفهم وقدرتهم على السداد.
والجدولة في هذه الحالة تتم عبر تدخل حكومي لإنقاذ المتعثر بقانون من البرلمان، الذي يكلف حماية المتعثر، وليس بالطريقة التقليدية التي يتقدم فيها المقترض لإعادة جدولة قرضه.
الجدولة في كورونا
من الأمثلة على جدولة القروض بالقانون ما حدث في جائحة كورونا، حيث تبنت عديد من الدول، وبينها الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا، برامج مختلفة لجدولة القروض مع فترات سماح ومساعدات لتمكن المقترضين من اجتياز فترة الجائحة.
في المقابل، كان هناك نوع آخر ظهر لدى دول مثل الكويت على سبيل المثال، حيث تبنت برامج لوقف سداد أقساط قروض المواطنين لمدة ستة أشهر.
قروض المتعثرين في الكويت
والكويت لديها سابقة أيضاً حدثت في عام 2013 عندما أسقط البرلمان فوائد الديون عن المواطنين المتعثرين عن سداد ديونهم بقانون خاص. فقد بلغت تكاليف إسقاط الفوائد وقتذاك 744 مليون دينار أو نحو 2.6 مليار دولار، بينما أعيدت جدولة أصل القروض لآجال طويلة، بحيث يدفع المتعثر نسبة ضئيلة من راتبه الشخصي لصندوق حكومي بشكل مباشر.
وكان السبب في ذلك هو خطأ البنك المركزي الذي رفع الفائدة بنحو 11 مرة على المقترضين في فترة قصيرة أدت إلى تعثر بعضهم بسبب تجاوز القسط الشهري 50 في المئة من دخلهم.
وحالياً يعود قانون جديد لإسقاط القروض إلى التداول، مقدم من بعض النواب في مجلس الأمة الكويتي، غير أن الحكومة اعترضت عليه قائلة إن هناك نحو 2.5 في المئة فقط من المقترضين متعثرين، أي نحو 13 ألف مقترض، بينما تجاوز عددهم 60 ألفاً في عام 2013 وشكلوا وقتذاك 19 في المئة من عدد المقترضين.
تقدر إجمالي القروض حالياً بـ14.6 مليار دينار، أي نحو 50 مليار دولار لـ515 ألف مقترض. وواجهت الكويت مشكلة في إسقاط القروض تسببت، كما ذكرنا أعلاه، باستقالة الحكومة مع إصرار النواب على هذا الملف.
ويقول المحلل الاقتصادي الكويتي محمد رمضان إنه "بسبب المطالبة بإسقاط القروض أو إعادة جدولتها وصفت مجلة إيكونوميست The Economist الكويت بأنها (الرجل المريض في الخليج) للتعبير عن حجم الأزمة التي يمكن لهذا الملف أن يتسبب بها".
قروض الطلاب
هناك نموذج آخر من جدولة القروض بتدخل حكومي متعلق بقروض الطلاب، حيث تخرج بين الحين والآخر قوانين لمساعدة الطلاب الذين اقترضوا فترة الجامعة ولم يتمكنوا من السداد لاحقاً ودخلوا بأزمة اقتصادية بسبب ذلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن الأمثلة على ذلك قانون خفض كلفة قروض الكليات والجامعات في الولايات المتحدة عام 2007، وهناك بحث الآن في الأروقة السياسية الأميركية عن مشروع قانون جديد لإسقاط جزء من القروض عن الطلاب.
إلى ذلك، هناك بعض البرامج التي تهدف إلى دعم المتعثرين عن السداد، فمثلاً نفذت الحكومة الأسترالية مجموعة من برامج الإعفاء من الديون، بما في ذلك برنامج القروض من دون فوائد (NILS)، الذي يوفر للأفراد ذوي الدخل المنخفض إمكانية الحصول على قروض من دون فوائد للسلع والخدمات الأساسية.
العواقب
هناك برامج نوعية ببلدان عدة لتخفيف أعباء الديون، ففي الولايات المتحدة هناك ما يعرف بخطط إدارة الديون المعروفة بـ (Debt Management Plans DMPs)، وبرامج لتسوية الديون عبر توحيدها ثم تقسيطها لآجال أطول، والإفلاس وهو أحد الحلول لإسقاط الديون عن المقترض، مع حظره نحو سبع سنوات قبل تمكنه من إعادة الاقتراض من جديد، وفي كندا وبريطانيا هناك برامج شبيهة أيضاً.
لكن كما لهذه البرامج منافع لها أيضاً عواقب، فالشخص الذي تُجدول قروضه يصنف متعثراً لدى البنوك، بالتالي يُحرم من ميزات الشخص غير المتعثر، وذلك في الحالات التي يلجأ فيها المتعثر لقانون حماية في أوضاع اقتصادية طبيعية، لكن في حالات الكوارث والمشكلات الاقتصادية، فالشخص المتعثر لا يصنف كذلك.
لكن بشكل عام، يمكن أن يكون لبرامج تخفيف عبء الديون تأثير على درجة الائتمان للفرد، وكذلك قدرته على الوصول إلى الائتمان في المستقبل. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، قد يكون للمشاركة في برنامج خطة إدارة الديون تأثير سلبي على درجة الائتمان للفرد، حيث سيُبلغ عن المدفوعات المتأخرة أو الماضية إلى مكاتب الائتمان.
عدم المساواة
وعلى رغم أهميتها لمؤازرة الأفراد أوجدت برامج الإعفاء من الديون الشخصية وتسويتها حالة من عدم المساواة للأفراد الذين اقترضوا وسددوا المدفوعات في الوقت المحدد، فقد يشعر الأفراد الذين أداروا ديونهم بمسؤولية وسددوا جميع مدفوعاتهم في الوقت المحدد أنه من غير العدل أن يتم تخفيض ديونهم أو إعفاؤها من الآخرين، خصوصاً إذا كان عليهم تقديم تضحيات للقيام بذلك، هذا الأمر حصل فعلياً في الكويت، عندما أسقطت القروض عن المتعثرين، حيث أصدرت عديد من بيوت الأبحاث وحتى بعض النواب المعترضين تقارير تتحدث في إطار اللامساواة في القانون، وأخرى تحدثت عن مخاطرها في انهيار الثقة في النظام المالي، كما أنها تشجع الأفراد على الانخراط في سلوك مالي محفوف بالمخاطر.