خرجت رئيسة #الحكومة_البريطانية السابقة #ليز_تراس عن صمتها بعد فترة حكمها الكارثية، لتلقي باللوم في سقوطها على "المؤسسة الاقتصادية" و#حزب_المحافظين الذي تنتمي إليه.
فترة رئاسة تراس القصيرة للوزراء لم تدم سوى 49 يوماً، لتجبر بعدها على الاستقالة عقب تقديم وزير خزانتها كوازي كوارتنغ حزمة تخفيضات ضريبية غير ممولة، بلغت قيمتها 45 مليار جنيه استرليني (54.4 مليار دولار أميركي)، الأمر الذي أصاب حينها الأسواق بالذعر ودفع بالجنيه الاسترليني للهبوط. أسواق الأسهم والسندات في المملكة المتحدة كانت قد خسرت أيضاً ما قدر بنحو 500 مليار دولار من حيث القيمة، في الأسابيع التي تلت تولي تراس المنصب من سلفها رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون في سبتمبر (أيلول) الماضي، الأمر الذي اضطر "بنك إنجلترا" إلى التدخل من خلال اتخاذ تدابير طارئة لإعادة الاستقرار إلى الاقتصاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ففي مقال من نحو 4 آلاف كلمة، قالت تراس إنها لا تدعي "عدم تحمل اللوم" عن النتائج الكارثية التي كشفت عنها الموازنة المصغرة السيئة الصيت لوزير خزانتها السابق كوازي كوارتنغ، لكنها لا تزال تعتقد أن مقاربتها لدفع النمو كانت النهج الصائب.
وفيما تجنبت الإشارة إلى ريشي سوناك بالاسم، فقد وجهت انتقاداً ضمنياً له على زيادته ضريبة الشركات من 19 إلى 25 في المئة، واصفة سياسته بأنها ستتسبب في "ضرر اقتصادي للبلاد".
وفي أول تعليق مفصل لها منذ تركها المنصب العام الماضي، كتبت تراس في صحيفة "صاندي تليغراف" تقول، "أنا لا أعفي نفسي من مسؤولية ما حدث، لكن في الأساس لم تتح لي فرصة واقعية لوضع سياساتي حيز التنفيذ، وذلك بسبب عرقلة إحدى أقوى المؤسسات الاقتصادية، إضافة إلى الافتقار للدعم السياسي".
وتابعت ليز تراس تقول، "افترضت لدى تولي منصب رئاسة الوزراء في "داونينغ ستريت" أن تفويضي سيحظى بالاحترام والقبول، لكنني كنت مخطئة. وفيما كنت أتوقع مقاومة من النظام لبرنامجي، إلا أنني استخفيت بحجمها".
وأضافت، "لقد قللت في المقابل من شأن المقاومة التي أبداها نواب حزب المحافظين في البرلمان للانتقال إلى اقتصاد ذي ضرائب وقيود أقل".
وكتبت السيدة تراس في مقالها أنه في حين أن تجربتها في الخريف الماضي كانت "آثارها سلبية عليها شخصياً"، إلا أنها تؤمن بأن سياساتها كانت ستؤدي على المدى المتوسط إلى زيادة النمو، بالتالي خفض الديون.
ومع ذلك، ادعت عدم تلقي أي تحذير من المخاطر التي قد تتعرض لها أسواق السندات من "الاستثمارات المدفوعة بالمسؤولية" Liability-Driven Investments (LDIs) (تقوم على اكتساب أصول لتغطية الالتزامات الراهنة والمستقبلية) - التي اشترتها صناديق المعاشات التقاعدية - ما أجبر "بنك إنجلترا" على التدخل لمنعها من الانهيار بسبب ارتفاع كلفة الاقتراض الحكومي.
وفي أعقاب صدور الموازنة المصغرة، اشتكت ليز تراس من أن حكومتها تحولت إلى "كبش فداء" للتطورات التي كانت تختمر منذ مدة. وقالت، "الآن فقط يمكنني أن أقدر حساسية صندوق الاشتعال الذي كنا نتعامل معه في ما يتعلق بمؤشرات تلك الاستثمارات".
وانتقدت رئيسة الوزراء السابقة "قوة العقيدة الاقتصادية في الحكومة البريطانية وتأثيرها في السوق"، ودانت مسؤولي وزارة الخزانة لعدم تنبيهها إلى إمكان انهيار سوق المعاشات التقاعدية.
واتهمت السيدة تراس في المقابل "مكتب مسؤولية الموازنة" Office for Budget Responsibility (OBR) بوضع "قيود مكبلة" للسياسة المالية، مؤكدة عدم موافقتها على تقييمه لتأثير التخفيضات الضريبية المقترحة.
وأضافت في مقالها إن "مكتب مسؤولية الموازنة" يميل إلى التقليل من قيمة منافع الضرائب المنخفضة، وإصلاحات زيادة الإنتاج والعمالة لتعزيز النمو الاقتصادي، والمبالغة في تقدير حسنات الإنفاق العام".
ورأت أن "ذلك من شأنه لا محالة أن يفرض ضغوطاً على النتائج المترتبة عن ارتفاع الضرائب وزيادة الإنفاق، ومن هنا تأتي الزيادات الضريبية الكبيرة التي نشهدها الآن".
واعتبرت تراس أن الخطة التي وضعتها هي ووزير خزانتها كوارتنغ لتحقيق النمو - مع ما تنطوي عليه من مزيج من التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية لتنشيط اقتصاد متعثر - شكلت انفصالاً واعياً عن الانجراف "اليساري" في التفكير الاقتصادي، الذي استاءت منه بعض القوى الفاعلة.
وقالت، "بصراحة، كنا نحاول أيضاً تحقيق الهدف على رغم المقاومة الشرسة التي واجهناها (...) وكانت مجموعة كبيرة من وسائل الإعلام وشريحة واسعة من الرأي العام الأوسع نطاقاً، غير مطلعة على الدوافع الرئيسة المتعلقة بالضرائب والسياسة الاقتصادية، ومع مرور الوقت أصبح الناخبون يميلون تلقائياً إلى التعاطف مع اليسار البريطاني".
وأضافت أن الضجة التي أثيرت في شأن خطتها إلغاء المعدل الأعلى لضريبة الدخل الذي يبلغ 45 بنساً للجنيه (يدفع على المكاسب التي تتجاوز 150 ألف جنيه سنوياً) - ليس أقله من داخل حزبها - شكلت مثالاً واضحاً على الصعوبات التي واجهتها.
وأشارت إلى أنه "على رغم أن الإجراء كان سليماً من الناحية الاقتصادية، فإنني استخفيت بردة الفعل السياسية العنيفة التي كنت سأواجهها، والتي ركزت بالكامل تقريباً على الطريقة التي ينظر بها الجمهور إلى الخطط المطروحة".
وكانت تراس قد استقالت من منصبها كرئيسة للوزراء بعد أسابيع فقط من توليها المنصب، مما جعلها صاحبة أقصر حكم في تاريخ المملكة المتحدة. وكان رئيسة الوزراء السابقة قد فازت في معركة على القيادة ضد ريشي سوناك الصيف الماضي، من خلال طرح أجندة بنيت على خفض الضرائب وزيادة النمو.
وقد قوبل مقال الرأي المطول هذا بالانتقاد، بحيث ذكر المعارضون السيدة تراس بالأضرار التي ألحقتها بالبلاد في غضون أسابيع فقط من إدارتها دفة الحكم.
اللورد بارويل، العضو في "مجلس اللوردات" عن حزب "المحافظين"، وكبير موظفي رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، كان لاذعاً في ما يتعلق بالشروحات التي قدمتها تراس لتبرير فشل رئاستها للحكومة.
وقال في تغريدة على "تويتر"، "لقد تم إسقاطك لأنك في غضون أسابيع خسرت ثقة الأسواق المالية والناخبين ونوابك. وأثناء أزمة غلاء المعيشة المتدهورة، كنت تتصورين أن الأولوية هي لخفض الضرائب عن فئة الناس الأكثر ثراءً في البلاد".
وزيرة الخزانة في حكومة الظل "العمالية" المعارضة ريتشيل ريفز علقت بالقول، "لقد دمر "المحافظون" الاقتصاد، وأغرقوا الجنيه الاسترليني، وعرضوا المعاشات التقاعدية للخطر، وجعلوا العاملين يدفعون الثمن من خلال رفع نسبة الرهون العقارية لسنوات مقبلة".
وأضافت ريفز، "بعد مرور 13 عاماً من الركود المتمثل في تراجع النمو وتدهور الأجور وارتفاع الضرائب في ظل "المحافظين"، فإن حزب "العمال" هو الوحيد الذي أثبت قدرته على القيادة وطرح أفكار إصلاحية لاقتصادنا، والدفع قدماً بوتيرة النمو".
© The Independent