اضطر المنزل الفخم الذي تم تصوير مسلسل "داونتون آبي" Downton Abbey الشهير فيه إلى إلغاء طلبات حجز للزفاف بسبب "بريكست".
ويتيح قصر "هايكلير كاسل" Highclere Castle في هامبشير للعرسان استعادة طرائف وغرائب نجوم السلسلة التلفزيونية التي بثتها قناة "بي بي سي" من خلال استضافة ما يفوق 25 حفل زفاف سنوياً، بما فيها عام 2005 عندما أقام المغني بيتر اندري وعارضة الأزياء كاتي برايس حفل زفافهما.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولكن، بحسب الليدي كارنارفون، الكونتيسة الفعلية والواقعية لـ "داونتون آبي"، لم يحجز أي حفل زفاف للعام 2023 واقتصرت طلبات حجز للعام 2024 على حفل واحد وحسب، وقالت إنهم يملكون عدداً محدوداً من طاقم العمل لتولي حفلات تضم 20 شخصاً أو أقل.
وقالت الكونتيسة "سبب ’بريكست‘ تقويض قطاع الزفاف في قصر هايكلير، ويرتبط كل ذلك بمفعول مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، وفي الواقع سبب ’بريكست‘ تراجع عدد الأشخاص المتوافرين للعمل في قطاع الضيافة، ولهذا أدركنا أنه ليس بوسعنا تأمين الحصول على ما يكفي من طاقم العمل لتنظيم مناسبة بالنوعية التي نرغب فيها، ولقد حاولنا كل شيء ولكن ما من جدوى في متابعة السعي بشكل أكبر".
وقالت الليدي كارنارفون إنه قبل "بريكست" كان بوسع الطلاب الأوروبيين الذين يتعلمون في المملكة المتحدة أن يملأوا الشغور بكل سهولة خلال الصيف، أي في ذروة موسم الأعراس، ولكنهم اليوم ملزمون بملء نموذج مؤلف من 30 صفحة للتقدم للعمل في المملكة المتحدة. وأضافت، "إنه هدف هائل سجلناه نحن في مرمانا ولا يمكنني الحكم على الطلاب غير الراغبين فعلاً في التعامل مع هذا الكم من البيروقراطية للحصول على عمل خلال العطلات وحسب".
وأصبح قصر هايكلير الذي بناه تشارلز باري، وهو المهندس نفسه الذي أعاد تصميم مقر البرلمان، رمزاً أيقونياً للنجاحات التلفزيونية البريطانية، ولطالما تم تصوير فريق الممثلين في داونتون بمن فيهم ماغي سميث وهيوغ بونفيل وميشيل دوكيري وهم يتجولون في أنحاء المكان خلال تصوير المسلسل الذي شاهده أكثر من 120 مليون شخص حول العالم.
وأصبح المنزل بحد ذاته مشهوراً بالقدر نفسه مثل النجوم الممثلين، وكان أحد المواقع القليلة التي اعتادت الملكة على المكوث فيه رفقة والد اللورد كارنارفون الحالي الذي كان يتولى إدارة حصان السباق الخاص بها.
ستانلي جونسون العضو السابق في البرلمان الأوروبي ووالد بوريس جونسون قال إن مجرد رؤية قصر هايكلير يعاني هو تذكير صارخ بمشكلة مغادرة الاتحاد الأوروبي.
وقال "إن لم يتمكن داونتون من دعم نفسه بما يكفي من العمال لمساعدة عمله في الاستمرار مع كل الدعم الذي يحصل عليه من التلفزيون والشهرة، فما هي الفرص التي تملكها الأعمال الصغيرة للقيام بذلك؟ لا شك في أن الوقت قد حان للعمل على علاقة جديدة وأكثر إنتاجية مع الاتحاد الأوروبي حتى وإن كنا عاجزين عن الانضمام إليه مجدداً في الوقت الحالي".
ووجد تقرير حديث صادر عن خلية التفكير "المملكة المتحدة في أوروبا المتغيرة ومركز الإصلاح الأوروبي" UK in a Changing Europe and the Centre for European Reform بأن "بريكست" تسبب في نقص بلغ حوالى 330 ألف عامل في المملكة المتحدة.
وجاء في التقرير أن وضع حد لحرية التحرك "أسهم بشكل ملحوظ" في العجز الحالي لليد العاملة في مجالات الضيافة والتجزئة والبناء والنقل التي كانت الأكثر تضرراً.
وشجعت عوامل كثيرة الأشخاص على البقاء بعيداً ومنها نظام الهجرة الجديد الذي يعتمد على النقاط وصعوبات في إتمام الإجراءات الروتينية الطويلة وسهولة دخول الأوروبيين إلى بلدان أخرى ضمن الاتحاد الأوروبي.
وفي عام 2019 كانت نسبة 42 في المئة من قطاع الضيافة مؤلفة من عاملين آتين من الاتحاد الأوروبي، بيد أن هذا الرقم تراجع إلى 32 في المئة بعد مرور عامين.
وقالت كيت نيكولز، الرئيسة التنفيذية لـ "المملكة المتحدة للضيافة" والتي تضم أعضاء في القطاع، إن النقص في العاملين أدى إلى التسبب بخسارة تجارية تقدر بحوالي 25 مليار جنيه استرليني (30 مليار دولار).
وأضافت أن نصف الأعمال في مجال الضيافة تقوم بتقييد نشاطاتها بشكل اعتباطي وتقفل 13 ساعة في اليوم مع مواجهة قطاعات أخرى المشكلة نفسها.
وقالت "لدينا مشكلة في الاقتصاد، إذ هناك عدم تكافؤ في المملكة المتحدة بين عدد الوظائف وعدد الأشخاص الذين يبحثون عن عمل".
وأضافت أن قوانين "بريكست" جعلت "معالجة الأمر أكثر صعوبة، إذ لم يعد بوسعنا إدخال الأشخاص إلى البلاد بالسهولة نفسها التي كانت تسري في الماضي".
وشددت على أن ذلك الأمر لم يتسبب في المشكلة بحد ذاته، ولكنه "تسبب في وضعها على المسار الصحيح".
وتابعت، "حينما انتقلنا إلى نظام هجرة قائم على النقاط وضعنا عمداً نوع العمال ونوع الوظائف التي نود للأشخاص من خارج المملكة المتحدة التقدم إليها، وبالتالي كنتم تعلمون دائماً أنكم ستواجهون هذا النوع من الضغط".
وأضافت جاين غراتون من غرف التجارة البريطانية أنه "يتوجب على السياسيين أن يتحلوا بالواقعية في ما يتعلق بالمهارات التي نحتاج إليها من خارج المملكة المتحدة، فقد منحنا ’بريكست‘ القدرة على التحكم بحدودنا وعلى الحكومة أن تستخدم الوسائل الداعمة المناسبة لمساعدة الأعمال المتعثرة في الحصول على الأشخاص الذين تحتاج إليهم".
وقال متحدث باسم وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية إن "الحكومة تتفهم الوطأة الحالية التي يواجهها قطاع الضيافة، وأنشأت مجلس قطاع الضيافة للمساعدة في الدفع بعملية الإنعاش وإعادة بناء قدرة القطاع بعد الجائحة، وليس بوسع المملكة المتحدة الاعتماد حصراً على اليد العاملة الخارجية. نستثمر حالياً في 3.8 مليار جنيه استرليني (4.5 مليار دولار) إضافية في المهارات والتعليم الإضافي في انجلترا من خلال هذا البرلمان لضمان قدرة العمال على تطوير المهارات التي تحتاجها الشركات".
© The Independent