Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشاهد يأس وفوضى في مركز بريطاني لطلبات الهجرة

حصري: إفادات شهود عيان من حراس أمن تكشف عن أزمة متفاقمة يواجهها آلاف طالبي اللجوء المقحمين في مقر إقامة موقتة في مركز مانستون

تؤدي الأوضاع في المركز أيضاً إلى وقوع حوادث سرقة طعام بين اللاجئين (رويترز)

علمت "اندبندنت" أن #طالبي_لجوء في #المملكة_المتحدة تعرضوا لتقييد حركتهم ووضع أصفاد في أيديهم، بعد قيامهم بإيذاء أنفسهم في مشاهد يأس وفوضى، في مركز مثير للجدل لمعالجة #طلبات_المهاجرين.

وقد تحدثت روايات صادمة أدلى بها موظفو وزارة الداخلية البريطانية ومتعاقدون معها من القطاع الخاص، عن وقوع صدامات على الطعام، وعن اكتظاظ كبير في مركز قرية مانستون، وصل إلى أربعة آلاف فرد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتبين وثائق حصلت عليها وحدة الصحافة الاستقصائية "ليبرتي إنفستيغايتس" Liberty Investigates  التابعة لمجموعة "ليبرتي" Liberty الخيرية المدافعة عن الحقوق المدنية - بموجب قوانين حرية الحصول على المعلومات - واطلعت عليها "اندبندنت"، كيف عمل موظفون على تقييد حركة المحتجزين وحبسهم في "حافلات اعتقال" في مركز الاحتجاز الذي كان قاعدة عسكرية سابقة في مقاطعة كينت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشتمل الشهادة التفصيلية الأولى للظروف التي وصفها حراس المركز على الوقائع الآتية:

• ينام آلاف الأشخاص على حصائر على الأرض داخل عنابر موقتة أثناء احتجازهم لفترات غير محددة، من دون أن يشغلهم شاغل.

• حوادث تثبيت معتقلين على الأرض وضربهم، بعدما قاموا بصدم رؤوسهم بالجدران.

• تقييد مهاجرين قسراً بعدما طلبوا الحصول على طعام.

• رجل أصيب في شجار تلقى رعاية طبية "غير مقبولة"، لأن المسؤول افترض أنه "كان يدعي أنه مصاب".

الكشف عن هذه الأوضاع يأتي في الوقت الذي لا يزال فيه نظام الهجرة في المملكة المتحدة يعاني ضغطاً هائلاً بلغ حد  الانهيار، بحيث يعيش أكثر من 45 ألف طالب لجوء في فنادق، إضافة إلى سجل قياسي من أكثر من 140 ألف طلب لم يتم البت فيها.

وكان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك قد تعهد بتقديم تشريع جديد، زعم أنه "سيمنع القوارب" (من عبور "القنال الإنجليزي") في الأسابيع المقبلة، وأعلن مواصلته متابعة خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا التي تم تعليقها. لكن منتقدي هذا المنحى يقولون إن محاولات الحكومة السابقة "لردع" متسللي القوارب باءت بالفشل، وأنه يتعين عليها إيجاد بدائل آمنة وقانونية لعمليات عبور القنال.

وكان قد وصل في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي نحو 1,200 مهاجر على متن زوارق صغيرة، مما أدى إلى استخدام مركز مانستون على نحو منتظم، وذلك بعدما خفضت الحكومة البريطانية المعايير القانونية المتعلقة بتحديد قيود احتجاز طالبي اللجوء والظروف والرعاية الصحية ذات الصلة.

مسؤولو الاحتجاز تحدثوا - في سلسلة وقائع سجلت في أكتوبر في ذروة أزمة الاكتظاظ في مركز مانستون - عن حالات تكبيل أيدي مهاجرين، قاموا بضرب رؤوسهم بالجدران، وعن تثبيت رجل على الأرض بعدما عاجله الحارس بـ "ضربة مرفق"، ومن ثم تقييد ساقيه. 

وفي ما يتعلق بعملية تسجيل تلك الحوادث، فقد أفيد عن قيام عاملي الاحتجاز وموظفي الهجرة بملء الاستمارات، بعد وقوع "حالات استخدام القوة".

وتلفت استمارات عدة إلى حدوث توترات شديدة داخل عنابر فائقة الازدحام تم إنشاؤها على عجل لاستيعاب تدفق المهاجرين - أحياناً لأسابيع عدة - بعدما فشلت وزارة الداخلية البريطانية في تأمين أماكن إيواء كافية.

في غضون ذلك كان آلاف الأشخاص ينامون على حصائر على الأرض أثناء احتجازهم لفترة غير محددة، من دون أية أنشطة تذكر يقومون بها، أو هواتف محمولة، وفي ظل فرض قيود على تواصلهم مع العالم الخارجي.

وقالت مسؤولة من "نقابة خدمات الحدود والهجرة والجمارك"  (ISU) Immigration Services Union، التي تمثل موظفي "قوة حرس الحدود" Border Force ، إن الظروف "ساهمت في نشوء هذه الحالة النفسية التي باتت تدفع بالأفراد إلى إلحاق الأذى بأنفسهم".

وأضافت لوسي موريتون المتحدثة باسم النقابة، أن الأوضاع في المركز تؤدي أيضاً إلى وقوع حوادث سرقة طعام بين اللاجئين، وتزاحم في ما بينهم للوصول إلى أماكنهم، واضطرابات متواترة. ورأت أن "مصدر جميع تلك الاضطرابات وما آلت إليه من تداعيات، كان الظروف غير الملائمة لتلبية أبسط الاحتياجات الإنسانية".

ويصف عدد من الروايات عن الحوادث، كيف أن حالات توتر تفاقمت لتتحول إلى صدامات واشتباكات، بما فيها تلك التي كانت تقع بين مجموعات تنتمي إلى جنسيات مختلفة.

وتحدث أحد المسؤولين عن مخاوف مرتبطة بمستوى الرعاية الطبية في مركز مانستون، بعد إصابة رجل في هجوم شنه أحد المحتجزين على آخر، في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول). وكتب في تقريره أن العلاج الذي قدمه الفريق الميداني يعد "غير مقبول". وأضاف: "إن الرعاية الطبية التي حصل عليها المصاب من جانب (أحد عناصر الاحتجاز) كانت أكثر من تلك التي كان يجب أن يقدمها المسعف الطبي الموجود في الموقع. وقد شعرت بأن المسعفين اعتقدوا أنه المحتجز كان يدعي الإصابة. إلا أنه جرى نقله في وقت لاحق إلى المستشفى بسيارة إسعاف".

وفي اليوم نفسه سجل موظف آخر يعمل لحساب شركة خاصة هي "ميتي"  Mitie (تقدم استشارات البنية التحتية وإدارة المرافق وخدمات الطاقة والرعاية الصحية)، طغيان أجواء "متوترة للغاية"، وكتب أن "المحتجزين بدوا ضائعين وحائرين في أمرهم".

وأضاف المسؤول: "سألني عدد من المحتجزين عما إذا كانوا سيغادرون الليلة، وما إذا كان سيتم إرسالهم إلى فندق. وكنت أشرح لهم أنه يتعين عليهم التحلي بالصبر، وأننا ما زلنا لا نعرف ماذا يحدث".

وجاء في الإفادات أيضاً أنه في الـ14 من أكتوبر (تشرين الأول)، تم تقييد يدي معتقل "ثار غضبه" بعد سؤاله الموظفين عن سبب عدم إعطائه طعاماً وتقييده بالأصفاد واحتجازه الموقت. ورد المسؤول المعني بأنه يعتقد أن الرجل "كان سيتسبب بالأذى لنفسه أو للآخرين"، وذلك بعد "صراخه مطالباً بالحصول على الطعام، وقوله إنه ليس كلباً".

يشار إلى أن حوادث عدة وقعت، جرى خلالها تقييد حركة بعض الأشخاص بعد محاولتهم الخروج من العنابر أو الهرب منها.

وأوضح مسؤول تابع لوزارة الداخلية في الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول)، أن "مهاجرين كانوا يحاولون الاندفاع نحو الأبواب بعد يوم من تنفيذ اعتصام احتجاجي خارج مجمع العنابر".

وقبل ذلك بأسابيع، أطلقت "رابطة ضباط السجون" Prison Officers’ Association (POA)  تنبيهاً عاماً في شأن الوضع في مركز مانستون، قائلة إن الظروف السيئة وحالة الاكتظاظ تسهم في بث "أجواء محمومة ومشحونة".

وقد أقر وزير الدولة البريطاني لشؤون الهجرة روبرت جينريك في وقت لاحق بأن مركز مانستون للاحتجاز لم يكن "يعمل بشكل قانوني" في ذلك الحين، وأن المشكلة نجمت عن "فشل في التخطيط" المسبق لمواجهة تزايد عدد عمليات عبور القوارب الصغيرة للقنال الإنجليزي.

آيدل هانلي مديرة تنسيق السياسات في مؤسسة "العدالة الطبية" Medical Justice الخيرية، التي تدافع عن الرعاية الصحية للمحتجزين، رأت أن الإفادات المسجلة تشير إلى أنه لم يتم استخلاص كثير من العبر من التحقيقات التي أجريت في شأن عمل مراكز احتجاز المهاجرين الأخرى، وأن استخدام القوة كان بمثابة "عودة مرعبة إلى تطبيق الإساءات الماضية" بالنسبة إلى بعض المهاجرين.

وأضافت هانلي أن "أفراداً كثراً موجودين في مركز مانستون، عانوا تاريخاً طويلاً من التعذيب والصدمات. وتأتي هذه المعلومات الجديدة لتشير إلى طغيان حال فوضوية ومخيفة، مع وجود قليل من المساءلة أو المسؤولية".

وزارة الداخلية البريطانية ذكرت أن حادثتي استخدام القوة في مركز مانستون في أكتوبر (تشرين الأول)، سجلتا من جانب موظفي احتجاز تابعين لشركة "ميتي"، و19 عنصراً من "قيادة مخاطر الهجرة غير الشرعية" Clandestine Threat Command (CTC) (التي تتولى تنسيق الاستجابة الشاملة لعمليات التسلل غير الشرعي إلى المملكة المتحدة).

وتتضمن الاستمارات إشارات إلى وقوع حوادث أخرى تتعلق بموظفين تابعين لوكالة أخرى متعاقدة مع وزارة الداخلية هي "إنترفورس"  Interforce (المتخصصة في الأمن وإنفاذ القانون)، لكن يبدو أن هؤلاء الموظفين لم يقوموا بتعبئة أي استمارات بعد تقييد حركة مهاجرين.

وتقول "المفتشية الملكية للسجون" HM Inspectorate of Prisons إن الموظفين المتورطين في أية حادثة يجب أن "يكملوا التقارير المطلوبة بالتفصيل، وعلى وجه السرعة"، مع تقديم وثائق مدققة "لتحديد أي سوء معاملة محتمل".

آندي باكستر الأمين العام المساعد في "رابطة موظفي السجون" أكد أن النقابة "أثارت باستمرار مخاوف في شأن تصعيد حوادث استخدام القوة، ولا سيما في الأماكن الخاضعة لإدارة قوى عاملة في منظمة ’انترفورس‘".

وقال لـ"اندبندنت": "لقد تم استدعاء موظفين متعاقدين من منظمة ’إنترفورس‘ على عجل إلى الموقع، في أعقاب التوسعة السريعة لمركز مانستون. ولم تكن لدى العاملين في بعض أقسام المنشأة المستويات المطلوبة من التدريب والمهارات الشخصية التي تخولهم تحديد حالات الصراع ونزع فتيلها".

السيدة موريتون من "نقابة خدمات الحدود والهجرة والجمارك"، اعتبرت أن المتعاقدين من القطاع الخاص ليست لديهم الصلاحيات القانونية نفسها التي يتمتع بها موظفو وزارة الداخلية، ولا يمكنهم التصرف إلا في حالات الدفاع عن النفس أو أثناء الدفاع عن شخص آخر".

وأوضحت أن وزارة الداخلية تدرك المخاوف الخطرة التي أثارها الموظفون وغيرهم في شأن طول فترة احتجاز المهاجرين، والتساؤلات في شأن قانونية هذا الاحتجاز، مشيرة إلى أن "الموظفين كان يطلب منهم أداء مهمات الرقابة العامة التي هي خارج نطاق اختصاصهم القانوني وتدريبهم. وقد كانت تلك الفترة مخيفة للغاية بالنسبة إلى جميع الأفراد المعنيين".

وزارة الداخلية البريطانية ذكرت أن جميع الموظفين العاملين في مركز مانستون هم مدربون على استخدام القوة، لكن على "مستويات مختلفة". وقال متحدث باسمها: "نحن نأخذ سلامة ورفاه الأفراد الذين هم في رعايتنا على محمل الجد. لذلك قمنا بإجراء تحسينات كبيرة في المرافق التابعة لمركز مانستون خلال الأشهر الأخيرة، في أعقاب عبور أعداد غير مسبوقة من الأشخاص للقنال اإنجليزي في الخريف الماضي. وما زال الموقع بالتالي مزوداً بموارد جيدة للتعامل مع وافدين آخرين في المستقبل".

وأوضح أن "جميع الموظفين في الموقع يتلقون التدريب المناسب لدورهم، ويجرى تقييم مخاطر جميع الأنشطة التشغيلية وإخضاعها للمراجعة".

وأكد المتحدث "حرص وزارة الداخلية على قيام جميع المتعاقدين معها بتوظيف الأشخاص وفقاً لالتزاماتهم القانونية الأوسع نطاقاً، ونتوقع من جميع مقدمي الخدمات والعاملين لديهم، التزام أعلى المعايير المتبعة حفاظاً على سلامة الأفراد الموجودين تحت رعايتنا".

شركة "ميتي" ذكرت أن أماكن الإقامة التي تديرها تقدم أطعمة طازجة ووجبات خفيفة، إضافة إلى أنها تنظم أنشطة متفرقة تشمل تقديم أجهزة تلفزيون ووحدات التحكم بالألعاب وألعاب الطاولة.

وأضافت الشركة المقاولة أن موظفي الحجز لديها خضعوا لتدريبات متخصصة، وهم مخولون قانوناً  اللجوء إلى استخدام القوة، لدى اعتقادهم أن تصرفهم سيكون مقبولاً وضرورياً ومتناسباً.

لم يعلق ممثلو وكالة "إنترفورس". 

© The Independent

المزيد من متابعات