على خلفية اتجاه #البنوك_العالمية، خصوصاً #الاحتياطي_الفيدرالي نحو تشديد السياسة النقدية وهروب #الأموال_الساخنة من #الأسواق_الناشئة، لا سيما #مصر، أعلنت وكالة "موديز" خفض تصنيفات الحكومة المصرية طويلة الأجل للعملات الأجنبية والمحلية إلى B3 من B2 وغيرت النظرة المستقبلية إلى مستقرة.
يأتي ذلك في وقت تمكنت القاهرة من السيطرة على أزمة تكدس البضائع في الموانئ مع القضاء على السوق السوداء للصرف واستقرار أسعار الدولار مقابل الجنيه في التعاملات الأخيرة، لكن منذ مارس (آذار) من العام الماضي وحتى الآن سجلت العملة الأميركية ارتفاعات تتجاوز 91 في المئة مقابل الجنيه.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كانت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أعلنت خفض نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري إلى سلبية بسبب ما وصفته بتزايد جوانب الضعف الخارجي وقالت إن ضغوطاً إضافية ربما تؤدي إلى خفض لتصنيف البلاد.
والشهر الماضي أكدت وكالة "ستاندرد أند بورز" التصنيف الائتماني لمصر عند B مع نظرة مستقبلية مستقرة وذكرت أن حزم الدعم الجديدة من صندوق النقد الدولي ودول الخليج ستعزز قدرة القاهرة على تغطية حاجاتها التمويلية.
وأوضحت "موديز" أن خفض التصنيف إلى B3 يعكس تدني الهوامش الوقائية الخارجية وقدرة امتصاص الصدمات في مصر، وبينما يخضع الاقتصاد لتغيير هيكلي نحو نموذج نمو يقوده القطاع الخاص في ظل نظام سعر صرف مرن تراجعت احتياطات العملات الأجنبية السائلة منذ تغيير النظرة المستقبلية إلى سلبية في مايو 2022.
وتضاءلت السيولة الوقائية للعملات الأجنبية في النظام النقدي (كما تم قياسها من خلال تراكم مراكز المسؤولية الأجنبية الصافية الكبيرة في البنك المركزي والبنوك التجارية)، بينما ارتفع الضعف الخارجي في وقت تتصف الظروف العالمية بالهشاشة.
تداعيات سلبية للتضخم المرتفع
وأشارت الوكالة إلى أنه في حين أن استراتيجية بيع الأصول المملوكة للدولة التي أعلنت عنها الحكومة والتي تبدأ هذا الشهر كجزء من برنامج صندوق النقد الدولي الجديد ستدعم هذا التعديل الهيكلي وتساعد في توليد تدفقات رأسمالية مستدامة لمواجهة مدفوعات خدمة الدين الخارجية المتزايدة، لكن هذه العملية ستستغرق وقتاً لتقليل أخطار الضعف الخارجية لمصر بشكل ملموس، إضافة إلى ذلك وعلى رغم الالتزام الواضح بسعر صرف مرن تماماً، فإن قدرة الحكومة على إدارة الآثار المترتبة على التضخم والاستقرار الاجتماعي لم تتحقق بعد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضحت أن النظرة المستقبلية المستقرة توازن بين أخطار الصعود والهبوط وتتعلق أخطار الجانب السلبي بأخطار السيولة التي تنعكس على ظروف سوق رأس المال الدولية المشددة، فضلاً عن ارتفاع كلف الاقتراض المحلي وضغوط الإنفاق الاجتماعي في بيئة تضخمية، لكن يتم تخفيف هذه الأخطار من خلال قاعدة التمويل المحلي المخصصة للحكومة وسجل الحكومة الحافل بتوليد فوائض أولية باستمرار والتي تتوقع "موديز" أنها ستساعد في تقليل عبء الديون بعد نكسة موقتة.
في الوقت نفسه تتعلق الأخطار الصعودية بتنفيذ إصلاحات القدرة التنافسية المعلنة التي ربما تعزز قاعدة صادرات الاقتصاد وتدعم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والتي بدورها ستعزز القدرة على تحمل الدين الخارجي للاقتصاد وتقلل بشكل مستدام من أخطار الضعف الخارجية للاقتصاد.
وانخفضت احتياطات العملات الأجنبية السائلة إلى 26.7 مليار دولار في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2022 من 29.3 مليار دولار في نهاية أبريل (نيسان) 2022، بينما ارتفع صافي مركز المسؤولية الأجنبية في النظام النقدي إلى 20 مليار دولار في نهاية ديسمبر من 13 مليار دولار في أبريل.
وأدى التدني في سيولة العملات الأجنبية إلى تراجع كبير في تغطية مدفوعات خدمة الدين الخارجي المتوسطة والطويلة الأجل التي تصل إلى 20.4 مليار دولار في السنة المالية 2023/2024 و23.2 مليار دولار في السنة المالية 2024/2025 ، إضافة إلى 26 مليار دولار في الدين قصير الأجل، وسط شروط تمويل خارجية مشددة.
فرص انتعاش السيولة
وقالت الوكالة إن التصنيف يأخذ في الحسبان التقلص التدريجي لعجز الحساب الجاري إلى ثلاثة في المئة من الناتج المحلي المتوقع خلال السنة المالية 2024 من 3.5 في المئة خلال العام المالي 2022 وتدابير الدعم المالي المتمثلة في برنامج صندوق النقد الدولي.
وأشارت إلى أنه في حين أن تجدد زخم الطروحات الذي حققه اتفاق صندوق النقد الدولي الأخير سيخلق مصادر أكثر استدامة لتدفقات رأس المال، فإن عملية الحد من جوانب الضعف الخارجية للبلاد ستستغرق وقتاً، وقالت "بينما قد يستقر الوضع، فإنه ليس من المرجح أن تنتعش السيولة في مصر ومراكزها الخارجية بسرعة".
وذكرت أنه ستتم موازنة ارتفاع كلف الاقتراض المحلي وتشديد أوضاع أسواق رأس المال العالمية وزيادة الإنفاق الاجتماعي بقاعدة التمويل المحلية القوية للحكومة والسجل الجيد في تحقيق فوائض أولية في موازنة الدولة. ومن شأن تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الواردة في اتفاق صندوق النقد الدولي وتعزيز الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر أن تمثل عاملاً صعودياً في توقعات "موديز".
وأوضحت أن التحول في سعر الصرف سيكون جيداً على المدى المتوسط، لكن "الالتزام بسعر صرف مرن بالكامل سيكون إيجابياً لمصر على المدى المتوسط" على رغم أن هذا سيواجه صعوبات بسبب ارتفاع التضخم وزيادة كلف الاقتراض المحلي، وأضافت "يثير هذا التعقيد تساؤلات حول قدرة البنك المركزي والحكومة على إدارة العواقب الكاملة لعملية التحول".
الوكالة أكدت أنها ستنظر في رفع تصنيفها الائتماني لمصر إذا أدت الإصلاحات الهيكلية إلى تحول نحو نموذج مستدام لتوليد العملات الأجنبية، وستكون الزيادة في الصادرات غير النفطية وارتفاع احتياطات البلاد من النقد الأجنبي بدعم من التدفقات غير المرتبطة بالديون إيجابية للتصنيف الائتماني، وكذلك تحسين المؤشرات المالية، لكن يمكن أن يشهد تصنيف مصر الائتماني مزيداً من الخفض إذا أخفقت تعهدات الإصلاح أو إذا كان هناك تدهور كبير في نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة أو الفوائد إلى الإيرادات.
توقعات بارتفاع التضخم
على صعيد التضخم، أظهر استطلاع حديث أنه من المتوقع أن يكون معدل التضخم العام في مصر واصل الارتفاع في يناير بعدما قفز إلى أعلى مستوياته خلال خمسة أعوام في ديسمبر مع استمرار زيادة الأسعار بعد انخفاض سعر الجنيه المصري مرات عدة على مدى الأشهر الـ10 الماضية.
وأوضح الاستطلاع الذي أجرته وكالة "رويترز" أن متوسط توقعات 14 محللاً أن التضخم السنوي ربما بلغ مستوى 23.75 في المئة خلال شهر يناير الماضي، ارتفاعاً من 21.3 في المئة خلال شهر ديسمبر الذي كان الأعلى منذ ديسمبر 2017.
ومن المتوقع أن يصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والبنك المركزي المصري بيانات التضخم لشهر يناير الماضي غداً الخميس.
وفي مذكرة بحثية حديثة توقع بنك "غولدمان ساكس" أن يصل التضخم إلى 23.8 في المئة، وقال "تظهر مراقبتنا للأسعار المحلية استمرار ارتفاع الأسعار بشكل مطرد في يناير لمعظم السلع الأولية الأساسية ومنها الرز وزيوت الطعام والسكر واللحوم والدواجن".
وأشار البنك إلى زيادة محتملة تصل إلى 10 في المئة بأسعار الوقود خلال اجتماع ربع سنوي للجنة تسعير الوقود الحكومية يمكن أن تقلل من وتيرة خفض التضخم.
ومن شأن ارتفاع التضخم بدرجة كبيرة أن يضغط على لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة في اجتماعها التالي في 30 مارس (آذار) المقبل.
وكانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري أعلنت خلال أول اجتماعاتها في 2023 قبل أيام تثبيت أسعار الفائدة، وقالت إنها تعتقد بأن رفع سعر الفائدة 800 نقطة أساس على مدى العام الماضي سيقلص من حدة الضغوط التضخمية.