Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل الأردن بمنأى عن الزلازل المدمرة؟

تحذير من حملة تهويل على منصات التواصل الاجتماعي

مع تسجيل نحو 700 #هزة_ارتدادية في الأردن على أثر #الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، قفز إلى اهتمامات وأحاديث الأردنيين على وسائل التواصل الاجتماعي سؤال وحيد وملح حول ما إذا كانت بلادهم بمنأى عن الزلازل المدمرة؟ ومدى استعداد السلطات لمواجهة هذا المصير المقلق.

 

وفي وقت استبعد خبراء ومتخصصون هذه الفرضية يستشهد مراقبون بالتاريخ، حيث شهدت المملكة زلزالاً مدمراً ضرب الأراضي الأردنية والفلسطينية عام 1927، وخلف في حينه آلاف القتلى والجرحى، لكن منذ ذلك الحين لم تشهد المنطقة أي زلزال عنيف باستثناء مئات الهزات الخفيفة التي شعر بها السكان على فترات عدة من دون أي خسائر بشرية أو مادية.

تحذير أم تهويل؟

ووسط قلق الخبراء من وجود الأردن جغرافياً ضمن فالق البحر الميت (حفرة الانهدام)، التابعة للشق السوري – الأفريقي، وهو صدع كثير التعرض للزلازل والهزات الأرضية، فإن قرب البحر الميت من العاصمة عمان يزيد من مخاوف حدوث آثار مدمرة لأي زلزال قوي قد يضرب المنطقة في الفترة المقبلة، إلا أن آخرين يحذرون من التهويل والمبالغة في نشر الخوف بين الأردنيين بعد تناقل عشرات المعلومات المغلوطة ومقاطع الفيديو المتداولة، والتي يتحدث بعضها عن زلزال مدمر سيضرب الأردن وفلسطين خلال الأسابيع المقبلة، مما دفع مرصد الزلازل الأردني إلى تأكيد أن الحديث عن مواعيد مفترضة لحدوث الزلازل هو موضوع "غير علمي" ولا يحمل أي أساس، مؤكداً أن من الصعب التنبؤ بحدوثها.

وقال رئيس مرصد الزلازل الأردني غسان سويدان إنه تم تسجيل أكثر من 700 هزة ارتدادية تراوحت قوتها بين 2.5 و6.7 درجة على مقياس ريختر، مضيفاً أنها لم تؤثر في المباني على رغم شعور المواطنين بها، وإذا لا ينكر كون منطقة بلاد الشام، بما فيها الأردن، منطقة نشطة زلزالياً، لكن سويدان يقول إن غالبية الزلازل التي تحدث غير ملموسة وخفيفة، ويصف المعلومات التي يتم تداولها بأنها ليس لها أي أساس علمي، إنما تعتمد على التهويل وإثارة الهلع وتصدر عن أشخاص غير متخصصين.

كارثة مؤجلة

وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عبر الأردنيون عن مخاوفهم من كارثة مؤجلة، بعد حادثة انهيار عمارة سكنية في منطقة جبل اللويبدة في العاصمة عمان ومقتل العشرات تحت أنقاضها. ومرد المخاوف إلى وجود آلاف البيوت والعمارات القديمة والتاريخية، بعضها متهالك وآيل للسقوط في العاصمة عمان التي تتميز جغرافياً بأنها تقع على سبعة جبال، مما يزيد منسوب القلق في حال حدوث زلزال قوي. وتتحدث تقديرات عن أن "نحو ربع المباني القديمة متهالك وآيل للسقوط"، وفقاً لرئيس هيئة المكاتب الهندسية الأردنية عبدالله غوشة، وسط مطالبات بفتح ملف "الأبنية القديمة" والقيام بمسح جغرافي لها ومعالجتها قبل فوات الأوان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دعوات للحذر والاستعداد

وفي مقابل الآراء التي تقلل من احتمالية حدوث زلزال في الأردن، دعا مركز إدارة ونمذجة ومحاكاة الأزمات والكوارث إلى اتخاذ خطوات وقائية للاستعداد والتخفيف من تأثير الزلازل في المستقبل للتقليل من الأضرار والخسائر في الأرواح والممتلكات. ومن بين هذه الإجراءات الوقائية اتباع معايير وقوانين البناء، إذ كشفت الكارثة عن الحاجة إلى قوانين ومعايير بناء أقوى لضمان قدرة الهياكل على مقاومة الزلازل. وطالب متخصصون بضرورة إشراك المجتمع المحلي في الاستجابة للكوارث وجهود التعافي، إضافة إلى تقييم الأخطار والحاجة إلى بنية تحتية مناسبة مثل الجسور والطرق لدعم جهود الإنقاذ والإنعاش وكذلك لتسهيل عملية إعادة البناء، ولا يغفل هؤلاء أهمية دعم الصحة النفسية والعقلية للمتضررين من الزلازل. وأشار مراقبون إلى أهمية أنظمة الإنذار المبكر وإشاعة التثقيف العام في شأن الاستعداد للكوارث والحد من الأخطار.

المعطيات العلمية تنفي

وأكد أستاذ الجيولوجيا أحمد ملاعبة من "الجامعة الهاشمية" أن المؤشرات والمعطيات على حدوث زلزال كبير في الأردن تنفي ذلك، داعياً الأردنيين إلى عدم التخوف والقلق وعدم الاستماع إلى الإشاعات. وأشار إلى أن التنبؤ بحدوث زلزال أمر صعب بل ضرب من الإعجاز على رغم كثرة الدراسات والأبحاث الجارية منذ قرون في المختبرات العالمية كافة. أضاف الملاعبة "الأردن يقع فيه انهدامان كبيران، الأول هو انهدام الغور الأردني، وهو جزء من الانهدام العربي الأفريقي الممتد من بحيرة فكتوريا في كينيا مروراً بخليج عدن والبحر الأحمر وخليج العقبة ووادي عربة والبحر الميت ونهر الأردن وبحيرة طبريا مروراً بلبنان وسوريا وحتى تركيا، بطول يقارب سبعة آلاف كيلومتر، والانهدام الثاني هو انهدام وادي السرحان الممتد شمال غربي السعودية مروراً بامتداد الحد الأردني السعودي ولغاية منطقة الأزرق الأردنية ومدينة الرمثا ومنها إلى جنوب سوريا وحتى لبنان بطول يقارب 400 كيلومتر"، وعلى رغم ذلك أكد الملاعبة أن المنطق العلمي يقول إنه لا توجد منطقة في العالم آمنة بشكل كامل من حدوث زلزال.

ورصد الملاعبة تاريخ الزلازل في الأردن والمنطقة المجاورة بالحديث عن زلزال أريحا عام 1927، إذ بلغت شدة الزلزال 6.2 درجة على مقياس ريختر، وزلزال صفد عام 1837 بقوة سبع درجات.

نمط زلزالي مختلف

بدوره، استبعد نجيب أبوكركي أستاذ علم الجيولوجيا في "الجامعة الأردنية" حدوث زلزال مدمر في الأردن، موضحاً أن نوع الصفائح في المنطقة من النوع الانزلاقي، وتاريخياً من ضمن الزلازل المرصودة في المنطقة لم يسجل أي زلزال بهذه القوة، "منطقتنا بعيدة كل البعد عن الزلازل من ضمن هذا النمط من القوة التدميرية". وأشار أبوكركي إلى أن أكثر الزلازل في منطقتنا هي بقوة 6.5 درجة بمقياس ريختر.

وحول منطقة البحر الميت التي يتوقع أن تكون بؤرة أي زلزال مقبل، قال أبوكركي "علمياً قد تكون أكثر عرضة أو أقل عرضة، لكن تاريخياً نمط الزلازل في منطقة البحر الميت لن يزيد على 6.5 درجة بمقياس ريختر وبعمق ثمانية كيلومترات"، خاتماً "منطقتنا لا يمكن أن يحدث فيها شيء مشابه لما حدث في تركيا، ومن يطلقون الإشاعات يبحثون عن شهرة زائفة".

المزيد من تقارير