كتبتُ #روايتين عن #نساء_ مفقودات مثل #نيكولا_ بولي. لماذا؟
في الروايات خاتمة. إذ تجد كل الأمور العالقة طريقها إلى. ليست النهايات سعيدة في كل الأوقات لكنها في معظم الحالات، تسمح لنا بإغلاق الموضوع. يظهر الأشرار بأشكال مختلفة لكن يربطهم دائماً قاسم مشترك يتمثل بأنه من الأمور النادرة أن ينجوا بفعلتهم بلا عقاب.
ماذا عن قصص الجرائم الحقيقية؟ في المملكة المتحدة، ثمة مجموعة خيارات تتزايد باستمرار وتشمل قنوات التلفزة أو مهرجانات أو كتباً أو مدونات صوتية، وتشجع كلها هواة التحقيق على النظر في القضايا غير المحلولة التي لا تزال مفتوحة، والنهاية السعيدة فيها غير مضمونة. وطبعاً، لدينا السيل المتواصل من الأنباء العاجلة.
إذاً، ما هو عامل الجذب؟ لماذا نستميت كي نعرف سبب وكيفية حصول الأمور السيئة مع الآخرين؟ ربما تكون غريزة بشرية.
نحن مبرمجون كي نحمي أنفسنا وقبيلتنا.
تستقطبنا هذه الأخبار كأنها طريقة في تثقيف أنفسنا بشأن كل المخاطر الممكنة. إن استطعنا فهم ما الذي يجعل الأشرار يغضبون ويقدمون على فعلتهم، يمكننا حينها تفادي الوقوع في فخهم. كلما قرأنا، نتعلم أكثر. إن هذا ليس مرضاً. كل ما في الأمر أننا نحاول المحافظة على سلامتنا.
هل يكون الأمر قاتماً أكثر من ذلك؟ هل نشعر بأننا أفضل حالاً إن عرفنا بأن هذه المعاناة الهائلة تحدث بعيداً منا؟ ربما في أعماق أنفسنا، نؤمن بأنه في كل مرة نقرأ فيها عن سيدة مفقودة أو عن جريمة قتل، يتغير الوضع لمصلحتنا، فيقل احتمال أن يحدث معنا الشيء نفسه.
بالتالي، نحن نختار نسيان أن كل شخص هو فرد ينتمي إلى عائلة. ماذا لو أصبح الموضوع غير مريح؟ نقلب الصفحة أو ننتقل إلى موضوع آخر. نشاهد فيديو عن قطة إلى أن يدفعنا الفضول من جديد لنتابع القصة، ونشعر بحاجة ماسة إلى معرفة خاتمتها. نحدث الصفحة المرة تلو الأخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من أين يأتي هذا الدافع؟
تعج مواقع الصحف وصفحات التواصل الاجتماعي بصور المقعد الذي وُجد عليه منذ أسبوعين تقريباً هاتف نيكولا بولي، أم الطفلتين التي اختفت. يتمثل أحد أفضل الأمور في عصر الإنترنت، بسرعة وسهولة انتشار التفاصيل المتعلقة بالمفقودين، على نطاق كبير. إنه الأمر الصواب، إضافة إلى أنه يقدم يد المساعدة.
لقد التقطت الشرطة أو الصحافة جزءاً كبيراً من الصور المنتشرة عن تلك الحادثة، لكن بعضها التقطها أشخاص زاروا ضفة النهر في الأيام الأخيرة ليلتقطوا صور سيلفي قرب المقعد. وصفتهم الصحافة بـ"الغيلان"، وانتقدهم من يعرفون بولي بشدة.
أول رد فعل لي حينما سمعت بالموضوع كان القرف وعدم التصديق.
وأول سؤال تبادر إلى ذهني كان: هل جردتنا وسائل التواصل الاجتماعي من الشعور بالخجل؟ ثم سألت نفسي، ماذا يختبئ وراء هذه الحاجة الملحة لأن نكون جزءاً من القصة؟ كل السلوك البشري مدفوع برغبة للشعور بإحساس معين. بالتالي، إذا قطعت مسافة كبيرة كي أصور نفسي قرب ذلك المقعد، فما هو الشعور الذي أنشده؟
أعتقد أن الجواب يمكن في تطور الجنس البشري. على المستوى السطحي، يتعلق الموضوع بالرغبة في نشر شيء يستقطب اهتماماً كبيراً على وسائل التواصل. تحصل على مليون إعجاب ومشاركة وتصبح مشهوراً، ومحبوباً لفترة قصيرة. للأسف، لا علاقة للموضوع بمساعدة بولي أو عائلتها. أما على مستوى أعمق، هنالك أمر قبائلي يمثله الشعور بأنك جزء فاعل من موضوع معين، ولديك دور تؤديه في قصة مهمة ومأسوية للغاية.
هذا ما يحدث حينما تصبح الأخبار مجرد قصة أخرى. تختفي الحدود إلى درجة كبيرة هذه الأيام بين الحياة الواقعية ووسائل التواصل الاجتماعي، فما عاد كثير من الناس قادرين على رؤية ما يكمن وراء ضفة النهر تلك والمقعد الذي بات مألوفاً الآن.
في مكان غير بعيد، تنفطر قلوب أشخاص حقيقيين.
أولئك هم الأشخاص الذين يحبون بولي يستميتون كي يروا أي لمحة عنها. لم يعد لديهم الآن سوى أسئلة من غير إجابات، وغياب مؤلم يبدو أن أصحاب التكهنات على الإنترنت وحائكي نظريات المؤامرة يسعدهم أن يملأوها بأسوأ النهايات.
تشكل الصورة الإثبات الوحيد على الحدث، بحسب وسائل التواصل الاجتماعي. وفي هذه المرة، أجد بعض الأمل في هذه الجملة.
* اختيرت إيما كريستي ضمن القائمة القصيرة لجائزة "رواية العام" عن فئة أدب الجريمة لعام 2021 في اسكتلندا وجائزة الرواية الأولى من فئة أدب الجريمة لعام 2021.
© The Independent