كشف تقرير رقابي للحكومة الأميركية عن أن انسحاب إدارة الرئيس جو بايدن من أفغانستان عام 2021 أسهم في انهيار الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب في كابول، وسيطرة "طالبان" على البلاد بعد وقت قصير من مغادرة القوات الأميركية. وأكد التقرير ترك أسلحة ومعدات عسكرية أميركية تترواح بين طائرات وصواريخ وأنظمة اتصالات بقيمة 7.2 مليار دولار بيد الحركة التي قاتلتها الولايات المتحدة طوال حرب العقدين.
تسليم أفغانستان لـ "طالبان"
وأوضح تقرير المفتش العام الخاص بإعادة إعمار باكستان جون سوبكو بأن "ضعف المساءلة عن الأسلحة والمعدات والافتقار إلى التخطيط المنهجي من العوامل التي أدت إلى الانهيار العسكري". وفي حين ألقى التقرير باللوم على الإدارات الأميركية كافة منذ عهد جورج دبليو بوش، إلا أنه أشار إلى نقطة تحول محورية وهي اتفاق الدوحة لعام 2020، عندما تعهدت إدارة دونالد ترمب بسحب القوات الأميركية والمتعاقدين من البلاد في مقابل ضمانات من "طالبان".
وأفاد تقرير المفتش الذي عينه الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2012 بأن الحكومة الأفغانية تتحمل هي الأخرى جزءاً كبيراً من المسؤولية عن انهيار قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية وسيطرة طالبان على البلاد، مشيراً إلى أن المسؤولين الأفغان ظنوا أن إدارة بايدن لن تلتزم باتفاق الدوحة لأنهم اعتبروها صفقة سيئة، لكن الإدارة الأميركية فاجأتهم بالانسحاب.
ووصف التحقيق انسحاب بايدن بـ "المفاجئ"، قائلاً إنه "ترك لدى عديد من الأفغان انطباعاً بأن الولايات المتحدة كانت ببساطة تسلم أفغانستان إلى حكومة طالبان المنتظرة".
وذكر التقرير أن القوات الأفغانية كانت تعتمد على المتعاقدين الأميركيين للحصول على الدعم على أصعدة عدة كالإمداد والصيانة، ولذلك عندما سحبت الولايات المتحدة المتعاقدين في يونيو (حزيران) 2021، فقدت الحكومة الأفغانية هذه القدرات فجأة.
البنتاغون "لم يتعاون"
في المقابل طعنت وزارة الدفاع في هذا الوصف في رد مكتوب على تساؤلات المحققين. ورداً على إشارات المفتش العام بعدم تعاون "البنتاغون"، أكد المتحدث باسمه روب لودويك في بيان أن وزارة الدفاع تجاوبت مع أسئلة المفتش وسهلت عمله، وأن التقرير نوه بذلك في صفحاته الافتتاحية.
ورفضت وزارة الدفاع الأميركية بعض مخرجات التقرير الأساسية، ومنها أن قواتها انسحبت فجأة من البلاد، وقطعت المساعدة عن الحلفاء الأفغان. وقالت في ردها الوارد في التقرير الرقابي، إن الإدارة الأميركية كانت على اتصال بالقيادة الأفغانية خلال الفترة التي سبقت الانسحاب، وطمأنتهم على أنها ستواصل تقديم المساعدة الأمنية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
العين على أوكرانيا
وجاء التقرير الذي سيطلع عليه الكونغرس بعد حوالى 18 شهراً من الانهيار السريع والصادم لحكومة أشرف غني، وما أعقبه من انتقادات من الحزبين لتعامل إدارة بايدن مع الانسحاب. ويعد توقيت عرضه أمام الكونغرس حساساً في ضوء النقاش القائم حول كيفية الإشراف على عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات التي تتدفق الآن إلى أوكرانيا.
ويطالب المراقبون الحكوميون المسؤولون عن مساعدات أوكرانيا بإرسال مدققين ميدانيين إلى البلاد لمتابعة تدفق الأموال ووصولها إلى مستحقيها. ودعا سوبكو، المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان، الذي أمضى السنوات العشر الماضية في توثيق الأموال الأميركية الضائعة في أفغانستان، إلى مزيد من الرقابة على الأموال التي تتدفق الآن إلى أوكرانيا.
وقال مكتب السيد سوبكو في التقرير الأخير إن المساعدة العسكرية الحالية لأوكرانيا تتطلب مزيداً من الرقابة لتجنب الأخطاء التي ارتكبت على مدار عقدين في أفغانستان، فعلى رغم أن هناك "رغبة مفهومة وسط أية أزمة للتركيز على إرسال الأموال، وإرجاء القلق بشأن الرقابة عليها، ولكن في كثير من الأحيان يتسبب هذا النهج في مزيد من المشكلات". وأضاف "نظراً إلى النزاع المستمر والحجم غير المسبوق من الأسلحة التي يجري نقلها إلى أوكرانيا، فمن المحتمل أن يكون خطر وصول بعض المعدات إلى السوق السوداء أو الأيدي الخطأ أمراً لا مفر منه".
ومن بين القضايا الأخرى التي تطرق لها التقرير ترك ما لا يقل عن 7.2 مليار دولار من المعدات العسكرية تحت سيطرة "طالبان"، وهو رقم لم يتم الإبلاغ عنه مسبقاً، وتشمل الأصول المتروكة طائرات وصواريخ ومعدات اتصالات وأجهزة للقياسات الحيوية. وذكر المحققون في التقرير أنه لا يمكن تأكيد العدد النهائي للمعدات العسكرية المتروكة في أفغانستان وذلك يعود جزئياً إلى تعطل قاعدة البيانات الإلكترونية المستخدمة لتتبع العتاد في أوائل عام 2021.
وقدمت الولايات المتحدة على مدى عقدين ما يقرب من 18.6 مليار دولار لتقوية الجيش الأفغاني، إلا أن انهياره السريع أمام "طالبان" شكل صدمة للمجتمع الأفغاني والعالم أجمع.
ويأتي تقرير المفتش العام حول ضعف الرقابة على تدفق الأموال والأسلحة الأميركية للخارج في وقت ينظر فيه كثير من المشرعين وتحديداً الجمهوريين بعين حذرة للمساعدات العسكرية التي تتدفق إلى أوكرانيا، خشية وقوعها بيد أطراف غير مسؤولة في بلد لطالما عانى الفساد.