ملخص
يواجه #العراق ضعفاً في تفعيل #الدور_التشريعي والرقابي على #المنتجات_الغذائية المتوفرة في #الأسواق المحلية مقارنة مع الكميات الضخمة التي تدخل إلى السوق
تسببت الظروف التي عاشها العراق خلال العقدين الماضيين في ترهل نظام السلامة الغذائية خصوصاً مع اعتماد بلاد الرافدين على الاستيراد من الخارج، إذ تعلن السلطات العراقية المعنية بين الحين والآخر إتلاف كثير من المنتجات الغذائية غير صالحة للاستهلاك البشري.
ويواجه العراق ضعفاً في تفعيل الدور التشريعي والرقابي على المنتجات الغذائية المتوفرة في الأسواق المحلية مقارنة مع الكميات الضخمة التي تدخل إلى السوق العراقية، على رغم تعدد القوانين والهيئات التي تنظم عمل سلامة الغذاء.
إذ تقوم السلطات الرقابية بإرسال عينات من المواد الداخلة منها للفحص المخبري، كما يقوم الجهاز المركزي لمراقبة وضبط النوعية التابع لوزارة التخطيط، بفحص أي مادة غذائية في ما لو كانت صالحة للاستهلاك البشري أو غير ذلك، كذلك يفعل جهاز الفحص الإشعاعي.
شروط السلامة
ويشير الخبير في سلامة الأنظمة الغذائية أمجد محمد إلى أن "كثيراً من المنتجات الغذائية التي تدخل العراق تحتاج إلى فحوصات دقيقة في المختبرات للتأكد من تطابقها مع شروط السلامة والمواصفات المتبعة من قبل الجهات ذات الصلة. وعلى رغم ذلك، لم يواكب العراق بشكل حقيقي التطورات في هذا المجال".
وأكد أنه "يجب أن تكون هناك قوانين رادعة تجاه كل من يسعى إلى إدخال مواد غذائية تحتوي على فيروسات أو أمراض منقولة عبر الأغذية أو غير صالحة للاستهلاك البشري، لا سيما العراق الذي يعتمد بشكل كامل على الاستيرادات من الخارج".
العقوبة القانونية
وفي هذا الصدد، يكشف المتخصص في الشأن القانوني علي التميمي العقوبة القانونية لبيع المواد المنتهية الصلاحية.
ويقول "يعاقب قانون حماية المستهلك رقم (1) لسنة 2010 بالحبس ثلاثة أشهر وغرامة مالية تصل إلى مليون دينار عن الغش والتدليس والتضليل واستبدال الصلاحية أو تغليف المواد بالغش"، مبيناً "بموجب هذا القانون، شكل مجلس حماية المستهلك المرتبط بمجلس الوزراء وأيضاً لجان المتابعة، وأعطى القانون مكافآت لمن يبلغ عن هذه الجرائم، التي قد تصل إلى مليون دينار (ما يقارب 700 دولار أميركي)".
ويرى التميمي أن العقوبات في هذا القانون غير رادعة وتحتاج إلى أن تكون أقسى لأن هذا النوع من الجرائم صحة وسلامة المواطن على المحك، مشيراً إلى أن ذلك يحتاج إلى زيادة الرقابة على المنافذ وأيضاً على المحال والأسواق، لافتاً إلى أن القانون يحتاج إلى تعديل في بند ردع الجرائم ليكون حامياً للمستهلك.
وكل عام، تتلف السلطات العراقية آلاف الأطنان من المواد الغذائية منتهية الصلاحية، التي تسبب حالات تسمم غذائي لعشرات المواطنين، كما تعمد إلى إقفال المطاعم التي تفتقر إلى شروط السلامة الصحية.
غياب الثقافة الصحية
ويؤكد الباحث الاقتصادي صالح لفتة أن "التقليل من أهمية سحب الأغذية غير الصحية أو التي تحتوي على مواد ضارة من سموم وجراثيم، يرتبط بمستوى الرفاهية وانعدام الفقر في المجتمع. فكما هو معروف أن أغلب الدول العربية لديها نسبة كبيرة من المواطنين لا يحصلون على ما يسد جوعهم، ويفتقرون لأبسط مقومات الحياة، ويرون أن رمي الأغذية والأطعمة وإتلافها وعدم السماح للناس بتناولها، هو نوع من البطر والتعدي على نعم الله التي أنعم بها على عباده، ولا ينبغي التفريط بها".
ويضيف "يوجد صعوبة بإقناع الفقير بوجود علاقة بين الأمراض والوفيات والأغذية الملوثة أو التالفة، وذلك لغياب الثقافة الصحية. وما يزيد الأمر سوءاً افتقار الرقابة الصحية الصارمة على جميع الأغذية والأطعمة من ناحية التصنيع أو التخزين أو حتى في محلات العرض، وتترك أغلب تلك الأطعمة في أماكن تخزين سيئة تعجل من فسادها، وبعضها يفسد بسبب انقطاع الكهرباء والأجواء الحارة في الصيف على رغم أن مدة الصلاحية لم تنته بعد، فمدة الصلاحية المطبوعة على الغلاف تتطلب شروط تخزين صحية لا كما يحدث في بعض المخازن والمحلات".
ونوه إلى أنه حتى لو نُشرت بعض إجراءات تلف أغذية غير صالحة للاستهلاك البشري، فإنها لن تسهم بشكل كبير بتغيير الواقع.
تدني الجهاز الإنتاجي
في الأثناء، عزا الباحث الاقتصادي بسام رعد، ذلك إلى تدني الجهاز الإنتاجي وعدم مرونته للاستجابة للطلب المتزايد على السلع والمنتجات في السوق المحلية، مؤكداً أن الأسواق العراقية أصبحت مفتوحة تعج بأنواع السلع والمنتجات المستوردة من الخارج، التي لا يعرف عنها شيء سوى الأسماء التجارية لها، كما تدفقت كميات كبيرة من السلع الرديئة الصنع وتم تسجيل ارتفاع في حالات الغش الصناعي والتجاري من خلال تقليد العلامات التجارية أو تسويق سلع ذات مكونات تختلف عن المادة المثبت مكوناتها على العبوة أو الغلاف.
وبحسب رعد "شرع قانون حماية المستهلك رقم (1) لسنة 2010 بهدف حماية المستهلك العراقي من سلع ومنتجات قد تلحق به أضراراً صحية أو اقتصادية، والعمل على منع استيراد السلع والمنتجات الرديئة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن على رغم ذلك، بحسب رعد فإن حماية المستهلكين من الآثار السلبية للغش الصناعي والتجاري تتطلب جهوداً جماعية، إضافة إلى الجهد الحكومي المتمثل في تشديد دور الأجهزة الرقابية التجارية والصحية والصناعية والجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، والعمل كذلك على تطوير الوعي الاستهلاكي لدى المواطنين من خلال التوعية والتثقيف، والحد من دخول البضائع الرديئة والمقلدة وغير المطابقة للمواصفات إلى البلد.
أما المواد الحافظة التي تضاف إلى المواد الغذائية المعلبة في علب معدنية أو زجاجية أو بلاستيكية، فهي على ثلاثة أنواع رئيسة: مواد مضادة لنمو البكتيريا والفطريات، مواد مقاومة للتأكسد، مواد أنزيمات لإطالة عمر المنتج، وهي تدخل في قائمة المواصفات العالمية، بالتالي فإن الاختلاف بين هذه المواصفات وكميتها يعود إلى المختبرات البحثية لكل دولة مع مراعاة شروط البيئة المناخية ورأي السلطات الصحية.
قلق
بدوره، ذكر الخبير في السلامة الغذائية همام الشريفي، أن كل شركة منتجة للمواد الغذائية المحفوظة ملزمة بتسجيل مفصل للمواد الحافظة، على أن تكون مسجلة رقمياً على "بار كود"، ويتم متابعتها مقارنة مع الشروط العالمية.
وأكمل، تقوم سلطات التقييس والسيطرة بأخذ عينات عشوائية من المنتجات في الأسواق، وفي حالة اكتشاف مخالفة بسيطة تقام دعوة قضائية على الشركة بشقين، الأول مدني وهو الذي تتكفل به شركات التأمين للتعويض النقدي، والثاني جنائي الذي يفضي إلى حبس واحتجاز المديرين التنفيذيين، وخصوصاً إذا ثبت تهمة "القتل غير العمد".
وزاد، هناك فقرات تجارية مهمة في الاقتصادات المتقدمة، وهي تتبع المنتجات من وقت خروجها من المعمل ثم دخولها منظومة النقل ومن ثم خزنها بشروط بيئية محددة، وبيعها على منصة بائع المفرد. هذه السلسلة من المراقبة غير موجودة في كثير من دول الاقتصادات النامية، بخاصة أن عملية المناقلة التجارية تجري بالنقد السائل وليس بالنقد الرقمي عبر المصارف.
وتابع "عوامل عدة تضاف إلى قلقنا من المواد الحافظة في العراق، منها ورود مواد معلبة من مناشئ غير منتظمة بمعايير صحية معروفة، كذلك ضعف سلطة التقييس والسيطرة وضعف الرقابة الداخلية لا سيما على المعلبات بأنواعها، وعدم إمكانية تتبع مسار المواد المعلبة من الحدود وحتى المستهلك.
كذلك تطرق إلى ضعف الشروط البيئية لمخازن المعلبات ومنها درجات الحرارة العالية ونسب الرطوبة وانتشار القوارض والحيوانات والتعرض لأشعة الشمس وطول فترة المناقلة على عجلات غير مصممة لهذا النوع من المواد الغذائية، كلها تفاقم القلق العام حول السلامة الغذائية.