ملخص
كان #البنك_المركزي_التونسي قد احتفظ بنسبة #الفائدة الرئيسة في مستوى ثمانية في المئة في فبراير 2023 بعد أن رفعها في الساعات الأخيرة من سنة 2022
تواصل نسبة التضخم في تونس منحاها التصاعدي لتبلغ 10.4 في المئة بحساب الانزلاق السنوي، في فبراير (شباط)، مقارنة بـ10.2 في المئة، في يناير (كانون الثاني)، و10.1 في ديسمبر (كانون الأول)، وأتى انعكاساً لارتفاع أسعار المواد الغذائية الذي عجزت السلطات عن السيطرة على تناميها على رغم أنها تستمر في دعم جزء مهم من المواد الأساسية.
وكانت تونس قد أقفلت سنة 2020 بنسبة تضخم قدرها 4.9 في المئة وسنة 2021 بمستوى 6.6 في المئة، لتشهد مستويات قياسية سنة 2022 وتنهي السنة بتضخم حجمه 10.1 في المئة. واختلفت توقعات الملاحظين حول مسار التضخم في تونس خلال الأشهر المقبلة بين السيطرة النسبية على الضغوط كانعكاس بديهي للاستقرار النسبي للأسعار في بلدان الاتحاد الأوروبي التي تؤثر بصفة مباشرة في أسعار السلع في تونس باعتبارها الشريك الأول للبلاد، ومنبه من عوامل داخلية مستعصية إلى حدود اللحظة، وأهمها آفة الاحتكار واقتراب شهر رمضان، فترة الاستهلاك بامتياز. وكان البنك المركزي التونسي قد حذر من تنامي الضغوط التضخمية، متوقعاً نسبة 11 في المئة في المتوسط لسنة 2023 تأثراً بارتفاع أسعار السلع بالسوق العالمية.
وعرفت المواد الغذائية زيادة قياسية وصلت إلى نسبة 15.6 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من السنة المنقضية، وارتفعت أسعار البيض بنسبة 32 في المئة، وأسعار لحم الضأن بنسبة 29.9 في المئة، وأسعار الدواجن بنسبة 25.3 في المئة، والزيوت الغذائية بنسبة 24.6 في المئة، وأسعار لحم البقر بنسبة 22.9 في المئة. ولم تشذ المواد المصنعة في فبراير عن الأغذية، وزادت أسعارها بنسبة 9.8 في المئة باحتساب الانزلاق السنوي بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء بنسبة 8.7 في المئة، وأسعار الملابس والأحذية بنسبة 9.4 في المئة، ومواد التنظيف بنسبة 10.3 في المئة، كما شهدت الخدمات المنحى التصاعدي نفسه بزيادة قدرت بنسبة 7.3 في المئة، ويعزى إلى ارتفاع خدمات المطاعم والمقاهي والنزل بنسبة 9.8 في المئة، وخدمات النقل العمومي والخاص على حد سواء بنسبة 9.15 في المئة.
وفي المقابل تراجع التضخم الضمني، أي من دون احتساب الطاقة والأغذية في فبراير، ليصبح في حدود 7.9 في المئة بعد أن كان 1.8 في المئة في يناير 2023. وشهدت أسعار المواد الحرة ارتفاعاً بنسبة 11.2 في المئة مقابل ثمانية في المئة بالنسبة إلى المواد المؤطرة، مع العلم أن نسبة الانزلاق السنوي للمواد الغذائية الحرة بلغت 18.4 في المئة مقابل 0.6 في المئة بالنسبة إلى المواد الغذائية المؤطرة.
ارتفاع أسعار الأغذية بنسبة 2.6 في المئة
وبحساب التغيير الشهري، شهد مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي ارتفاعاً بنسبة 0.5 في المئة خلال فبراير 2023، بعد الارتفاع بنسبة 0.8 في المئة في يناير. ويفسر ذلك بالارتفاع المسجل في أسعار المواد الغذائية بنسبة 2.6 في المئة، وأسعار الأثاث وتجهيزات الخدمات المنزلية بنسبة 0.9 في المئة، في حين تراجعت أسعار الملابس والأحذية بنسبة 4.6 في المئة تزامناً مع موسم التخفيضات الشتوية، وانخفضت أسعار الملابس بنسبة خمسة في المئة، وأسعار الأحذية بنسبة 4.8 في المئة، ومكملات الملابس بنسبة 1.4 في المئة، وأسعار الأقمشة بنسبة 1.1 في المئة. وزادت أسعار الدواجن بنسبة خمسة في المئة، والخضر الطازجة بنسبة 4.5 في المئة، وأسعار لحم الضأن بنسبة 4.1 في المئة، وأسعار البيض بنسبة 3.4 في المئة، وأسعار لحم البقر بنسبة 3.33 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان البنك المركزي التونسي قد احتفظ بنسبة الفائدة الرئيسة في مستوى ثمانية في المئة في فبراير 2023، بعد أن رفعها في الساعات الأخيرة من سنة 2022 بـ75 نقطة أساسية، وردت بعد ترفيعين في سنة 2022 التي استهلها بنسبة فائدة لا تزيد على 6.25 في المئة. وحذر البنك من المستوى القياسي للتضخم الذي كشف عن أنه الأعلى منذ ما يزيد على ثلاثة عقود.
مؤشرات الانخفاض على المدى القريب
وسيواصل التضخم مسار الارتفاع وفق الخبير الاقتصادي وسيم بن حسين الذي توقع تعمق الضغوط خلال الشهرين المقبلين، مع حلول شهر رمضان الذي يشهد تزايداً في مستوى التجاوزات من قبيل الاحتكار الذي يمثل أحد أبرز عوامل التضخم في تونس، بينما يمثل التضخم المستورد الجزء الأوفر من الإشكال، وبالنظر إلى الاستقرار النسبي في الأسعار الذي شهدته بلدان الاتحاد الأوروبي انطلاقاً من نوفمبر (تشرين الثاني) ينتظر تراجع طفيف في نسق التضخم في تونس بداية من مايو (أيار)، في حال عدم تسجيل تطورات معاكسة لهذا المسار تتأثر وتؤثر مباشرة في الوضعية المالية للبلاد، على أن تستقر النسب في مستواها المرتفع بالنظر إلى صعوبة تحقيق الضغط على الانفلات الحاصل بسبب عوامله المتعددة على غرار الاحتكار والتهريب.
وذكر بن حسين أن تفاقم عجز الميزان التجاري زاد من حدة التضخم، بسبب العجز عن مجاراته بالتخفيف من وطأته عن طريق تعديل السوق باستيراد بعض السلع الأساسية المؤثرة أسعارها في نسق التضخم، في حين لاحظ المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم انحساراً في نسق ارتفاع نسبة التغير الشهري لمؤشر أسعار الاستهلاك العائلي من 0.8 في المئة، في يناير إلى 0.5 في المئة في فبراير، مما يبدو انخفاضاً طفيفاً للضغوط التضخمية على رغم الزيادة المسجلة، بينما أحدثت المواد الغذائية الوزن في مؤشر أسعار الاستهلاك الذي سجل انفلاتاً في أسعار بعض المواد.
في المقابل تراجع التضخم الضمني من دون احتساب الطاقة والتغذية، ويعود ذلك إلى عدم اللجوء لتعديل أسعار المحروقات الشهر الماضي. أما القراءة للتضخم في حجمه الحالي، وهي 10.4 في المئة بحسب الانزلاق السنوي وفق سويلم، فهي تخضع للعوامل المؤثرة فيها مباشرة، وهي الحرب الأوكرانية، فالنسبة الحالية تقارن بالفترة نفسها من السنة السابقة، أي فبراير 2022 التي سبقت اندلاع الحرب بمدة شهر تقريباً، ولم تعرف فيها الأسواق اشتعال الأسعار الذي أعقب الحرب.
وبناء على ذلك، فإن تطور النسبة طوال السنة يمثل انعكاساً للاضطرابات التي تلت المواجهة العسكرية، ولا يقدم قراءة متبصرة معبرة لأداء الاقتصاد التونسي والسوق الداخلية للسلع بمعزل عن هذا التأثير الخارجي.