ملخص
#الأردن يزرع #القمح و #الشعير قريباً في #الجزائر التي تستورد نحو سبعة ملايين طن من #الحبوب سنوياً
فتح تصريح وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني يوسف الشمالي، بأن بلاده ستزرع القمح والشعير في الجزائر، أبواب النقاش بين مرحب ومستغرب. وفي حين تستهدف عمان استدراك النقص المسجل في هذه المواد، تدرج الجزائر الخطوة في إطار تعزيز التعاون بين البلدين وترقية التضامن العربي.
تصريح أردني... وتساؤلات
وقال الوزير الأردني يوسف الشمالي، إن بلاده بصدد تنفيذ مشروعات للأمن الغذائي وسلاسل التوريد بالتعاون مع الجزائر، وأوضح أن الأردن سيزرع القمح والشعير في الجزائر ضمن تفاهمات ستتبلور بشكل نهائي خلال الفترة المقبلة لأن لديها أرضاً خصبة، مؤكداً أن هذه الخطوة ستمكن الجانب الأردني من تلبية بعض حاجاته من السلعتين. وأبرز أن وفداً من وزارة الزراعة سيزور الجزائر قريباً لاستكمال المباحثات المتعلقة بتنفيذ تفاهمات جرى التوصل إليها سابقاً في القطاع الزراعي.
وأثارت تصريحات الشمالي حفيظة بعض المتابعين الذين تساءلوا عن أسباب زراعة القمح والشعير في الجزائر، على رغم أن هنالك أراضي زراعية صالحة للزراعة في المملكة. وقالت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي إن القرار من شأنه تحريك عجلة الاقتصاد الجزائري وتوفير فرص عمل كان بالإمكان الاستفادة منها لتحريك السوق المحلية وتقليل نسب البطالة، الأمر الذي دفع الناطق الإعلامي باسم وزارة الصناعة والتجارة الأردنية، ينال برماوي، إلى التدخل لتهدئة الانشغال موضحاً أن الجانب الجزائري طرح موضوع التعاون بالفلاحة، وأشار إلى أن الجزائر تمتلك أراضي خصبة ومياهاً كافية.
ويستورد الأردن حوالى 95 في المئة من حاجاته من القمح والشعير من الأسواق العالمية لتلبية الطلب المحلي، أي نحو 1.2 مليون طن سنوياً، 80 في المئة منها من رومانيا، والباقي من أوكرانيا وبلدان أخرى. وتذكر إحصائيات أنه بلغت قيمة ما استوردته المملكة من القمح في 2021 نحو 1.5 مليار دولار.
استغلال ذكي؟
هذا الاتفاق الذي أثار جدلاً واسعاً في الأردن، مر مرور الكرام في الجزائر لا سيما في الأوساط السياسية والإعلامية، ولم يأخذ مساحة من النقاشات ما عدا ما شهده الفضاء الأزرق من شد وجذب، حيث عبرت فئات عن عدم رضاها عن الخطوة واعتبرتها "غير مفهومة"، لا سيما أن الجزائر تستورد نحو سبعة ملايين طن سنوياً من الحبوب، منها القمح بنوعيه، وفق أرقام وزارة الفلاحة الجزائرية التي أبرزت أنه لا يتجاوز محصول البلاد 2.8 مليون طن من الحبوب، منها مليونا طن من القمح الصلب، في حين تكلفها واردات القمح اللين 1.5 مليار دولار في العام.
وتعليقاً على القرار، يقول المحلل الاقتصادي مراد ملاح، في تصريح مقتضب لـ"اندبندنت عربية"، إن الخطوة استغلال ذكي للمقدرات الوطنية يدل على سمة الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، لأن هذا النوع من الاستثمارات تقوم به الدول في البلدان التي تتسم بالاستقرار، مبرزاً أن الأمن الغذائي بات هاجساً يتفاقم منذ أزمة "كوفيد" وصولاً إلى الحرب الروسية - الأوكرانية، وأضاف أن هذا التوجه سيسمح بخلق مناصب شغل وفتح أبواب عديد الاستثمارات الثانوية ذات الصلة.
أرقام جزائرية
وفي السياق، تتحدث وزارة الفلاحة والتنمية الريفية الجزائرية، أن إجمالي المساحات الصالحة للزراعة يزيد على 43.9 مليون هكتار، بينها 8.6 مليون هكتار مساحة مستغلة، معلنة أن إحصاء 32.7 مليون هكتار مساحات رعوية، و4.3 ملايين هكتار مساحات غابية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أبرز المهندس الزراعي، حسان بن يحيى، أن المساحة المخصصة للزراعات الكبرى في الجزائر تبلغ حالياً 3.3 مليون هكتار، بمتوسط إنتاج في حدود 4.5 مليون طن، في حين يبقى الهدف بلوغ 7 ملايين طن سنوياً، لافتاً إلى مشكلات تعترض رفع قدرات إنتاج الحبوب. وقال إنه بات من الضروري زيادة المساحة المزروعة بالحبوب عن طريق إنشاء مزارع جديدة في المناطق الصحراوية، حيث يتوافر الماء، مع تقليل المساحات البور واستخدام الأسمدة على نطاق واسع، وإدخال الآلات الزراعية، ورفع إنتاج البذور محلياً من ثلاثة ملايين إلى أربعة ملايين قنطار، بتوسيع شبكة التكثيف ومناطقه، وكذا تعبئة المياه عن طريق السدود والخزانات واستغلال المياه الجوفية للانتقال من 300 ألف هكتار من الأراضي المروية إلى 500 ألف هكتار في السنوات الخمس المقبلة، وهو ما يتطلب أكثر من 500 مليون متر مكعب من المياه.
بين المعوقات والتفاؤل
إلى ذلك، يرى المهتم بالاستصلاح الزراعي، عصام مقراني، أن إنتاج الحبوب في الجزائر يعاني معوقات عدة أهمها تناقص الأراضي الخصبة بسبب الاقتطاع المتزايد منها لأغراض غير فلاحية، بخاصة في الشمال والهضاب العليا، فضلاً عن تعرض البلاد لمظاهر التغير المناخي، من انجراف التربة والتعرية والتملح وزحف الرمال، مضيفاً أن منسوب المياه يتناقص بشكل لافت، حيث تعتمد معظم المساحات الزراعية الحيوية، بخاصة القمح في الهضاب العليا، على كمية الأمطار المتساقطة التي تتراوح نسبتها السنوية في المناطق الساحلية بين 800 إلى 1200 ملم، وفي أقصى الجنوب فلا تتجاوز 150 ملم، وهو ما يؤثر في مصادر المياه السطحية والجوفية ومخزون السدود.
الإعلامي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، نبيل سليماني، لفت إلى أن للجزائر قدرات فلاحية كبيرة تستطيع من خلالها تحقيق أمنها الغذائي، لا سيما في ما يتعلق بالقمح والشعير. وعلى رغم المساعي المبذولة في هذا الإطار بخاصة خلال السنوات الأخيرة مع دعم الحكومة للفلاحين، "إلا أننا لا نزال من أكبر المستوردين للقمح في العالم"، معتقداً أن ذلك ما دفع السلطات إلى اتخاذ خطوات أخرى في إطار تحقيق الاكتفاء الذاتي. وقال إن الجزائر بحاجة لتعاون وثيق في المجال الفلاحي، شرط أن يكون هذا التعاون براغماتياً يعود بالنفع، وأيضاً بحاجة لاتفاقيات تكون نتائجها قريبة أو على الأكثر متوسطة المدى، من دون انتظار سنوات طوال بلا فائدة ترجى مثلما كانت عليه الحال خلال السنوات الماضية.