ملخص
مع إكمال #الأزمة_الليبية عامها الـ12 تحت مظلة الأمم المتحدة و#مجلس_الأمن باتت النظرة إلى محتوى هذه البيانات في #ليبيا مشوبة بالحذر والشكوك وربما حتى عدم الاهتمام
في الوقت الذي كانت فيه فيه مبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي محل جدل واسع في الساحة المحلية بين أطراف المعادلة السياسية، وحتى المهتمين بالشأن السياسي، أعطى مجلس الأمن الدولي الضوء الأخضر لتنفيذها، مصحوباً بتهديد صريح للمعرقلين لها من الأطراف المحلية بالوقوع تحت طائلة العقوبات الدولية.
وما إن أصدر مجلس الأمن بيانه المؤيد لمبادرة باتيلي حتى أصبح هذا البيان وما جاء فيه هو الشغل الشاغل للوسط السياسي الليبي، وركز معظم آراء الشخصيات السياسية والمحللين والنشطاء على مدى جدية مجلس الأمن في تنفيذ تهديده للأطراف المعرقلة للمقترح الأممي، وهل باتت هناك رغبة دولية حقيقية لإنهاء الأزمة الليبية بعد سنوات من إعادة تدويرها بوجوه مختلفة؟
دعم كامل
دعم مجلس الأمن الدولي بشكل كامل مبادرة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي، الرامية إلى إجراء الانتخابات خلال عام 2023، ودوره في الوساطة لتعزيز عملية سياسية شاملة تيسرها المنظمة الدولية، محذراً من فرض عقوبات في حق مقوضي العملية السياسية ومعرقلي الانتخابات أفراداً كانوا أو كيانات.
وأعاد مجلس الأمن الدولي، في بيان، مساء الخميس 15 مارس (آذار)، اتفق عليه بين الدول الأعضاء، "تأكيد التزام القوى بعملية سياسية شاملة بقيادة وملكية ليبية تيسرها الأمم المتحدة ويدعمها المجتمع الدولي، فضلاً عن دعمه القوي للشعب الليبي لتحديد من يحكمهم من خلال الانتخابات، ولضمان سماع هذا المطلب المشروع من خلال العملية السياسية".
وحث البيان "جميع أصحاب المصلحة على المشاركة بشكل كامل وبناء وشفاف وبروح من التوافق مع باتيلي، ودعم الضمانات المتعلقة باستقلال ونزاهة العملية الانتخابية الشاملة ونتائج الانتخابات"، مؤكداً "أهمية التعاون والمشاركة البناءة بين جميع المؤسسات الليبية ذات الصلة في هذا الصدد، وكذلك أهمية توفير بيئة آمنة لمنظمات المجتمع المدني للعمل بحرية، وحمايتها من التهديدات والأعمال الانتقامية".
ودعا مجلس الأمن "المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم الكامل للممثل الخاص للأمين العام وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمبعوث الأممي عبدالله باتيلي، لمواصلة الاستفادة من مساهمات دول الجوار والمنظمات الإقليمية، ولا سيما الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، في إيجاد حل دائم وسلمي للأزمة الليبية".
خلافات خلف الكواليس
مع إكمال الأزمة الليبية عامها الـ12 تحت مظلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، اللذين يديران الملف الليبي بحكم التفويض الصادر من مجلس الأمن بموجب القرار 1973 لعام 2011، والذي تم تمديده أكثر من مرة بعدها، وصدور عشرات البيانات المماثلة من المجلس الدولي، بما فيها من وعود ووعيد، باتت النظرة إلى محتوى هذه البيانات في ليبيا مشوبة بالحذر والشكوك وربما حتى عدم الاهتمام.
المحلل السياسي عبدالله الكبير رأى أنه على رغم صدور البيان الأخير لمجلس الأمن بخصوص ليبيا بالإجماع فإن الموقف الدولي بخصوص القضية الليبية ما زال متصدعاً وغير موحد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح الكبير أن "الولايات المتحدة أكبر داعم للانتخابات، وتصطف معها بريطانيا، لكن روسيا تعارض ذلك، أما فرنسا فما زالت تراوح مكانها وتحاول الوقوف في صف بمفردها، وعلى رغم من ذلك فهي ليست مؤيدة للانتخابات بقدر رغبة أميركا وبريطانيا".
ومن ناحية تأثير الموقف الدولي في المشهد الليبي، قال الكبير، "أستبعد حدوث انتخابات هذا العام، إذ لا توجد مؤشرات لحدوث توافق بين مجلسي النواب والدولة، بخاصة أن مجلس الدولة أخفق في اختيار الممثلين له في اللجنة المشتركة مع البرلمان، والذي أعلن على لسان رئيسه أنه ماضٍ في مشروعه السياسي بصرف النظر عن موافقة مجلس الدولة".
واتهم المحلل السياسي مجلس النواب ورئيسه وكذلك مجلس الدولة بأنهم لا يريدون انتخابات، معتبراً أن "المتاح الآن فقط هو عقد انتخابات برلمانية، أما الرئاسية فلا يمكن إجراؤها في ظل حال النزاع والاستقطاب الحالية".
تبني ولا تهدم
لا يرى رئيس "تجمع تكنوقراط ليبيا" أشرف بلها تعارضاً بين خطة المبعوث الأممي إلى ليبيا والمسار الذي يمضي فيه مجلسا النواب والدولة بحسب ما يثار على الساحة، ويعتبر من أبرز أسباب الاعتراض على الخطة المقترحة من عبدالله باتيلي.
وأوضح بلها أن "بيان مجلس الأمن الدولي في شأن ليبيا شدد على تأييد خطة باتيلي لإجراء الانتخابات في 2023 بمشاركة سياسية واسعة، كما أبدى رغبة في استكمال ما بدأه مجلس النواب والدولة، مما يعد قبولاً بتمرير التعديل الدستوري الـ13".
وتابع "ما ينقص بيان مجلس الأمن أنه لم يتطرق إلى موضوع السلطة التنفيذية، والخطوة الأهم في المرحلة المقبلة هي كيفية تشكيل البعثة الدولية للجنة الانتخابات الرفيعة المستوى بشكل متوازن وصحيح يشجع على تنفيذ خطتها لاستكمال العملية السياسية".
بلا سند قانوني
من جانبه، قلل عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي عبدالرزاق العرادي من أهمية البيان الصادر عن مجلس الأمن والتهديدات التي انطوى عليها، قائلاً إن "البيان الرئاسي الذي يصدر من مجلس الأمن لا يحمل قوة قانونية، لكنه يعبر عن موقف موحد للمجلس، ويدخل ضمن أرشيفه فقط".
وأضاف "بما أن البيان لا يصدر إلا بالإجماع، فاللغة عادة تهبط فيه إلى نقطة تتقاطع فيها المواقف السياسية للدول الـ15".
أما المحلل السياسي عبدالعزيز أغنية، فرأى أن "الأمم المتحدة تدير الأزمة الليبية ولا تسعى إلى حلها"، مضيفاً، في تغريدة له على حسابه بموقع "تويتر"، أن "عبدالله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا لا يمتلك كثيراً من الخيارات في الملف الليبي من دون دعم واضح وفاعل من الدول العظمى".
خطة لا مناص منها
أما المحلل السياسي فرج دردور فيرى أن المؤسسات السياسية الليبية تعمل أصلاً بخطة سياسية وفق إدارة دولية، ولا يمكنها رفض القرارات الصادرة من المنظمات الأممية، موضحاً "لا أعتقد أن المؤسسات الليبية التي لا تمتلك الشرعية الكاملة تستطيع أن تؤثر في المشهد إذا ما قررت الأمم المتحدة فعلاً الذهاب في خطتها الجديدة".
ويشير دردور إلى أن هناك مشكلة في المقترح الأممي تتعلق بـ"غموض آلية اختيار لجنة باتيلي"، معرباً عن أمله في أن "تكون ممثلة لكل الشرائح الليبية، مع أن شرعية اللجنة هي الأهم حالياً"، معتبراً أنها "سوف تستمد هذه الشرعية من الأمم المتحدة، بالتالي ستكون بشكل أو بآخر مفروضة، ولن يسمح بالطعن فيها".
وطرح دردور إشكالية أخرى تتعلق بالإطار الزمني، لافتاً إلى أن "كل المراحل المقبلة المؤدية إلى الانتخابات غير واضحة، لا من المجلسين ولا من الأمم المتحدة التي تريد الاقتراع قبل نهاية العام، لكن لا أعتقد أن الأمور على الأرض تسمح بالإسراع في الانتخابات".
معضلة السيادة
أطراف ليبية أخرى أبدت اعتراضها على مبادرة البعثة الأممية وبيان مجلس الأمن، لأنها ترى أنهما يتعديان صراحة على السيادة الليبية ومؤسساتها السياسية.
من بين هذه الشريحة وكيل وزارة التعليم السابق والمرشح البرلماني عبدالرحيم البركي، الذي أبدى رفضه لأية مبادرة سياسية تتجاوز المؤسسات الليبية، مؤكداً "نحن ضد فرض الحلول الخارجية، علاوة على أن هذا الطرح في غالبه إنما هو حلول لتمرير مشاريع لدول بعينها".