Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المعارضة الإيرانية وطموح التحالف وتعزيز الصفوف

الاجتماعات في تورنتو ضمت جميع الأطياف من جمهوريين وشعوب غير فارسية ويسار... والملكيون الأكثر نشاطاً

جانب من مؤتمر المعارضة الإيرانية في تورنتو الكندية (اندبندنت عربية)

ملخص

يمكن تلخيص خطابات قوى #المعارضة_الإيرانية بأربع تتنافس وتتصارع وتتحالف في ما بينها وفقاً لمستجدات الظروف السياسية في البلاد: الجمهوريون والشعوب غير الفارسية واليسار والملكيون.

عقدت فصائل وشخصيات إيرانية تنتمي إلى اتجاهات سياسية مختلفة اجتماعاً، تحت عنوان "اجتماع تورنتو: للتقارب والتنسيق والتكاتف" في فندق شرايتون بمدينة ريتشموند هيل القريبة لتورنتو الكندية، يمكن أن نصفه بأنه خطوة إلى الأمام في المسار الطويل للمعارضة الإيرانية الساعية إلى إسقاط النظام الشمولي الديني في إيران.

كاتب تلك السطور كان أحد المشاركين في هذا الاجتماع الذي وصف بالمؤتمر، وهو أقرب إلى الاجتماع التحاوري، وضم أحزاباً ومنظمات تنتمي إلى الجمهوريين واليساريين والشعوب غير الفارسية والملكيين، غير أن الأخيرين كانوا أقلية قياساً للاتجاهات السياسية الثلاثة الأولى.

وتضمن البرنامج الذي عقد خلال الأسبوع الأخير من شهر مارس (آذارا) الماضي طاولتين، الأولى حول سياسات وإلزامات الفترة الانتقالية (التي تلي إسقاط النظام) وضرورة الحوار المنهجي، والثانية حول دور المرأة في المعارضة وضرورة الحضور النسائي في القيادة والتضامن والتكاتف. وفي النهاية تحدث عشرة أشخاص – معظمهم من الشعوب غير الفارسية - كل واحد لمدة خمس دقائق منهم كاتب هذه السطور.

وكان الحضور غير الفارسي – العرب الأحوازيون، والكرد، والترك الأذريون، والبلوش، والتركمان – مميزاً ومؤثراً. وقد وصف بعض المحللين المؤتمر بالفريد لأنه وللمرة الأولى في تاريخ المعارضات الإيرانية، تمكن أن يجمع بين ممثلين من الشعوب غير الفارسية والجمهوريين واليساريين والملكيين.

وقد سبق ذلك - في يوم الـ25 من مارس - اجتماع تحت عنوان "التضامن" بمبادرة من منظمة "تيرغان" الثقافية المعروفة باتجاهاتها الملكية، شارك وتحدث فيه رضا بهلوي ابن الشاه محمد رضا بهلوي المخلوع، وعبد الله مهتدي زعيم منظمة كوملة الكردية، وشخصيات معارضة أخرى كرضا مريدي السياسي الإيراني - الكندي، والسيدة نرجس إسكندري رئيسة بلدية مدينة فرانكفورت الألمانية، وأزادة رجحان الإيرانية - السوئدية والمندوبة في برلمان السوئد، ومايكل بارسا السياسي الإيراني الكندي، وشخصيات سياسية من الجاليات الإيرانية في المهجر.

ومثل هذه الاجتماعات ليست غريبة على المعارضة الإيرانية منذ سيطرة رجال الدين على السلطة في إيران، لكن تعود أهمية الاجتماعات الأخيرة إلى أنها تعقد بالتزامن مع الثورة التي اندلعت في أواسط سبتمبر (أيلول) الماضي والمستمرة منذ نحو سبعة أشهر. وعلى ضوء ذلك يمكن أن استعراض الاصطفافات الراهنة في صفوف المعارضة الإيرانية ومسارها المستقبلي.

رضا بهلوي عدو أم منافس؟

يمكن تلخيص خطابات قوى المعارضة حالياً بثلاث أو أربع، تتنافس وتتصارع وتتحالف في ما بينها وفقاً لمستجدات الظروف السياسية في البلاد: الجمهوريون، والشعوب غير الفارسية، واليسار والملكيون.

لا يوجد للجمهوريين العلمانيين – بحسب تعريفهم لأنفسهم – أي قائد محدد بل شخصيات بارزة كـ"حسن شريعتمداري"، نجل المرجع التركي الأذري محمد كاظم شريعتمداري، الذي تسبب الخميني في موته بشكل غير مباشر، غير أن هناك قيادة للمجموعات السياسية الملكية تتمثل برضا بهلوي على رغم أنه يلوح بين الحين والآخر بأنه جمهوري وديمقراطي، لكن يعتقد بعض المحللين أنه لم يخب آمال الملكيين تماماً بل ويشرف - ولو بشكل غير رسمي – على فصائل سياسية ملكية عدة منها "حزب إيران الحديثة" (حزب إيران نوين – فرشكرد سابق) اليميني، و"حزب الدستوريين" (حزب مشروطه خواهان – ليبرال دموكرات) المعتدل، وأخرى جمهورية ملكية الهوى كـ"مجلس القرار الوطني" (شوراي ملي تصميم) ونظائرها، إذ يلعب رضا بهلوي على حبال هذه الأحزاب ولا يريد أن يحتوي العناصر المتطرفة فيها التي تهاجم بين الحين والآخر تظاهرات واجتماعات القوى الديمقراطية والجمهورية في الخارج، والأسوأ من ذلك أنه لا يعارض حضور بعض عناصر الأمن الشاهنشاهي السيئ الصيت – السافاك - مثل برويز ثابتي مساعد رئيس السافاك في أواخر عهد الشاه، وأحمد فراستي أحد مديري السافاك، في تظاهرات الملكيين. كما أنه يتعرض لضغوط أمه فرح بهلوي وبعض جنرالات الشاه وعناصر ملكية متعصبة حتى يؤكد أنه "شاه إيران" وينفي الجمهورية بل أعلنت فرح في إحدى مقابلاتها على أن ابنته نور بهلوي ستكون ولية العهد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنتقد الشعوب غير الفارسية عدم انتقاد رضا بهلوي لما ارتكبه أبوه وجده من جرائم ضد هذه الشعوب، غير أن بعض شخصياتها أخذت تشارك في اجتماعات ومجموعات الملكيين ومنهم الزعيم الكردي عبدالله مهتدي الذي دخل في تحالف مع رضا بهلوي وخمس شخصيات إيرانية أخرى قريبة له. ولا يمانع الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني من التفاوض معه شريطة قبوله "إيران متعدد القوميات" و"الفيدرالية لهذه القوميات" كشرط للتفاوض.

ويبدو أن معظم الجمهوريين وبعض القوى اليسارية وكذلك الفصائل الكردية وربما مجموعات أخرى لا ترى في رضا بهلوي عدواً، بل منافساً في هذه المرحلة من نضال الشعوب الإيرانية ضد نظام ولاية الفقيه في طهران. وقد نسمع بين الحين والآخر معارضة للنظامين الملكي والديني معاً في تظاهرات بلوشستان وكردستان وأذربيجان ومناطق أخرى من إيران، بل وفي تظاهرات الجاليات الإيرانية في الخارج. ولم يعرف مدى شعبيته في داخل إيران وتظهر الإحصاءات نسبة بين عشرة إلى 30 في المئة، غير أنها تؤكد أن التيار "الجمهوري" هو التيار الرئيس في إيران.

مقارنة بين معسكرين متنافسين

على رغم أن الشعوب غير الفارسية - وبخاصة الشعب الأحوازي – تخوض نضالاً شرساً ضد الطغمة الاستبدادية منذ أن رفضت الجماهير الإيرانية، الجناحين الحاكمين المحافظ والإصلاحي في 2017، غير أن هذه الشعوب شاركت وبقوة – إلى جانب النساء والكادحين - في الانتفاضة الثورية الأخيرة، وقدمت ضحايا أكثر من الآخرين، بخاصة في كردستان وبلوشستان، ولا تزال الأخيرة، باحتجاجاتها وتظاهراتها المستمرة في أيام الجمعة، توقد جمرة النضال في إيران على رغم خمودها في مناطق أخرى.

وعلى رغم الحضور القوي للشعوب غير الفارسية على الأرض وفي الميدان، غير أن نشاط المعارضة الفارسية – وبخاصة الملكيين منهم - يظهر في الواجهة أكثر من غيره وذلك للأسباب التالية: أولاً، هناك سيطرة شبه تامة لهذه المعارضة على الإعلام المرئي والمسموع ما عدا قليل من القنوات الكردية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تستخدمها المعارضة غير الفارسية التي تواجه حظراً حكومياً في داخل إيران.

ثانياً، اللوبي الفارسي هو الأقوى من أي لوبي غير فارسي - كردياً كان أم أذرياً، أحوازي أم بلوشي - ويعود ذلك إلى سيطرة الفرس على السلطة منذ احتكاكهم مع الغرب في القرن الـ16 وبخاصة منذ أواسط القرن الـ19 وحتى الآن، وإيفاد البعثات الدبلوماسية والطلابية ووجود تجارهم - أكثر من غيرهم - في الدول الأوروبية وأميركا الشمالية بكثرة. وقد هرب معظم المنتفعين والداعمين لنظام الشاه المخلوع إلى هذه الدول وشكلوا لوبيات نشطة خاصة في الولايات المتحدة الأميركية وكندا.

ثالثاً، تملك الجالية الفارسية - بخاصة الملكية منها - أموالاً وثروات هائلة، نقلت بعضها معها بعد هربها من إيران إثر قيام الثورة الإسلامية عام 1979. فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك جالية فارسية قوية في سيدني بأستراليا، وفي ولاية كاليفورنيا الأميركية، وفي مدينة تورنتو الكندية تضم تجاراً ورأسماليين كباراً معظمهم هربوا إلى هذه الدول بعد سقوط نظام الشاه في 1979 وهم يساندون نجله رضا بهلوي حالياً.

رابعاً، سلطتهم عبر التاريخ، إذ يستند الفرس وبخاصة الملكيين إلى السلطة الملكية الشاهنشاهية في بلاد فارس ومن ثم في إيران قبل الإسلام وبعده ليأخذوا جرعة مقوية لصراعهم المحتدم مع الجمهوريين والفيدراليين منذ 44 عاماً. غير أن كل ما ذكرناه سيصبح هشاً أمام ما يجري من نضال على الأرض، ولنا أمثلة عديدة في العالم أقربها ما يجري في سوريا حيث لا يتمتع الشعب الكردي قياساً بالمعارضة العربية بأي مما ذكرناه آنفا، لكنه استطاع وبإرادته القتالية والكفاحية أن يطرح نفسه ويقيم حكماً ذاتياً هناك، وتطالب نخبه السياسية باستقرار نظام فيدرالي في سوريا.

فإذا تقاربت النخب والتنظيمات السياسية للشعوب الإيرانية أكثر ونسقت في ما بينهم أكثر سيشكلون رقماً صعباً في أي تفاوض حول مستقبل إيران.

العودة إلى تورنتو

كاتب السطور شارك بالزي العربي في المؤتمر، وللأمر دلالاته السياسية والهوياتية إذ يتم نكران حتى وجود العرب في إيران من قبل القوميين الفرس. وأكد في كلمته على وجود مملكة عربستان التاريخية ومعاناة شعبها العربي الأحوازي بيئياً واقتصادياً وقومياً وعنصرياً، وطالب بتحويل الدولة - الأمة الإيرانية إلى الدولة - الأمم وهذا ما حصل بعد الاستقلال في الهند.

يمكنني القول إن الأحوازيين أظهروا نضجاً سياسياً في دعهم للأحوازيين المشاركين في مؤتمر تورنتو في ربيع 2023 لم نشاهده في ربيع 1979 عندما شارك الوفد الثلاثيني الموفد إلى طهران في مفاوضات مع الحكومة الإسلامية الوليدة. وأكد السيد جليل شرهاني ممثل حزب التضامن الديمقراطي الأحوازي وجميع المتحدثين الكرد والبلوش والترك الأذريين على ضرورة قيام دولة جمهورية ديمقراطية فيدرالية في إيران بعد إسقاط النظام الحالي. ومن المقرر أن تستمر اجتماعات هذا المؤتمر بشكل أو آخر التي يبدو أنها تحظى بدعم الحكومة الكندية.

المزيد من تقارير