Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف شيدت العاصمة الباكستانية إسلام آباد؟

بنيت المدينة الجديدة على مساحة 1165.50 كيلومتر مربع وقسمت إلى أربع مناطق مختلفة

يعتبر نصب شاكارباريان إسلام آباد من المعالم الاستثنائية في المدينة (موقع اندبندنت أردو)

ملخص

شكل الرئيس الباكستاني #أيوب_خان عام 1959، #لجنة مكونة من عشرة أعضاء لتقديم #اقتراحات حول بناء #عاصمة جديدة.

ثمة رواية صوفية معروفة تنسب إلى الشيخ الصوفي صاحب الكشف والكرامات بري إمام (مواليد 1617) الذي يقع ضريحه في إسلام آباد، تنبأت بأنه ستكون في موقع الضريح مدينة ستصبح مركزاً للعالم الإسلامي.

تحققت هذه النبوءة بعد حوالى ثلاثة قرون ونصف في 21 يناير (كانون الثاني) 1959، حين شكل الرئيس الباكستاني آنذاك أيوب خان لجنة مكونة من عشرة أعضاء، أنيطت بها مسؤولية تقديم اقتراحات حول بناء عاصمة جديدة. قدمت هذه اللجنة التي كان يرأسها اللواء يحيى خان اقتراحاً بعد 24 يوماً من تشكيلها فقط لبناء العاصمة في المكان الذي تقع فيها مدينة إسلام آباد حالياً.
 
هل بنيت مدينة إسلام آباد لأسباب عسكرية؟
 
يضع المؤرخ المرموق أستاذ علم السياسة في جامعة ستوكهولم الدكتور اشتياق أحمد في كتابه ‘Pakistan The Garrison State’ نظرية مفادها بأن باكستان نشأت كدولة عسكرية، لذلك كانت الأسباب وراء نقل العاصمة من كراتشي إلى إسلام آباد عسكرية أيضاً، لأن مركز القيادة العسكرية أيضاً يقع في راولبندي (مدينة مجاورة لإسلام آباد).
ويقول الدكتور اشتياق أثناء حديثه مع "اندبندنت اردو" إن "وثيقة نقل السلطة تضم 12 مجلداً، ولم أكن مطلعاً عليها عند تأليف الكتاب، لكنني ربما أضيف ذلك في العدد المقبل، وتقول الوثيقة بوضوح في مايو (أيار) 1947، إن العاصمة المستقبلية لباكستان ستكون مدينة راولبندي، وهذا يعني أن أيوب خان ليس صاحب هذه الفكرة، بل إنها كانت موجودة قبل استقلال باكستان. هذه الوثيقة البريطانية تعود إلى تاريخ 12 مايو 1947".
 
راولبندي كانت عاصمة مؤقتة لستة أعوام
 
أعطت الحكومة مسؤولية بناء عاصمة جديدة لهيئة تطوير العاصمة، بموجب مرسوم أصدرته الحكومة في 27 يونيو (حزيزان) 1960، وبدأت الهيئة عملها من مبنى قديم يسمى آلكن هاوس في منطقة سيتلايت تاون راولبندي وجعلته مكتباً لها.
 
 
أعطيت مدينة راولبندي صفة العاصمة المؤقتة حتى بناء مدينة إسلام آباد، وأصدر مرسوم رئاسي لهذا الغرض في الثاني من أغسطس (آب) 1960، وبموجب هذا المرسوم باتت راولبندي عاصمة باكستان المؤقتة حتى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1966، لمدة ست سنوات تقريباً لأنه عين هذا التاريخ كموعد أقصى لنقل جميع المؤسسات الحكومية الفيدرالية من كراتشي إلى إسلام آباد.
خلال هذه الفترة المؤقتة، بنيت قاعة أيوب في لال كرتي في مدينة راولبندي لعقد جلسات البرلمان، السفارات الأجنبية بنيت في منطقة سيتلايت تاون، فيما مكاتب وزارة الدفاع في كولكتة وما زالت قائمة هناك، أما قسم المؤسسات فقد شيدت في مبان قرب محطة قطار رارولبندي. 
 
لماذا فصلت راولبندي عن إسلام آباد؟
 
كانت العاصمة الجديدة تقع على 1165.50 كيلومتر مربع، حسب المخطط الرئيس لإسلام آباد، وقد قسمت إلى أربع مناطق مختلفة: راولبندي: 259 كيلومتراً مربعاً، مدينة إسلام آباد والمنطقة الصناعية التابعة لها: 220.15 كيلومتر مربع، حدائق إسلام آباد 220.15 كيلومتر مربع، والمنطقة القروية لإسلام آباد: 466.20 كيلومتر مربع، ووضعت هذا المخطط الرئيس شركة Doxiadis Associates اليونانية. 
كان هناك اقتراح في بادئ الأمر، بضم مدينة راولبندي أيضاً للمخطط لأنها كانت مدينة مرافقة لإسلام آباد، وكان يمكنها أن تؤثر بطريقة مباشرة في تخطيط المدينة، لكن تم إبقاء راولبندي منعزلة في نهاية الأمر، عند الدخول في فيض آباد (المنطقة الفاصلة بين راولبندي وإسلام آباد) لا تتغير القوانين فحسب، بل تتغير الحكومات أيضاً ويصبح الأمر مثيراً للاهتمام حين تحكم منطقة بنجاب جماعة سياسية والعاصمة الفيدرالية تحكمها جماعة سياسية أخرى، حينها تبدو إسلام آباد (لا سيما أثناء الحركات الاحتجاجية) وكأنها قلعة محاصرة من جيوش أجنبية. 
تشعر الحكومة الفيدرالية اليوم، بأنه لو كانت راولبندي جزءاً من إسلام آباد لكان قد سهل عليها الأمر من الناحية الإدارية، فلماذا فصلت راولبندي عن المنطقة الفيدرالية في ذلك الوقت ومن اتخذ هذا القرار؟ يجيب المؤلف الصحافي المخضرم جبار مرزا لـ "اندبندنت اردو" عن هذا السؤال، إن السبب يكمن في الأمور الأمنية المتعلقة بالبرنامج النووي الباكستاني. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

عندما كانت راولبندي منطقة فيدرالية كان السفراء الأجانب يتجولون فيها بحرية وتقع محطة كهوتة النووية أيضاً في راولبندي، وقد حدث بالفعل أنه قبض على أفراد تابعين للسفارة الفرنسية في المنطقة المحظورة، عقب هذه الحادثة فصلت مدينة راولبندي عن المنطقة الفيدرالية في عهد الرئيس ضياء الحق، وتم تنبيه الدبلوماسيين الأجانب ألا يغادروا المنطقة الفيدرالية دون إذن.
في السادس من يناير (كانون الثاني) 1981، أعلن عن جعل المنطقة الحضرية لإسلام آباد منطقة فيدرالية وعاصمة اتحادية، وأعطيت وصف إقليم إسلام آباد، وتضم المدينة دوائر مختلفة تشمل مناطق إدارية ودبلوماسية ومدنية وتجارية وثقافية إضافة إلى الأحزمة الخضراء ومنطقة المنتزه الوطني. 
 
 
بنيت القطاعات السكنية على جانبي المركز التجاري الرئيس للمدينة، التي تسمى بالمنطقة الزرقاء، مساحة كل قطاع 745 هيكتاراً ويحتوي على قطاعات فرعية أخرى تشمل مراكز تجارية. 
كما بنيت القطاعات على شكل مربعات طولها اثنين كيلومتر من كل طرف، وكل قطاع يحتوي على مركز تجاري واحد، كما توجد في القطاعات الفرعية أسواق صغيرة تتوفر فيها المأكولات والمشروبات. إضافة الى ذلك، يحتوي كل قطاع على مدرسة ابتدائية للبنين والبنات ومدرسة ثانوية ومساجد وحدائق.  
 
مغالطات حول تسمية المدينة
 
كيف اقترح اسم العاصمة الجديدة؟ قرر مجلس الوزراء في 24 فبراير (شباط) 1960، تسمية العاصمة الجديدة إسلام آباد، وأعلن هذا القرار وزير الإعلام والإذاعة آنذاك ذو الفقار علي بوتو.
تروى في هذا الصدد، حكاية مفادها بأن الحكومة نشرت إعلاناً طلبت فيه اقتراحات لاسم العاصمة الجديدة من جميع أنحاء الدولة. لو كانت الحكومة هي من طلبت الاقتراحات لنشرت هذا الإعلان في كل الصحف الرائدة في الدولة، لكن ذلك لم يحصل، بل نشرت فقط أسبوعية "قنديل" التي كان يرأسها الصحافي مجيد نظامي في مدينة لاهور إعلاناً طلبت فيه الاقتراحات لاسم العاصمة الجديدة، ووضعت جائزة بقيمة ألف روبية للفائز.
العنوان الذي طلب إرسال الاقتراحات عليه في الإعلان، هو عنوان المحرر الإداري لأسبوعية "قنديل"، ولو كان الإعلان من الحكومة لكان العنوان أيضاً لجهة حكومية، لذلك يتبين من ذلك أن أسبوعية "قنديل" نشرت الإعلان بصفة مستقلة. 
الاسم الذي أعلنت عنه الحكومة للعاصمة الجديدة كان من ضمن الأسماء التي أرسلت لأسبوعية "قنديل"، ولا توجد أدلة حول ما إذا كان هذا مجرد صدفة أو أن الأسبوعية قد شاركت بالفعل الأسماء التي استلمتها مع الحكومة. 
بعد ذلك، كتب رجل يسمى قاضي عبدالرحمن وكان معلماً في مدرسة حكومية في مدينة عارف والا، رسالة للرئيس أيوب خان ادعى فيها أنه هو الذي اقترح هذا الاسم للعاصمة الجديدة ليرد عليه الرئيس بأنه سيمنحه قطعة أرض كجائزة على اقتراحه، لكن هذا الوعد لم يوف في عهد الرئيس أيوب خان.
يقول الشاعر صادق نسيم الذي ينتمي لمدينة راولبندي عن تسمية العاصمة بإسلام آباد أنه كان هناك شارعاً صغيراً في منطقة لال كرتي في راولبندي ذو أغلبية مسلمة قبل استقلال باكستان تسمى إسلام آباد وكان الشعراء المنتمون لهذا الشارع يلقبون أيضاً بالإسلام آبادي. 
كما توجد منطقتين في راولبندي تحمل نفس الاسم الجديد للعاصمة، وقد تم تغيير أسمائها بعد ذلك إلى مغل آباد وقاسم آباد، هناك رأي آخر أيضاً يقول إن اسم إسلام آباد اقترحه شيخ ديول شريف الصوفي لأيوب خان.  
 
أسماء غير صحيحة دارجة 
 
تخلل إنشاء مدينة إسلام آباد حوادث كبرى أثرت على بناء المدينة مثل حرب 1965، وسقوط داكا، لكن استمر العمل بروح وطنية وقد شارك في عملية البناء في مبنى السكرتارية طلبة الجامعات كمتطوعين لأشهر طويلة وساعدوا أيضاً في حمل مواد البناء.
يقول الدكتور جنيد آزرا في كتابه "50 عاماً للعرف الأدبي في إسلام آباد" إن بناء المدينة بدأ في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 1961، من قرية كانت تسمى باغ كلا التي يوجد فيها ضريح والد بري إمام الشيخ سخي محمود. وقد سميت السوق المجاورة لهذا الضريح بسوق أبپاره لأنها كانت هناك سوقاً في مدينة شيتاغونغ الواقعة في بنغال تحمل الاسم نفسه، من أجل إعطاء البنغاليين شعور الانتماء.
ثمة أسماء كثيرة دارجة لمناطق داخل إسلام آباد تختلف عن الأسماء الحقيقية لهذه المناطق، على سبيل المثال الاسم الحقيقي للمنطقة الزرقاء هو جناح أفينيو. درج اسم المنطقة الزرقاء على ألسنة الناس لأن المنطقة المحيطة بجناح افينيو الممتدة لستة كيلومترات ظهرت باللون الأزرق في الخريطة الأولية والمخطط الرئيس للمدينة، لذا صارت تسمى المنطقة الزرقاء. 
في سياق متصل، تسمى المنطقة حول طريق كشمير السريع (أو طريق سرينغر السريع) المنطقة الموفية، هذه المنطقة أيضاً كانت ملونة في الخريطة باللون الأرجواني الذي يسمى موف بالإنجليزي فاشتهر اسمها بالمنطقة الموفية. 
كذلك كلمة "لفة بيشاور" هي من اختراع طلاب ثانوية H9، لأنه لم توجد في ذلك الوقت وسائل نقل خاصة بالثانوية، فكان الطلاب يقفون على حافة الشارع ينتظرون من يحملهم في سيارته إلى المنعطف القريب من الثانوية الذي كان مركزاً للباصات التي تقل المسافرين من وإلى مدينة بيشاور، لذا سمي هذا المنعطف بلفة بيشاور. 
بات اسم المركز التجاري لقطاع G7 سوق ستارة، لأنه كان يوجد هناك في سالف الزمن مطعم ستارة، وأغلق هذا المطعم في ما بعد وبقي اسم السوق ستارة. كما سميت أسماء المراكز التجارية لقطاع G6 وقطاع F6 نسبة لأسماء دور عرض السينما والمحلات الموجودة فيها كما سمي المركز التجاري لقطاع F8 بسوق أيوب نسبة للرئيس أيوب خان.
قسمت المدينة في بادئ الأمر لقطاعات سميت بالأرقام والحروف الهجائية الإنجليزية، لكن فكر أحدهم بعد ذلك بأن القطاعات يجب تسميتها باللغة المحلية، فغيرت أسماء القطاعات إلى خيبر ومهران وشاليمار ورمنا، لكن هذا التغيير قد فات أوانه وأصبحت الأسماء القديمة هي الرائجة.
في المقابل، أول مسجد بني في مدينة إسلام آباد هو مسجد أولى في قطاع G6-2، هذا المسجد متوسط الحجم وقد بني جامع كبير لقطاع G6 ليكون المسجد الرئيس للقطاع، كان لونه بنياً فاتحاً في بادئ الأمر وصبغ باللون الوردي بعد ذلك، لكن المسجد اشتهر باسم المسجد الأحمر نسبة إلى المباني الحمراء التي تحيط به.
 
عن موقع اندبندنت أردو
اقرأ المزيد

المزيد من تقارير