Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوريا ما بعد الأسد... تمدد المصالح التركية وانحسار الإيرانية

تحاول طهران استغلال أي تحديات تواجهها لخلق فرص لها ومن ثم ستعمل على استغلال ورقة الأكراد وتوتر العلاقات بين أنقرة وإسرائيل

تمثل سوريا فرصة لتوسع نفوذ تركيا على البحر المتوسط وربما تعمل أنقرة على إبرام اتفاق بحري مع حكومة دمشق الجديدة (أ ف ب)

ملخص

المعضلة الأخرى لإيران ليست فقد حليف "محور المقاومة" نظام الأسد وتمدد مصالح تركيا على حسابها داخل سوريا فحسب، بل إن علاقة أنقرة وطهران ستتخذ كذلك شكلاً أكثر تنافسية وتوتراً، فتركيا التي كانت تمثل لإيران شرياناً للالتفاف على العقوبات الدولية باتت منافساً وبديلاً للنفوذ الإيراني في سوريا، مما يعني أن على طهران إدارة علاقتها بتركيا على نحو دقيق في تلك الفترة.

تمثل سوريا ما بعد الأسد ساحة يحاول المشروع التركي أن يتمدد من خلالها، بينما تشهد الساحة ذاتها انحساراً للمشروع الإيراني. انحسار وليس انتهاء، فإيران دولة يقوم الإطار النفسي لسياستها على تمدد مصالحها خارج حدودها.

ويشهد الشرق الأوسط حالياً تغيرات إقليمية وتطورات يتجلى فيها تمدد المصالح التركية وتوسّعها على حساب المصالح الإيرانية داخل سوريا، ويمكن تناول ذلك من خلال أولاً كيف تعاملت إيران مع الدور التركي في التطورات السورية، وثانياً كيف تمددت المصالح التركية على حساب الإيرانية.

أولاً، في ما يتعلق بالنظرة الإيرانية لما يحدث داخل سوريا، اعتبرت طهران ابتداء من صناع القرار وحتى الإعلام أن ما يحدث في سوريا نتيجة للتدخل التركي وأن أنقرة ستتحمل كلفاً باهظة وأنها تعمل على استبدال وجود إيران ونفوذها في سوريا بالوجود التركي.

وترى طهران أن تركيا تستغل حال الضعف الإيراني لتقويض مصالح طهران وتعميق مصالح أنقرة الجيوسياسية، وتنتقد كل وسائل الإعلام الإيرانية محاولة تركيا إحياء ما يسمى "العثمانية الجديدة" والترويج لنموذج الإسلام التركي، وتراهن إيران على أن اقتراب منطقة التماس بين إسرائيل وتركيا سيكون ضمن أهم الأوراق التي يمكن من خلالها تأجيج التوترات بين الطرفين، فمن جهة لن يكون آمناً لتركيا اقتراب إسرائيل من حدودها عبر سوريا، وليس آمناً لإسرائيل وجود جماعات إسلامية بمختلف أطيافها على حدودها.

وتعتبر إيران أن سوريا ستكون مدخلاً للتقارب التركي- العربي والتقارب التركي- الغربي، وفي المقابل التباعد بين تركيا وإيران وروسيا من جانب آخر. فسوريا التي كانت ساحة للنفوذ الإيراني والروسي ومدخلاً للنفوذ على البحر المتوسط تشهد اختفاء للوجود الإيراني وانحساراً للنفوذ الروسي، ومن ثم أصبحت لتركيا اليد العليا في سوريا في مواجهة المنافسة غير المعلنة بينها وإيران وروسيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمثل سوريا الآن إحدى ساحات التنافس الجديد بين إيران وتركيا، فلم يعُد التنافس بينهما يقتصر على منطقة جنوب القوقاز فحسب، بل بات في سوريا كذلك، ومن ثم تمثل سوريا استبدال مشروع الهيمنة الإيرانية بالهيمنة التركية على أكثر من مستوى، فسياسياً سقط حليف إيران بشار الأسد، وحالياً تقوم تركيا بدور في بناء الدولة السورية الجديدة ومن ثم سيكون هناك شكل من أشكال علاقات التأثير والنفوذ مع النظام السياسي الوليد الذي من المرجح أن تتشابه رؤيته ومصالحه مع الرؤية التركية.

أما اقتصادياً، فتمثل سوريا فرصة لتوسع نفوذ تركيا على البحر المتوسط، وربما تعمل على إبرام اتفاق بحري مع الحكومة السورية الجديدة، وكذلك تمثل سوريا نقطة انطلاق اقتصادي مهمة تربط بين تركيا والعالم العربي وجنوب آسيا وغربها وأوروبا، فضلاً عن طموح تركيا إلى أن تكون نقطة عبور استراتيجية للطاقة نحو أوروبا وسيسهل موقع سوريا لتركيا هذا الهدف بدلاً من العراق ومنطقة إقليم كردستان.

المعضلة الأخرى لإيران ليست فقد حليف "محور المقاومة" نظام الأسد وتمدد مصالح تركيا على حسابها داخل سوريا فحسب، بل إن علاقة تركيا وإيران ستتخذ كذلك شكلاً أكثر تنافسية وتوتراً، فتركيا التي كانت تمثل لإيران شرياناً للالتفاف على العقوبات الدولية باتت منافساً وبديلاً للنفوذ الإيراني في سوريا، مما يعني أن على طهران إدارة علاقتها بتركيا على نحو دقيق في تلك الفترة.

وفي حين يعاني المشروع الإقليمي الإيراني ضعفاً حالياً، فإن طهران تعمل على إعادة تقييم موقفها الاستراتيجي وستعمل على التركيز على قدراتها الحالية بدلاً من شبكة وكلائها الإقليمية التي تعاني ضعفاً، وربما محاولة دعمهم ستدفع إسرائيل إلى توجيه ضربات انتقامية لطهران. لذا تعمل إيران على توظيف وضعها كدولة عتبة نووية للاستفادة منه أمام الغرب وواشنطن، كما تعمل على بناء منظومتها الصاروخية وصناعة الطائرات من دون طيار، أي إن إيران في اللحظة الراهنة تركز على مصالح النظام الإيراني داخلياً وليس على الاستراتيجية الإقليمية.

وفي المقابل، تحاول إيران استغلال أي تحديات تواجهها لخلق فرص لها ومن ثم ستعمل على استغلال ورقة الأكراد وتوتر العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وتأجيج الفوضى داخل سوريا عبر استغلال استياء المسيحيين والعلويين وفلول النظام السوري السابق وربما تخلق بعض الجماعات التي ترفع شعارات تندد باحتلال إسرائيل لبعض الأراضي السورية لخلق مقاومة جديدة.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء