Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأردن وإسرائيل تتراشقان مسؤولية الاعتكاف في "الأقصى"

البعض يعتبر أن حكومة نتنياهو تحاول الزج بعمان في معركة مع أهالي المنطقة الفلسطينيين

 قوات إسرائيلية تقتحم المسجد الأقصى (أ ف ب)

ملخص

للمرة الأولى على الإطلاق تطلب #إسرائيل علناً من #الأردن إخراج #معتكفين من #المسجد_الأقصى

تبادلت إسرائيل والأردن الاتهامات في شأن اعتكاف عشرات الفلسطينيين في المسجد الأقصى على وقع المواجهات الدامية التي شهدها الحرم القدسي في الأيام الماضية.

وفيما تكافح الدبلوماسية الأردنية من أجل تثبيت "الوضع القائم" في القدس باعتباره الضامن لعدم العبث بالوصاية الهاشمية، يرى مراقبون أن حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية تحاول الزج بالأردن في معركة مع المقدسيين وتصدير أزمتها في القدس.

 فللمرة الأولى على الإطلاق تطلب إسرائيل علناً من الأردن إخراج معتكفين من المسجد الأقصى، بدعوى أن وجودهم هو ما يتسبب في التوتر والمواجهات داخل الحرم القدسي.

وتنظر الحكومة الإسرائيلية إلى الاعتكاف الرمضاني على أنه يتجاوز سلطاتها، بينما تعتبر الأردن أن قمع المصلين محاولة للعبث بوصايتها في الأماكن المقدسة ومحاولة لفرض التقسيم الزماني والمكاني.

تبادل اتهامات

من جهتها، حذرت وزارة الخارجية الأردنية من التبعات الكارثية لاستمرار إسرائيل في خرق الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى والحرم القدسي، وانتهاكاتها حرمة الأماكن المقدسة وحق المسلمين في أداء شعائرهم الدينية في رمضان.

واعتبرت الخارجية أن قيام قوات الشرطة الإسرائيلية بانتهاك حرمة المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين في محاولة لتفريغه من المصلين، تمهيداً لاقتحامات كبيرة للمسجد، سيدفع الأوضاع نحو مزيد من التوتر والعنف الذي سيدفع ثمنه الجميع.

 وترى الخارجية الأردنية أن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى هي الجهة الوحيدة المخولة بإدارة شؤون الحرم، والقادرة على ضمان أمنه إذا ما أوقفت إسرائيل اعتداءاتها على الأقصى ورفعت القيود التي تفرضها عليها وعلى طاقمها، واحترمت الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات وحق المصلين في العبادة.

بينما ردت وزارة الخارجية الإسرائيلية في تغريدة على "تويتر" بدعوة الأردن من خلال حراس الأوقاف إلى إخراج "المتطرفين الذين يخططون للقيام بأعمال شغب في الحرم القدسي والبركة الكهنوتية عند الحائط الغربي من المسجد الأقصى"، بحسب تعبيرها.

وتتهم إسرائيل دائرة الأوقاف التابعة للأردن بالمسؤولية عن التوتر في الحرم القدسي بسبب دعوتها المصلين إلى الاعتكاف في المسجد الأقصى.

ورفض الأردن طلب إسرائيل بإخلاء المسجد الأقصى من المعتكفين بالتعاون مع حراس الوقف، كما رفص تحميله مسؤولية ما جرى من أحداث.

وقالت الخارجية الأردنية إن دائرة الأوقاف هي صاحبة الصلاحية الحصرية في إدارة جميع شؤون الحرم القدسي الشريف. أضافت أنها تصدت لحملة دبلوماسية إسرائيلية حاولت تزوير الحقائق حول ما يجري في المسجد الأقصى، وتحميل إدارة الأوقاف مسؤولية التصعيد الخطر الناتج من الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات.

تقويض الوضع القائم

منذ سنوات تعبر الدبلوماسية الأردنية عن خشيتها من "تقويض الوضع القائم في القدس"، وهو مصطلح سياسي تكرر كثيراً في الآونة الأخيرة في إشارة إلى ما كانت عليه الأمور خلال العهد العثماني، في وقت تسعى فيه السلطات الإسرائيلية إلى تغيير الواقع الحالي، بفرض سيطرتها على المسجد الأقصى عبر التدخل في شؤون إدارته، بحسب مسؤولين سياسيين.

ومنذ عام 1852 حددت السلطات العثمانية الحقوق في الأماكن المقدسة لكل طائفة وجماعة دينية كانت موجودة في القدس وبيت لحم، من دون السماح بإحداث تغيير على هذا الوضع.

في 1856 اعترف مؤتمر باريس وكذلك معاهدة برلين بين قوى أوروبية والدولة العثمانية بهذه الترتيبات، كما التزم الانتداب البريطاني في الفترة من 1920-1947 عند احتلاله القدس الوضع القائم بما يشمل جدار البراق في المسجد الأقصى.

ووفقاً للجنة الملكية لشؤون القدس انتهك اليهود عام 1928 الوضع القائم في المسجد الأقصى، ووضعوا مقاعد عند حائط البراق لفصل النساء والرجال الذين يؤدون صلوات يوم الغفران ونفخوا في الأبواق، ثم تفاقم النزاع حول ترتيبات الصلاة في حائط البراق مما أدى إلى اندلاع ثورة البراق عام 1929.

وخلصت عصبة الأمم بعدها بعام إلى أن ملكية الحائط الغربي تعود للمسلمين وحدهم ولهم الحق وحدهم فيه، لأنه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، وتعود لهم أيضاً ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط، لأن ذلك الرصيف وقف أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن عام 1967 احتلت إسرائيل القدس واستولت بالقوة على حائط "البراق" وأنشأت ساحة صلاة كبيرة للمصلين اليهود.

وفي عام 2013، وقع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية الوصاية، ووفقاً لمراقبين فإن السلطات الإسرائيلية لم تعبث بالوضع القائم في شأن إدارة الحرم القدسي الشريف حتى عام 2000. وعلى رغم توقيعها على معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية عام 1994 وما نصت عليه من الدور الحالي الخاص للأردن في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، بدأت الخروقات الإسرائيلية تباعاً.

سقف خطاب مرتفع

وبدا واضحاً أن سقف خطاب الأردن حيال ما يجري في المسجد الأقصى بات مرتفعاً وحاداً وغير مسبوق، إذ برر وزير الخارجية أيمن الصفدي في لقاء مع شبكة "سي أن أن" الأميركية الصواريخ التي انطلقت من لبنان تجاه مناطق إسرائيلية بأنها رد فعل طبيعي، كما شكك برواية تل أبيب للأحداث التي وقعت في المسجد الأقصى وجرى فيها الاعتداء على المصلين والمعتكفين.

اختار الصفدي الظهور على الشبكة الأميركية كرسالة واضحة لإسرائيل للتشكيك بروايتها وجديتها، والقول إن التصعيد لا يخدمها بل يقود إلى مزيد من التعقيد للمشهد.

قبل ذلك، كان بيان صادر عن الخارجية الأردنية يلمح للمرة الأولى إلى إمكانية اتخاذ الأردن خطوات مراجعة لبعض بنود اتفاقية السلام الأردنية - الإسرائيلية.

ومنذ أسابيع ينتهج الأردن خطوات دبلوماسية لعزل وفضح تصرفات حكومة اليمين الإسرائيلي الحالية لدى المجتمع الدولي، وهو ما بدا أنه يؤتي ثماره عبر تحول كبير في موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بحسب متابعين للتطورات الحالية.

لكن في المقابل ظهر وزير الخارجية الأردني في سياق إعلامي مختلف عن دبلوماسية تضييق الخناق دولياً وإقليمياً على حكومة اليمين الإسرائيلي، إذ تحدث بصراحة وشفافية عن موازين القوى التي تجعل طاقم الأوقاف الأردنية في القدس والمكون من 70 حارساً، عاجزاً أمام الشرطة الإسرائيلية، مضيفاً أن بلاده لا تستطيع تحرير المسجد الأقصى وأن دور الوصاية المنوط بها ليس تحرير الأقصى وإنما الحفاظ عليه.

هذا السقف الرسمي المرتفع في الأردن تقاطع مع سماح السلطات بتنظيم تظاهرات وفعاليات غاضبة وبسقف مرتفع كما حدث في مدينة معان التي رفعت فيها أعلام حركة "حماس" ومجسمات لصواريخها.

بينما اجتهد الإعلام الرسمي في نقل أحداث القدس و"الأقصى" مباشرة خاصة صلوات التراويح والاعتكافات.

الأمن مقابل الأمن

من جهته يعتقد الكاتب ماهر أبوطير أن تصريحات وزير الخارجية الأردني بمثابة استبدال لشعار الأرض مقابل السلام إلى الأمن مقابل الأمن، وهو تطور حساس بالنسبة إلى إسرائيل من قبل دولة مجاورة ترتبط معها بمعاهدة سلام.

وترى فيه الأوساط الإسرائيلية بمثابة "شرعنة لردود الفعل الفلسطينية عبر العمليات التي ينفذها شبان فلسطينيون" كرد على التصرفات الإسرائيلية المستفزة.

لكن في المقابل يدافع الوزير السابق محمد المومني عن استمرار العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل على رغم كل الانتهاكات والاستفزازات. ويؤكد أن معاهدة السلام سلاح بيد الدولة الأردنية، وأن دعوات سحب السفير الأردني أو طرد السفير الإسرائيلي تضر بالفوائد الدبلوماسية المتوقعة، كإحضار جرحى غزة للعلاج في الأردن، والوجود على الأرض في القدس، مشيراً إلى أن المطالب الشعبية لها كلفة سياسية عالية، وتضر بالرئة التي يتنفس منها الشعب الفلسطيني سياسياً وتجارياً وإنسانياً.

ويضيف المومني "تاريخياً التعامل الأردني يتم مع مؤسسات الشرعية الفلسطينية ممثلة بالسلطة الفلسطينية، وليس عبر تنويع الخيارات والانفتاح على الفصائل الأخرى لخلق حالة من التوازن، لأن التعامل مع الشرعية الفلسطينية يتيح لنا التواصل دولياً".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات