ملخص
تمكن #نتنياهو من إخماد أصوات #المتظاهرين لفترة وجيزة حين أطلقت #الصواريخ من خارج حدود #إسرائيل
ثلاث جبهات (إسرائيلية ولبنانية وسورية) على صفيح ساخن، وبدا أن الفتيل الذي أشعل قبل أيام عبر الصواريخ المتبادلة، لم يكن رسائل تحذيرية فحسب بين أطراف تعيش حالة صراع منذ عقود، بل رد محدود الإطار منعاً لاندلاع حرب شاملة عواقبها وخيمة.
لم تتوان تل أبيب عن الرد العاجل بقصف منصات صواريخ تتموضع جنوب سوريا عبر المدفعية وطائرة مسيرة، وتبدو هذه المواقع التي أعلن الجيش الإسرائيلي استهدافها ذات أهمية خاصة، كونها تتبع للفرقة الرابعة، وموقعاً للرادارات في السويداء، وموقعاً ثالثاً للمدفعية، وكلها مواقع عسكرية تعود مرجعيتها لقوات النظام.
التوتر الذي يسود الحدود يشوبه كثير من التوجس والترقب، وعلى رغم حبس الأنفاس لما ستؤول إليه المنطقة بعد إطلاق عشرات الصواريخ خرجت من الأراضي اللبنانية في تصعيد يعد الأكبر من نوعه بعد هدوء خيم على الجبهة منذ حرب يوليو (تموز) عام 2006، وسقطت في الداخل الإسرائيلي، ولم تتبن بعد أي جهة مسؤولية الهجوم. وتتوجس الأوساط الشعبية والسياسية من مغبة انخراط لبنان المثقل بالأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية والأمنية، في حرب واسعة النطاق.
تعبئة شرطة الحدود
في المقابل، لم تكن مفاجأة إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية التي يعتقد أن منظمات فلسطينية وراءها، حسب مراقبين في الشأن الميداني، يتيمة، بل انطلقت أيضاً ثلاثة صواريخ من الأراضي السورية يوم السبت في الثامن من أبريل (نيسان) الحالي، أحدها انفجر ووصلت شظاياه إلى الأردن والثاني في الجولان والثالث في الداخل الإسرائيلي من دون أية إصابات بشرية.
ونسبت وسائل إعلام عربية وأجنبية عن مرجعية الصواريخ كونها لـ "لواء القدس"، وهي قوة رديفة للجيش السوري النظامي تشكلت مع بداية الحرب السورية، واتسع نطاق عملها في حماية مناطق تواجد الأحياء السكنية الفلسطينية بمخيمات "حندارات والنيرب" في ريف حلب الشمالي إلى الانخراط بحرب امتدت شمالاً وشرقاً وصولاً إلى عمق البادية السورية ضد الجماعات المتطرفة وملاحقة فلول تنظيم "داعش".
في هذه الأثناء، نفت قيادة "لواء القدس" خبر إطلاقها الصواريخ، وجاء في بيان "نحن في لواء القدس ليس لنا أي علاقة بموضوع إطلاق الصواريخ، وننفي هذا الخبر، ونؤكد أنه لا وجود لقواتنا المقاتلة في المنطقة الجنوبية". وأمام هذه التطورات المفاجئة، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الشرطة الإسرائيلية بتعبئة جميع وحدات شرطة الحدود الاحتياطية، الأحد التاسع من أبريل، في استنفار أمني طارئ.
وتشير المعلومات الواردة إلى نشر أربع كتائب احتياط من قوة حرس الحدود استقدمت من مدينتي اللد والقدس، وسط تشديد على دخول الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة.
ليس خافياً أن التوتر الحدودي الحاصل يأتي نتيجة استفزاز تقليدي أحدثه اقتحام الإسرائيليين للمسجد الأقصى، لكنه غير عادي هذه المرة، ويمكن الجزم أن نتنياهو تمكن من إخماد أصوات المتظاهرين حين أطلقت الصواريخ من خارج حدود البلاد، بل ودفعتهم للاختباء في الملاجئ لتنكفئ الاحتجاجات لأيام معدودة، لكنها عادت اليوم إلى ما كانت عليه مجددة مطالبها.
أزمات متلاحقة
كان الإسرائيليون قد احتشدوا في أكبر تظاهرات مناهضة للحكومة في شوارع تل أبيب يوم 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، اعتراضاً على خطط الحكومة اليمينية الجديدة بهدف الحد من سلطات القضاء، الأمر الذي اعتبره المتظاهرون يقوض من الديمقراطية. ودعا رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، يائير لابيد، المتظاهرين إلى "عدم الاستسلام حتى النصر".
وبحسب متابعين للشأن الداخلي الإسرائيلي، ليس أمام نتنياهو سوى الرضوخ لمطالب المتظاهرين والتراجع عن قرار إصلاح القضاء بعد تهاوي الائتلاف الحاكم، وبعد انقضاء 100 يوم على تولي نتنياهو الحكم، بدت تتكشف أزمات متلاحقة تخطت الحدود الجغرافية، فالأمر ليس كما يعتقد البعض، إذ ليس من السهل رمي كتلة الجمر وإشغال الداخل بحروب خارجية، وسط تمسك المعارضة بمطالبها، وعليه أخذت الهوة تكبر بينه وبين الولايات المتحدة لتتحول إلى شبه قطيعة، أفضت إلى تأجيل البيت الأبيض زيارته وعدم استقبال وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الرئيس الأميركي، جو بايدن، أعرب في نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، عن رفضه للإصلاحات القضائية التي تنوي الحكومة تمريرها، ليرد نتنياهو بسلسلة تغريدات عبر العصفور الأزرق، قائلاً "إسرائيل دولة ذات سيادة تتخذ قراراتها بناء على إرادة شعبها وليس على مجرد ضغط من الخارج، حتى من أفضل الأصدقاء"، وحدة التصريحات دفعت وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، للقول "بايدن وإدارته بحاجة إلى فهم أن إسرائيل ليست مجرد نجمة على العلم الأميركي".
صاحب أطول مدة حكم في إسرائيل، الذي سبق مؤسس الدولة اليهودية، ديفيد بن غوريون متجاوزاً إياه حكم البلاد 13 عاماً بولايات مختلفة، ليس أمامه سوى اجتراح أحداث سياسية أو عسكرية خارج حدود بلاده. ولعل الأنظار يمكن أن تتجه نحو "تحقيق نصر في الساحات الخارجية كضربة موجعة لطهران ولمفاعلاتها النووية"، وفق خبراء عسكريين، وهذا الاعتقاد يمكن في الوقت ذاته استبعاده، فالرد الإيراني سيكون قاسياً هذه المرة وبالتالي سيفجر المنطقة، بحسب الخبراء.
مشاهد عنف محتملة
وثمة رؤية لا يستبعدها المراقبون للمشهد الإسرائيلي عن انتقال الاضطرابات والتظاهرات السلمية إلى مشاهد عنف، أو إلى صراع مسلح، إذ ما واصل رئيس الحكومة تعنته في شأن الإصلاحات، التي يبدو أنه متمسك بها لحدود إقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت من منصبه في 27 مارس الفائت بسبب معارضته. كل ذلك يحدث وسط تدهور اقتصادي حسب وصف أحد كبار المستثمرين الإسرائيليين، شلومو دوفرات، الذي كشف في لقاء مع القناة الـ 12 الإسرائيلية أنه "يتم كل يوم إخراج ملياري دولار من إسرائيل والبنوك تعلن عن هذا، أعتقد أن الخطر هنا حقيقي".
من المتوقع أن تكثف تل أبيب أيضاً من الضربات الجوية على الأراضي السورية، التي زادت خلال الآونة الأخيرة لتصبح شبه يومية مستهدفة مراكز حساسة، فيما لوحظ خروج الأهداف عن كونها مواقع لإيران أو الفصائل التابعة لها، كذلك يستبعد المراقبون أن تزج إسرائيل جيشها وسلاح الطيران بحرب إيرانية على الأرض السورية، لأن إسرائيل ستكون وحيدة لا سيما بعد الاتفاق السعودي - الإيراني والتقارب السوري الحاصل مع الجامعة العربية، علاوة على العلاقات الفاترة التي تعيشها تل أبيب مع واشنطن.
وبناء عليه، يرى مسؤولون عسكريون إسرائيليون أن تصدير المعارك والحروب الخارجية بغية انكفاء المتظاهرين يبدو باء بالفشل، فالصواريخ التي وصلت من جبهات عدة حملت رسائل كافية، وسط ترجيحات بمواصلة الاستفزازات في الأقصى واستكمال الضربات على سوريا كذلك.