Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نزيف القلق... لماذا غادر دبلوماسيو الخرطوم بهذه السرعة؟

مراقبون: المعركة ستطول والشرطة غائبة ومخاوف من هجمات إرهابية عبر الحدود المفتوحة على مصاريعها

ملخص

كثير من سكان العاصمة يرون في الأمر دلالة واضحة على فشل مساعي المجتمع الدولي في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار

أثار إجلاء عدد من الدول بعثاتها الدبلوماسية ورعاياها من الخرطوم التي تشهد قتالاً عنيفاً بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ الـ 15 من أبريل (نيسان) الجاري الذعر لدى كثير من سكان العاصمة المكلومة، لاعتقادهم بأن ذلك دلالة واضحة على فشل مساعي المجتمع الدولي في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار أو فرض هدنة حقيقية، مما دفع أعداداً كبيرة من سكانها إلى الهرب باتجاه القرى والمدن القريبة منها، فضلاً عن دول الجوار وبخاصة مصر عبر المنافذ البرية.

وتمكن عدد من الدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وكندا وبريطانيا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والصين وروسيا والسويد وإيرلندا وتركيا والسعودية ومصر ولبنان والأردن وليبيا والجزائر وموريتانيا واليمن من إجلاء بعثاتها الدبلوماسية وبعض رعاياها خوفاً من تطور الأوضاع داخل الخرطوم إلى الأسوأ بسبب تباعد المواقف بين قيادتي طرفي الصراع.

احتمالات ومخاوف

لكن ما الأسباب التي دفعت هذه البعثات إلى مغادرة الخرطوم بهذه السرعة على رغم إعلان الهدنة بين الجانبين المتحاربين، فضلاً عن أن مقارها تعتبر ملاذاً آمناً بحسب الأعراف السائدة، وهو ما قاد كثيراً من الرعايا الأجانب والعرب للجوء إليها منذ اندلاع الحرب؟

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة أفريقيا العالمية في الخرطوم الزمزمي بشير إن "إجلاء الدول العربية والغربية وعدداً من الدول الآسيوية لرعاياها وهيئاتها الدبلوماسية من الخرطوم بعد أكثر من أسبوع من الاشتباكات الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يعود لاحتمالات عدة، منها أن هذه المعركة ستطول وتطوراتها غير محسوبة ولا مضمونة حتى على البعثات الدبلوماسية، فربما يصيبها بعض الضرر، كما أن الشرطة منذ اندلاع هذه المعارك اختفت تماماً من المشهد، سواء في الشارع أو في مقارها، وبالتالي باتت هناك مخاوف من هجمات إرهابية ونشاط لجماعات متطرفة، بخاصة أن السودان دولة مفتوحة على مصراعيها، ففي نيجريا ’بوكو حرام‘ وفي مالي ’الحركة الأزوادية‘ وفي الصومال ’حركة الشباب الإسلامي‘ المتطرفة، فضلاً عن انتشار عناصر تنظيم ’داعش‘ وما تبقى من ’القاعدة‘ في أجزاء مختلفة من الدول العربية القريبة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف بشير أن "هذه الجماعات الإرهابية كان لها وجود في الخرطوم منذ سنوات، لكن بجهود الأجهزة الأمنية انسحبت من الأراضي السودانية، وبشكل عام فإن بلادنا مفتوحة وقد يشجع انعدام الأمن والأحداث الحالية هذه الجماعات على دخول السودان واستهداف البعثات الدبلوماسية وبخاصة الكبيرة منها، مثل السفارة الأميركية وسفارات الدول الغربية وبعثة الأمم المتحدة، في ظل التوقعات بأن الصراع ربما يطول وتصعب عملية الإجلاء".

وتابع، "الشيء الآخر في ما يتعلق بمسألة الحرب أن هناك نظرية لأجهزة الاستخبارات توضح أنه حينما تنطلق الرصاصة الأولى تكون هناك صعوبة في الحصول على المعلومات، مما يصعب على البعثات الدبلوماسية خلال وجودها في الخرطوم تحقيق أي عمل دبلوماسي أو استخباراتي، إضافة إلى أن وجود هذه البعثات في ظل هذه الأحداث المتصاعدة مسؤولية الدولة التي أرسلتها وهو ما يحتم عليها إعادتها حال الخطر بحسب المواثيق الدولية".

تسهيل الخروج

أما المتخصص في العلاقات الدولية السفير محمد صغيرون فيوضح أن "الدول الكبرى تحرص دائماً على سحب دبلوماسييها ورعاياها من المناطق التي تتعرض للعنف والقتال، لأن ذلك يتعلق بالرأي العام الداخلي لديها، فمثلاً في حال مقتل دبلوماسي أميركي بالخرطوم خلال أيام الحرب فإن ذلك سيؤثر بالطبع في موقف الرئيس الأميركي جو بايدن وحزبه خلال الانتخابات المقبلة، فضلاً عن أهمية التأكيد للدبلوماسيين على أنهم في أمان ويحظون بالرعاية، وفي الوقت ذاته فمن المعلوم وفقاً لاتفاق فيينا أن الدولة المستضيفة ملزمة بتسهيل خروج الدبلوماسيين بأمان".

وأردف صغيرون، "لا بد من أن يعلم الجميع أن معظم البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية لديها خطط إجلاء مستديمة وبيوت آمنة وغرف تحت الأرض تحميها حتى في حال الهجوم النووي".

ورأى أن ما حدث من قتال بين الجيش وقوات الدعم السريع كان متوقعاً بل إنه تأخر، وما يجري الآن من اشتباكات وتطورات على الميدان أقل مما كان متوقعاً، مؤكداً أن قوات الدعم السريع ستحرص على تعميق الأزمة الإنسانية باستهداف محطات المياه والكهرباء والوقود والمشافي وخلافه.

ومضى المتخصص في العلاقات الدولية يقول "لقد تركنا الأجانب نقاتل وحدنا ولم نستوعب الدرس بعد، فالأبواق نفسها تردد الأسطوانة المشروخة في المحطات التلفزيونية، لكنني على يقين من أن تكتيكات اللعبة ستتغير لحين انفجار آخر".

المزيد من تقارير