Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بند في الموازنة اللبنانية يثير انقساما سياسيا بين أطراف الحكم

"ما حصل معنا في المادة 80 ليس بسيطاً من ناحية الإخلال بالتوازنات والتفاهمات"

مجلس النواب اللبناني يقر موازنة العام 2019 والمادة 80 موضع اللغط تتعلق بوقف التوظيف في الدولة (رويترز)

على الرغم من الأهمية المعلقة على عامل الوقت في بدء تنفيذ موازنة السنة الحالية، لا يزال قانون الموازنة الذي أقر في البرلمان اللبناني في انتظار توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون تمهيداً لنشره في الجريدة الرسمية ليصبح نافذاً.

فتوقيع رئيس الجمهورية يشكل المحطة الأخيرة، بعد توقيع كل من رئيس الحكومة، ووزير المال الذي كان أنجز القانون بصيغته النهائية بعد التعديلات التي طالته في لجنة المال والموازنة النيابية، وفي الهيئة العامة، ليحال بعدها إلى قصر بعبدا حيث سقط أسير اعتراض وزير الخارجية جبران باسيل على إصداره.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لغط في إقرار المادة 80؟

ووافق رئيس الجمهورية ضمناً على هذا الاعتراض من خلال إعلان دوائر القصر أنها بدأت بدرس القانون، وتبين لها وجود "لغط في إقرار المادة 80 يفرض جلاءه"، بحسب البيان الصادر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية.

والمادة 80 موضع اللغط، تتعلق بوقف التوظيف في الدولة، وتضمنت فقرة تتصل بحفظ حقوق الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، وهي المؤسسة التي تعنى بإجراء مباريات للمتقدمين إلى العمل في القطاع العام، على أن يحصل التوظيف على قاعدة المناصفة بين الطائفتين المسيحية والمحمدية في وظائف الفئة الأولى حصراً.

معايير المناصفة

وبرزت المشكلة عندما تبين أن الفائزين، وعلى الرغم من تقدمهم إلى وظائف دون الفئة الأولى، لا تنطبق عليهم معايير المناصفة، إذ ينتمون في غالبيتهم إلى الطائفة المسلمة ما حال دون صدور مرسوم بتوظيفهم. ولجأت الحكومة لحفظ حقوق هؤلاء إلى إدراج فقرة ضمن المادة 80 من قانون الموازنة تلحظ هذا الحق، لكن عند مناقشة المشروع في الهيئة العامة، طلب نواب "تكتل لبنان القوي" الذي يمثل "التيار الوطني الحر"، بشطب المادة.

التوازن الطائفي

وبرر هؤلاء رفضهم بسببين: الأول أن الفائزين لا يراعون التوازن الطائفي، بقطع النظر عن أنهم ليسوا مرشحين لوظائف الفئة الأولى، والسبب الثاني أن موضوع التوظيف لا يعود إلى السلطة التشريعية بل السلطة التنفيذية، وإدراج مادة تتعلق بالتوظيف تشكل انتهاكاً لمبدأ فصل السلطات المعمول به في لبنان.

وكان رئيس التيار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أول من فجّر هذا الموضوع، ورفضه، ما أدى إلى تعطل نشر الموازنة، ما لم تحمل توقيع رئيس الجمهورية، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الموضوع تحوّل إلى نزاع سياسي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعدما نقل عن باسيل قوله إن البند لن يمر "ولتسقط كل الموازنة".

ورد عضو كتلة "التنمية والتحرير" التي يترأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب قاسم هاشم على الإجراء الرئاسي بتغريدة اعتبر فيها أن "محاولة إسقاط بند حفظ حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية بأسلوب ملتوٍ هرطقة دستورية وهدم آخر جسور الثقة بهذه الدولة".

الجسر لباسيل: تعقّل

واللافت ردٌّ للنائب سمير الجسر عضو كتلة المستقبل النيابية التي يتزعمها رئيس الحكومة سعد الحريري على تصريح الوزير جبران باسيل حول رفضه لبند في الموازنة قال فيه "الوزير باسيل يمكنه ان يملي ارادته على اعضاء كتلته لكنه حتما لا يستطيع ان يملي ارادته على باقي نواب الكتل ولا على مؤسسة مجلس النواب. ان رفضه لبند في الموازنة بعدما صوت عليه مجلس النواب وان يصل به الامر الى القول فلتسقط كل الموازنة إذا كان الأمر كذلك فهو قلة احترام لإرادة النواب ولمؤسسة مجلس النواب".

وتابع "ان تهديد باسيل بإسقاط الموازنة تحقيقاً لرغباته السياسية لا يخرج عن كونه ابتزازاً للبلد بأكمله من بوابة الأزمة الاقتصادية والوضع المالي ووجع الناس". ونقول للوزير باسيل "كفى استفزازاً وتعالياً وفئوية لن تأتي الا بالشر على لبنان. ان الدستور واضح وليس بحاجة لتفسير كما انه لا اجتهاد في معرض النص الذي يحدد المناصفة في وظائف الفئة الاولى ويترك الامر بعد ذلك للاختصاص والكفاءة"، وختم الجسر "تعقل قبل ان تدفع البلد في طريق لا يحمد عقباه. لقد نفذ صبرنا".

رد باسيل

وجاء رد باسيل من مدينة زحلة البقاعية في افتتاح "يوم العرَق اللبناني"، برعاية رئيس الجمهورية وحضوره، وتزامن مع كلمة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تناول فيه هذا الموضوع من باب التزام حزبه حفظ حقوق الموظفين، ما فُسر على أنه موافقة للحزب على إبقاء المادة وعدم شطبها. لكن باسيل استمر برفع سقف مطالبته بإسقاط هذا البند، مؤكداً أن "ما حصل معنا في المادة 80 ليس بسيطاً من ناحية الإخلال بالتوازنات والتفاهمات، وهناك إنسان صادق قال إن هذه الأمور لا تحصل بالفرض بل بالحوار"، وقال "ما بتحرز إنو نضرب التوازنات والتفاهمات والاتفاقات من أجل 400 موظف لإدخالهم فرضاً إلى القطاع العام".

ضيق الخيارات

لكن باسيل استدرك ضيق الخيارات المطروحة أمام رئيس الجمهورية ضمن صلاحياته، تاركاً الباب مفتوحاً أمام الخيارات التي طرحها رئيس المجلس، فقال "لا نريد أن نتحمل الطعن بالموازنة لا داخلياً ولا خارجياً. وما حصل يزيد خوفنا من تأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية في وقت كنا نسعى إلى الإعلان عن جبهة مشروعنا للدولة المدنية، إلا أن ما حصل يمس بكياننا"، لافتاً إلى أن "هذا يتطلب من شريكنا عدم القبول بتمرير حالات فادحة في الخلل الإداري، فنحن نتحدث عن 90/10 (أي 10 في المئة مسيحيون مقابل 90 في المئة مسلمون)، وهذا يتطلب منا الالتزام بحذف المادة إما بقانون أو بالموازنة المقبلة، وعدم تكريس هذه الأعراف التي تضرب صلاحيات الرئيس ورئيس الحكومة والوزير".

المادة وردت خطأ

واعتبرت مصادر سياسية مطلعة أنه على الرغم من السقف العالي لكلام باسيل، إلا أنه يشكل في الوقت ذاته تنازلاً بعدما كان الاقتراح الذي طرحه نائب التيار سيزار أبي خليل والقاضي بالتفاهم على اعتبار أن المادة وردت خطأ واعتبارها خطأً مادياً يتطلب تصحيحه، قد لاقى رفضاً قاطعاً من رئيس المجلس الذي أكد أن المجلس سيد نفسه ولا أخطاء مادية تقع فيه، طارحاً خياراً من اثنين: إما التقدم باقتراح قانون معجل لتعديل هذه المادة أو الانتظار حتى إقرار قانون موازنة 2020، باعتبار أنه القانون لا يلغى أو يعدل إلا بقانون.

وكشفت مصادر قريبة من بعبدا التوجه نحو اعتماد خيار إقرار قانون لتعديل المادة، بعدما لمس فريق رئيس الجمهورية تعذر السير بأي خيارات أخرى. فصلاحيات رئيس الجمهورية تجيز له رد القانون، ولكن إذا رفض المجلس إعادة البحث فيه أو التصويت عليه، ومضت مهلة الـ 15 يوماً للنشر ولم يحصل التعديل، يصبح القانون نافذاً، ما يعني عملياً أن صلاحيات الرئيس وحدها غير كافية لتحقيق أي تغيير ما لم تكن مقرونة باتفاق سياسي مع الأفرقاء الآخرين.

فمصادر رئيس المجلس النيابي كانت وصفت موقف رئيس الجمهورية بأنه انقلاب على المجلس النيابي، ويأتي في توقيت خاطئ وسيئ في وقت لبنان موضوع تحت مجهر المجتمع الدولي الذي ينتظر نشر الموازنة، كونها واحدة من الإجراءات الأساسية التي يطالب بها المانحون للإفراج عن القروض الميسرة التي تحول دون تدهور الوضعين المالي والاقتصادي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي