Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عرض بوتين العسكري بمناسبة يوم النصر يعكس الضغوط التي يرزح تحتها

عادةً يكون الهدف من هذا الاستعراض إبراز القوة العسكرية، ولكن جل ما فعله هذه السنة هو تسليط الضوء على حرب الاستنزاف التي تحول إليها اجتياح موسكو لأوكرانيا

ملخص

عادةً يكون الهدف من هذا الاستعراض إبراز القوة العسكرية، ولكن جل ما فعله هذه السنة هو تسليط الضوء على حرب الاستنزاف التي تحول إليها اجتياح موسكو لأوكرانيا

في الخطاب السنوي الذي ألقاه فلاديمير بوتين بمناسبة يوم النصر، سلك مساراً متعرجاً معهوداً سبق أن شاهدناه أكثر من مرة في الأشهر القليلة الماضية، حيث يلوم الغرب على محاولة تدمير روسيا ثقافياً، فيما يمضي قدماً بتحوير مجرى الأحداث التاريخية عبر الادعاء بأن روسيا هي الطرف الوحيد الذي كافح النازية فعلياً.

يحاول بوتين إقناع الناس بسردية تفيد بأن "الحرب الفعلية" ليست تلك التي شنتها موسكو على أوكرانيا، إنما تلك الحرب بالوكالة التي يشنها الغرب على روسيا باستخدام كييف. وكلامه هذا متوقع إلى حد كبير. لكن التركيز كان واضحاً على محاولة [بوتين] إقناع الروس بضرورة المضي قدماً، وبالفخر الذي يجب أن تشعر به البلاد تجاه القوات العسكرية المشاركة في هذه الحرب، أكانت تحارب على خط القتال، أو توفر الإمدادات، أو تداوي المصابين. وقد ختم الرئيس الروسي خطابه بالقول إنه "ما من شعور أعظم من حب الوطن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا شك في أنه يسهل على بوتين المقارنة مع النازيين، وإن كانت في غير مكانها. فلعل الكرملين يخشى خسارة دعم الشعب الروسي إذ يدخل الاجتياح شهره الـ15، وسط توقعات تفيد بأن هجوماً أوكرانياً مضاداً أصبح وشيكاً. لكن المعاناة التي اختبرها شعب الاتحاد السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية، بعد أن رسخت السلطات هذا المفهوم في عقول الناس على مر العقود. وهو تهديد لوّح به بوتين مراراً خلال العقد المنصرم، فضم شبه جزيرة القرم بشكل غير مشروع عام 2014، واعتبره عكازاً يسهل الاتكاء عليه.

وبدت الضغوط التي يرزح بوتين تحتها واضحة، إذ إن العرض العسكري الذي جرى في الساحة الحمراء هذه السنة اختلف عما عهدناه، فضم عدداً أقل من الجنود - 8 آلاف بالمقارنة مع 11 ألفاً عام 2022 - وتخلله عدد أقل من الآليات العسكرية، واستغرق وقتاً أقل من المعتاد، ولم يشمل أي عرض للقوات الجوية.

طبعاً، حاول الكرملين تبرير ذلك بأنه نتيجة مخاوف أمنية، خصوصاً أن احتفالات أخرى ألغيت أو نظمت على نطاق أضيق في أجزاء أخرى من البلاد، عقب ما اعتبرته موسكو محاولة أوكرانية لشن غارة بواسطة طائرة من دون طيار على الكرملين الأسبوع الماضي. لكن دول الغرب أشارت إلى أن موسكو لا تريد تسليط الضوء على العتاد [العسكري] الذي خسرته روسيا في القتال، ولا على جنودها الذين ماتوا، في ما تحول إلى حرب استنزاف ارهقت الكثير من الدماء شرق أوكرانيا.

ويتمثل جزء هام من فعاليات إحياء يوم النصر بمسيرة "الفوج الخالد"، حيث ينطلق الناس في مسيرات في أرجاء البلاد، حاملين صور أقاربهم الذين شاركوا في القتال خلال الحرب العالمية الثانية. بيد أن البلاد تخلت هذه السنة عن هذا الجزء من الاحتفالات، وقد يعزى السبب إلى إدراك الكرملين بأن الشعب بغنى عن تذكر حجم الخسائر التي تكبدتها البلاد في صفوف قواتها خلال الأشهر القليلة الماضية - حتى لو كانت الأرقام الرسمية أقل بكثير من تلك التي رصدها الأوكرانيون وحلفاؤهم. وفي هذا الإطار، أشارت تقديرات الاستخبارات الأميركية أخيراً إلى أن روسيا حصدت 100 ألف إصابة بشرية في الأشهر الخمس الأخيرة، من بينها 20 ألف قتيل، ومعظمهم في المنطقة المحيطة بمدينة باخموت.

ومن جانبه، خطف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأضواء من بوتين يوم الاثنين، عبر احتفاله بيوم النصر الأوكراني وبدور جيش بلاده في انتصار السوفيات على النازيين، وعبر مقارنته ذلك الانتصار بالحرب الراهنة. فالحال أن الاتفاق الذي أدى إلى استسلام ألمانيا النازية أبرم في وقت متأخر من ليل 8 مايو (أيار) 1945 في برلين. لكن مع فارق الوقت، كان صباح اليوم التالي قد حل في أوروبا الشرقية. بالتالي، قرر زيلينسكي البارحة الاصطفاف إلى جانب أوروبا، بدلاً من الاحتفال [بيوم النصر] في 9 مايو، كما هو معهود.

وكان يفترض أن تكون فعاليات 9 مايو فرصة يستعرض بوتين خلالها جبروت روسيا العسكري والسياسي أمام العالم. بيد أن العرض العسكري هذه السنة كان أقل زخماً، ليعكس موقف الكرملين الراهن - في حين تأمل أوكرانيا في أن تزداد الأمور سوءاً عندما تطلق هجومها المضاد الذي طال انتظاره.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات