ملخص
بعدما كانت تجني حوالى 200 ألف دولار سنوياً في "ميتا" أصبحت مادي ماتشادو اليوم صاحبة شركة وتجني مئات الآلاف من الدولارات بفضل فيديوهات على "إنستغرام" أدت إلى طردها من "ميتا" وأخرى على "تيك توك" شهرتها
بدأت في العمل كما معظم مسؤولي التوظيف في وكالة للتوظيف، وبعد ثلاثة أعوام ونصف العام من عملي كمديرة لبرنامج التوظيف في "مايكروسوفت"، تلقيت عرض عمل مذهل من "ميتا" في سبتمبر (أيلول) 2021 وقبلت به، وكان الراتب أعلى بكثير مما توقعت أن أجنيه يوماً في وظيفة من ذلك النوع، ولذلك يمكنني أن أقول إنني كنت متحمسة جداً.
عندما بدأت العمل كانت الشركة تمر بفترة غريبة، فقبل أسبوعين من تسلمي منصبي انتشرت الأخبار عن كاشفة الفساد في "فيسبوك" وكنا محاطين بأخبار سلبية مما جعل التواصل مع الموظفين المحتملين صعباً للغاية، ولا يمكن اعتبار الأسرار التي كشفت عن نقطة جاذبة أثناء البحث عن أشخاص مؤهلين لتوظيفهم، ثم غيرت الشركة اسمها من "فيسبوك" إلى "ميتا" وحصل ذلك بعد فترة قصيرة من بدء عملي في استكشاف المواهب، وبعدها انهارت أسهمها.
لا شك في أن الأشهر الستة التي سبقت دخولي الشركة كانت ممتعة وسعيدة، لكن بداية عملي هناك كانت فترة غريبة جداً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كانت عملية التحضير للالتحاق بالعمل رائعة وكل شيء منظم وتثقيفي جداً، وهو أمر ثمنته كثيراً إذ عملت في شركات عدة ومختلفة، وكانت تلك أسلس عملية التحاق بالعمل إلى أن لم تعد كذلك، كما تعلمون.
وفي غضون شهر واحد فقط نقلت فجأة إلى فريق آخر كل موظفيه جدد، وكان مديرنا هو الآخر موظفاً جديداً، لذلك لم نكن نعلم أبداً ما الذي نفعله.
وخلال تلك الأشهر الثلاثة الأولى كان التركيز على تعلم طبيعة العمل هناك و التعرف على أساليب عمل الشركة، وكل منتجاتها وطريقة التكلم مع مطوري نظام "أندرويد"، وعندما أصبحنا جاهزين في النهاية لكي نبدأ بتوظيف أصحاب المهارات أدركنا بأن العدد القليل الموجود منهم لا يريد العمل في "فيسبوك".
لو سألتموني قبل أن أبدأ بالعمل إن كان أي شخص سيرفض العمل في "فيسبوك"، كنت لأجيب بـ "كلا، الجميع يريد العمل هناك"، لكن اتضح بأن هذا لم يكن صحيحاً.
أثناء عملي في "مايكروسوفت" كنت أتقاضى 135 ألف دولار سنوياً لقاء العمل 35 ساعة أسبوعياً، لكن في "ميتا" لم يكن هناك مهمات كافية للجميع، وتطلب منا العثور على أصحاب المهارات ساعات طويلة من العمل وكان هدفنا مخاطبة ثلاثة إلى خمسة أشخاص أسبوعياً، لكن معظمنا عجز عن تحقيق ذلك الهدف حتى.
لم يكن الأمر أنني كنت أتقاضى رواتباً في مقابل "عدم القيام بأي شيء" في "ميتا"، ولم يكن هذا ما كنت أتوقع أن أفعله بالراتب الذي كنت أتقاضاه، ولم أكن أجلس من دون أن أفعل شيئاً في مقابل 200 ألف دولار، بل كان فريق التوظيف كاملاً لا يفعل شيئاً بسبب وجود عملية غير فعالة، وعرفت ذلك عندما بدأت العمل، فعدد مسؤولي التوظيف لديهم يفوق كثيراً أصحاب المواهب القليلين الموجودين في سوق العمل، وكم مرة يمكنك أن تتواصل مع الـ 1000 شخص نفسهم؟
قبل أن يوظفوني في منصب استكشاف المواهب في "ميتا" لم يكن لدي عدد كبير من المتابعين على شبكات التواصل، وبدأت بالنشر على "تيك توك" بعدما رأيت كل فيديوهات "يوم في الحياة" التي يجول فيها الموظفون داخل مكاتبهم ويظهرون الميزات الجميلة التي يتمتعون بها، مثل تناول الفطور والغداء مجاناً.
ولأنني بدأت العمل حديثاً في الشركة، صورت فيديو تحدثت فيه عن حزمة المزايا الخاصة بي، وكان ربما ثالث أو رابع فيديو أنشره على "تيك توك" وصدف أن انتشر مثل النار في الهشيم، ثم بدأ المستخدمون يطرحون أسئلة حول التوظيف من نوع "كيف حصلت على وظيفة هناك؟" و"كيف حصلت على وظيفة في شركات التكنولوجيا الكبرى؟" و "ما الذي جعلهم يكتشفونك؟". هكذا بدأ المحتوى الذي قدمته وازداد عدد متابعيني على "تيك توك" بين ليلة وضحاها، فبلغ 50 ألف متابع في غضون أسابيع قليلة.
لم يتواصل معي الفريق القانوني في "ميتا" سوى في نهاية عام 2021، ونشرت شيئاً على خاصية القصص في "إنستغرام" حول عدم إدراكي لعدد الأشخاص الذين يحملون أفكاراً أو مشاعر سلبية تجاه "فيسبوك". عندما التقيت بالفريق القانوني عرضوا لي القصة على صفحة "إنستغرام" خاصتي، وكدت أن أموت من الحرج وكدت لا أصدق بأنني أنظر إلى نفسي على الشاشة.
لأن "ميتا" تمتلك "إنستغرام" فيمكنهم أن يطلعوا على كل قصصكم على "إنستغرام" ويمكنهم أن يروا كل رسائلكم المباشرة. يمكنهم أن يروا كل شيء ويجب أن يكون من الواضح بأنك لا تملك أية خصوصية أثناء عملك هناك، ولم أعتقد أبداً بأن أي شخص سيتابع قصصي، لكن الموضوع فتح عيني بلا شك، وبعد ساعات قليلة قدمت استقالتي.
قلت لنفسي "لن أعمل لدى شركة أشعر فيها بالقلق من أن يتابعوا قصصي على ’إنستغرام‘"، ولو فعلوا ذلك مرة واحدة فسيساورني بعد ذلك القلق كل مرة أنشر فيها أي شيء، وشعرت بأن خصوصيتي انتهكت وكنت خائفة، ولكن مديري أقنعني بالتفكير أياماً عدة قبل أن أغادر "ميتا".
محوت كل شيء قلته عن "ميتا" على شبكات التواصل، لكن بعد شهرين تلقيت إشعاراً جديداً على جدولي خلال يناير (كانون الثاني) 2022 من الفريق القضائي، وهذه المرة كان الموضوع هو الفيديو المنتشر على "تيك توك" حول مزايا العمل في "ميتا".
بعدما أجبروني على مشاهدة 20 فيديو من تسجيلاتي على "تيك توك" خلال الاجتماع، شرح لي فريق "ميتا" بأن منشوراتي على وسائل التواصل الاجتماعي تمثل "تضارب مصالح"، لأن الناس اعتبروني متحدثة باسم الشركة.
فكرت في نفسي "هذا الموضوع غير منطقي، وما الذي يمكنني أن أنشر عنه وما الذي لا يمكنني أن أنشر عنه؟".
وبمجرد ما أنهيت الاتصال الهاتفي قدمت إشعار الاستقالة، لكن بعد يومين من ذلك طردوني.
توقعت حدوث أمر سيئ لكنني كدت لا أصدق بأنهم اعتبروا هذا المحتوى تضارب مصالح، ولم يكن له دخل بـ "ميتا" لكن مع ذلك تعلمت درسي.
بعدما غادرت "ميتا" بدأت بعملي الخاص في إيجاد الوظائف لأصحاب المواهب، وأسميت شركتي "كارير فينيس" Career Finesse. عملت على تدريب طالبي الوظائف وإرشادهم ومساعدتهم، ولا سيما النساء والنساء من غير البيض، على جني المال.
أمتلك شركة فيها سبعة موظفين وأحب عملي، ويتسنى لي أن أعمل مع من أريد ويمكنني أن أكون على طبيعتي على شبكات التواصل، وعندما انتشر الفيديو الذي نشرته الشهر الماضي على "تيك توك" عن قيام "ميتا" بطردي، افترض كثيرون بأنني خسرت 200 ألف دولار سنوياً من أجل أن أنشر ما أريد على وسائل التواصل، وعندما عملت كمسؤولة توظيف كنت أجني مئات الآلاف سنوياً، لكن في يناير هذا العام كان هذا ما جنيته في شهر واحد.
صحيح أن هناك أسابيع يقول لي فيها الناس بأنني أخفقت بشدة، لكن هدفي الآن ليس أن أجني المال لشركات أخرى، بل أصبح هدفي أن أساعد أفراداً أمثالي على جني مزيد من المال، وهذا ما أفعله الآن وهو ما يتسنى لي أن أفعله بفضل تجربتي في "ميتا".
© The Independent