ملخص
تشهد الجزائر رواجاً في صيد وبيع سمكة التونة، حيث أغرق الصيادون الأسواق بكميات هائلة، تعرض على أرصفة الطرقات، دون مراعاة الشروط الصحية لعرضها وتقطيعها وحفظها
لم ينتظر تجار الأسماك في الجزائر الانطلاق الرسمي لموسم اصطياد سمكة التونة المقرر في 26 مايو (أيار) من كل سنة، وأغرقوا الأسواق بكميات هائلة تعرض يومياً على المستهلكين على أرصفة الطرقات، دون مراعاة الشروط الصحية في عمليات التسويق.
وانتشرت طاولات بيع أسماك التونة الحمراء كالفطريات في كل المدن المحاذية للشريط الساحلي في الجزائر التي تشهد توافداً كبيراً للمواطنين لشراء كميات متفاوتة، بالنظر إلى الانخفاض التدريجي في الأسعار التي أضحت في متناول شريحة كبيرة من المستهلكين، إذ اغتنموا الفرصة للانتقام من أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء التي ارتفعت أسعارها خلال الأشهر الأخيرة.
ويرجع الصيادون الوفرة التي تعرفها الأسواق في مجال بيع سمك التونة، إلى فترة مرورها بالمياه الجزائرية قادمة من المحيط الأطلسي، ومن ثم دخولها إلى البحر الأبيض المتوسط عبر مضيق جبل طارق، وصولاً إلى المغرب ثم الجزائر، حيث تقوم هذه الأسماك بتلك الدورة خلال شهري مايو ويونيو (حزيران)، بحثاً عن إيجاد موقع مناسب ودافئ للتزاوج قرب سواحل تونس وليبيا وإيطاليا، وهي الفترة التي تسمح باصطيادها بطريقة مقننة.
حصة صيد
وخصصت وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية الجزائرية 32 سفينة لحملة صيد حصة البلاد من التونة الحمراء بأعالي البحار، وهي تقدر 2023 طناً في العام الجاري، حيث تمكنت الجزائر من استرجاع حصتها التاريخية بعدما كانت محددة بـ1650 طناً فقط، حسب بيان الوزارة.
ويعرض الباعة أسماك تونة بأحجام كبيرة أمام جموع المستهلكين الذين يصطفون للشراء أو الاكتفاء بمشاهدة عمليات تقطيع هذه السمكة العملاقة، التي تبقى عنيدة حتى وهي ميتة، ما يضطر البائع لبذل جهد كبير في تقسيمها إلى قطع صغيرة حسب طلب المشتري.
فرصة عمل
وطلق بعض الشباب البطالة، ولو مؤقتاً، باستغلال موسم صيد التونة ووفرتها لكسب بعض المال، بنصب طاولات في كل الأماكن لإيصال الأسماك إلى أكبر شريحة من المستهلكين بأسعار متفاوتة تتراوح بين 1200و1600 دينار جزائري للكيلوغرام (8.8 و11.7 دولار أميركي).
ويتوقع الإعلامي الجزائري، موسى قاسيمي، تراجعاً في أسعار الأنواع الأخرى من السمك بحلول موسم اصطياد سمك التونة، خصوصاً مع ارتفاع حصة البلاد من الصيد في أعالي البحار.
وقال قاسيمي لـ"اندبندنت عربية"، إن المواطنين يتوافدون بشكل لافت لشراء هذا النوع من الأسماك، على رغم ثمنها المرتفع نسبياً، إذ يلاحظ المتجول في مختلف نقاط البيع طوابير طويلة من المواطنين لشراء سمك التونة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف قاسمي "مع مرور الأيام نتوقع انخفاضاً في أسعار سمك التونة ومختلف الأنواع الأخرى، لأن الباعة سيضطرون لخفض الأسعار رغبة منهم في جلب مشترين ممن يفضلونها على الأسماك الأخرى، خصوصاً في هذه الأيام، علماً أن فترة اصطياد هذا النوع محدودة بشهر واحد فقط".
توعية واجبة
وبخصوص نقاط البيع المنتشرة في كل مكان، على غرار الأرصفة، يقول موسى قاسيمي إنه يتعين على المصالح المحلية والصحية التدخل من أجل تحسين ظروف بيع التونة، تفادياً لانتشار بعض الأمراض أو حدوث حالات تسممات، بسبب انعدام الشروط الوقائية، وإن اقتضى الأمر تدخل الجهات المتخصصة في تربية المائيات لإعطاء إرشادات ونصائح ضرورية للباعة المتجولين سواء ما يتعلق بكيفية حفظها أوتقديمها الزبائن، إما باستعمال مواد تغليفية، أو على الأقل نصب خيام لحمايتها من أشعة الشمس أو من تطاير الغبار المحمل بالبكتيريا.
وبالنظر إلى الظروف غير الصحية التي تباع فيها أسماك التونة والخطر الذي ينجر من استهلاكها، حذرت منظمة "حمايتك" للدفاع عن المستهلك، من خطر استهلاك السمك المعروض للبيع في ظروف غير صحية، لأن الأمر يؤدي إلى التسمم، لا سيما في ظل الأجواء الحارة التي شهدتها الجزائر أخيراً.
حذر واجب
وذكرت المنظمة، في بيان لها نشرته عبر صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، أن عملية بيع سمك التونة تتم في ظروف أقل ما يقال عنها إنها غير صحية، من حيث انعدام نظافة المكان والسكاكين المستعملة في التقطيع، وعدم تخزين وحفظ السمك بطريقة صحية، وكذلك تركه معرضاً لدخان المركبات وغبار الطريق.
وأشارت منظمة "حمايتك" إلى أن موسم صيد التونة الحمراء، تزامن مع الأجواء الحارة التي تعرفها البلاد، لافتة إلى تسجيل "تهاون كبير في احترام شروط النظافة والحفظ الواجب اتباعها أثناء التعامل مع الأسماك"، بحسب البيان.
نصائح وإرشادات
وقدمت المنظمة الجزائرية، مجموعة من الإرشادات لباعة التونة الحمراء، حفاظاً على سلامة المستهلك، منها نظافة المكان، الذي لابد من أن يكون بعيداً من أي مصادر للتلوث، وأن يكون معزولاً عن الغبار ودخان السيارات، مشددة على نظافة وسلامة جسد ولباس البائع والمعدات المستعملة في التقطيع، بحيث يكون المكلف عملية تقطيع السمكة إلى أجزاء معافى من أي مرض معد، وأن تكون الأيدي نظيفة، ويتم غسلها بمطهر كلما دعت الحاجة إلى ذلك، كما يجب المحافظة على نظافة أدوات القطع من السكاكين والمنشار وأن يتم تطهيرها بصفة دورية.
ودعت منظمة "حمايتك" إلى احترام شروط الحفظ والتبريد، إذ إنه "شرط على قدر كبير من الأهمية، بحيث تحفظ الأسماك بعيداً من أشعة الشمس والحرارة وكذلك الرطوبة، لأن هذه العوامل تسرع عملية فساد اللحوم وتسبب تسممات غذائية خطيرة"، مشيرة إلى أن درجة حرارة حفظ هذا النوع من الأسماك لا يجب أن تتجاوز ست درجات مئوية، كما نصحت الباعة بوضع كمية كبيرة من الثلج فوق السمكة طيلة وقت عرضها للبيع، وعند حفظ ما تبقى منها لليوم الموالي، يجب الحرص على عدم انقطاع سلسلة التبريد.
ووجهت المنظمة الجزائرية للدفاع عن المستهلك، نصيحة للمواطنين، بالحذر عند شراء التونة، بعد تسجيل حالات تسمم خطيرة، وقالت في بيانها، "إذا رأيت أي تهاون من البائع، لا تشتر، واختر البائع الأنظف والأكثر احتراماً لسلسلة التبريد، كما ننصحك بمعاينة حالة السمكة ولحمها، فإذا لاحظت أي رائحة أو لون غريب، فأعرض عن الشراء".