ملخص
هل تعني الأخبار الاقتصادية الجيدة أن المحافظين في بريطانيا سيفوزون في الانتخابات المقبلة؟
لم تعد بريطانيا هي صاحبة النمو الاقتصادي الأضعف بين دول مجموعة السبع هذا العام، بحسب آخر التوقعات الصادرة عن صندوق النقد الدولي، إذ رفع مستوى توقعات النمو في إنتاج السلع والخدمات على امتداد عام 2023 بشكل كبير، ليصبح +0.4 في المئة، في مقابل التوقعات السابقة، التي أعلنت الشهر الماضي، وتوقعت حصول انكماش بنسبة 0.3 في المئة. ومع ذلك، فقد أشار صندوق النقد الدولي إلى أن التضخم "لايزال مرتفعاً" وهو أمر يفرض مخاطر اقتصادية حقيقية.
وهل تعتبر هذه أخباراً جيدة لريشي سوناك؟
في الغالب. فهي تأتي بعد أن رفع بنك إنجلترا أيضاً من توقعاته، إذ أعلن أندرو بيلي محافظ البنك أن التضخم "تخطى المرحلة الصعبة".
ومع إبلاغ [وزير الخزانة] جيريمي هانت مؤتمر صندوق النقد الدولي عن ثقته بأن التضخم سيتراجع إلى خمسة في المئة هذا العام، فإن العودة للنمو، مهما كان متواضعاً، تعني أن اثنين من تعهدات ريشي سوناك الخمسة لعام 2023 تحققا، وهما خفض معدل التضخم إلى النصف، وتنمية الاقتصاد. أخيراً، سيكون بإمكانهم [أنصار سوناك] أن يقولوا إن رئيس وزراء محافظاً أوفى ببعض الوعود، (وإن كانت تلك الوعود وضعت بشكل خاص بحيث يمكن تحقيقها).
من المفترض أن يساعد ذلك في خلق مزيد من الشعور الإيجابي العام، وفي إتاحة المجال لعمليات خفض ضريبية معقولة في موازنة العام المقبل. لكن إلى أي مدى سيتأثر الناخبون بذلك عندما يحين وقت الانتخابات، فهذا أمر قابل للنقاش. سيتمكن سوناك من أن يظهر لمنتقديه داخل حزب المحافظين، ممن يطالبون بخفض الضرائب بشكل فوري، بأن سياساته تحقق نتائج مرضية وذلك في تناقض حاد مع تلك التي دعا إليها بوريس جونسون وليز تراس وآخرون.
هل يعني هذا أن المحافظين قادرون على الفوز في الانتخابات؟
أشك في ذلك، لأسباب عدة، وخصوصاً أنهم متخلفون جداً في استطلاعات الرأي، ولم يعد الناخبون يستمعون إليهم.
عادة ما يكون هناك ارتباط قوي بين البيانات الاقتصادية ومدى الشعبية السياسية للحزب الحاكم. وهذا هو السبب في أن موازنات "الأعطيات" التي تقدم قبل الانتخابات تميل إلى مساعدة الحكومات في الفوز بتفويضات جديدة بالحكم، بصرف النظر عن السخرية التي قد تحيط بها. على سبيل المثال، كان هناك ارتباط وثيق بشكل غريب بين أسعار الفائدة وبين شعبية حكومة ثاتشر في الثمانينيات من القرن الماضي.
بيد أن الحالة لم تكن كذلك على الدوام. ففي عام 1992، فاز جون ميجور بالانتخابات العامة في وقت كان فيه الاقتصاد لا يزال يجر نفسه ببطء على طريق الخروج من الركود. لكن الازدهار الذي رافق مرحلة التضخم المنخفض بعد ذلك الذي سمي بـ"الانتعاش غير المؤثر في آراء الناخبين". وحصل هذا، جزئياً، بسبب الضرر الجسيم الذي ألحقه يوم الأربعاء الأسود (بعد فترة وجيزة من الفوز بانتخابات عام 1992) عندما خرج الجنيه من آلية سعر الصرف الأوروبية وقضى على سمعة المحافظين من حيث الكفاءة الاقتصادية. وبشكل مماثل، قد يجد سوناك وهانت نفسيهما غير مقابلين بالامتنان على جهودهما، إذ إن الناخبين ليسوا مستعدين لكي يسامحوا [المحافظين] على الموازنة المصغرة لتراس-كوارتنغ الكارثية، من بين أمور أخرى.
كيف استجاب حزب العمال؟
باقتضاب إلى حد ما. قال بات مكفادين، وهو كبير أمناء الخزانة [برتبة وزير] في حكومة الظل، إن تقرير صندوق النقد الدولي كشف عن "هشاشة الاقتصاد البريطاني، مما يسلط الضوء على التباطؤ في النشاط الاقتصادي منذ العام الماضي وبقاء الأسعار مرتفعة على نحو مستعصي".
بشكل مفهوم، كان الاقتصاد الضعيف أحد المواضيع التي لطالما جادلت بها وزيرة الخزانة في حكومة الظل، ريتشيل ريفز، لذلك فقد جردها التحول المتواضع والسريع [في وضع الاقتصاد] من بعض الذخيرة في الأقل. وإن كانت ستبحث عن بعض المقاطع المفيدة لها في تقرير صندوق النقد الدولي، [فقد تختار] التحذير بشأن دوامة الأجور - الأسعار التي تعني أن التضخم، سيظل، على رغم انحساره، أعلى بكثير من الهدف الرسمي البالغ اثنين في المئة، وذلك لمدة أطول مما يفترض بعض المتابعين.
على أية حال، فإن نمواً بنسبة 0.4 في المئة ليس أمراً يدعو إلى البهجة، في الوقت الذي كان فيه النمو، حتى وقت قريب، ولعقود، يميل نحو تسجيل اثنين إلى ثلاثة في المئة سنوياً. في المقابل، من المفترض أن حزب العمال ما زال ملتزماً بتعهده الجريء من أجل "تحقيق أعلى نمو مستدام في مجموعة السبع، وتأمين عدد أكبر من الوظائف ونمو الإنتاجية في كل جزء من البلاد، مما يجعل الجميع، وليس قلة منهم، أفضل حالاً".
© The Independent