تتجه الحكومة المصرية نحو تطبيق خطة للتوسع في استخدام الغاز الطبيعي كبديل للمحروقات الأخرى، وحدّدت هدفين رئيسين على مدار السنوات الثلاث المقبلة، بالتوازي مع برنامج لإخراج المركبات المتهالكة من الخدمة.
توفير 660 مليون دولار أميركي
هدف الخطة المصرية الأبرز هو توفير نحو 10 مليارات جنيه سنويا (نحو 660 مليون دولار أميركي) نتيجة التوقف عن استيراد بنزين 80، بعد الاعتماد على الغاز الطبيعي، فضلا عن تطلع الحكومة إلى السيطرة والحدّ من تلوث الهواء الذي يخنق العاصمة القاهرة وسائر المحافظات المصرية نتيجة عوادم المحروقات.
الحكومة المصرية خصّصت جزءا كبيرا من اجتماعها الأسبوعي الدوري في 23 يوليو (تموز) الماضي لمتابعة آخر المستجدات المتعلقة بمشروع تحويل السيارات وحافلات النقل الجماعي للعمل بالغاز الطبيعي.
تحويل 142124 مركبة للعمل بالوقود المزدوج
وبحسب بيان صادر عن مجلس الوزراء المصري، استعرضت الحكومة حصرا يتضمن إعداد جميع مركبات النقل الجماعي التي تعمل بالبنزين، والتي بلغ عددها، وفقا للحصر، 159837 مركبة مقسمة طبقاً للنوع (ليموزين- ميكروباص- مينى باص).
وأشار مجلس الوزراء إلى أنه وفقاً لمشروع تحويل مركبات النقل الجماعي للعمل بالوقود المزدوج (بنزين- غاز طبيعي)، من المستهدف تحويل 142124 مركبة نقل جماعي تعمل بالبنزين للعمل بالوقود المزدوج، من إجمالي مركبات النقل الجماعي.
3 مراحل بتكلفة 457 مليون دولار أميركي
خطة الحكومة المصرية ستنفذ على 3 مراحل، تبدأ في سبتمبر (أيلول) المقبل، وحتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2022. ولتنفيذ خطتها، أوضح مجلس الوزراء أنه لكي تسير الخطة على ما يرام في تحقيق أهدافها سيتم إنشاء 100 محطة تموين جديدة، سيتم توزيعها جغرافيا على المحافظات المصرية بحجم استثمارات متوقعة تقترب من 3.1 مليار جنيه (نحو 457 مليون دولار أميركي)، تشمل تكلفة إنشاء 100 محطة تموين، وتكلفة تحويل 142124 مركبة، فيما يبلغ وفر استيراد بنزين 80 سنوياً نحو 10 مليارات جنيه (نحو 660 مليون دولار أميركي).
31 ألف سيارة خلال عام 2018- 2019
وحسب دراسات أعدها مجلس الوزراء المصري، فإن أقصى طاقة استيعابية لدى مصر حالياً هي تحويل 50 ألف سيارة سنوياً للعمل بالغاز الطبيعي، أو "الوقود المزدوج".
وخلصت الدراسة إلى أن الاتجاه إلى الغاز الطبيعي يُقلل انبعاثات غاز أول أكسيد الكربون بنسبة 86%، بينما يقلل من نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 21%، وكذلك انبعاثات الرصاص وغاز ثاني أكسيد الكبريت. وأوضحت الدراسة أن نسبة السيارات المحولة للعمل بـالوقود المزدوج ارتفعت من نحو 5 آلاف سيارة سنوياً إلى قرابة 31 ألف سيارة خلال عام 2018- 2019.
خطة موازية للتعويض
ولكي تكتمل الخطة، تدرس الحكومة وضع برنامج يستهدف إحلال مركبات النقل الجماعي المتقادمة التي تعمل بالسولار، وهو ما يعني وضع برنامج موحّد لإخراج سيارات الأجرة التي مضى على تصنيعها أكثر من 20 عاما من الخدمة ووقف العمل بها.
وطالب مجلس الوزراء أن يتضمن هذا البرنامج اقتراح آلية لتوفير التمويل اللازم لتعويض أصحاب هذه السيارات بسيارات أخرى بديلة تعمل بالبنزين والغاز الطبيعي، وتحديد الفترة الزمنية اللازمة للانتهاء من البرنامج، وكذلك التسهيلات والحوافز التي يمكن أن توفّرها الدولة لأصحاب سيارات الأجرة التي تعمل بالسولار مقابل الحصول على سيارات جديدة تعمل بالغاز الطبيعي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
برنامج إحلال مركبات النقل الجماعي المتقادمة سيتم تنفيذه من خلال خطة خمسيّة، ستنفذ على 6 مراحل، تبدأ من العام المقبل 2020، وتنتهي عام 2025، تعتمد على استبدال المركبات القديمة بأخرى جديدة مجهزة للعمل وفق آليات محددة، منها إحلال (مينى باص) بأخرى جديدة تعمل بالغاز الطبيعي، وإحلال (ليموزين- ميكرو باص- مينى باص) بأخرى تعمل بالوقود المزدوج (بنزين- غاز طبيعى)، ويبلغ إجمالي عدد محطات التموين المستهدف إنشاؤها حتى نهاية الخطة 251 محطة موزعة على المحافظات.
مزايا التحول إلى الوقود المزدوج
وفي تصريحات خاصة لـ"اندبندنت عربية"، قال حسام عرفات، رئيس شعبة المواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، إن فكرة تحويل السيارات للعمل بالوقود المزدوج بتشغيل السيارات إما بالغاز الطبيعي أو البنزين تعتمد على توصيل محرّك السيارة بأسطوانة الغاز الطبيعي المضغوط، وفي هذه الحالة تعمل السيارة بالغاز الطبيعي حتى انتهاء أسطوانة الغاز.
ولفت عرفات إلى أنه لا يتم الاستعانة بالبنزين إلا بعد انتهاء أسطوانة الغاز أو في حالات الطوارئ أو في حالة الرغبة في عمل السيارة بالبنزين، حيث تكون السيارة في حالة الوقود المزدوج مهيأة لنوعين من الوقود في أداء المحرك.
وعن فوائد استخدام الغاز الطبيعي كبديل للمحروقات الأخرى بالنسبة إلى السيارات، قال عرفات إن الفوائد عديدة، منها إطالة عمر المحركات، وأيضاً سريان الضمان في حالات التحويل إلى الوقود المزدوج، وأيضاً التوفير في زيت المحرك وشعلة الاحتراق، كما أن كفاءة الغاز الطبيعي كوقود أعلى بكثير، لافتا إلى أن الوفر النقدي للتحول إلى الغاز الطبيعي كبير، حيث تُسترد تكلفة التحويل من البنزين للغاز الطبيعي خلال فترة من 3 إلى 6 أشهر من وفر الاستهلاك على حسب الاستخدام.
المشروع ليس جديدا
المشروع القومي لتحويل المركبات للعمل بالوقود المزدوج ليس جديدا، ولكن الحكومة المصرية تسعى إلى تسريع وتيرة تنفيذه، حيث بدأ في عام 2011 بتعاون بين وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث تم تنفيذ 21 مرحلة بالتعاون مع شركتي "كارجاس"، و"غازتك" اعتبارا من عام 2011.
محافظة الشرقية تبدأ خطوات فعلية
محافظة الشرقية، ثالث المحافظات المصرية من حيث الكثافة السكانية بنحو 7 ملايين نسمة، بدأت في التنفيذ على أرض الواقع فعليا، حيث التقى محافظها ممدوح غراب، المهندس عبد الفتاح فرحات، رئيس مجلس إدارة شركة "غازتك"، إحدى الشركات المملوكة للدولة، لبحث التوسع في إنشاء محطات التموين بالغاز الطبيعي.
وقال محافظ الشرقية، في بيان صحافي، إن التوسع في إنشاء منافذ ومحطات خدمة تموين السيارات بالغاز الطبيعي يأتي تلبية لاحتياجات المواطنين من حائزي السيارات التي تستخدم الغاز الطبيعي كوقود وتشجيع الإقبال على تحويل السيارات للعمل بالغاز باعتباره مصدرا نظيفا للطاقة يُقدّم للمواطن بشكل حضاري ولائق وبسعر مناسب.
وقال المهندس عبد الفتاح فرحات، رئيس شركة "غازتك" لتحويل السيارات للعمل بالغاز، إن عدد السيارات التي تم تحويلها للعمل بالغاز الطبيعي في مصر بلغ نحو 267 ألف سيارة حتى نهاية الشهر الماضي، حيث شهدت معدلات الإقبال على تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي زيادة ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، بخاصة في أعقاب قرارات تحريك أسعار الوقود نظراً للوفر الكبير الذي يحققه الغاز الطبيعي للعميل، والذي يتمثل في فارق السعر بين البنزين والغاز الطبيعي.
ارتفاع معدلات تحويل السيارات الخاصة بنسبة 40%
وأضاف فرحات أن هناك ارتفاعا في معدلات الإقبال على تحويل سيارات الأجرة للعمل بالغاز الطبيعي إلى ما يزيد على 3000 سيارة شهرياً، كما ارتفعت معدلات تحويل السيارات الخاصة "الملاكي" بنسبة نحو 40%، مقارنة بالمعدلات السابقة، ومن الطبيعي أن يزداد الإقبال على تحويل سيارات الأجرة عن "الملاكي" نظراً لأن كميات الوقود التي تستهلكها سيارات الأجرة يومياً أكبر من السيارات "الملاكي" نظراً لأنها تقطع مسافات طويلة على مدار اليوم، مما يدفع سائقي سيارات الأجرة لاستخدام الغاز الطبيعي للاستفادة من الوفر الذي يحققه العميل من فارق السعر بين البنزين والغاز الطبيعي.
المستهدف
وأشار فرحات إلى أن محافظات القاهرة الكبرى تستحوذ على النصيب الأكبر من الإقبال على تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي نظراً لارتفاع معدل انتشار محطات تموين السيارات بالغاز الطبيعي ومراكز تحويل السيارات، مقارنة بالمحافظات الأخرى، وطبقاً لخطط التوسع الحالية في استخدام الغاز الطبيعي، فإنه من المستهدف تحويل 50 ألف سيارة خاصة خلال العام الحالي، علاوة على تحويل 142 ألف سيارة أجرة تعمل بالبنزين خلال 3 سنوات حتى ديسمبر (كانون الأول) 2022، بخلاف إحلال 88 ألف ميكروباص تعمل بالسولار تعدى عمرها الافتراضي 20 سنة.
وأوضح رئيس "غازتك" أنه تم وضع خطة منذ سنوات للتوسع في استخدام الغاز الطبيعي بأتوبيسات النقل العام وتم بالفعل تشغيل العديد من محطات التموين بالغاز الطبيعي بمقرات هيئة النقل العام بالقاهرة والإسكندرية، لافتا إلى أنه يوجد حالياً 4 محطات تابعة لـ"غازتك" مخصصة لتموين أتوبيسات هيئة النقل العام بالقاهرة، لتخدم تموين الأتوبيسات بالغاز بالإضافة لسيارات الجمهور.
الحفاظ على البيئة هدف آخر
في آخر اجتماعات مجلس الوزراء، تم مناقشة رؤية وزارة البيئة، والأدوار المقترحة للوزارات والجهات المعنية، للسيطرة على نوبات تلوث الهواء الحادة لموسم خريف العام الحالي.
وقالت ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، بحسب بيان مجلس الوزراء، إن وزارة الكهرباء ستتولى صيانة وتشغيل أنظمة التحكم والسيطرة على الملوثات، إلى جانب الاعتماد على الغاز الطبيعي بالقاهرة الكبرى والدلتا، على أن تقوم وزارة الصناعة بالصيانة الفورية وتشغيل أنظمة التحكم في الانبعاثات الغازية، وتخفيف الأحمال وتنظيم أوقات العمل في ضوء نتائج الإنذار المبكر والأرصاد الجوية، والعمل على منع استخدام المازوت والزيوت كوقود والاعتماد على الغاز.