عينت بريطانيا المحامية القانونية عبده شريف أوبي سفيراً جديداً للمملكة المتحدة لدى اليمن، خلفاً لريتشارد أوبنهايم الذي سينتقل إلى منصب دبلوماسي آخر، في رحلة جديدة للدبلوماسية البريطانية سيكون بطلها هذه المرة امرأة تحفل سيرتها بمعرفة واسعة بالمنطقة التي خبرت فصول تعقيداتها وأبعاد صراعاتها التي لا تهدأ.
ستبدأ شريف عملها في قيادة دفة السياسة البريطانية في اليمن شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، من عدن "المستعمرة القديمة" حيث قضى أسلافها هناك ما يربو على 128 عاماً من الوجود، على رغم مقاومة المدينة التي تتقدم ساحلاً يطل على المحيط الهندي لطالما أغرى موقعه الجيوسياسي مراكب الإمبراطوريات القديمة، وتتوسد سلسلة جبلية بركانية كانت تشكل خط الدفاع المتقدم لغزوات تلك المراكب قبل أن يحصل اليمنيون على الاستقلال في الـ 30 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1967.
الحضور الدائم
منذ عودة العلاقات بين البلدين في سبعينيات القرن الماضي، حضرت السياسة البريطانية في اليمن (بشطريه الشمالي والجنوبي) بعلاقات يسودها التعاون المشترك خصوصاً في الجوانب التنموية كما حضرت في عديد من المحطات السياسية الصاخبة، قوبلت بإشادات تارة، وتشكيك في سياساتها تارة أخرى، من بينها الموقف إزاء الانقلاب الحوثي، بحسب مراقبين، خصوصاً ولندن تحتفظ بإرث معرفي وإدراك كاف لطبيعة وأبعاد قضايا اليمن على نحو يفوق أي بلد آخر.
فعلى رغم من تصريح السفير السابق اوبنهايم بأن "المشكلة مع الحوثيين ليست في كونهم جماعة يمنية ولا في مشاركتهم في الحكم، ولكن في سلوكهم التدميري"، إلا أن ذلك لم يحد من أصوات المنتقدين للسياسة البريطانية التي يصفونها بالمتماهية مع المشروع الحوثي الإيراني في اليمن.
كما أن انسجام لندن مع سياسة الاتحاد الأوروبي إزاء الأزمة اليمنية، خصوصاً في ما يتعلق بدعم العملية الإنسانية، إلا أنها في الوقت ذاته تبنت موقفاً قوياً ضاغطاً على التحالف العربي وقوات الشرعية في مجلس الأمن للحيلولة دون تحرير مدينة الحديدة (المطلة على البحر الأحمر، غرب البلاد) من قبضة ميليشيات الحوثي، وأرجعت ذلك لـ"تفادي الكارثة الإنسانية الوشيكة في المدينة"، لتطالب لاحقاً بتسليم الميناء إلى الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي بموجبه سلمت المدينة وميناؤها الاستراتيجي للحوثيين على طبق من ذهب ليتحكموا بالإيرادات الضخمة التي يمولون بها "مجهودهم الحربي ضد الشعب اليمني"، واتخذوا منها منطلقاً لهجماتهم الحربية على الملاحة الدولية وضرب الداخل اليمني ودول الجوار، بحسب تصريحات حكومية رسمية.
المحامية "المسلمة"
تنتظر المحامية المهاجرة التي خاضت غمار الدبلوماسية منذ 20 عاماً في وزارة الخارجية مهمات كثيرة، وستكون خطواتها محل متابعة محلية ودولية للدور البريطاني المؤثر خصوصاً مع حال التهدئة بين القوى اليمنية التي من المؤمل أن تنتج تسوية سياسية تنهي الحرب، ورؤيا لندن للحل السياسي. إذ تقلدت شريف عديداً من المناصب كان آخرها رئيس قسم العراق والجزيرة العربية ومديرية الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما عملت نائبة لسفراء المملكة المتحدة لدى بيروت وبعثة لندن لدى المجلس الأوروبي ورئيس مكتب بريطانيا لدى بنغازي الليبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولدت في لندن لأسرة باكستانية مسلمة مهاجرة، وفي عام 2001 بدأت مسيرتها المهنية كمحامية في مكتب خاص لتلتحق في عام 2003 للعمل بوزارة الخارجية البريطانية كمديرة قانونية.
خلال ثلاث سنوات اكتسبت عبده شريف مهارات الدبلوماسية القانونية، ولهذا عينت عام 2006 في السفارة البريطانية ببغداد بمنصب مستشارة قانونية ورئيسة قسم العدل وحقوق الإنسان، واستمرت في هذا المنصب لمدة عامين. وشغلت من 2009 إلى 2011 منصب نائب السفير في البعثة الدبلوماسية للمملكة المتحدة لدى المجلس الأوروبي، وعينت عام 2011 رئيساً لمكتب المملكة المتحدة لدى بنغازي الليبية.
وعام 2012 عينت في منصب نائب السفير البريطاني لدى بيروت، واستمرت في هذا المنصب حتى عام 2016 عادت إلى لندن لتعين في وزارة الخارجية البريطانية نائب مدير إدارة استراتيجية سيادة القانون والارتباط وشغلت هذا المنصب لمدة عام فقط، لتعين نائبة المدير لمكتب مجلس الوزراء، وهو المنصب الذي استمرت فيه حتى عام 2019.
ومنذ عام 2019 إلى 2022 شغلت منصب رئيس قسم العراق والجزيرة العربية بمديرية الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة لوزارة الخارجية البريطانية، وفي يونيو (حزيران) الجاري عينت سفيرة للمملكة المتحدة لدى اليمن.
من جانبه رحب السفير البريطاني السابق لدى اليمن ريتشارد أوبنهايم بتعيين السفيرة الجديدة، وقال في تغريدة على حسابه في "تويتر" بعد إعلان تعيينه "أهلاً وسهلاً، مبارك لعبدة شريف بمناسبة تعيينها سفيراً للمملكة المتحدة ابتداء من سبتمبر المقبل، أعلم أنها ستقوم بعمل رائع في ذلك الحين".